اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• التلباث ... العقلوجداني ... هي مصيدة الحب من أول نظرة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

علي إسماعيل حمة الجاف

مقالات اخرى للكاتب

التلباث ... العقلوجداني ...

هي مصيدة الحب من أول نظرة

الواقع ان الرسائل التي يحملها التلباث او التخاطر من مخك الى مخ غيرك، ومن مخ غيرك الى مخك، ليست رسائل عقلانية بحتة، بل هي رسائل مركبة من أفكار عقلانية ومشاعر وجدانية. ومن الطبيعي ان تلك الرسائل وان كان من الممكن الوقوف عليها عقلانيا، فأنها ذات وجهين كالعملة الواحدة. فاحد وجهها عقلاني، والوجه الأخر وجداني.

وعلينا ان نضع في اعتبارنا ان تلك الرسائل التخاطرية المتبادلة بين الشخصين اللذين يستشعران المشاعر نفسها، لا تكون على نفس المستوى من القوى بين الطرفين. فقد تكون الرسائل التخاطرية الصادرة من مخك أقوى او ضعف من الرسالة التخاطرية الواردة من مخ الشخص الذي تقابله لأول مرة. ومن ثم فلابد من القيام بعملية تنسيق بين الرسالتين. وهذا ما يحدث بالفعل، مثلما يحدث بإزاء ما تقول به نظرية الأواني المستطرقة. فما تكاد تمر سوى لحظات قصيرة حتى تصير الرسائل التخاطرية المتبادلة فيما بينكما على مستوى واحد من القوة والفاعلية. فتصير مشاعرك التي تحس بها في نفس قوة المشاعر التي يحس بها الطرف الأخر.

ولكن هذا لا يحدث في جميع المواقف والحالات، فقد تصدر عن مخك رسالة تخاطرية الى شابة جميلة أخذت بباب قلبك قابلتها لأول مرة، ولكن تلك الشابة مخطوبة او متزوجة، وقد تلبست بعادة صد كل الشبان الذين يعجبون بها. فهي برغم وصول رسالتك التخاطرية الى مخها، وبرغم أنها صارت مستعدة لتوجيه رسالة تخاطرية مماثلة لرسالتك الى مخك، فأنها تعمد الى ألجام مشاعرها، والصد عنك، وربما تقطب جبينها، وتبدي لك من ملامح وجهها عكس ما يعتمل في قلبها. فهي تحطم سلسلة الاتصال فيما بينكما، اعني السلسلة النفسية التي كان لها ان تستمر في اتصال واعتمال بغير انقطاع لولا تلك الظروف الاجتماعية التي تحتم وقف تلك الرسائل التخاطرية، والوقوف لها بالمرصاد منعا من الفضائح وتحطيم القيم، ومنعا أيضا من النتائج الاجتماعية التي تسئ الى واقعها ومستقبلها، والتي تهدد ما ترتبت عليه من سلوك أخلاقي رفيع المستوى.

والواقع ان اعتمال الحدس والإلهام في قوام ذلك الشاب، ان هو ألا سوى مثال من بين العديد من الأمثلة التي نستطيع ان نقدمها في هذه القصة. ولكن على أية حال فان الموقف الحدسي الإلهامي الذي ضربنا له بذلك الشاب او الشابة، يؤكد ان ذلك الشاب قد اقتنع واعتقد بأنه قد عثر على نصفه الحلو المفقود، وانه لا بديل لذلك النصف الذي يعلو في مستواه، ويزيد في قيمته عن مستوى وقيمة أي شابة أخرى جميلة. فلو عرضت عليه جميع عذاري الدنيا الجميلات يرشقنه بنظراتهن، فانه لن يلتفت ألا الى نظرات تلك الشابة التي لم يسبق له ان قابلها، ولكنها أسرته بجاذبيتها الفريدة، فملأت عليه حياته، ومن ثم فانه لا يستطيع ان يستبدل بها أية شابة أخرى مهما كانت متمتعة بأسمى مقومات الجمال.

والحدس الذي يتذرع به ذلك الشاب في هذا الموقف، وما صارت تبادله تلك الشابة حبا بحب، وهي متذرعة هي الأخرى بالحدس، ومتقبلة منه ما صار يصدره أليها من الهام على النحو الذي تقبله منها، أنما يؤدي الى ذلك الاقتناع العقلوجداني، اعني ذلك المركب الذهني من العقلانية والوجدانية، فهو اقتناع يؤدي الى اعتقاد راسخ لا يتزلزل بان العلاقة الطفرية التي نشأت في لحظة وجيزة غير متوقعة وغير مبيتة، سوف تترسخ أكثر فأكثر، ولا تكون قابلة للتزايد او الضعف والخفوت.

ومن الطبيعي ان يتأتى الاقتناع كمقدمة للاعتقاد. بيد ان الاقتناع هنا ليس كأي اقتناع عقلاني يعتمد على النظرة الموضوعية، او على وجود أكثر من خيار واحد بالموقف. فالواقع انه لا يوجد في هذا الموقف سوى خيار واحد، هو تلك الشابة التي استلبت عقله وقلبه معا، واستحوذت على فكره وعواطفه جميعا. ذلك انه لا يخرج عن حدود تلك الجنة التي دلف أليها في رحاب قوام تلك الشابة التي اكتشف وجودها فجأة" في حياته. فهو يرى ان الواقع الاجتماعي بأسره خال من جميع الجميلات باستثناء تلك الأنثى التي ظهرت بغير توقع أمام ناظريه. فما يحسه بإزائها يختلف اختلافا جوهريا وجذريا عما يحسه نحو أي أنثى في هذا الوجود. فلقد صار سكرانا وجدانيا من شدة وقع جمالها على قلبه، بل انه لا يتذوق جمالها فحسب، بل صار متحدا بتلك الصورة الذهنية التي ترسخت في عقله، وبعده عن المكان الذي توجد به.

وعلي الرغم من ان الحب من أول نظرة يشيع السعادة والغبطة في قلب المحب، فانه في الوقت نفسه، يشعره بأنه قد صار أسيرا" لمن أحبه. ناهيك عن ان ذلك الحب المفاجئ قد يكون حبا من طرف واحد، فلا يضمن المحب ما أذا كان المحبوب قد أحس بالشعور الغامر نفسه الذي أحس به، واستولى على مقاليد عقله وقلبه جميعا أم لا.

فعلى الرغم من ان المحبوب الذي استولى على مقاليد قلب العاشق الولهان، ليس له ذنب او انه لم يلعب دورا" ايجابيا" فيما حدث لصاحبنا، فانه يكون هو السبب فيما حدث من غزو وجداني لقلب ذلك الذي اسر وخضع قلبيا" لإرادة الحب. فكم من رجل وقع فريسة في مصيدة الحب من أول نظرة! وربما يظل ذلك الحب متأججا في قوامه، بينما لا يعلم المحبوب ما فعله عندما شاهده ذلك العاشق الذي لم يقصد الى غزو قلبه، ولكنه الحب الذي لا يرهم، وهو الفارس المغوار الذي يظل يوقع الهزائم بقلوب الرجال عبر العصور وفي جميع الأوطان.

الباحث / علي إسماعيل حمة الجاف

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.