كـتـاب ألموقع
الموروث العمراني: دراسات تحليلية في الإنقاذ والإحياء في تشكيل المدن- الجزء 7 من 16// د. هاشم عبود الموسوي
- المجموعة: هاشم عبود ألموسوي
- تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 30 نيسان/أبريل 2015 14:14
- كتب بواسطة: د. هاشم عبود الموسوي
- الزيارات: 1957
الموروث العمراني
دراسات تحليلية في الإنقاذ والإحياء في تشكيل المدن
الجزء 7 من 16
إعداد
د.هاشم عبود الموسوي
معماري ومخطط مدن
إعداد
د.محمد صباح الشابندر
معماري ومخطط مدن
أهداف انقاذ واحياء الموروث العمراني :-
لا يختلف المتخصصون على أهمية التراث العمراني في العالم. ففي عام 1840 اكتشف روسكين (Ruskin) القيمة التاريخية للعمارة المنزلية وأعطى لها نفس قيمة الآثار، ثم جاء بعده (Camille Sitte) سنة 1889 ليتحسس قيمة المجالات العتيقة، وتجاوزهما المنظر جيوفاني (Giovanni) في 1913 حينما طور وسائل للتكفل بالأنسجة العمرانية العتيقة : رفعت الجادرجي.
ويمكن ان نعرف الأنسجة العمرانية التراثية بكونها تمثل مجموعة المباني والمنشآت التي أستمرت أصالتها وقيمتها في مواجهة التغير المستمر، وتوفر لها القبول والأحترام وأصبحت سجلاً حياً ومرجعاً بصرياً يجسد علاقات الأنسان وبيئته : سيد التوني (1980).
وبما ان هذه المناطق تتأثر بتغيرات الظروف المحيطة بها على مر التاريخ، فأنها تتطلب حماية مناسبة من تأثير التطور العمراني. ولا بد من الأشارة الى ان عمليات التدخل للحفاظ على التراث العمراني للمدن العتيقة ودمجه في مسار التطوير المجاني ليست بالعملية السهلة، بل تستند الى مجموعة من الترتيبات المعقدة والاجراءات المتواصلة.
وبالرغم من أهمية العوامل الطبيعية المتأتية من تأثير الزمن، فان الحرب العالمية الثانية بما شهدته من دمار شامل أدى الى اختفاء كثير من المباني أثرية كثيرة وزوال أجزاء مهمة من مدن عريقة كانت بمثابة المنبه الذي أيقظ الضمير الانساني على الصعيد العالمي، ودفع للتساؤل على مصير التراث العمراني والمعماري في ظل التحديات الكبرى التي باتت تواجهه، ومن ثم تركيز الاهتمام بكيفيات الحفاظ عليه من الزوال وصيانته.
تعد عمليات انقاذ واحياء الموروث العمراني في كل دول العالم مسؤولية حضارية انسانية تهدف بالاساس الى اطالة عمر معالم الماضي والابقاء عليها شاهدة أطول وقت ممكن، ولا شك ان العالم الاسلامي له معالم معمارية وتراث عمراني يتطلبان اهتماماً خاصاً للحفاظ عليهما كونهما يعكسان الهوية الحضارية لشعوبه ويدلان على العصور الزاهية للامة.
وبالرغم من حصول قناعة شبه تامة لدى المهتمين بالاهمية التي تكتسبها عملية صيانة الأنسجة العمرانية العتيقة لمدننا والمحفاظة عليها، فلا يزال تفعيل المحاولات يواجه تحديات تتمثل في متطلبات الحياة المعاصرة واحتياجات التطوير والتوسع العمراني. وتطرح هذه الاشكالية في اطار الاشكالية الرئيسية المتعلقة بالأصالة والمعاصرة.
أصبح موضوع انقاذ واحياء الموروث العمراني المادي وغير المادي ورد الاعتبار له من القضايا الملحة التي تسترعي اهتمام الحكومات والشعوب والمجتمع الدولي والمهنيين وجمعيات المجتمع المدني... هذا الاهتمام الذي تصاعد بشكل بشكل لافت في العشريتين الاخيرتين من القرن العشرين، جاء ليعزز الجهود المبذولة من أجل الحفاظ على الخصوصيات الثقافية والحضارية للشعوب في ظل زحف تيار العولمة الجارف، الذي يسعى الى تنميط الثقافة الانسانية ويجهز على العادات والتقاليد المحلية لحساب نمط موحد في التفكير وفي العمل وفي التفاعل مع الظواهر الكونية.
وبقدر ما يتقوى هذا التيار ليدخل بأذن وبدون اذن، على الانسان ويقتحم عليه خلوته الفكرية والثقافية، بقدر ما تتقوى معه عناصر الممانعة لدى الثقافات المحلية التي تعبر وتنتفض بكل ما اوتيت من قوة للحفاظ على الحد الأدنى من شخصيتها وهويتها الحضارية. لذلك اصبح مطلب المحافظة على التراث مطلباً لكل الشعوب التي تعتز بهويتها وتاريخها. ويجد ذلك انعكاسه في الاهتمام المتزايد، ليس فقط بالتراث المادي، ولكن ايضاً بالتراث غير المادي المتمثل في عادات الشعوب وتقاليدها ولغاتها وطريقة تدبيرها للمجال... وهو ما توج بتبني اتفاقية دولية سنة 2003 تروم المحافظة على هذا النوع من التراث وجعله ملكاً للانسانية.
الا ان التعاطي مع التراث في الوقت الراهن أصبح يتجاوز النظرة "التحنيطية" التي سادت في مراحل مقدمة من القرن العشرين، والتي كان همها الوحيد هو الحفاظ على معالم الماضي كما هي، دون "تدنيسها" بوظائف جديدة قد تنزع عنها "قدسيتها" وتجعلها تعيش عصراً ليس بعصرها، بل أصبحنا نناقش اليوم التراث كرافد للتنمية الاقتصادية والاجتماعية و "طاقة متجددة" تنهل الشعوب من عطاءها اللا محدود.
وقد تناسلت بفعل ذلك جملة من المفاهيم الجديدة ومن خلالها تصورات جديدة، من قبيل رد الاعتبار واعادة التوظيف والتنمية التراثية وغيرها من لمفاهيم التي تعبر بمنطوقها قبل مضمونها، عن ثقافة جديدة واستراتيجية تجعل التراث يعيش ككائن متحرك يتفاعل مع بيئته ويقاوم النسيان والاهمال.
المتواجون الان
543 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع