قضايا شعبنا
شمعة في الظلام.. الجامعة الكاثوليكية في أربيل ترسخ السلام
- تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 26 أيلول/سبتمبر 2025 19:27
- الزيارات: 74
شفق نيوز- ترجمة خاصة
يعكس قيام الجامعة الكاثوليكية في أربيل، ودورها في تعليم جيل جديد من العراقيين عموما والمسيحيين خصوصا، دورا كبيرا في ترسيخ التعايش، خاصة وأنها تخطت مختلف انواع الصعاب وتغلبت على اليأس، لتطفئ اليوم شمعتها العاشرة، وتوقد شمعة أمل جديدة للمكون المسيحي، بحسب تقرير لمنظمة "مساعدة الكنيسة المحتاجة" الكاثوليكية.
وبداية استهلت المنظمة في تقريرها، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، بالاشارة الى تجربة يوحنا زيباري الذي كان يبلغ 12 عاما، في صيف العام 2014، عندما انقلبت حياته في مدينة دهوك رأسا على عقب، حيث كان تنظيم داعش يقترب.
ونقل التقرير عن زيباري، وهو من الكاثوليك الكلدان، ويبلغ من العمر الان 23 عاما، قوله مستذكرا ذلك الوقت انه "كان هناك هذا الخوف الكبير. واذكر الليلة التي قالوا فيها ان داعش اقترب من المدن الشمالية، مثل اربيل ودهوك، وكان الجميع يتابعون الاخبار، وتلقينا مكالمات هاتفية عديدة من اقاربنا يطلبون منا مغادرة المدينة".
ولفت التقرير، إلى أنه "بينما لم تسقط اربيل ودهوك، فان داعش احتل الموصل المجاورة، حيث تم تم اجتياح سهل نينوى، الذي يعتبر موطنا لبعض اقدم التجمعات المسيحية في العراق، ما أجبر مئات الالاف على النزوح، بينما غصت المخيمات باللاجئين في اربيل، وتحولت الكنائس الى ملاجئ والقاعات الدراسية الى مساكن، واكتظت الشوارع بالعائلات التي تركت كل شيء خلفها، باستثناء الايمان".
وأوضح التقرير، أنه "في ظل هذه الفوضى، فان أبرشية اربيل الكلدانية بقيادة رئيس الأساقفة بشار وردة، أدركت أن العائلات تحتاج الى ما يتخطى المأوى والغذاء، وانها تحتاج الى التعليم والأمل في المستقبل"، مضيفا أنه "في العام 2015، افتتحت الجامعة الكاثوليكية في اربيل ابوابها، واصبحت أول جامعة خاصة لا تبتغي الربح في العراق".
والآن مع دفعة التخرج الخامسة، فان الجامعة تحتفل كذلك بالذكرى السنوية الـ10 لتأسيسها، وهي فكرة مهمة تعكس الصمود والايمان، كما ورد في التقرير.
وأوضح أن، تمويل البناء الأولي تم من قبل مؤتمر الاساقفة الايطاليين، ثم تابعت "مساعدة الكنيسة المحتاجة" التي هي مؤسسة خيرية بابوية، من خلال تمويل اجنحة جديدة للهندسة المعمارية والطب والمختبرات ومكتبة حديثة، مشيرا الى ان "المؤسسة الكنسية ساهمت بين عامي 2018 و2019 وحدهما، بأكثر من 1.8 مليون دولار".
ولفت إلى أن "الجسد الطلابي بدأ بـ11 طالبا، ووصل الان الى اكثر من 760 طالبا"، مشيرا الى أن "حوالي 65% من الطلاب يتمتع بمنح دراسية كاملة، يتم تمويل معظمها من قبل مساعدة الكنيسة المحتاجة".
ونقل التقرير عن رئيس المؤسسة في امريكا جورج جي مارلين قوله، إن "المتبرعين الذين يكرسون انفسهم للدفاع عن المسيحيين المضطهدين، اظهروا السخاء الكبير عندما يكون الامر اكثر الحاحا".
وبحسب مارلين، ايضا فإن "مسيحيي العراق يكسبون الان ثمار هذا الكرم، والعراق سيجني ايضا"، مضيفا انه "بالنسبة لمجتمع يمثل الان اقل من 1 % من السكان، بسبب سنوات من الاضطهاد، فانه بامكان مسيحيي العراق، أن يكون لهم تاثير كبير على اتجاه الامة، فالجامعة الكاثوليكية في اربيل ستوفر دفعة كبيرة في هذا المجال".
ونقل التقرير عن وردة قوله انه "اذا كان الاباء يعرفون ان اطفالهم سيتم تعليمهم، فانه من المرجح ان يبقوا في العراق".
وبرغم أنه لفت الى الجامعة الكاثوليكية في اربيل مرتبطة بالتقاليد الكاثوليكية، إلا أنه اشار الى ان ابوابها مفتوحة امام الجميع، مضيفا أن "حوالي 60% من طلابها مسيحيون، و30 % مسلمون، والباقي ينتمون الى جماعات اصغر مثل الايزيديين".
وبين أنه "في العراق حيث غالبا ما تكون الانقسامات الدينية والعرقية عميقة، فان هذا الحرم الجامعي، يوفر مثالا نادرا على التعايش اليومي".
ونقل التقرير عن المهندس الامريكي جون سميث، المتطوع مع "مساعدة الكنيسة المحتاجة"، قوله انه "عندما تذهب الى القرى، فانك ترى المسيحيين من جهة والمسلمين من جهة اخرى، لكن في الجامعة، تشاهد الاطفال من كل الخلفيات يستمتعون معا، ويدعمون بعضهم البعض، وهو ما يخلق بيئة للناس لتعلم التعايش، وهوما سيحدث فرقا في المستقبل".
كما نقل التقرير عن الأب كرم شماشا قوله "نريد بالفعل ان نكون نورا في المجتمع. ليس فقط توفير التعليم، ولكن بناء السلام".
بالنظر الى الوراء، من اللافت للنظر الى أي مدى وصلت الجامعة في عقد من الزمان فقط، عندما بدأ البناء، كان داعش لا يزال يسيطر على الكثير من سهل نينوى وهيمنت معسكرات النازحين داخليا على المناظر الطبيعية حول أربيل.
وبحسب الرئيسة التنفيذية للمؤسسة الكاثوليكية ريجينا لينش، فإن "داعش كان لا يزال مسيطرا، وكان المستقبل غير مضمون وفي خضم كل ذلك، جرى تشييد العديد من المباني الصغيرة لاطلاق الجامعة الكاثوليكية".
ونقل التقرير عن لينش قولها انه "مع تخرج المزيد من الطلاب والذهاب الى العمل في مناطق مختلفة من العراق، ستستمر القيم التي يتعلمونها هناك بان تؤثر بشكل ايجابي على مستقبل العراق".
وختم التقرير بالاشارة الى أنه "وجد هذا التأثير فعلا حيث يعمل الخريجون في المستشفيات والمنظمات غير الحكومية والشركات الدولية والشركات المحلية، بينما اطلق البعض منهم مبادراتهم الخاصة، وهو ما جلب الابتكار والامل للمجتمعات التي شعرت في الماضي بانه تم التخلي عنها".
وخلص التقرير الى القول، إن "الجامعة الكاثوليكية لا تكتفي الان بتثقيف الجيل القادم، وانما تعزز ايضا السلام والصمود في ارض لا تزال تعاني من الصراع"، مضيفا أن "هذه القصة تشكل دليلا على انه حتى في اوقات اليأس، بامكان التعليم ان يتحول الى شمعة امل في الظلام".
قضايا شعبنا
المتواجون الان
479 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع