اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• كانت.. مساواة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

بشرى الهلالي

 مقالات اخرى للكاتبة

كانت.. مساواة

 

مع خيوط الفجر الأولى تنهض، لم يعد صياح الديك يوقظها، فصياح عشرة ديوك غير كاف لإيقاظ الخلايا المجهدة في جسدها، فكانت إن أنعمت الحضارة عليها بالمنبهات ورنة الهاتف الخلوي التي تظل ترن حتى تقفز المرأة العاملة من سريرها. وفور أن تضع قدمها على أرض الغرفة تبدأ رحلة الجري خلف الساعات، ليكون المطبخ محطتها الأولى حيث تجهز الفطور لمن سيذهب الى العمل أو إلى المدرسة من الأولاد، وفور أن تودعهم تجري لتستعد للذهاب الى عملها، لتجد نفسها محشورة في سيارة (الخط) أو في كيا أو في سيارتها وقد غابت ملامح الشارع عن عالمها وتراكمت مكانها مجموعة صور لخطة عمل غير مكتملة دائما. ومهما كان عملها، فستظل تجري سواء إن كانت في الجامعة أو في سوق الخضار، فهي إمرأة عاملة عليها إداء واجبها بما يتلاءم ووضعها المهني، وتمر ساعات النهار بين إنتظار لدقة الساعة الثالثة وإتصالات متكررة من الأولاد والزوج، منهم من يسأل عن مكان جوربه وآخر يخبرها بحدوث خلل في كهرباء البيت وإبنة تشكو من نفاذ غاز الطبخ لتجد نفسها مضطرة دائما للبحث عن حلول وفي حالة لهفة دائمة للعودة الى ذلك المكان الذي كان يدعى في يوم ما (مملكتها) لتجد نفسها وقد عادت إليه ملكة غير متوجة. وفور أن تطأ قدمها عتبة الدار، يستقبلها إبنها بشكاوى المدرسة وبخبر إمتحانه الذي يحتاج منها أن تتفرغ له، ربما تسمع مايقال وربما لا تستطيع أن تسمع، فكل ماتحلم به في تلك اللحظة أن تضع رأسها على الوسادة لتغفو ولو لدقائق، وقد تتوفر لها مثل هذه الفرصة وقد لا تتوفر، وفي كل الأحوال تجد نفسها وقد قادتها قدميها جريا الى المطبخ ثانية لتهيئة غداء اليوم وعشاءه وغداء الغد و و و... وتمر الساعات سريعة وكأن الزمن إختصرها من أربعة وعشرين إلى أربعة، فسرعان مايرخي الليل ستاره لتجد نفسها منهكة متوزعة بين مواد الدراسة وطلبات الزوج وشكاوى الأولاد. صارت الأيام أشبه بمجانين يتقافزون فأصبح شهر نيسان يسبق كانون الثاني بل إنها نسيت كيف مر آذار وأين كانت عندما إنتهى البرد مع شباط، كل مايعنيه نيسان لها هو توفير وقت لرفع السجاد والتنظيف الفصلي، ربما سيكون هناك متسع في عطلة نهاية الإسبوع فقد كانت إضافة يوم السبت الى الجمعة كعطلة، إحدى المنجزات الكبيرة للحكومات الجديدة ولن تنسى فضلهم أبدا، لكن، ودائما تشخص (لكن) أمام عينيها كمارد جبار، فعطلة الإسبوع عادة مخصصة للتسوق وغسل الملابس وتزويد السيارة والمولدة بالوقود وزيارة الطبيب و و و..

 

تذكرت في مساء الخميس أن تنظر الى المرآة، فرأت وجهها للمرة الأولى بالرغم من كونها تنظر اليه كل يوم أكثر من مرة في نفس المرآة، لكن قدميها اللتان تجريان دوما لم يتوقفا ليفسحا لها مجالا لتأمله قبل الآن. كبرت كثيرا وتوزعت خطوط صغيرة على مساحة الوجه هنا وهناك، ليؤرخ كل منها يوم تعب ورحلة شاقة إبتدأت يوم خميس عندما وقفت أمام المرآة بثوبها الأبيض تحلم بمملكة المرأة. لم تتشدق بشعارات دعاة حقوق المرأة يوما، بل ناضلت من أجل رغيف خبز وسقف يأوي أولادها، فكان إن وجدت نفسها في حالة تفوق المساواة مع رجل تفضل عليها بالسماح لها بالعمل وأراح رأسه على وسادة. وبعد إن تغير كل شئ في العالم، لابد ان يضاف بندا لحقوق المرأة في مبدأ المساواة، هو المطالبة بالحصول على وقت للراحة اسوة بالرجل الذي ربما سيرفض هذا الحق خشية ان يعود الى تحمل كامل المسؤولية!!

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

http://www.kitabat.com/i84224.htm

جريدة الناس

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.