باسل شامايا

مقالات اخرى للكاتب

توظيف الجمهور في وحدة العرض

ان نجاح المسرحية ليس فقط في توازن المفردات الديكورية ولا في الانبهار الضوئي ولا في اختيار الأزياء الجذابة التي تلفت انتباه المتلقي ولا في المؤثرات الصوتية او القطع الموسيقية التي تشد الجمهور مع الحدث ... ولا ولا ولا .  كثيرة هي عناصر العرض المسرحي ولكن الاهم هو في عملية توظيف المخرج لهذه العناصر توظيفا ينسجم مع الأحداث التي تدور على خشبة المسرح..من خلال تجربتي ومتابعاتي للمسرح هناك بعض من العروض المسرحية أصابها الخلل بسبب سوء استخدام عناصر العرض المسرحي في الفعل المتنامي الذي له بداية ووسط ونهاية وقد لايلتزم الكثير من المخرجين بالنهايات التي اعتدنا عليها ، بل يفسح المجال للجمهور لكي  يقرر هو النهاية ..اذن القصور يكمن في عملية التوظيف وهو الذي يشكل خللا ربما يؤدي هذا الخلل الى هدم ما بنيته خلال السقف الزمني الذي انجزت فيه منجزك الفني فيتصدع أمام الجمهور الذي يعي على كل صغيرة وكبيرة تدور على المسرح ، وهذا التصدع نشخصه في الملل والرتابة اللذين يصاحبان العرض المسرحي ، وإذا وقفت عاجزا  عن معالجة هذا الخلل فانه سيقتل عرضك المسرحي وممكن ان يكون السبب في ذلك سوء توظيف قائد العملية الإبداعية الذي هو (المخرج) او مجسد الرؤية الإخراجية الذي هو (الممثل) لعناصر العرض .. لقد اخترت في موضوعي هذا عنصرا مهما من هذه العناصر الذي له تاثير كبير على نجاح العرض اوفشله والذي هو الجمهور .. حيث يختلف في انتمائه وتقاليده وحتى في اللهجة التي يفضلها على المسرح ونلاحظ علاقة المخرج بهذا العنصر تتم من خلال إيصال المعنى الفكري والفلسفي والجمالي .. فالمتلقي هوالغاية الأولى للعرض في تحقيق أهدافه حيث نعلم ان رسالة المسرح لا تقل شانا وأهمية عن رسالة الأدب والإعلام فهي أيضا تغني الوعي الثقافي والسياسي والاجتماعي وتوقظه عند الفرد ..انطلاقا من هذا المفهوم علينا ان نعي ان جمهور المسرح الذي يتوافد من أماكن عدة لمشاهدة العرض المسرحي يمثل صالة تكتظ بهم،  وللعلم انهم من مختلف الميول والأمزجة والتفاوت الثقافي , قدموا من أماكن عدة لمشاهدة حدث او حالة اجتماعية او ظاهرة سلبية يجسدها على المسرح عناصر التجسيد ..علينا ان نجعل هؤلاء يتمتعون بوقتهم الذي جاءوا لأجله .. نجعلهم في حالة ترقب وتشوق لحضور عرض آخر بنفس الروحية.

هناك عدة أسئلة تبادر الى ذهن المتلقي خلال العروض المسرحية التي يشاهدونها  ومن شتى     الأماكن كما قلنا نتناول سؤالين فقط وهما :ما الهدف من وراء عرضك المسرحي ، ولماذا ياتي  الجمهور الى المسرح .. ليشاهد ام ليسمع ام ماذا ... ؟

الإجابة على السؤال الأول طبعا تكمن في ايصال الفكرة الى الجمهور واستمتاعه بالاحداث  وهذه هي رسالة المخرج ,فهناك عروض ربما تكون مبهمة تجعل المتلقي في حالة استياء وصراع ولوم ، وهذا ما شاهدناه فعلا في الكثير من العروض المسرحية خلال المهرجانات الفنية والثقافية التي يحضرها جمهور متواضع بسيط ليس له عمق فكري ليحلل مثل هذه الأعمال التي لا تعرض إلا للنخبة حيث بإمكانهم التحليل والتفسير والتأويل من خلال الصور المرئية والتكوينات التي يعتمدها هؤلاء في تجسيد العرض المسرحي واستيعاب كل مفردة ثابتة كانت ام متحركة ولكي تكون حريصا على عرضك المسرحي يجب ان تفرق بين الجمهور المتواضع الذي يمتلك حدودا معينة في عملية الاستيعاب وبين الجمهور الذي بإمكانه ان يحلل ويفسر من خلال سينوغرافيا العرض أي من خلال الصور التي تظهر على المسرح ... اما الإجابة على السؤال الثاني فنستطيع ان نلخصها بهذه العبارة المحصورة بين قوسين (ان الاهتمام بالعناصر البصرية عند الجمهور هي أكثر أهمية من الاهتمام بالعناصر السمعية )والسبب يعود الى ان المتلقي جاء ليرى ويمتع نظره بصور مثيرة مجسدة ومعبرة أكثر مما يسمع ..اذ ان لكل عرض مسرحي تقاليده الخاصة وخصائصه التي يتحد معها المتلقي في وحدة تجمع العناصر  السمعية والبصرية في وحدة متماسكة ...ان المسرحية يجب أن تكون عملية توحيد او تجسيد ناجحة بين الممثلين على خشبة المسرح وبين الجمهور الجالس في صالة العرض اذ لا يمكن ان تتاح الفرصة لنجاح المسرحية ما لم يقوم هذا الاتحاد بين الجانبين ...إن علم النفس يؤكد ان هناك صفات خاصة به تختلف عن الآخر وعلى المخرج أن يعمل على ربط هذه الصفات واتحادها مع بعضها البعض بشكل تذوب فيها الذات الفردية في الذات الجماعية في وحدة متماسكة متكاملة ليعطي العرض أهدافه وتتم المعالجة ضمن وحدة العرض المركزية ، وفي الاخير نعود ونقول ان الجمهور هو عنصر ذات اهمية كبيرة في جميع العروض المسرحية لذلك يجب اعطاءه الاهمية القصوى لأنه هو الذي يقيم العمل اذا كان ناجحا أو عكس ذلك ن لذلك يجب ان تتم عملية توظيفه في وحدة العرض توظيفا علميا اكاديميا صحيحا .