اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (1112)- حوار صحفي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (1112)

 

حوار صحفي

     وانا اتصفح كعادتي كل يوم في موقع كوكل وغيره، عثرت على هذا الحوار المنشور في عام 2009 أي قبل 14 سنة  في جريدة –الدستور- الاردنية الذي اجراه معي الشاعر العربي الكبير هشام عودة. رأيت ان تطلعوا عليه وعلى اجاباتي قبل 14 عام مضى واليكم الحوار اعزائي..!

*******

 

حسين الاعظمي : مقاهي بغداد حفظت تراثنا من الاندثار

نشر في: الخميس 4 حزيران / يونيو 2009.

 

الدستور - هشام عودة

      الحوار مع الفنان حسين الاعظمي هو حوار حول عائدية المقام العراقي وما يمثله من تراث الامة في وقت يتم فيه تصنيفه بانه حاضنة للفن الغنائي العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص، ويتم التعامل مع الفنان حسين الاعظمي على انه وريث مدرسة المقام العراقي التي ارسى دعائمها القوية في القرن العشرين مجموعة من الفنانين الرواد في مقدمتهم محمد القبانجي ويوسف عمر وغيرهما، وبالاضافة لكونه مطربا متميزا في هذا اللون الغنائي الصعب، فان حسين الاعظمي قدم نفسه باحثا في المقام العراقي ودارسا لتاريخه عبر مجموعة من الكتب والدراسات التي اصبحت مرجعا مهما في هذا المجال.

 

     في الوقت الذي يعلن فيه حسين الاعظمي انحيازه لتدوين المقام العراقي وتوزيعه، فانه يؤكد ان صوت المراة قادر على اداء المقام العراقي، ويضرب مثلا على ذلك مائدة نزهت وفريدة محمد علي واخريات، كما وتحدث الفنان الاعظمي في حوار شامل مع الدستور حول العديد من اسرار المقام العراقي ومحطاته الرئيسة وفيما يلي نص الحوار:

س1: مثلت الاعظمية حاضنة مهمة للمقام العراقي ، باعتبارك واحدا من ابنائها وتحمل اسمها لقبا، ما دور الاعظمية في بناء شخصيتك الفنية؟

 

ج1: في اعتقادي ان سببين اثنين منحا الاعظمية هذا الحضور القوى، في الحياة البغدادية بشكل خاص والحياة العراقية بشكل عام، وهما وجود النهر حيث تقع على شاطئ دجلة، ووجود مرقد الامام ابي حنيفة النعمان، وهما عاملان مهمان في حياة اية منطقة.

والاعظمية لم تشتهر كونها حاضنة للمقام العراقي فقط، بل اشتهرت ايضا كونها قدمت للعراق والوطن العربي خيرة ابطال المصارعة الحرة والرومانية الاولمبية، وكنت في بداية حياتي مصارعا، ولولا انشغالاتي الفنية الكثيرة لكنت اليوم مدربا للمصارعة وانا في حوزتي شهادة التدريب الدولية في المصارعة من الاتحادين المركزيين العراقي والعربي للمصارعة. كذلك من ناحية اخرى، فان بيئة الاعظمية، اضافة الى بيئة اسرتي الصغيرة التي كانت متدينة بغير غلو، زرعت في داخلي حب المقام العراقي، فمن المعلوم ان أي منطقة تضم مراكز دينية تصبح واحدة من مهماتها حفظ الموروث الشعبي وحمايته، وهذا ما فعلته الاعظمية تماما، ولان الينابيع الاولى للمقام العراقي هي ينابيع دينية، فقد ساعدتني الاسرة والمنطقة على امتلاك التعابير الحقيقية للاداءات المقامية بصورة عفوية، أي دون تدخل العقل، وهذا ينسجم مع قولي بأن"التراث يمتلك ولا يعطى"، وكنت في صغري اتسلل الى الامكنة التي يؤدى فيها المقام العراقي ومنها المقاهي لاستمع بشغف لمطربي هذا اللون من الغناء الاصيل.

 

س2: مساهمت مقاهي بغداد في الحفاظ على المقام العراقي ونشره، الى أي مدى يمكن اعتبار هذه المقولة صحيحة..؟

 

ج2: هي مقولة صحيحة تماما، في القرون السابقة لم تكن هناك مسارح غنائية كمسارح اليوم، فقد كانت مسارح المقاهي الشعبية هي المسارح التي يغنى فيها المقام العراقي ويرتادها الجمهور من كل طبقاته الاجتماعية العليا والادنى. فمنذ ما يزيد على خمسمائة عام ارتبط المقام العراقي بالمقاهي، وصار رواد هذه المقاهي يستمتعون بالطرب الاصيل الذي يقدمه المقام العراقي، ومع بدايات القرن العشرين، بدأت تتوسع ظاهرة المقاهي في بغداد، وصار كل واحد منها يحرص على استقطاب نجم من نجوم اداء المقام العراقي المشهورين في حالة تشبه الاحتكار، ليتمكن من استقطاب مزيد من الزبائن، وهناك امثلة على ذلك مثل المقاهى التي استقطبت الرواد رشيد القندرجي واحمد زيدان ونجم الشيخلي وعباس كنبير وغيرها، وبالمناسبة فان اول مرّة اعتليتُ فيها خشبة المسرح لاغني المقام العراقي امام الجمهور، كانت في مقهى المتحف البغدادي في اذار من عام 1973.

 

 

ولعل مقهى عزاوي تظل واحدة من اشهر مقاهي بغداد التي ارتبطت بالمقام العراقي، وزاد من شهرتها حين تناولتها اغنية عراقية شهيرة(فراقهم ابكاني، يا قهوتك عزاوي) ومما يجب التوقف عنده ان هذه المقاهي لم تكن موجودة في المناطق الشعبية فقط، كما يمكن للبعض الاعتقاد، بل انتشرت في معظم مناطق بغداد لان "سميعة" المقام ينتمون الى كل شرائح المجتمع ومن بينهم السياسيون والادباء والمثقفون وغيرهم.

    وفي سبعينيات القرن الماضي قامت الحكومة، ولاول مرة في العراق، بدعم المقاهي التي تقدم المقام العراقي وتوفر لها كل اسباب النجاح، في محاولة للحفاظ على هذا التراث ومن ضمنها مقهى المتحف البغدادي التي شهدت بدايتي في غناء المقام العراقي آذار 1973.

 

س3: باعتبارك مطربا وباحثا في المقام العراقي، ما هي المصادر اللحنية لهذا المقام العراقي..؟

 

ج3: أهم هذه المصادر هو الغناء العراقي والعربي القديم من الدولة العباسية، ومن ثم التأثيرات الخارجية وخاصة من دول الجوار كتركيا وايران، ومن المهم ان نقول هنا ان هذين المصدرين كوّنا امتزاجا بين بيئة جبلية ثابته من تأثيرات غرب آسيا، مع بيئة مدنية متحركة في العاصمة بغداد، منحنا اسلوبا متميزا من الاداء، خاصة اذا ما عرفنا ان المقام العراقي هو الوحيد الذي يمتلك اصولا وعناصر ثابتة(فورم Form).

 

س4: ومن اين جاءت تسمية المقام العراقي..؟

ج4: التسمية هي مصطلح، ويمكننا القول انه بعد بروز التأثيرات الخارجية وامتزاجها بالغناء العربي العباسي البغدادي، جاءت هذه التسمية، لأن تعابير اداء المقام العراقي هي وريثة الغناء العباسي، بل حتى قبل العباسيين، واصبح له شكله المتعارف عليه" الفورم"

وهذا يوحي لنا من ناحية اخرى، ومن خلال هذا المصطلح المرتبط بالصفة الاقليمية، ان هناك مقامات غير عراقية، مع التأكيد ان اللون الغنائي الذي نغنيه في بغداد هو المقام العراقي، مع ملاحظة علمية اخرى ان هذا "المقام العراقي" الذي يمثل الغناء والموسيقى التراثية لاهل بغداد والعراق لا يتناظر مع قولنا المقام الاردني او المقام المصري او المقام التونسي من حيث المضمون، لان هذه المقامات هي مقامات موسيقية وليست غنائية، اما المقام العراقي فهو سلالم غنائية واسم بيئي ولون تعبيري خاص تماماً. وبالمقابل ان هذا المصطلح(المقام العراقي) يتناظر تماما مع حديثنا عن القدود الحلبية او الميجنا والعتابا او البلدي المصري او الصوت الخليجي باعتبارها سلالم غنائية لبيئات خاصة تمثل هذه المناطق من حيث المضمون التعبيري.

 

 

س5: رغم بروز عدد من المطربات اللواتي نجحن في تقديم المقام العراقي مثل صديقه الملاية وسليمة مراد ومائدة نزهت وفريدة محمد علي وغيرهن ، الا ان المقام ظل يمثل ظاهرة ذكورية ، لماذا في رايك..؟

 

ج5: العراق مثل غيره من البلدان العربية عاش فترة مظلمة بعد سقوط الحضارة العباسية التي استمرت اكثر من خمسة قرون، وهي فترة ابعدت المرأة عن أي نشاط عام بما في ذلك الغناء، ولم يكن مقبولا من الناحية الاجتماعية ان تقوم امرأة بالغناء في تلك المرحلة.

ومع بدايات القرن العشرين ظهرت اسماء نسائية قدمت المقام العراقي بنجاح، ومن بينهن الاسماء التي اشرت اليها وغيرها من الاسماء، واستطيع القول ان مائدة نزهت وفريدة محمد علي ابدعتا في تقديم المقام. هذا من جهة، ومن جهة اخرى فان المبدأ العلمي سواء أكان صوت رجل ام امرأة، له مسافات من التونات الصوتية المتساوية مع غيره من الاصوات من حيث المبدأ، ولكن هذه المسافات الصوتية تختلف في مواقعها لكل صوت من الاصوات، ولهذا السبب تم تحديد اصوات مثل الباص، التينور، الالتو، السوبرانو. اضافة الى فروع هذه الاصوات، وهذا يقودنا الى القول ان أي صوت يمكن له غناء أي شيء حسب موقعه ونوع صوته وطبقته، وبالتالي فانه ليس هناك من هو اضعف او اقوى من الاخر، هذا من الناحية المبدئية. وقد اشرتُ الى ذلك بالتفصيل في كتابي الموسوم "المقام العراقي باصوات نسائية" وقد انصفتُ فيه المرأة انصافا كبيرا.

 

س6: وسائل الاعلام، وتحديدا العراقية منها، تطلق على مطربي المقامات لقب قراء، لماذا هذا الوصف ومدى اتفاقك معه..؟

 

ج6: في البداية انا لا اتفق مع هذه التسمية..! واعلنتُ تحفظي عليها في اكثر من موقف وموقع، واقوم بوصفه بمصطلحات مثل مغني، مؤدي، مطرب. والسبب في ذلك ان المقام العراقي في القرن العشرين ولد من جديد، فلم يعد هناك مبرر للاستمرار في اطلاق تسمية قارئ على مطرب المقام، لانه اصبح يقدم غناء دنيوياً وبكل اغراض الشعر والكلام المغنى، وينبغي علينا ان نحتفظ باحترامنا لهيبة وقيمة هذه المفردة(قارئ) التي اقترنت بقراءة وتلاوة القرأن الكريم وقراءة الشعائر الدينية تحديدا، بالرغم من ان اصول المقام العراقي هي اصول دينية.

 

س7: نشبت معارك اعلامية بين انصار التدوين وانصار الاجتهاد في عملية تنويط المقام العراقي، وامتلك كل فريق حجته، في وقت قام فيه الفنان روحي الخماش بتدوين بعض هذه المقامات، ماذا تقول في ذلك، والى أي فريق تنحاز..؟

 

ج7: كنت واحدا من ابرز الذين دعوا الى تنويط المقام العراقي وتدوينه، ولا اذيع سرا اذا ما قلت انني اليوم تجاوزتُ مثل هذه الدعوة الى المطالبة بتوزيع المقام العراقي، وقمتُ بالفعل بتوزيعه، الى درجة ان فرقا موسيقية اجنبية شاركتني في عدة دول اوروبية بتقديم الحان المقامات العراقية، وقد نجحت في ذلك لانها استندت الى لغة الموسيقى العالمية.

وبالمناسبة اقول ان غالبية الذين يؤيدون تنويط المقام وتدوينه هم من دارسي الموسيقى بصورة علمية، وغالبية المعارضين هم ممن لم يدرسوا الموسيقى بصورة علمية، والامر في الحالتين امر طبيعي..! ونستطيع من خلال هذا التقسيم ان نتبين ان الموضوع ينحصر بين من درسوا الموسيقى وفهموها بصورتها العلمية وبين غيرهم من الفنانين من لم تتح له دراسة الموسيقى علمياً. دعني اؤكد هنا ان الكتابة الموسيقية غير عاجزة عن كتابة وتدوين أي صوت يسمع، ولهذا السبب كانت البدايات عبارة عن محاولات تنمو في مفهومها للتدوين في الجانب الخاطئ، اذ يكتبون نوته مسارات لحنية لاحد التسجيلات الصوتية لواحد من المطربين، وهذا بالنسبة لمفهوم السؤال بعيد عن المطلوب الذي هو تدوين الخط الاساس للمسار اللحني"الميلودي" للمقامات وتنويطه.

 

س8: بعد اربع سنوات على وجودك في الاردن ماهي ابرز النشاطات التي قمت بها على الصعيد الفني..؟

 

ج8: نشاطاتي في الاردن تكاد تكون ما تزال محدودة، لكن الاهم انني اعمل في المعهد الوطني للموسيقى التابع الى مؤسسة الملك حسين كمدرس وخبير، وهناك حفلات ثقافية متباعدة اقيمها في المركز الثقافي الملكي او قاعة الاورفلي بعمان وغيرها. وخلال هذه السنوات، وانطلاقا من عمان، شاركت في العديد من المهرجانات داخل الاردن وخارجه، مثل مهرجانات جرش والفحيص والقرية العالمية وشبيب والكرك ومهرجانات دولية عديدة. كنت عميدا لمعهد الدراسات الموسيقية في بغداد، لكن الاحتلال وما آل اليه الوضع في العراق دفعاني الى الاستقالة، واعيش اليوم بين اهلي الاردنيين.

 

س9: وما هي اهم انجازاتك الفنية لعام 2009 ..؟

 

ج9: في كانون الثاني من عامنا هذا 2009 صدر لي كتاب في بيروت بعنوان"الطريقة القبانجية في المقام العراقي واتباعها" يتحدث عن تجربة الفنان الكبير محمد القبانجي وطريقته في اداء المقام العراقي، وفي عمان صدر لي في اذار الماضي من عامنا هذا ايضاً، كتاب "المقام العراقي ومبدعوه في القرن العشرين"، فضلاً عن مشاركتي في مؤتمر الموسيقى الشرقية في دمشق كباحث، ومهرجان عالم المقامات في العاصمة الاذرية

باكو حصلت بموجبها على شهادة دبلوم فخرية من الرئيس الاذري، كما منحتني جمعية المترجمين واللغويين العرب الدولية شهادة الدكتوراه الفخرية، وشاركتُ في مهرجان انغام الشرق الذي اقامته هيئة ابو ظبي للثقافة والتراث، وكذلك في مهرجان بالمانيا بدعوة من المعهد الثقافي العربي في برلين.

*******

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله

 

 

صورة 1 / الكاتب والشاعر الكبير هشام عودة.

 

 

صورة 2 / احدث صورة للشاعر هشام عودة في اليمين وحسين الاعظمي.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.