كـتـاب ألموقع
من ملفات التعاون التركي الأسرائيلي -//- إعداد: د. هاشم عبود الموسوي
من ملفات التعاون التركي الأسرائيلي*
إعداد: د. هاشم عبود الموسوي
في عام 1991 بدا نشاط سياحي إسرائيلي كثيف الى تركيا ‘ حيث زار تركيا في هذه السنة 6 الاف سائح ‘ وحاول الكيان اليهودي حث مواطنيه ‘ عبر الدعاية المكثفة ‘ على السياحة في تركيا. وتجدر الأشارة هنا الى ان السياحة الاسرائيلية الى تركيا اسهمت كثيرا في دعم الاقتصاد التركي ‘لاسيما في الاوقات الحرجة ‘ التي رافقها الغاء السفر السياحي للاوربيين عامة والالمان بصورة خاصة لاسباب متعددة. وتركيا من طرفها استثنت الاسرائيلين من رسوم التاشيرة ‘ تشجيعا لهم ‘ الامر الذي ‘ مع سواه من العوامل ‘ جعل عدد السواح الاسرائلين يصل عام 1997 الى 300 الف وكان يتوقع ان يصل الى 400 الف في عام 1998 . في ايلول \ سبتمبر 1991 ‘ اقترح شمعون بيريس معادلة للشرق الاوسط مفادها: إقامة سوق شرق أوسطية مشتركة ‘ يمكن ان تتم على اساس التكامل بين التكنلوجيا الاسرائيلية والاموال الخليجية والعمالة المصرية والمياه التركية. في المرحلة التي تسلم ترغوت اوزال الحكم في تركيا ( 1984 – 1993 ) ‘ اخذ الاخير ينحو سياسة متوازنة لبلاده في الشرق الاوسط ‘ مستلهما المصالح التركية في المقام الاول. فتركيا ‘ حسب رأيه هي الدولة الوحيدة المؤهلة بلعب دور قيادي في الشرق الاوسط. وبذل اوزال جهدا كبيرا لكي تصبح تركيا مثالا يتحدى به في هذه المنطقة وجدد اوزال طروحاته على اعقاب انطلاق قطار السلام في الشرق الاوسط في مدريد عام 1991 . الا ان ذلك لم يمنع بان تكون الزيارة الاولى لرئيس اسرائيلي الى تركيا في عهده ‘ فقد قام حاييم هرتزوغ في تموز \يوليو 1992 بزيارة اسطنبول . وبموت اوزال المفاجئ قدمت مرحلة جديدة في علاقات تركيا الشرق اوسطية . الاتراك قادمون ‘ ويبدو ان اطماعهم لم تغفل لحظة واحدة عن سحر الشرق. اما المتغير الوحيد فهو انهم سيدخلون المنطقة من باب اسرائيل . هذا الانذار المبكر الذي اطلقه الخبير الاستراتيجي العربي الدكتور عبد الرحمن رشدي ‘ ان القوة العسكرية التركية تبحث عن عقد قران جديد مع اسرائيل يحقق لها حلم العودة الى سحر الشرق ودفئه . فهي تعد جزءا مهما من استراتجية حلف الشمال الاطلسي . والدور التركي ينطلق من مفهوم إعادة تشكيل المنطقة غلى فكرة " الشرق الاوسط " وليس " العالم العربي " ‘ ولهذا اختارت لها شريكا يتلائم مع أهدافها ومعاديا للعرب . وهذا المخطط يستهدف الغاء الكيان العربي وتجميده . وغاية اسرائيل هنا تحقيق حلم الصهيونية "اسرائيل الكبرى" . . والعرب مشغولون . وفي الاونة التي تلت ذلك بعد ان بدأت العلاقات التركية مع اسرائيل تتحسن . إثر اتفاقيات كامب – ديفيد وبعدها غزة واريحا ومن ثم اتفاقية الاردن مع اسرائيل ( وادي عربة ) واطروحات شمعون بيريز باقامة شرق اوسط جديد يكون فيه لاسرائيل حصة الاسد ‘ اخذت تتحسن لتحصل تركيا على حصتها من المشاريع الاقتصادية التي ظنت انها ستغمر المنطقة ‘ هذا من جهة ‘ ومن جهة اخرى لتستطيع المؤسسة العسكرية التركية القيام بالدور المنوط بها في المنطقة وذلك بالتعاون مع اسرائيل بتشكيل حلف جديد شبيه بحلف "بغداد" . وبعدها أخذت تتحسن صورة اليهودي في وسائط الاعلام التركي ‘ بعد ان كانت بين حين واخر تفوح منها اخبار عن تعامل هذا اليهودي او ذاك مع أحد أجهزة المخابرات التابعة لاسرائيل ‘ تترافق مع إنتقادات عنيفة توجه اليهم حيث اخذ يعود اليوم الحديث عن الدور الوطني لليهود الاتراك في بناء الدولة التركية ومدى إخلاصهم وتفانيهم من أجل ذلك . ومن جهتها لم توفر وسائل الاعلام التابعة للوبي اليهودي الجهود من اجل اقناع الراي العام بالدور الوطني لليهود . فهذه صحيف " شالوم " الناطقة باسم اليهود في اسطنبول تشير على لسان احد محرريها الى إعتبار ان المجازر التي يتهم الارمن الاتراك القيام بها بانها مجرد " لغو وكلام " وانه " شئ لم يثبته التاريخ " . وهذا صحافي وكاتب اكاديمي هو تشيتين يتكين يحاول ان بظهر الدور الوطني الايجابي لليهود والمساندة للدولة والوطن ‘ على عكس ماهو عليه الامر في موقف الارمن واليونانين الاتراك . يقول يتكين ان معظم اليهود ساندوا تركيا خلال الحرب العالمية الاولى وإظهروا إن هذه الارض هي وطنهم . ورأى أحد المؤرخين اليهود إن الانتصارت التي احرزتها الامبراطورية العثمانية على الدولة المسيحية هي " عقاب الهي " ‘ ان كان اليهود يعيشون اوضاعا صعبة داخلها ‘ وان " الله اوكل للدولة العثمانية مهمة تحرير اليهود من الظلم المسيحي " . تمثلت المرحلة الجديدة في سياسة تركيا بعد اوزال بقدوم سياسيين جدد يرون إن اسرائيل وتركيا سوية بمقدورهما لعب دور في الشرق الاوسط الجديد . وكان عراب هذا الدور هو حكمت تشيتين ‘ وزير الخارجية التركي انذاك . في 16 تموز \ يولية 1992 ‘ تجاوز كل من اوزال ‘ رئيس الجمهورية التركي ورئيس وزرائه سليمان ديميرل خلافاتهما ‘ وحظرا سوية حفلة اقامته الجالية اليهودية في قصر دولة باغجي في اسطنبول . بمناسبة الذكرى ال 500 لقدوم اليهود من اسبانيا الى تركيا . في نيسان \ ابريل 1993 ‘ قام وزير الخارجية الاسرائيلي " شمعون بيريز " بزيارة لتركيا اجتمع من خلالها مع كافة القادة الاتراك وطرح مسالة تزويد اسرائيل بلمياه التركية . في ايلول \ سبتمبر ‘ 1993 وقعت تركيا اتفاقية مع اسرائيل ‘ تقضي بإقامة مجلس تجاري ثنائي من اجل مناخ افضل من التعاون بين الدولتين . وكان قد طرح في مجرى هذه الاتفاقية عدد من المشاريع المشتركة المقترح العمل بها ‘ منها تحسين طائرة روسية ومشروع ري في جنوب تركيا ومشاريع مشتركة في المواصلات السلكية والللا سلكية وفي حقول الطب والكترونيات والزراعة والبيئة . في خريف العام 1993 ‘ تم تبادل السفراء بين اسرائيل وتركيا ‘ اثر زيارة قام بها وزير الخارجية التركي حكمت تشتين الى تل ابيب في ايلول \ سبتمبر من العام ذاته . في كانون الثاني \ يناير 1994 ‘ زار الرئيس الاسرائيلي ( حاييم وايزمن ) انقرة ‘ وكان لهذه الزيارة صدى كبير للجانب الأسرائيلي ‘ لدرجة ان دبلوماسيا في السفارة الاسرائيلية في انقرة وصف لقاء الرئيسين التركي والاسرائيلي وتحت العلمين الاسرائيلي والتركي ‘ بانه " مثل الحلم " ولم يتوقع احد ذلك قبل سنة . في تشرين الثاني \ نوفمبر 1994 ‘ قامت طانسو تشيلير ‘ رئيسة الوزراء التركية ‘ بزيارة لإسرائيل ‘ وقعت خلالها اكثر مجموعة من الاتفاقيات السياحية والتجارية والعسكرية بين البلدين ‘ وشكلت خلال الزيارة لجان للتعاون الاستراتيجي بينهما . إلا أن هذه الزيارة تعكرت بعض الشئ عندما قامت تشيلير بزيارة " قصر الشرق " ‘ اذ وصف رابين هذه الزيارة بأنها تمرين غير عادي . وهنا شكك بوجود سبق تاريخي دبلوماسي لذلك . بان يقوم رئيس حكومة يزور بلد صديق بدعوة رسمية ‘ بصورة مناقضة لرأي مستضيفه بزيارة مكان هو موضوع خلاف سياسي حاد .ارتفع حجم التبادل التجاري بين تركيا واسرائيل من 2. 187 مليون دولار في عام 1992 الى 304 مليون دولار عام 1994 . في عام 1995 زار اسرائيل بولند أجاويد ‘ رئيس حكومة تركية أسبق والرئيس الحالي لها ( 1999 ) ‘ وتحدث في هذه الزيارة عن أهمية العلاقة مع اسرائيل بقوله : " ان تركيا بحاجة الى اسرائيل الآمنة واسرائيل بحاجة الى تركيا الآمنة " . في 20 ايار \ مايو 1996 ‘ تعرض الرئيس التركي سليمان ديميرل لمحاولة اغتيال بهدف الاحتجاج على الاتفاق العسكري بين تركيا واسرائيل . في اذار \ مارس 1996 ‘ قام الرئيس التركي سليمان ديميرل بزيارة الى اسرائيل طرح خلالها مجموعة من قضايا التعاون المشترك ‘ ووضعت خلال هذه الزيارة أسس البنية التحتية للعلاقات الاقتصادية . ووقع الطرفان أربع اتفاقيات بهذا الشان . وكان ديميرل قد صرح قبل مغادرته انقرة متوحها الى تل ابيب قائلا : " نشأت العلاقات بين تركيا واسرائيل ما لم تحلم بها الأخيرة منذ تأسيسها عام 1948 ‘ واستمرت دون انقطاع . ونحن نعلق على أهمية توسيعها وتنوعيها لتشمل كافة الميادين" . أما الاتفاقيات الاربعة التي وقعت بين تركيا وإسرائيل ‘ فقد شملت الجوانب التالية:
1 – التجارة الحرة .
2 – منع الازدواج الضريبي .
3 – تشجبغ الاستثمارات بين البلدين وحمايتها .
4 – التعاون العلمي والتقني والصناعي .
وبفضل هذه الاتفاقيات ‘ شهدت السنوات التي بعدها اتفاقات متعاظمة في التجارة والاعمال المشتركة بين البلدين .
* مستل من كتاب لم ينشربعد لكاتب المقال بعنوان: العلاقات التركية الأسرائيلية منذ تأسيس الدولة التركية و حتى مطلع القرن الحادي والعشرين
المتواجون الان
635 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع