اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

• إضاءة : وجيه عباس وارتفاع ضغط الدم

حامد كعيد الجبوري

 

 إضاءة :

               وجيه عباس وارتفاع ضغط الدم

 

         ليس سرا قولي أني من المعجبين  والمتابعين الشغوفين للإعلامي الناجح  والشاعر المبدع وجيه عباس ، وليس سرا اعترافي أن الإعلام أخذ من وجيه عباس الكثير  على حساب شاعريته الجميلة ، وصحيح أنه أستطاع إيصال  ما يريد قولته إعلاميا  للناس أكثر مما يقوله شعرا ، ومن البديهي أن الشعر وبلغة وجيه عباس المفعمة بسبر غياهب  الكلمات الفصحى لا تصل إلا للأذن المثقفة حصرا ، ولذلك كان نجاحه الإعلامي أكبر من نجاحه الشعري ، وبسبب مخاطبته الشارع العراقي بلغتهم القريبة للفصحى ، وهناك ملاحظة بأسلوب حديثه الشيق الـمُُطعَّم أحيانا بأمثال شعبية يحبها ويألفها المستمع ، إضافة لطريقة الطرح التي تنم عن مكامن الصدق الحقيقي والحب للمواطن والوطن على حد سواء ، إضافة لحديثه المسترسل – وكأنه بالع مسجل -  الرصين الذي لا يدع المشاهد إلا أن يُسمّر نظره  صوب التلفاز .

         بعد سقوط صنم الدكتاتورية بأشهر قليلة جمعتني وإياه وآخرون ( الشهيد رحيم المالكي ، صباح الهلالي ، سمير صبيح ، ناظم الحاشي ) في أحدى المهرجانات التي نظمت في إحدى قاعات محافظة بابل ، وبعد أن تكشفت الأمور على حقائقها تمنيت أني لم أحضر لذلك المكان ، وأعتقد أن المبدع وجيه عباس يشاطرني الرأي بما أذهب إليه ، وليس بودي البوح عن ذلك المكان ،  لم أرتبط بعلاقة ما مع وجيه عباس ، وأظن أنه لا يعرفني إلا بالاسم ربما وليومنا هذا ، تابعت وجيه عباس وهو يتنقل ببرنامجه ( تحت نصب الحرية ) من فضائية لأخرى ، وبالمناسبة ليس هو الراغب بالتنقل من هذه الفضائية لتلك ، ولكن حجم الكوارث التي يطلقها برنامجه الفضائي المرئي للملايين ، دعت السادة أصحاب القرار التدخل مباشرة لرفضه – برنامجه - من المكان الذي يعمل به ، لا لحماقة أرتكبها وحاشاه ذلك ، ولا لعدم وطنية يفتقدها ، ولكنه وببساطة متناهية وبالدليل القطعي يفضح المخططات المشبوهة والموبوءة التي (سُرطنت) لنا حديثا وبثت لشارعنا العراقي البسيط الجاهل ، ولأن الوجيه عباس وضع أصبعه على ذلك الجرح المعمق لينكأه ، فلذا ثارت ثائرة السياسيون الجُوف ليعلنوا غضبهم ويصبوه على برنامج ( تحت نصب الحرية ) ، وثقوا تماما لو مُكن هؤلاء الجوف من إلغاء وجيه عباس لفعلوا ، ولكن المحتل المحرر الذي يُسيّر أمورنا سوف يزعل – هكذا أقولها -  عليهم  ويحرمهم من كعكة العراق المنهوبة من سنين طوال ، والحمد لله الذي وجد وجيه عباس ملاذا ليوصل لجمهوره ما يريد ، وأن انقلبت عليه هذه الفضائية لسبب ما  فبين يديه مئات الفضائيات التي تتمنى أن يحرر ويبث برنامجه منها ، وبسعر أكبر وإغراءات يحلم بها الكثير غير الوجيه عباس .

        بعد كل هذا لابد من القول لوجيه عباس ، أنا من المرضى – وما أكثرهم – الذين يتابعون الأخبار وبخاصة العراقية منها ، أورثتني جدتي الشيوعية هذا المرض ، وهي وحين وعيت عليها بخمسينات القرن الماضي  متابعة جادة لأخبار العراق ، الى أن توفيت رحمها الله عام 1975 م ، تنام وقريب من رأسها المذياع وتعرف أوقات البرامج الإذاعية كل حسب وقته ، ولها يوم الثلاثاء طقسا خاصا إذ تستمع لإذاعة إسرائيل بعد الثامنة مساء لبرنامج ( أبن الرافدين ) ، يعده ويقدمه أحد اليهود العراقيون المهاجرون ، وكما قلت أورثتُ هذا المرض الذي أصبنا به وهو متابعة الأخبار ، كنا أبان الشوفينية نستمع لصوت أمريكا ، ومونتكارلو ، ولندن ، وإذاعة العراق الحر ، وإذاعة جمورية إيران الإسلامية وبخاصة فترة الحرب الظالمة ، كل هذه الإذاعات نستمع لها مساءا وليلا ، أما الآن ودخول هذا الكم  غير المعرف من الفضائيات وغير المعرف إيضا  من الولائات  ولمن ، وكل هذه الفضائيات أتابعها ليلا ، إلا أن طلع علينا السيد وجيه عباس ببرنامجه الشيق  ليقدمه لنا فطورا غير شهي بالنسبة لي على أقل تقدير ، فأن أستيقضت  من النوم والتيار الكهربائي موجود فخير على خير ، وأن لا فسأضطر لتشغيل ما يسمى (العاكسة) لتعكس لي ( البلاوي )الحكومية البرلمانية العراقية التي يتحدث بها وجيه عباس ، تزوير وسطو وحرمنة وسرقة ، وهجوم منظم بوضح النهار على المصارف والممتلكات العراقية ، وذبح وتهجير وتفخيخ وتمثيل بالجثث ، ومثلتنا حلال ، وحكومات عربية وغير عربية تتدخل بالشأن العراقي ، ونواب يقتلون ويهربون ، ونواب يقتلون ولا يهربون لأنهم أمنوا أن لا عقاب فمم يهربون ، وضباط برتب عالية تسهل عملية هروب القتلة بحفنة من الدولارات .

        فيا سيدي الفاضل وجيه عباس ، تصور أن رجلا مثلي ينهض من نومه وهو مهزوم  جنسيا ، ولم يستطع أن يرفع الرأس العربي عاليا مع زوجه ليلة أمس ، ومصاب بداء ارتفاع ضغط الدم ثانيا ، ومحب للعراق وأهله ثالثا ورابعا ، ماذا ستفعل به الحقائق التي توردها ببرنامجك هذا ، أنا أدعوك أن تلغي برنامجك عن بثه رحمة لمحبي وطنهم ممن هم على شاكلتي ، ولا أدعو الساسة لأن في آذانهم من أن يسلكوا طريق الوطن فلربما ليسوا  أبناء لهذا الوطن الجريح بأفعالهم  .

      

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.