اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• صدام يتشظى!

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

بشرى الهلالي

 مقالات اخرى للكاتبة

صدام يتشظى!

 كان الأمر يبدو غريبا في البداية، ولايمت لشعارات المرحلة بشئ.. فإثناء زيارتي لاحدى الدوائر لمقابلة احد المدراء العامين، فوجئت بالإجراءات ( البروتوكولية) المعقدة، وعزوت ذلك الى الوضع الأمني والقلق الذي يصيب المسؤولين من الغرباء. وللوصول الى باب جلالة (المدير) كان علي إجتيازطابور طويل من المنتظرين على باب مدير مكتب (المدير) والذي غالبا مايكون من أقاربه شأنه شأن رجال الحماية ومرافقيه، وبرر هؤلاء طول  الطابور الى كثرة المراجعين والمعاملات. وبعد جهد جهيد،  وافق السيد (المدير العام) على استقبالي. وبمجرد دخول مكتبه والحديث معه، إتضحت  الرؤية وصار الغريب مألوفا، فقد وجدت نفسي امام صورة مصغرة للرئيس السابق ابتداء من طريقة كلام السيد المدير وجلوسه على الكرسي بشكل مائل   مسندا كتفه الأيسر الى الكرسي وقد ابرز الأيمن الى الأمام، واستمرارا بطريقة التدخين التي كان ينقصها فقط نوع السيكارة-ولولا الخوف من الشبهات  لدخن صاحبنا السيكارأو مايسمى ب(الجروت). 

 

ثم اكتمل المشهد بالحوار الذي اجريناه معه والذي كان مكرسا لمدح الوزير ووزارته وووكلائه ومدرائه مع الحذر والخوف من ذكر المسؤول الفلاني. خرجت من اللقاء بآفاق وردية عن منجزات تاريخية لم اشهد من حقيقتها شيئا، ونسيت ان اذكر الجزء الأهم في الموضوع وهو ان السيد المدير طلب قراءة الأسئلة في بداية الأمر قبل الإجابة عليها وشطب منها مالم يرق له وهو يتحدث عن عصر الديمقراطية الجديد وعن القمع الذي كان يمارسه النظام السابق ضد الحريات مؤكدا إن ابوابه مفتوحة لإستقبال شكاوى المواطنين مما يضطره للبقاء في مكتبه حتى المساء احيانا ل(تمشية) امور المواطنين . فما سر هذه الطوابير التي تتوزع على كل الأبواب ابتداء من الباب الرئيس للدائرة وانتهاء بباب المدير؟ استفزه سؤالي، (تنحنح ) قليلا واجاب : الخلل في المواطن فهو لم يفهم الديمقراطية بعد! فهو بحاجة الى وقت طويل (لتعليمه) هذه القضية.

 

   وهكذا.. عادت الكرة الى ملعب المواطن .. ولكن ليسجل الهدف ضده هذه المرة .. فالتغييرات التي جاءت لخدمة العراقي المسكين الذي عانى كل انواع القهر والإستلاب كانت فوق مستوى فهمه فصار هو نفسه يقف عثرة في طريق حل مشكلاته بسبب جهله وعدم معرفته با(الديمقراطية) الجديدة التي يفضل أن يتغير اسمها الى (الأتيكيت الجديد) بحسب ذوق السادة المدراء.

 

   وماقيل.. لا يخص مديرا واحدا او دائرة واحدة .. بل إن المشهد تكرر في اغلب الدوائر الحكومية، فكأن رحيل صدام فتح الطريق أمام الكثير من الرغبات المكبوتة في السلطة والتي كانت امتيازاتها تمنح لأقارب الرئيس وجلاوزته ممن لهم الحق في لبس (الخاكي) وتدخين السيكار ولي فمهم لتقليد لهجة (السيد الريس). وبمشاهد مماثلة، ارتدت حاشية المسؤول زيا مميزا وخاتما ومسبحة وتوحدت السنتهم بلهجة جنوبية او غربية او كردية بناءا على جنسية السيد المسؤول. ومايميز هذا الزمن عن ذاك ان الهويات تعددت تبعا للمرجعية الدينية والطائفية والقومية فاعادت هذه المشاهد الى ذهن العراقي زمنا دفع فيه ومازال يدفع من دمائه الزكية ثمنا للتخلص من براثنه ففزت جراح المواطن التي مازالت ندية وهو يجد نفسه يقف ذليلا على باب المسؤول لعدة اشهر للحصول على توقيع بينما يدخل افراد حاشية السيد المسؤول بين لحظة واخرى يتأبط كل منهم اضبارة (فلانة) أو امر وزراي ل (علان). من المؤلم ان تتحقق نبوءة مريدي (السيد الريس) الذين قال بعضهم بعد 2003 " سيأتي يوما يقول فيه الناس ( ليت زمن صدام يعود).. فقد كان هنالك صدام واحد.. هم واحد وخوف واحد وسلطة واحدة.. اما الآن فقد تشظى صدام، وتوزعت شظاياه في معظم وزارات الدولة ومؤسساتها.. فكم هم يستطيع المواطن الفقير احتماله؟

  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.