اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

واقع احزاب الاسلام السياسي في العراق وباقي الدول -//- مصطفى محمد غريب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

واقع احزاب الاسلام السياسي في العراق وباقي الدول

مصطفى محمد غريب

ان ظاهرة صعود التيارات الإسلامية وأحزاب الإسلام السياسي واستلامها السلطة في كل من تونس ومصر وبروزها الواسع في دول عربية أخرى بعد ما يسمى " الربيع العربي " تستحق البحث لما لها من أهمية للظروف التي تمر بها المنطقة ومجريات التطور الذي يعم العالم، وهو أيضاً ذو أهمية للآراء التي تطرح حول فصل الدين عن السياسة والدولة بعدما أصبح استغلال الدين كقوة روحانية في قضايا الدولة المدنية والحقوق المدنية، ولا باس من العودة إلى الحكم الإسلامي في إيران الذي اسقط نظام محمد بهلوي التسلطي المعادي للحريات وحقوق الإنسان وبالتذكير أن القادم الجديد لم يكن يبالي بقضيتين مهمتين الحريات المدنية والديمقراطية بقدر ولاية الفقيه، فنرى ما آلت إليه الأوضاع من تدهور وفقدان الحريات وزج عشرات المعارضين في المعتقلات وتعرضهم لأقسى أنواع التعذيب النفسي والجسدي بعدما أصبح رجال الدين بالمطلق الحكام المهيمنين على السلطة وعلى رقاب الإيرانيين ولا ممكن معارضتهم أو الاختلاف معهم حتى لو كان الأمر إصلاحياً فذلك يعني الاعتقال والتعذيب وحتى الإعدام، وهيمنة أحزاب الإسلام السياسي على السلطة في العراق بعد عام 2003 وتفاقم الأزمات الداخلية وتردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والخلافات بين الفرقاء حلفاء الأمس أعداء اليوم ، ومثلما اشرنا أنها مسالة تستحق الدراسة الموضوعية للخروج برؤيا حضارية واقعية عن هذه الأحزاب وهل هي فعلاً تمثل الإسلام دون الطائفية فيه؟ أم هو العكس من ذلك؟

من وجهة نظرنا لا يوجد حزب سياسي إسلامي بدون سمة مذهبية أو طائفية، بالمعنى الواضح لا يوجد حزب يريد تطبيق الإسلام وفق الشريعة دون غيرها ( طبعاً هذه ليست مرتبطة بالمنظمات الإسلامية المتطرفة مثل القاعدة والبعض من المليشيات الشيعية المسلحة )، وبذلك نستطيع التأكيد أن أكثرية أحزاب الإسلام السياسي لها أسس طائفية تنظيمية منذ التأسيس وتعتبر نفسها ممثلة لفئة إسلامية معينة، وهناك أدلة ملموسة تدعم قولنا، فمنذ تأسيس حركة إخوان المسلمين لم تكن تجمع إلا من مذهب واحد وهو أمر معروف وقد تكون البعض من الانتماءات حالات شاذة، وهنا ليس مهمتنا في هذا المقال البحث في تاريخ هذه الحركة لأنها معروفة ، كما أن هناك أحزاب تشكلت على نمط الأخوان ولكن من طائفة أخرى مثل "حزب الدعوة الحاكم في العراق" لا تجمع غيرها من الطوائف المسلمة، ومن هذا المنطلق فإننا لم نجد أي من أحزاب الإسلام السياسي يجمع المسلمين على أساس الدين الإسلام بشكل عام وليس الطائفية أو المذهبية، ومنذ نجاح الثورة الإيرانية وسقوط النظام الشانشاهي عام 1979 استولى رجال الدين الشيعة على السلطة وتم تطبيق مبدأ ولاية الفقيه، فلم تكن لا في قيادة الأحزاب المسموح لها بالعمل ولا في قيادة الدولة العليا مسلمين غير شيعة، لا بل في إيران لم تمنح أية رخصة لتأسيس حزب إسلامي من مذهب أو طائفة أخرى مع العلم أن ثلث تعداد السكان البالغ حوالي ( 85 ) مليون غير شيعة، وحسب إحصائيات إيرانية رسمية ومستقلة فان نسبة الشيعة للسكان 65% ونسبة السنة 25% وطوائف أخرى 10%، وإن هناك الكثير من أحزاب الإسلام السياسي غير الشيعية تعمل بشكل سري نتيجة لسياسة القمع والإرهاب التي تمارسها الحكومة الإيرانية بالضد منهم وبالضد من القوى المعارضة السياسية الوطنية والديمقراطية، وهناك منع مطلق لقيام جوامع لفئات مسلمة غير شيعية في طهران وأصفهان ومدن عديدة وحسب ما نشر أن هناك معبد للزرادشتية في طهران، وتسمى على الرغم من ذلك الدولة الإيرانية بالجمهورية الإسلامية!! فكيف يمكن تفسير ذلك؟ كيف يمكن لدولة تدعي الإسلام تمنع فئات إسلامية من إقامة أماكن عبادة لها أو أحزاب إسلامية إلا من الطائفة التي تتحكم فيها؟ ألا يدل ذلك أن أحزاب الإسلام السياسي لا تمثل الإسلام الحقيقي وهي تمارس نهجها الحزبي مثل أي حزب آخر مع الفارق، علماني أو ليبرالي أو قومي... الخ؟ هذا بشكل عام، وإذا ما بحثنا عن خاصية في العراق فذلك لا يتطابق شكلاً مع الدولة الإيرانية أو السعودية أو مصر...الخ، فمنذ تأسيس الدولة العراقية لم تمنع أية فئة من إقامة( ما عدى الأحزاب الدينية السياسية ) أماكن عبادتها وهناك إلى جانب الجوامع والحسينيات الكنائس ومعابد أخرى تخص أديان حسب وجودها في المنطقة أو المحافظة، وبقت هذه الحالة مستمرة حتى احتلال العراق وإسقاط النظام الدكتاتوري الذي يسميه البعض " تحرير العراق " وقيام الولايات المتحدة الأمريكية المحررة جداً بهذا الدور!! ( لأجل سواد عيون رجال ونساء وأطفال العراق ) ، نقول منذ انهيار الدولة بمؤسساتها العسكرية والمدنية والاستيلاء على السلطة من قبل أحزاب الإسلام السياسي بدأت مرحلة جديدة تختلف عن سابقتها فيما يخص هذا الأحزاب، فقد ظهر جلياً أن أي حزب إسلامي سياسي في العراق لا يمثل إلا مذهب أو طائفة، ولو قرأنا حالة الواقع لوجدنا أن هناك أحزاب الإسلام السياسي أما شيعية وأما سنية ولا يوجد حزب يجمعهما معاً لا قيادة ولا تنظيماً، وككل هذه الأحزاب قامت تنظيمياً على أساس الطائفة والمذهب ولا يوجد حزب إسلامي سياسي يجمع المذاهب الإسلامية ونقصد السنة والشيعة يقوم على أساس فكرة الإسلام وليس الطائفية، ومن هذا فان أكثرية أحزاب الإسلام السياسي بكل أنواعها أصبحت تتوجه نحو السياسة المدنية تقريباً وليس لها على الأقل بشكل علني في الدعوة لإقامة دولة أو إمارة الخلافة بشكلها السلفي أو الأصولي بما فيها الأنظمة التي حاولت تطبيق البعض من أحكام الشريعة حسب مفهومها ثم بدأت تتراجع عنها تدريجياً وتحاول أن تتعامل مع الواقع ومجريات التطورات في العالم بما فيها القضايا الحقوقية المدنية وقوانينها الوضعية.

في الواقع نستطيع القول بان أحزاب الإسلام السياسي الحالية ليست بالأحزاب الإسلامية الخالصة، بل أحزاب إسلامية طائفية، فمثلاً أن أكثرية أحزاب الإسلام السياسي في العراق أما شيعية وهي تقود السلطة بعد انفضاض سلطة مجلس الحكم بقيادة الحاكم الأمريكي بريمر، ومنذ تولي السيد إبراهيم الجعفري رئاسة الوزراء وهو كان يقود حزب الدعوة الإسلامي الشيعي ثم عهدي السيد نوري المالكي الذي أزاح إبراهيم الجعفري من قيادة الحزب وتوالها بعده وكذلك منصب رئيس الوزراء، أما الأخوان المسلمين ثم بعدها الحزب الإسلامي في العراق ووجود الحزب الإسلامي في الإقليم فلهما برامجهم السياسية ويختصران على جهة دون غيرها أي لا توجد في قيادتهما ولا في تنظيماتهما حسب علمنا من طائفة أخرى، فكيف يمكن أن نتحدث عن حزب إسلامي لا يجمع المسلمين إلا بشروط الانتماء إلى المذهب أو الطائفة أو الطاعة وسماع الأوامر والقرارات بدون أي تحفظ أو اعتراض، فالتنوع المذهبي والديني دليل على عدم وحدة أحزاب الإسلام السياسي واختلافها، ولهذا لا يمكن أن تجد مثلاً مشاريع واقعية وخطط لإدارة الدولة المدنية بشكلها الحضاري لا بل هناك تخبط وسوء الإدارة أو العمل باتجاه تزاوج البعض من مفاهيم الشريعة الإسلامية مع قوانين ودساتير وضعية ثم زج الدين عند الحاجة في القضايا السياسية ومنها عدم فصله عن الدولة على أساس أن الدين هو الذي يقود الدولة ولا يمكن فصله عنها وبالعكس والمطالبة بالفصل يخالف الشريعة الإسلامية، وفي هذا الموضوع بالذات حاول أكثرية رجال الدين خلق مفاهيم متناقضة عند المواطنين عندما يفتون بقضايا الاجتهاد والجهاد وحسب مواقف شخصية، أو باتجاه حقوق المواطنين في قضايا تمس هذه الحقوق ومنعهم أو تحذيرهم بعدم المشاركة والمطالبة أو الاعتراض على سياسة الدولة أو الحكومة في قضايا مصيرية بالنسبة لهم ومنها الحريات وحقوق الإنسان والمطالبة بالديمقراطية وقضايا معيشية تمس حياتهم وقضايا الفساد المالي والإداري وفقدان الأمان ومحاولات التدخل والتأثير على السلطة القضائية والتشريعية وخرق الدستور والقوانين فيما يخص حق أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وأزمات متتالية بسبب السياسة الخاطئة والتوجهات الطائفية التي تعلق على شماعة الدين الإسلامي، ولقد ثبت ذلك في العراق بعد هيمنة أحزاب الإسلام السياسي، وهاهي مصر وتونس تحاولان انتهاج سياسة عشوائية هادفة إلى تقليص الحريات العامة وفرض مفاهيم حول الحد من حريات وحقوق المرأة وفرض الحجاب بالقوة ومحاربة المثقفين والفانيين وعموم الثقافة والفن باعتبارهم من المحرمات المرفوضة من قبل هذه الأحزاب بحجة الإسلام.

إن انكفاء الأحزاب القومية التي ظلت لفترات زمنية طويلة تقود السلطة في بعض البلدان العربية وفق الانقلابات العسكرية وقبلها وإثناء ذلك كانت تبشر بالوحدة الشاملة وفق مشروعها القومي وبسبب عدم واقعية المشروع وعدم نجاح أية تجربة وفي مقدمتها تجربة مصر وسوريا والخلافات غير المفهومة بين بعث العراقي وبين بعث سوريا إلا اللهم الصراع على المنصب والكرسي، وجنح البعض من الأحزاب القومية إلى الدكتاتورية والشوفينية وفي مقدمتها " حزب البعث العربي الاشتراكي" الذي لم ينفذ من حريته سوى قمع الآخر، ومن اشتراكيته سوى الفقر والجوع واستعمال الأسلحة الكيماوية وإقامة المقابر الجماعية والحروب الداخلية والخارجية فضلاً عن سياسة استحواذية مفرطة بالتعسف والاضطهاد في العراق مما خلق مجالاً لعمل أحزاب الإسلام السياسي في ظروف التخفي بالدين والشريعة.

ملخص القول أن أحزاب الإسلام السياسي بشكل عام أحزاب مذهبية أو طائفية في الإسلام، وحسب علمنا لم نضع أيدينا على حزب إسلامي واحد بدون التحيز المذهبي والطائفي والتحيز بشكل واضح إلى الإسلام من خلال قيادته أو تنظيمه العملي داعيك من تبادل الاتهامات وتكفير البعض والاختلاف في وجهات النظر في الشريعة أو التاريخ، ومن هذه الحقيقة فلن تستطيع هذه الأحزاب على الرغم من استلامها السلطة في بعض البلدان العربية النجاح والمضي قدماً لبناء مشروع الدولة المدنية إلا إذا تخلصت من مفهوم فرض ما تريده على المواطنين بدون تمييز لتحقيق دولة الخلافة أو الإمارة الإسلامية المطلقة وكذلك من الطائفية المقيتة، أن تتخلص من مفهوم أنهم خلفاء الله على الأرض وعليهم الجهاد لتطبيق شريعتهم الخاصة لان لكل حزب منهم سياسته ومفهومه الخاص، أما العام الذي يمثل لهم مظلة تحميهم فهو الدين الإسلام لكنه بالوقت نفسه عبارة عن شعارات للكسب والسيطرة، أن تتبنى مبدأ احترام الرأي الآخر والقبول به وكذلك تداول السلطة سليماً ووفق ديمقراطية صناديق الاقتراع.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.