اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (1116)- مقالة نزار عبد الله

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (1116)

 

مقالة نزار عبد الله

 

       ما زلت انبش في اوراقي السابقة، وهذا حوار صحفي آخر اجريَ معي في دمشق عشية مشاركتي في  الملتقى الدولي الأول للموسيقى الشرقية في دار الاوبرا. بقلم الكاتب السوري الكبير نزار عبد الله، وقد مضى على هذا الحوار 14 سنة، ونشر حينها في جريدة (الثورة) السورية التي تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر. نحاول الاطلاع عليه عسى ان يكون مفيدا في جانب ما..! واليكم اعزائي هذا الحوار.

***************

 

حسين الأعظمي: التجديد يحتكم إلى عوامل تنأى به عن ضياع الهوية

ملحق ثقافي

3/3/2009م

حوار: نزار عبد الله

     حينما يبدأ الحديث الأكاديمي الموسيقي عن المقام العراقي، لا يمكن أن يستقيم إلا بالخوض في دراسات وأفكار وتجارب الأستاذ حسين الأعظمي، الباحث والدارس ومطرب المقام العراقي الشهير.

 

وحين يستذكر الباحثون أيضاً أكثر الأفكار التراثية الموسيقية التي تعرضت للنقد لجرأتها في تناول التراث وتاريخ الموسيقى العراقية، يبرز أيضاً اسم الاستاذ الأعظمي وكتابه الموسوم (المقام العراقي بأصوات النساء). وحين يبحث - الملتقى الدولي الأول للموسيقى الشرقية  - بدمشق في الحوار الموسيقي وأصوله التراثية وتفاعلاته وتأثيراته المختلفة موسيقيا ، لا شك بأن البحث يغنى بدراسات ومحاضرات الأستاذ الأعظمي ..‏

محاضرة حسين اسماعيل الأعظمي في دمشق تناولت مقام الكورد بين النظرية والتطبيق وقاربت البحث عن إجابة لكن السؤال بقي مفتوحا...‏

يقول حسين الأعظمي عن سؤال محاضرته الذي بحث عن إجابة له على مدى 33 عاماً: "الإجابة تكاد تكون صعبة، بل لا إجابة نهائية حتى الآن. السؤال محور البحث، هو لماذا يكتب سلم مقام الكورد نظريا بلا أرباع تونات، بل يكتب فقط بالتونات وأنصاف التونات. ولكن عندما يؤدى عمليا فإنه يؤدى بأرباع التونات وأنصاف التونات والتونات الكاملة؟"‏

ويضيف: (بدأت بالبحث عن إجابة لهذا السؤال منذ 33 عاماً لكني إلى الآن لم أتوصل إلى الإجابة المريحة والمقنعة ..!  ربما أميل للاعتقاد أن المقام الذي يؤدى حقيقة هو سلم مقام "المحّير" فهو أقرب إليه من سلم مقام "الكورد" لكن تبقى الإجابة عن هذا السؤال غير نهائية بل ومفتوحة أيضاً).‏

سؤال حسين الأعظمي عن الفرق بين النظرية والتطبيق في مقام الكورد، ليس وحده السؤال المفتوح حينما يتعلق الأمر بالحدبث في التراث الموسيقي الذي تراكم عبر مئات السنين. إذ يرى الأعظمي التراث بالنسبة للموسيقي تراث حسي ومن الصعب كتابته بدقة، هو تراث يحتاج إلى الكثير من العمل والبحث والتدقيق، ونحن نعتمد اعتمادا كبيرا على الفطرة، فالموروثات المنقولة شفاها هي أساس لا يمكن التخلي عنه. وهنا يأتي دورنا كدارسين كي نعمل على تهذيب هذه الموروثات الشفاهية ونعطيها الصيغة القابلة للنشر في وسائل النشر الحديثة المتطورة في هذا العصر .‏

والمقام العراقي من هذا المنظور، هو تراث مدينة بحسب الأعظمي ، وليس تراثاً ريفياً أو جبلياً أو غير ذلك، بل هو نتاج بيئة مدينية وبيئة المدينة هي البيئة الوحيدة بين البيئات متحركة وغير ثابتة ، وبغداد هي العاصمة ، وكل عاصمة تمثل مركز الدولة ، وبالتالي هذا التراث المتحرك امتزج وتأثر من بيئات آخرى ثابتة .‏

واجه الأعظمي نقداً كبيرا في العراق مما طرحه في كتابه (المقام العراقي بأصوات النساء) إذ تضمن الباب الأول دراسة مستفيضة عن المقامات العراقية، وضمنه الأعظمي اعتقاداً جازما بأن أصل المقامات العراقية هي البيئة الجبلية وليست بيئة مدينة بغداد ...! ويقول الأعظمي:  في القرون السبعة الممتدة من سقوط العباسيين (656هـ- 1258م) إلى ثورة عام 1958 في العراق، خضع العراق إلى غزوات متعددة يكاد يكون غاب عن التاريخ فيها، وبات عرضة للتأثر بالكثير من الثقافات من الأناضول والصفويين والعثمانيين وحتى الانكليز بداية القرن العشرين، وخضع أيضاً لتأثيرات مباشرة على الموسيقى العراقية أكثر من أي فترة سابقة ..! وتبلورت مع الموسيقى العراقية الاصلية عبر التاريخ في بيئة المدينة المتحركة مع تراث من غرب أسيا واواسط آسيا من بيئات ثابتة أعتقد أنها بيئات جبلية ..‏

ويوضح الأعظمي أن بغداد كبنية مدينة وعاصمة، كان لها الفضل الكبير في بلورة هذه التأثيرات المتعددة القادمة من بيئات ساكنة، وتهذيبها وتشكيلها بشكل منظم حتى بات الغناء العراقي عبر التاريخ له شكل تراثي غنائي موسيقي تطور عبر الزمن ، إلى أن اصبح غناء وموسيقى المقام العراقي شكلا (فورم) لعدة مسارات موسيقية منها المقيدة ومنها الحرة. ثم يؤكد يقول الأعظمي : (المدينة هي التي خلقت هذا الشكل – الفورم -) فيما أصولها في المناطق الجبلية بحسب ما تصلنا ونستمع اليها لا تزال نقية أكثر وغير منظمة، وهو ما يقودنا الى ان بغداد ليست أساساً او الموطن الجغرافي لهذا الأداءات ..‏

وهذا الرأي أيضاً استقطب نقدا آخر في بغداد، لكن الأعظمي ظل يستدل ليبرهن على رأيه بالمحافظات المحيطة ببغداد، حتى تلك القريبة منها، فهي لا علاقة لها بالمقامات العراقية بحسب الأعظمي. وهذا يعني برأيه أن بغداد هي الحاوية للتراث الموسيقي الحقيقي في غناء المقام العراقي على مدى تاريخ العراق لكنها ليست موطنه الجغرافي الأصلي.‏

الاحتفال بالمقام الموسيقي والغنائي العربي ، كما أراده الملتقى، ليس دراسةً معمقةً في تاريخ الموسيقى الشرقية فحسب، بل هو أيضاً بابٌ يُفتح نحو مستقبلٍ يستمد قوّته من ماضيه ومسكونٍ بتعدّدية احتمالاته.‏

ومن هنا ينطلق الأعظمي ليصف فكرة ملتقى مساحات شرقية بأنها فكرة رائدة في هذا الإطار لكنها تحتاج إلى أكثر من ملتقى، إذ تبرز الحاجة لمتابعة المحاضرات والدراسات في هذا المجال كي نفيها حقها، وربما يتاح المجال لتحصل الأمانة السورية للتنمية على الكثير من الدراسات والمعلومات والبحوث التي تهم وسط وغرب آسيا. ويقول الاعظمي : "هذه المنطقة واسعة جغرافيا وفيها شعوب كثيرة والعامل المشترك للأداءات الموسيقية والغنائية فيها هو أداءات بما تسمى بالمقامات. هذه الدراسات والملتقيات ذات فائدة عظيمة لجهة توفير الفرصة لمعرفة موقعنا بين جيراننا في هذه المنطقة وفي أي منطقة أخرى في العالم" ..

ويشير الأعظمي هنا إلى خصوصية العراق رغم اتصاله الثقافي وتأثره موسيقياً بالتراث الأسيوي من خلال العمق العربي الاسلامي الذي يمتد عبر تاريخه الطويل ، حيث بات له هويته الغنائية والموسيقية الخاصة حتى مقارنة بالهوية الغنائية العربية ..‏

ينادي حسين الأعظمي منذ سنوات من خلال دراساته الأولى بالتجديد، وما زال كذلك .. ويعتبر نفسه من المجددين في الموسيقى العربية التراثية، لكن التجديد برأيه يحتكم إلى عدة عوامل تنأى به عن ضياع الهوية ، اذ يقول أنا أدعو للنهوض، بالانطلاق من الماضي ومعايشة الحاضر والنظر للمستقبل وهذا بالنسبة لي ثالوث مقدس، وهي عملية صعبة للغاية وقد تكون بسيطة للغاية، لأنها اشبه بالدائرة الكهربائية المتكاملة ، إن حدث قطع بها فهذا يعني إنهاءها. ويضيف الأعظمي "أزمة التجديد هي أزمة المعاصرة وهذا موضوع خطير وحساس للغاية، نزعتي تجديدية بالفطرة لكن العملية تحتاج لخبرة ودراية وتجربة جيدة حتى يصبح عملك التجديدي ينطلق من الماضي والحاضر وفيه رؤية مستقبلية" ..‏

ومن تجارب الاستاذ حسين الأعظمي التجديدية ، أن كتب المسار اللحني الأساسي للمقامات بإحدى أطروحاته الجامعية، في نوطة واعتبره (باص) وبنى عليه الأصوات الأخرى العمودية . "فكانت المرة الأولى التي يكتب فيها التراث التقليدي عمودياً (اصوات الهارموني والكونتربوينت) الوحيد أنا في كل هذا العمل أغني في منتصف العمل تراثياً ، بل وممسكاً بزمام الأصالة مئة بالمئة ، لكني أعطيتها اطارا موسيقيا جديدا تماماً ، والآن أستطيع أن أحمل هذا العمل المكتوب وأذهب لأي أوركسترا في العالم لأغنيه معهم، هم يعزفون النوطة وأنا وسط العمل أغني المقام العراقي باصوله التاريخية ، وبهذا يكون العمل انتقل من المحلية إلى العالمية".‏

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

 

صورة واحدة / حسين الاعظمي يلقي ويناقش بحثه في الملتقى الدولي الأول للموسيقى الشرقية في دار الاوبرا السورية وبجانبه الاستاذ الدكتور التونسي محمود قطاط رئيس الجلسة شباط 2009.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.