اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• إشارة حمراء

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

بشرى الهلالي

مقالات اخرى للكاتبة

إشارة حمراء

 

تدورالعجلة، تجري أقدامنا لاهثة في سباق محموم للحاق بدورتها، ويتسابق معها الليل والنهار، ليختلط لون الشمس بظلام الليل في غفلة منا، تتبعثر الأصابع في محاولة لجمع شتات اللحظات وترتيبها في مفكرة إختلطت أوراقها، فترتخي الأصابع عجزا. وننسى.. ننسى إننا كنا كائنات حية تنبض خلاياها مع إبتسامة السماء الذهبية صباحا، وتسترخي متغزلة بلون القمر الفضي. كيف إختزلت الأيام تواريخها وإمتصت رحيق نبضنا لنتحول إلى متسابقين في حلبة ليس لها بداية أو نهاية؟ هل هي متطلبات الحياة أم الرغبة في تحقيق الذات التي تذوي خلف متراكمات المفكرة اليومية؟ أسئلة كثيرة تضعنا في زاوية حادة تعصر ظهورنا مستقيماتها المتلاقية ونحاول النهوض أحيانا وننسى النهوض في أحيان أخرى، فننسى إنسانيتنا. ليس ذنبنا إن تحولت دورة التاريخ بعيدا عن البحث في أروقة الفن وصالونات الأدب، لتتسلل من خلف ظهورنا إلى ساحات الحرب وقبب البرلمان وقرارات الأمم المتحدة. لم يكن لنا دور عندما خلع العالم ثوب الحضارة وتدجج بالسلاح، فحلت مصطلحات مثل العولمة والدولار واليورو والحشيش والمفخخات والمصالحة، محل كلمات كانت أكثر شفافية مثل، الحب والنخوة وجلسات السمر. تغيرت خارطة العقل البشري عندما صار الإنسان يستيقظ صباحا ويذرع الشوارع طيلة النهار دون أن يرفع رأسه ولو لثواني ليرى نور الشمس أو صفاء السماء، بل ليبحث عن طريق وسط زحام المرور، ومنفذ يعبر فوق حاجز القتل والمفخخات. فالحشود التي تسير في الشوارع تضاعفت عندما لم تعد أية خلية في أدمغتها عاطلة، فكل يسير بخطى تجاهد لتحمل نفسها ورأس بالكاد تحمله الأكتاف لكثرة ماتزاحمت فيه من أفكار. وتتزاحم الافكار.. حتى لا تعود الدقائق والساعات كافية لتنفيذها أو إستيعابها، وتتراكم في أجندة التأجيل في مؤخرة الجمجمة عسى أن يجد صاحبها وقتا للتصالح معها، وكلما مضى في السير أكثر كلما ولدت فكرة جديدة -ليست فكرة إبداعية بطبيعة الحال- فقد سلح العقل البشري كل إبداعاته لعبور إمتحان القلق وحشد كل إمكاناته لإيجاد وسيلة لتوالد (الدولار) الذي أصبح ماركة مسجلة وجواز مرور للحياة والأمان. ويستمر اللهاث، ليتغير مسار الأحلام ولونها الوردي فتتخذ شكلا ميكانيكيا بدورها وترتبط مع بعضها في عولمة جمعت أدمغة معظم البشر ولأول مرة مفرداتها: بيت ووظيفة وأمان، فإشترك الجميع في ركضة ماراثونية للوصول إلى أحلام تتآكلهم وتسلب ملامح إنسانيتهم. فهل سعى البشر لتطوير مفردات الحضارة لتنتصر عليهم في النهاية؟ وهل سيكون قدرنا أن نعيش حالة حنين دائمة الى بيوت الدرابين وهدوء الغروب الذي تقطعه أصوات المآذن و(لمة) الجيران على عتبة الباب وماء (الشربة) وسفرة العشاء التي يتجمع حولها عدد كبير من عائلة واحدة؟ هل قطعنا كل هذا المشوار ليجد كل منا نفسه وحيدا عند خط السباق دون أن يجد الوقت ليد تربت على كتفه، أو رنة كلمة ناعمة ترطب حنجرته؟

غادر الهدوء الأنامل منذ رحلت رسائل الحب لتستبدل بمفاتيح الكيبورد، وعمت الفوضى أدمغتنا منذ زحفت القيلولة من النهار الى الغروب، وسكن عفريت الأرق وسائدنا، وعاثت الوحدة بعالمنا مذ سرقت الغربة بعض أحبتنا وخطف الموت آخرين.. فهل سنجد متسع من الوقت لنتذكر في أي موضع نضع أقدامنا اللحظة؟

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

جريدة الزمان

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.