اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الهدف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعديه العبود

مساهمات اخرى للكاتبة

الهدف

 

--سترين اهوالا" كثيرة.

قالتها عرافة تفترش الارض وتضع امامها قطعة قماش خلقة تتوزع عليها بعض الحصى والقواقع . تمتمت باستهانة ما الذي يخبئه القدر بعد الاحداث التي حصلت لهم . هل القدر عقد معهم معاهدةعلى ان لايفارقهم ؟

كانت قد وصلت حديثا الى هذه المحافظة ,وبالكاد  تمكنوا من الحصول على هذه الشقه المتواضعة فهي كافية لافتراش ارضيتها,لاسيما وانهم  لايمتلكون اثاث ماعدا بعض الامتعة البسيطة التي يحتاجونها لتسيير امورهم اليوميه.

.فقد كانت لديهم دار سكن بسيطه في محافظتهم .وكانت عائلتهم مكونة من الام العجوز  و خمسة ابناء ,اثنان من الذكور وثلاث اناث. الابن الاكبر متزوج ولديه ثمانية ابناء ,والبنت الكبرى متزوجة ,عادت لتعيش مع صبيهاعند اهلها بعد ان تعرضت دارها الى قصف جوي على اثر احداث احد المعارك في الحرب العراقية الايرانية .    ذ هب ضحيتها زوجها وفقد ت ساقها ,ولم تسلم شقيقتها الصغرى التي كانت في زيارتهم حيث فقدت كلا ساقيها .اقتيد الشقيق الاكبرالى جهة مجهولة ,تم بعدها مطالبتهم بثمن العيارات النارية التي اطلقت عليه. اما الابن الاصغر فقد التحق بالخدمة الالزامية .

ولما اشتد اوار الحرب واصبحت المدينة تحت الاهداف العسكرية,ارتأت الأم العجوز ان  لاداعي للاستمرار بالاقامة في تلك المحافظة ,لذلك لملمت  شتاتها وجاءت الى هذه المحافظة   الآمنة لتلوذ بجوار صاحب القبة الزرقاء الذي طالما تاقت نفسها لزيارته..

كيفت العائلة نفسها للتوطن والعيش في تلك المحافظة ,ولما كانت لدى العائلة معوقي حرب تم تأجيرهم هذه الشقة وبالتنسق مع المحافظة . عملت زوجة اخيها في مهنة الخبازة ,وحصلت هي على فرصة عمل في احد معامل الخياطة , اما شقيقتها الارملة فقد كانت تعتمد علىما تستلمه من راتب زوجها التقاعدي لتقتات به مع صغيرها . وبذلك استطاعت العائلة سد رمقها وزج ابنائهم في المدارس ليواصلوا التعليم ,حتى ان  شقيقتها الصغرى واصلت تعليمها المهني وهي تستعين بأطراف صناعية .

سارت الحياة هادئة ومستورةبعيشة الكفاف هذه, خاصة وأن الجيران يقدمون لهم  المساعدات على القدر الذي يستطيعون .ومرت ا لسنوات على هذا النحو,اعتقدت ان الحياةقد فتحت لهم صفحة جديدة ضمتهم الى صف البشر .

حرب تولد حرب هكذا وصف العراق في دخوله حرب اخرى ,ومع من؟  مرة اخرى ومع دولة جارة كانت قد ساندت الحرب السابقه .. وخرج منها بأذعان,كان ذلك قد سبب ردة فعل عنيفه سواء على ا لمستوى المدني او العسكري . اقترنت بأنعدام الوسائل الحياتية والغذائية , مما انعكس على الوضع العام كان الغليان في الشارع غريب حيث لم يسبق ا ن اعترض شخص ما على قرار او  تمتم بما يعني الشتيمة قلل هذه الايام. حتى كان  ذلك اليوم الربيعي في بداية شهر اذار الذي ضل يوثق تاريخ انتفاضة شعبية كانت بدايةالنهاية,و لتذكر الاجيال بيوم الارادة.

 

, بدأ ت في بادئ الامر بخطاب في الصحن الحيدري يوضح ما آل عليه الحال وبحضور رجال الامن والشرطة . ثم هجم المتظاهرون عليهم بأسلحتهم البسيطة, و كانت ارادة المتظاهرين اقوى من كل المدافع, حولت رجال الأمن والشرطةالى جثث هامدة. السلطة غائبة منذ ايام.وقد تم  التبليغ العلني للتجمع في الصحن الحيدري للخروج على الحاكم ولم تدخر جهدا" لمنع الانتفاضه.,كانت الحالة النفسية تنذر بالانتقام ,لذا وضعت السلطة رجالها طعم لامتصاص  نقمة الناس بديلا عنها ,كما ان تورط المتظاهرون بالقتل يطفئ غليلهم من جهة ,ومن جهة  ا خرى يجعلهم مدانون بجرائم  تمكن السلطه  من تنفيذ الحكم بهم.

         

وامتدت التضاهرة لتجتاح الشوارع المجاورة. وامسى الغضب يدمر كل من له علاقة بالسلطة, سواء كانوا  اشخاص ام مؤسسات.وكان للاطارات القديمة المحترقة ,الفعل الاكبر في السيطرة على منافذ الشوارع , تقترن برمي قناني المشروبات الغازية المعبئه  بالبنزين, والتي عملت عمل العبوات الناسفة. وقد كان لها الفعل الاكبر في خلق الهلع والفوضى في الشارع .لذا رأى المسؤولون ان لاجدوى من المقاومة فالهروب وعدم المقاومة هو الحل الانسب , اما الذين كانوا ينتظرون وصول  امدادت من الحكومة فلم يحض’بأي قدر من الحياة .

كان هناك في المدينة القديمة قبو ارضي في احد البيوتات ,مهيئ للعمل كمستشفى, ومزود بأدوات العمليات الجراحية اللازمة لاسعاف الجرحى ,وكان هناك  ادلاء يساعدون الجرحى للوصول اليها بسرية لغرض تلقي العلاج ومن ثم يتم اخراجهم فورا"الى دورهم بواسطة عربات نقل  بسيطة, كي لايتم التعرف على الاطباءاو الجرحى فيما لو فشلت الانتفاضة .

باتت المدينة في حالة صمت ينذر بالخطر وجثث المسؤولين ترقد هنا وهناك لا احد يتجرأ من التقرب منها .وفي الصباح امتدت  الانتفاضة الى المدن القريبة لتجتاحها بسرعة دون اية  مقاومــة تذكر.

 

لم يتبين بعد من هم الثورييون الذين ساهموا في هذه الانتفاضة . انتشرت اللافتات المؤيدة لهذا الفكر اوذاك بعضها يساري ولكن كانت على الارجح شعارات التيارات الدينية الشيعة .

هناك مقولة بأن الثورات مهرجان المظطهدين. لذلك  علقت الصور والأعلام ,على الرغم  من كونهم في شهر شعبان إلاإن المراسيم والطقوس الحسينية ملئت الشوارع .وأخذ ذوي النفوس الضعيفة بالتعرض الى موجودات الدولة بالسلب والحرق ,مما حدى بتوجه اشراف المدينة الى المرجع الديني تطلب منه اصدار فتاوى للسيطرة على الشارع لعدم وجود قيادات منظمة,لذا دعى الى دفن الجثث وعدم التمثيل بها ,وأعادة موجودات المؤسسات الحكومية لانها ملك الشعب وغيرها من الفتاوى التي تسير الحياة.

استمر الحال قرابة الاسبوعين ولم يخل الموقف من هجوم وصد , الى ان كانت ذات ليلة ليلاء, مرقت امام السيطرات التي يسيطر عليها شباب الانتفاضة سيارات مجهولة  تبشرهم بأستقالة القائد,ولم يكن ذلك الا خطة مدبرة لمعرفة احداثيات مواقع المسلحين عند اطلاق اطلاقات الابتهاج .كانت المدينة مطوقة بجنود  غريبي الاشكال ذوي لحى  تم انزالهم  من الجو بالاضافة الىالحرس الجمهوري, المدعم بالاسلحة والأعتدة الثقيلة مما احال ليل  المدينة الى نهار ,وكأن باب جهنم قد شرعت.

الى هذه اللحظة كانت الحياة تسير بشكل عادي لها لايقلقها شئ عدا انقطاع اخبار شقيقهاالعسكري فقد عاد,بعضهم مشيا على الاقدام من البصرة وبعضهم لم تتبين اخبارهم بعد.

كانت توجيهات الدفاع المدني تقضي بالجلوس تحت السلم عند سماع القصف  لأنه اكثر الأماكن حصنا"وأمنا",لذلك تزاحم الصبية للهبوط اسفل السلم ,ترافقهم شقيقتها الصغرى متكأة على عكازتيها ,ثم بدأت بالهبوط ضيفة لديهم كانت قد فرت من محافظتها  معتقده بأن هذا المكان آمن ,يرافقها صغارها ,تتبعهم الأم العجوز. لم يلحظ الجميع الدبابة التي كانت خلف العمارةو التي كانت تطارد  الفتى الذي رماها بقذيفة وتوارى بين العمارات ,فأراد قائدها ان يختصروقت البحث

عنه لذلك كان الهدف جدار العمارة الخلفي من اسفل السلم , مرقت القذيفة بجوار حاوية وقود (بانزين) كان جارهم قد ادخرها ليوم الضيق.احالت العمارة  الى كتلة نار,الصبية يستغيثون ,النساء الاخريات يصرخن ,اصوات المدافع تطغي على استغاثتهم احتمى احدهم بالاخروارتمو في حضن العمة الصغيرة طلبا للنجدة وهي تتمسك بهم علهم يعينوها على النهوض, وحاولوا الخروج ,سنا النار تعمي الابصار .رمت الضيفة الملتهبة رضيعها ضنا"بأنها تخلصه من النار ,الا إنها زادتها وقودا" . رمت الجدة العجوز بنفسها الى الاسفل تحاول ان تنقذ ما يمكن انقاذه ,ارتطمت بحفيدها من ابنتها , احتضنته لتخمد لهيبه فكان أن اصابها ما اصابه . النساء تستغيث  والنار ارتفعت اليهن  . الجنود يرمون بجذل فقد اصابو الهدف.طفلة اخرى هربت من النار كان قد صادفتها جارتهم الفارة من النار ,امسكت بيدها واستمرت تعدو للوصول الى مدينة امنة , لتفاجئ عند الفجر بأنها تصطحب ابنة الجيران, وليست ابنتها .بات ابن شقيقتها يحتضرفي حجر امه  الاعلان عن جرحى يعني الموت  القادمون يعدونهم اعداء . لهيب النار زاد من لهيب قلبه , استغاته  لا تجاب الذهول شل قدراتهم  لاتستطيع عمل شئ اكثر من احتضانه .فارق الحياة عند الفجر ليضع حدا" للآمه  .اما العجوز فقداحترقت اطرافها وصدرها ووجهها .لم يبق غير الجزء البسيط منها .وكان للاطفال والضيفه مصير  مشترك لم يمهلهم سوى لحظات.وبذلك بلغ عدد الذين لاقو حتفهم احد عشرشخص.

استمرت الجارة تصحب معها الطفلة الى ان وصلت الى السماوة  وهناك صادفت شقيقهم العسكري,مستفهما من الفارين عن اخبار مدينته.

_هذه اخر من بقى من اهلك.

 

قالتها الجارة وهي تسلم الصغيرة الى عمها وبصمت ابلغ من الحديث اخذ الصغيرة .المدينة محاصرة, ولاسبيل للوصول اليهم .كانت الحيرة والآلم قد شلوا تفكيره الفاجعة لاتصدق ولا سبيل اليه سوى العودة الى البصرة حيث يقطن ابناء عمومته.

عاد بعد عشرة ايام من الحادثه مع اقاربه لتقصي الحقيقه ,بعد ان فك الطوق عن المدينة .وخلال تلك المدة تمكن احد الجيران من رفع الجثث المتفسخة اسفل السلم بعد ان تم وضعهم على أغطية كي يتم دفنهم بجوار احد العمارات .

اصطحب النساء المفجوعات وبقة الاطفال ,بعد ان وجدهم يقطنون في احد الشقق الفارغة  في عمارة قريبة وعادوا,وفي السماوة ثانية" حيث الخط (32) كان هناك الامريكان ,تم ارسال العجوز الى مستشفى في السعوديه كي  تتلقى علاجها.وعادت بعد ثلاث اشهر تبحث عن   جثث احفادها كي يتم نقلهم الى المقبرة بعد ان سمح بالدفن في مقبرة وادي السلام .شكلت الجثث ألأحد عشر  المتفحمة ثلاث قبور.

--

--

--عليكم بأخلاء الشقة فسوف تعلن للبيع بالمزايدة

قال ذلك ممثل المحافظة وهو يبلغهم بأخلاء الشقة لأن المحافظة تريد بيع املاكها بالمزايدة العلنية.-

ولكن نحن ذوي شهداء .

--لم تتمكنوا من اثبات استشهاد ايُ منهم لذا لايسمح لكم بالمكوث فيها .

 

وبعد ايام ------

--ماهي اخباركم ؟ اين تمكنتم من السكن .

--الحمد لله اشتغل شقيقي حارس في تلك المدرسة , وتم تسليمنا احد القاعات للسكن .

 

(ملاحظه القصة واقعية دارت احداثها في النجف 1991)

 

سعديه العبود

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.