اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

نحن والجواميس// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

نحن والجواميس

صائب خليل

9 حزيران 2016

 

تعلمنا الطبيعة أن الفرائس تتجمع مع بعضها البعض عادة لتكون بكثرتها نوع من الحماية لأنفسها، فتحذر بعضها البعض وتضيع على المفترس طريقه حين تنسق هروبها معا، وأحيانا تجمع قوتها لتكون تكتلا يخشى اختراقه، بل وتهاجم بنفسها هذا المفترس إن سمحت الظروف. لقد أدركت هذه الفرائس أن تجمعها هو سلاحها للبقاء على قيد الحياة، وكانت محقة.. فنحن مازلنا نراها على قيد الحياة. ولا نجد في الطبيعة جاموساً يسير متبخترا بمفرده.

 

لكن هذه الحقيقة المهمة لم تغب عن اعداءها ايضاً. فترى الأسد الذي يخترق قطيع الجواميس يركض ويدور وهدفه الأول عزل أحدها عن الآخرين. ويخلق المفترس بهيئته المرعبة، الذعر اللازم لتوتر العقل اولاً ليمنعه من التفكير وتركه يتحرك برد الفعل المباشر والسريع فقط ويمتنع عليه أي تحليل أو قدرة على رؤية أية مراوغة او خدعة. ثم يتحدى هذا العقل الذي تم إضعافه، أن يحل الإشكال تلو الإشكال، ويضعه أمام المعضلة تلو الأخرى بمناوراته المعقدة، ليضيع عليه طريقه واتجاهه الصحيح. عندها لا تعود الضحايا ترى بوضوح كيف تحافظ على وحدتها رغم إدراكها لأهميتها. وفي هذه الضوضاء والرعب وضرورة سرعة القرار، قد تعجز إحدى الفرائس عن إيجاد الجواب في مفترق طرق، وتقع في الخيار الخطأ، فتجد نفسها معزولة عن رفاقها وتدرك بعد فوات الأوان هول الخطأ الذي اقترفته. ستحاول أن تجد طريقها للعودة إلى رفاقها، لكن الأسد يعلم ذلك تماماً، وسيقطع الطريق عليها، لتواجه مصيرها المحتوم.

 

هل من إهانة ان نقارن وضعنا أمام مفترسنا (اميركا وإسرائيل) بحال قطيع جواميس أمام اسد؟ إذا اغمضنا عيننا عن التفاصيل الأقل أهمية لنتمكن من رؤية المشهد العام، لوجدنا أن الخطوط العامة للصراعين متشابهة إلى حد كبير جداً. بل أننا سنجد مفاجأة غير سارة، هي أننا أضعف أمام اعداءنا من الجواميس امام الأسود. فصحيح أننا أذكى من الجواميس بكثير، لكن مفترسنا أذكى من الأسد بكثير ايضاً. فإن اخذنا القدرة على البقاء على قيد الحياة كمقياس للمقارنة، فلا اظن اننا سنربح المقارنة.

 

فالأسود لا تخترق الجواميس إلى الدرجة التي تم اختراقنا بها، ولا اضاعت الجواميس تمييز اصدقائها من اعدائها وأين يكمن الخطر، ولا تشوشت رؤيتها بضرورة البقاء معا للنجاة مثلما تشوشت عندنا. إنك لن تجد بينها من يدعو إلى تلك الوحدة مثلاً لأن الجميع يعرفها كبديهة منذ ولادته. ولن تجد قطيع جاموس لا يدري إن كان قائده سيرشده إلى طريق النجاة، ام أنه متفق مع الأسود على قيادته إلى المصيدة... لأنك لن تجد قطيعا يتمكن عدوه من تحديد له من يقوده. إن سلطة بث الرعب وشل القدرة على التفكير التي يمتلكها عدونا علينا من خلال الإرهاب، تفوق ما لدى الأسد على قطيع الجواميس، وتصرفنا بردود أفعال مباشرة على الإرهاب والعجز عن التحليل بسبب الإرهاق والرعب والتوتر، وبالتالي سقوطنا السهل في الفخاخ الإعلامية، يجري عندنا ليس بشكل فردي بل بشكل جماعي عام. لذلك نجد أنفسنا في وضع أصعب بكثير.

إنك لن تجد جاموساً واحداً يتردد لحظة واحدة في تمييز اللون الأسود لجلد "صديقه" الجاموس الآخر، من اللون الأصفر لـ "عدوه"، بينما نكاد ننقسم نصفين لا يتفقان على تحديد العدو من الصديق.

وطبعاً لن نجد جاموساً يدعو رفاقه إلى ضرورة "مصادقة" الأسد بدلا من الفرار منه او نطحه. ولا جاموسة تلقي المحاضرات بأن "العدو الحقيقي هو الجواميس الأخرى".

وبالتأكيد لن نجد ايضاً جاموساً في لحظة الطراد الحاسمة تلك، يهتف بضرورة أن "نلقي اللوم على أنفسنا"! أو أن يلومها لأنها كانت "عنيفة" أكثر من اللازم قبل مئة عام حين نطحت بعيراً، وعبثا نبحث في تلك اللحظة عمن يولول من الجواميس لاعناً سلسلة أجداده لأنها لم تستطع أن تطور لسلالتها أنياباً كالأسود أو رشاقة كالغزال أو اجنحة كالحمام.

ومن غير المتوقع ان نجد جاموساً يدعو رفاقه إلى التركيز على ذيل الأسد بدلاً من رأسه، او آخر يحلف ان حمار الوحش القريب هو الخطر الأشد على القطيع، وإنه "متفق مع الأسود" بدليل ان الأسد يتركه ويطاردنا! كما اننا لن نجد جاموساً يحاول أن يقنع رفاقه ان "تجمعنا مصطنع" باعتبار أن لكل منا بصمة حافر مختلفة، واصوات خوار مميزة. ولن نجد جاموساً يؤكد لرفاقه ان الحل هو بـ "التفرق" كما تفعل الأرانب، ودليله على ذلك ان الأسود لا تهاجم الأرانب!

 

لو أننا وجدنا قطيع جواميس فيه مثل هؤلاء.. ألم نكن سنقول انه قطيع أصابه الجنون؟

 .. إننا لم نر يوماً مثل هذا القطيع.. ونعلم أننا لن نجده مهما بحثنا! ....

لماذا؟ لأننا نعلم انه إن وجد يوماً، فلا بد انه قد انقرض..

الجواب عن هذا السؤال قد يقرأ لنا مستقبلنا....

 

 Lion Vs Buffalo 2013 - YouTube

 

 https://www.youtube.com/watch?v=eBAIK4K4UFo

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.