اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• السيد المالكي في الصيف ضيّعت اللبن

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

زكي رضا

السيد المالكي في الصيف ضيّعت اللبن

 

لم تستغل جهة سياسية معينة الجهل المستشري بين قطاعات واسعة من ابناء العراق ، كي تعزز من مواقعها على حساب مصلحة الوطن ووحدته ، مستندة الى فتاوى رجال دين نسوا مهمتهم الاساسية في ترسيخ مفهوم الاخلاق ( كسرقة المال العام والرشوة والفساد بكل اشكاله والخيانة ) بين الناس ، مقابل تدخلهم في امور السياسة خدمة لطائفة معينة كما الاحزاب الدينية . هذه الاحزاب التي لم تكن ( لليوم ) تمتلك برنامجا حقيقيا لبناء دولة ، استغلت كل الظروف غير الطبيعية التي ورثها البلد من حقبة البعث المجرم ، كي تروج لمشروعها الطائفي . هذا المشروع وبفضل عجز جميع الكتل السياسية من طائفية وقومية على تجاوز حالة عدم الثقة بين اقطابها ، وارتباطاتها الاقليمية والدولية ، وفشل السلطة في تجاوز الازمات التي طالت جميع مناحي الحياة (عدا المراسم الدينية) . بدأ اليوم وبعد ما يقارب التسعة اعوام من رحيل البعث يظهر بكامل تجلياته ، عن طريق الدعوة الى اقامة اقاليم على اساس طائفي ، وان حاول دعاة ( الاقاليم ) من التعكز على سوء ادارة السلطة للازمات ، واستفحال البطالة والتهميش وعدم التوزيع العادل للثروات ، والموقف من قانون المساءلة والعدالة وغيرها من المشاكل التي تتناسل يوميا ، بعد فشل السلطة في فرض هيبتها ، وبالتالي فقدان احترامها احيانا حتى من قبل قائم مقام في بلدة ما . فهل اقامة الاقاليم تعتبر مشروعة ام لا ؟ وهل تسللت الى الدستور عند كتابته سهوا ! ام ان المسؤولين عن السلطة التنفيذية لا يجيدون القراءة والكتابة حالهم حال الملايين من ابناء العراق ؟ ام ان الوطنية والحديث عن العراق الموحد القوي نزلت عليهم من السماء مؤخرا ، على الرغم من انقطاع الوحي عن النزول منذ 14 قرنا من الزمن ؟


وبدلا عن قراءة الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي العراقي بتأني وصبر ، ودراسة المتغيرات الكثيرة التي مرّت بالعراق نتيجة الحروب الكارثية التي خاضها نظام البعث الدموي ، وشبه انفصال اقليم كردستان العراق عن المركز ، اضافة الى تمترس الاحزاب النافذة خلف مذاهبها وقومياتها ، واثر ذلك على وحدة النسيج الوطني العراقي . شاهدنا الاحزاب الطائفية العراقية ومنها حزب الدعوة الحاكم اليوم ، تتجه بكل ثقلها وقوتها الى مرجعيتها الدينية في النجف لاستحصال فتوى ، ستعتبر لاحقا حقل الغام تهدد وحدة العراق الذي يعتبره المالكي اليوم خطا احمر لا يسمح بتجاوزه . حقل الالغام هذا لم يكن سوى الدستور الذي طالبت المرجعية بكتابته وعرضه للشعب للتصويت عليه ، متناسية ( المرجعية ) على ما يبدو ان الدستور يكتب من قبل فقهاء القانون وليس فقهاء الدين ، حتى وان كان احدهم يحمل شهادة الدكتوراه كالشيخ همام حمودي رئيس لجنة كتابة الدستور !! وهل وضعت المرجعية الدينية وقتها ضوابط معينة لانتخاب من سيكتب هذا الدستور ، ام تركت الامر لاهواء السياسيين وضيق افقهم وتغليبهم لمصلحة طوائفهم وقومياتهم واحزابهم على مصلحة الوطن . ولا اعرف سر الطلب الغريب للمرجعية الدينية في عرض مسودة الدستور على الشعب العراقي لاقراره ، وهل قرأ ملايين الاميين مسودة الدستور !!!؟ ام ترك الامر لنفس المرجعية كي تطلب من مريديها التصويت بنعم ؟


لقد هللت الاحزاب الطائفية حينها للدستور ( المليء بالالغام ) الذي سنّته على عجالة ، طمعا في الحصول على جزء اكبر من الكعكة العراقية الدسمة ، بعد ان اعتبرت نفسها وريثة لمظلومية الشيعة خلال عشرات القرون . ولم يكن حزب الدعوة وقيادته ومنهم السيد رئيس الوزراء نوري المالكي حينها بعيدين عن هذا التهليل ، معتبرين الدستور من اهم الوثائق التي مرّت بتاريخ العراقيين ! وقد اعاد هذا الدستور حسب وجهة نظرهم الحق الضائع والمهضوم الى اصحابه الشرعيين !! ضاربين عرض الحائط الكثير من وجهات النظر والنصائح للتروي في كتابته ( الدستور ) ، والاستفادة من دساتير بلدان اخرى تشترك مع العراق في تنوعها القومي والديني والمذهبي والثقافي ، او من دساتير بلدان خرجت كالعراق مدمرة نتيجة الحروب كاليابان والمانيا .


يسمى الدستور في العديد من البلدان بالقانون الاساسي ، وهكذا كان في فترة العهد الملكي . ولو رجعنا الى معنى كلمة اساس في اللغة نراها تعني : كل مبتدأ شيء ، والاس والاساس اصل البناء ، كما جاء في لسان العرب . واي بناء دون اساس متين ، سيكون معرضا للانهيار وليشكل كارثة انسانية عندها . ولو اعتمدنا اليوم على اقوال السيد المالكي من ان الدستور او القانون الاساسي عبارة عن حقل الغام ، فهذا يعني ان الوطن معرّض للموت بطريقتين ، اولهما انهيار سقف الوطن على ابنائه نتيجة الاساس الخاطيء وثانيهما نتيجة تفجر الالغام التي اشار اليها السيد رئيس الوزراء ، الذي تذكر اليوم وبعد ان ضاقت مساحة صلاحياته والتي ستضيق مستقبلا نتيجة دعوة العديد من المحافظات لانشاء اقاليم خاصة بها ، ان العراق ووحدته خطا احمر لا يسمح لاحد بتجاوزه !

لا ، ايها السيد المالكي وما هكذا تروى الابل ، فالدستور الذي طلبتم انتم من مرجعيتكم الدينية الافتاء بكتابته بتلك السرعة يبيح اقامة الاقاليم ، واذا كنتم تسمحون لانفسكم بقراءة الدستور وفق اهوائكم ومصالحكم ، على اعتباره حمال وجوه على الرغم من عدم قدسيته ، فاسمح للاخرين ان ينحوا منحاكم في قراءة الدستور وليمنعوكم من ترشيح انفسكم للمرة الثالثة ، والتي وعدت بها ابناء شعبكم عشية 25 شباط العام الجاري ، قبل ان يخرج الينا العديد من افراد حزبكم وقائمتكم الانتخابية وبعد مرور العاصفة بسلام الى حين ، من ان ليس هناك مادة دستورية تمنعكم من الترشح لمنصب رئاسة الوزراء .


السيد رئيس الوزراء ان حالكم وانتم ترفضون اقامة الاقاليم ، وتتباكون على العراق الموحد العزيز ذو الخطوط الحمراء غير القابلة للتجاوز ، والذي ناضلتم وحزبكم وجميع الاحزاب الوطنية لتحريره من براثن البعث . وقدمتم كما الاحزاب الاخرى قوافل من الشهداء في سبيله ، قبل ان تعتبره وحزبكم وائتلافكم ، غنيمة حرب عليكم سلب حتى اسمال اطفاله البالية ، نتيجة الفساد الذي يعشعش في حكومتكم واحزابكم وسرقة المال العام . يذكرني بالمثل العربي ( في الصيف ضيعت اللبن ) وهو : مثل عربي شهير يضرب لمن ضيع الفرصة ، وفوّت الغنيمة ، وترك المجال الرحب الواسع ، ولم يكن له من ذكاء عقله ومن شرف نفسه ومن قوة عمله ما يجعله محصلا لمكاسب دنياه ومدخرا لمآثر اخرته .


السيد رئيس الوزراء ، لقد كان العراق امامكم لخدمته وخدمة ابنائه ، ولكنكم آثرتم حكم الطائفة دون بقية العراقيين ، وفسحتم المجال للطائفيين من كل حدب وصوب للعب بمصائر ابناء شعبكم ، واختصرتم بذلك الوطن الذي سنبكيه يوما كالثكالى ، الى كانتونات ان لم يكن اليوم فغدا . وحينها سنعض بل سنقطع اصابعنا البنفسجية التي جاءت بكم الى دست الحكم ، ولات حين مندم .

 

الدنمارك
9 / 11 / 2011

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.