اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (972)- ذكريات مبكرة/ 14

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (972)

ذكريات مبكرة/ 14

***

حفلة وكالة الانباء العراقية

       كنتُ في الصف الاول في معهد الدراسات النغمية العراقي، وقد اقيمت الحفلة السنوية لطلبة واساتذة المعهد في نهاية السنة الدراسية الاولى بالنسبة لي. وقد تم اختياري للمشاركة ضمن هذه الحفلة السنوية التي يقيمها المعهد، التي كانت بالنسبة لي اول حفلة سنوية اشارك فيها طبعا، (بالمناسبة انني شاركت في كل الحفلات السنوية التي كنتُ فيها طالباً وعددها ست سنوات) وقد اقيمت على حدائق بناية وكالة الانباء العراقية الكائنة على شارع ابي نؤاس المطل على نهر دجلة الخالد. واعتقد أنها كانت في يوم 5/6/1973، حيث اقتصر الجمهور الحاضر بين اساتذة المعهد والطلبة وبعض عوائلهم، وقد رعى هذه الامسية، المرحوم محمد جاسم الامين وكيل وزارة الثقافة والاعلام زمنذاك، وكان جالساً بجانبه الموسيقار منير بشير المستشار الفني في وزارة الثقافة والاعلام. وكانت روح التحدي العفوي والثقة بالنفس العالية، لم تزل تتملكني في تلك الفترة الزمنية من تجربتي الفنية، رغم حداثة هذه التجربة، بحيث تم اختيار مقام الرست الرئيسي كي اغنيه في هذه الامسية..! ومقام الرست في اصول المقامات العراقية التاريخية والتقليدية، يعد واحداً من اصعب المقامات اداءاً..! وهو اصعب المقامات العراقية فعلاً من الناحية الفنية، لاحتوائه على الكثير من الانتقالات السلّمية والاجناس الموسيقية. فضلا عن كثرة القرارات والجوابات الموجودة فيه..! وعليك عزيزي القارئ الكريم ان تتصور كم كنتُ في عنفوان طموحاتي حين غنيتُ مقاماً رئيسياً وأنا في بداياتي الاولى..!! وكأنني كنتُ اتحدى الوسط الفني بأسره..! كذلك كنتُ قد اخترتُ قصيدة جديدة لم تغنى في مقام الرست العراقي من قبل والقصيدة تبـــــدو من القصائد الصوفية للشاعر البهلول هذا نصها.

أحبةَ قلبي علـِّلوني بنــــــــــــــــــــظرةٍ  

                                فـَدائي جفاكمْ والوصــــــــــــــــــــــالُ دوائي

أحنُّ اليكمْ كلـَّما هـــــــــــــــبــَّت الصَّبا 

                                فيزدادُ شوقي نحـــــــــــــــــــــــوكمْ وعنائي

أُكابدُ أحزاني وفرط َ صـــــــــــــــبابتي 

                                ولم ترحموا ذُلـــِّـــــــــــــــــي وطولَ بـكائي

أُراعي نجومَ الليلِ شوقـــــــــــــاً اليكمُ

                                وذاك لرغمي في الهــــــــــــــــــوى وشقائي

أيا صاحبي كن لي معـــينا على الهوى

                                فعمري به ولـَّى وعـــــــــــــــــــــــزَّ عزائي

أزجي وصالا من حبيب ممـــــــــــانع

                                يخيب عمدا بالبعـــــــــــــــــــــــــاد رجائي

أبى القلب ان يصغي الى قول عــــاذل

                                ولو لج بي في غـــــــــــــــــــدوتي ومسائي

أعرني جفوناً لا تجفُّ بمقلـــــــــــــتي 

                                رقا دمعُها فاستــــــــــــــــــــــــبدلت بدمائي

 

       لا استطيع ان اجزم القول بأن الموسيقار منير بشير كان يستمع اليّ لاول مرة، أم انه سبق ان استمع اليّ قبل هذه الامسية –بصراحة لا اتذكر جيدا– لأن الاحداث الفنية منذ عودة الموسيقار منير بشير الى ارض الوطن بعد غربة طويلة، واستلامه مهام قيادة الموسيقى في بلدنا العراق، كانت كثيرة ومكثفة ومتسارعة.

 

       على كل حال، ما ان انتهيتُ من غنائي في تلك الامسية، حتى نهض المرحوم منير بشير من مكانه سريعا، وتقدم اليَّ قبل ان انزل من المسرح الصغير الذي كنتُ أقف عليه مغنياً، وقد سألني أين أعمل وظيفياً، ثم طلب مني عنوان وظيفتي ودائرتي وتسليمها في اليوم التالي الى سكرتيرته –نجوى- ليتسنى سحبي أو نقلي الى دائرته، وفي حينها كنت في دائرة العاب الشرطة وأحد أعضاء فريقها القوي في المصارعة الحرة والرومانية وعضواً في المنتخب الوطني للمصارعة.

 

      بعد الانتهاء من الامسية، كان غالبية الحضور من اساتذة وطلاب يقولون لي (انك كنت مخمورا..!) رغم اني لا اتناول الخمرة، وذلك بناءً للمزاج الذي كنتُ فيه وانا اغني مقام الرست على المسرح، وكان جوابي لهم، نعم كنت مخمورا..! ولكنها خمرة الوجد..!

 

         نظراً لحداثة معرفتي بالموسيقار منير بشير، وقلة معلوماتي عنه كفنان لانه لم يكن يعيش في البلد، وعليه استهنتُ بطلبه  ولم أعر اهتماما له..! ولم اذهب اليه في مكتبه بالوزارة في اليوم التالي..! لعدم قناعتي واقتناعي وتأكدي من امكانيته في سحبي أو نقلي من القوات المسلحة الى دائرته في وزارة الثقافة والاعلام. وبذلك فقد كنتُ جاهلاً بامكانياته ومستهيناً من طلبه هذا..! وبقي الامر على حاله حتى إلتقيتُ به مرة اخرى عند زيارته الى المعهد بعد ايام قلائل من امسية الحفلة السنوية في حدائق وكالة الانباء العراقية، مصطحبا معه عازفة البيانو اللبنانية ديانا تقي الدين الصلح، وعازفة البيانو العراقية بياتريس اوهانيسيان. ليطلعهما على امكانيات طلبة المعهد. وسنكمل حديثنا في الحلقة القادمة ان شاء الله .

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

 

صورة واحدة / من الحفلة السنوية لطلبة معهد الدراسات النغمية العراقي، يقف حسين الاعظمي مغنياً لمقام الرست. وفرقة الجالغي البغدادي من اليمين الشهيد سعد عبد اللطيف وفيصل عبد المنعم ومحمد زكي وداخل احمد. في حدائق بناية وكالة الانباء العراقية على شارع ابي نؤاس ببغداد 1974.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.