اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (501)- القنيطرة التي حررها العراق

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (501)

 

القنيطرة التي حررها العراق

           في أيام ميثاق العمل القومي الذي تم الاتفاق والتوقيع عليه بين البلدين الشقيقين الجارين، العراق وسوريا، أواخر السبعينات من القرن الماضي، أقيم الاسبوع الثقافي العراقي في دمشق من 24 كانون الثاني January عام 1979 حتى نهاية الشهر، الذي يعد من أكبر الاسابيع الثقافية التي أقامها العراق في البلدان العربية. فقد حـُشـِّدَ فيه الكثير من الفقرات الفنية والعلمية والثقافية، بوفد وصل قوامه أكثر من مئة وخمسين 150 عضواً..! بين فنان وأديب وعالم وسياسي وإداري. وبالتالي فقد كان هذا الاسبوع فرصة طيبة لزيارتي الاولى الى البلد الشقيق سوريا.

 

          في هذه الفترة التي ركز الاعلام العراقي كثيرا على هذا التقارب السياسي مع جارتنا وشقيقتنا سوريا، في خطوة سياسية كبيرة عُرِفتْ بميثاق العمل القومي بين البلدين، حيث اسهب العراق في كل مرافقه بالحديث عن هذه الخطوة الوطنية والقومية المهمة، خاصة والمنطقة تعيش في اوضاع سياسية اكثر حراجة بعد حرب تشرين اول (اكتوبر عام 1973). واصبح اتفاق ميثاق العمل القومي الشغل الشاغل وحديث الساعة لسياسة العراق وسوريا، وعلى الاخص اهتمام الجانب العراقي.

 

         عندما وصلنا الى دمشق ونزلنا في فندق الشرق الواقع على محيط ساحة المرجا وسط دمشق، ومضي بعض الايام، لم يبدو لنا ذاك الاهتمام من قبل اخوتنا السوريين بموضوع ميثاق العمل القومي يتوافق مع ما نعيشه في العراق من اهتمام بالغ على الصعيد السياسي..! واحسسنا بوجود شيء ولو بسيط، من الجفاء السياسي من قبل الجانب السوري..!

 

           واقع الحال، وضمن المنهاج المعد من قبل الاخوة في وزارة الثقافة السورية، لإطلاع الوفد العراقي على المعالم التاريخية والحضارية والثقافية في سوريا، كانت زيارة الوفد كله الى مدينة القنيطرة التي دمرها واحتلها الجيش الاسرائيلي في حرب عام 1973..! وأعاد الجيش العراقي تحرير معظم هذه الاراضي، وقد أوشك الجيش العراقي تحرير هضاب وجبال الشيخ والجولان لو لا الإعلان السوري الغريب والمفاجئ في إيقاف الحرب..!!

 

          كان معنا من الاخوة السوريين أحد الموظفين بمثابة الدليل السياحي لنا، الذي كان يتحدث إلينا ونحن في الطريق الى القنيطرة، وبعد خروجنا من فندق الشرق الكائن عند ساحة المرجا وسط العاصمة السورية دمشق، بربع ساعة تقريباً وسط زحام السيارات، ونحن لم نزل قرب ضواحي دمشق، فاجئنا هذا الدليل وقال، إن الجيش الاسرائيلي في حرب عام  1973 وصل الى هنا، وأهالي دمشق كانوا قد همـُّوا بالمغادرة، وأصبحت دمشق في حكم الواقع ساقطة في أيدي الاسرائيليين، لولا أن الجيش العراقي الذي تحرك من بغداد دون أن يرتاح او يتوقف أبداً، بل دون أن توجه له أية دعوة للدخول الى هذه الحرب..! بمجرد سماعه المفاجئ باندلاعها، تجسدت الروح الوطنية والقومية لدى قيادته وشعبه في أسمى معانيها، وجهز هذا البلد العربي الصميم  جيشه للقتال جنباً الى جنب مع إخوته السوريين..! وحال وصوله الى مشارف دمشق، كان الناس الدمشقيين المغادرين عاصمتهم يستقبلون هذا الجيش بالبكاء والورود..! فلم يضيــِّع هذا الجيش العربي القومي أي وقت، وباشر القتال مع الاسرائيليين دون أن يأخذ أي قسط من الراحة، حتى أوصلهم عند جبال وهضاب الشيخ والجولان التي سنذهب إليها الآن وستروها بأنفسكم..!! وزاد في قوله هذا الموظف السياحي الدليل، أن هناك أربعة بيوت فقط، هي ما تبقى من مدينة القنيطرة التي دمرها الاسرائيليون بكاملها، تسكنها حتى هذا اليوم أربعة عوائل رفضت مغادرة المدينة رغم كل ظروف الحرب، دخل الجيش الاسرائيلي وخرج من أراضي القنيطرة وهم باقون فيها، وقد نذروا أنفسهم بالبقاء في مدينتهم أو الاستشهاد فيها، وإستشهد من إستشهد من أهلهم وأقربائهم، وعاش من عاش منهم..!  

            مشت بنا السيارة أكثر من ساعة بعد تجاوزنا ضواحي دمشق، حتى وصلنا الى القنيطرة، ونحن نتأمل هذا الطريق وهذه المسافة الطويلة من الكيلومترات التي إحتلها الجيش الاسرائيلي وحرَّرها الجيش العراقي..!

           وصلنا الى المدينة المدمرة، الى القنيطرة. ولم تكن إلا  ركام من البيوت والعمران كان الجيش الاسرائيلي قد دمرها وحطمها وساواها في مستوى الارض..! ولم يبقى منها غير هذه البيوت الاربعة الهزيلة هي الاخرى جراء ما تعرضت له من آثار الحرب.

 

           جيئ بالرجل أبو علي، من أحد هذه البيوت الموجودة في المدينة، الذي رفض في البداية المجيء والتحدث الى أي ٍ كان..! ولكنه ما أن قيل له أن الوفد عراقي..!  حتى إنتفض من مكانه وقال. هؤلاء هم إخوتنا وأهلنا الحقيقيين، أريد أن أكون بينهم..! (هذا ما نقله لنا الرجل الموظف الدليل السياحي).

 

            إستقر الوفد في صالة كبيرة في بناية سياحية يبدو أنها أنشئت للغرض السياحي واستقبال الوفود لاطلاعها على الفعلة الاجرامية التي خلفها الجيش الاسرائيلي. جاء الرجل أبو علي مرحـِّباً بالوفد بأعلى صوته، بكلمات مفعمة بالمحبة والتقدير والامتنان، ولم يستطع أن يتحمل الموقف والسيطرة على دموعه، فأخذ يسرد علينا ظروف الحرب التي مرَّت على هذه المدينة والعبرة تخنقه، والمآسي والجرائم المشينة التي خلــَّفها الاسرائيليون..! جرائم يندى لها جبين الانسانية. وأنهى كلامه وهو يبكي أمامنا..! لولا الجيش العراقي البطل لضاعت دمشق والقنيطرة ومدن اخرى. بل لضاعت كل سوريا..!! موقف إخوتنا العراقيين لاينسى ولا يمكن أن يقدر بثمن ولا يمكن أن نتصور قيمته الوطنية والقومية العظيمة حتى هذه اللحظة.

 

          مجمل القول، كتبتُ تفصيلات هذه السفرة وهذه الزيارة الى المدينة الباسلة، مدينة القنيطرة، في الجزء الاول من كتابي المخطوط –من ذاكرة أسفاري– والصور  تبيــِّن جانباً مما خلفه الهمجيون لهذه المدينة العربية الاصيلة بتاريخها وأبنائها البررة، حيث اقف انا في وسطها..!

 

         وصور اخرى أقف قرب القوات الدولية التي وضعتها الامم المتحدة بين سوريا واسرائيل في هذه المنطقة، التي تؤكد بقاء إحتلال الاسرائيليين لجبال وهضاب الشيخ والجولان. الأمر الذي يمنح اسرائيل، قوة دائمة وسيطرة مطلقة على سوريا، والتصرف في أي وقت تريد وتحت أي ظرف تمرُّ به، وكأن سوريا كلها بيدها من خلال سيطرتها حتى يوم الناس هذا، على جبال الشيخ والجولان، التي كان الجيش العراقي ينوي تحريرها في خطته الاخيرة التي أجهضت بإعلان سوريا إيقاف الحرب الغريب والمفاجئ قبل وقت قصير جداً من ساعة الصفر لتحريرها..!!

           وأنا أقف قرب موقع القوات الدولية، الذي أصبح حدوداً جديدة بين سوريا واسرائيل..! كنت أشاهد وأنا تملؤني الحسرات. السيارات السياحية الاسرائيلية تسير بوفودها السياحية لتـُطـْلـِعها على ما أنجزته من إحتلال جديد للاراضي العربية التي أصبحت ملكاً لها في حكم الواقع.

        وصور اخرى نشاهد اعضاء الوفد كله جالس والرجل السوري ابو علي يتحدث للجميع عن ظروف حرب اكتوبر 1973 وسط دموعه المنهمرة. وفي صور اقف فيها على حدود الجولان الجديدة التي جعلها العدو الاسرائيلي امرا واقعا.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

اضغط على الرابط

فهد بلان / ويلك يلي تعادينا

https://www.youtube.com/watch?v=NizWByWFyqA

 

فهد بلان / يابنات المكلا

https://www.youtube.com/watch?v=87C-5gFHRss

 

محمد خيري / وصلة طرب

https://www.youtube.com/watch?v=TE7Y7bzgbns

 

 

حسين الاعظمي قرب القوات الدولية في القنيطرة.

 

 

عند بناية كنيسة السيدة صيدنايا كانون الثاني 1979. يمينا ابراهيم العبد الله ومحمود نعوش والاستاذ غانم حداد ومائدة نزهت وهناء محمد وطعمة التميمي وحسين الاعظمي وسامي عبد الاحد وشكري العقيدي وجبار سلمان وصبري الرماحي.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.