اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

مقتدى الصدر– رصاص مع اميركا وقنابل صوتية ضدها!// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

مقتدى الصدر–  رصاص مع اميركا وقنابل صوتية ضدها!

صائب خليل

10 نيسان 2017

 

كيفما قلبتها، لا مفر من الاستنتاج، للأسف الشديد، بأن قائدكم أيها الصدريون، يقف في الخندق الأمريكي منذ 2009 وحتى اليوم*

لن اتحدث طويلا هذه المرة، لأني اعلم ان لا أمل لي بإقناعكم بهذا الأمر، وكل ما أطمح اليه هو ان أرسل لكم إشارة تبقونها في البال، لما سياتي من ادلة ومؤشرات جديدة في المستقبل بلا شك.

سأكتفي بإشارة سريعة إلى بضعة علامات دفعتني الى هذا الاستنتاج، اما من يرفض نفسيا قبول هذه الحقيقة المرة، فليس لي إلا ان ادعوه لمراقبة المستقبل، وترك الحكم له. وأنا أيضا سأبقى اراقب المستقبل بلا شك، فلا اعز عليّ من أن أرى الصدريين بقيادتهم، كما كانت دائما، في طليعة الشعب العراقي في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه، والتي يحتاج فيها كل قواه الخيرة، والتي لا شك بأن الصدريين يمثلون أهمها على الإطلاق.

أول وأوضح تلك المؤشرات كان ترشيح السيد مقتدى، لرجل اميركا القميء وقيادي المجلس الأعلى الأكثر فساداً، عادل عبد المهدي لرئاسة حكومة العراق عام 2009 وبالضد من نتائج تصويت جماهير الصدريين، والتي كان قد وعدكم بالالتزام بها مهما كانت، فحنث بوعده وقلبه رأساً على عقب، واختار من بين جميع المرشحين، مرشح الحزب الأكثر عداءاً للصدريين والأكثر اغراقاً في دمائهم ضارباً كلمته لهم عرض الحائط! إن هذا القرار من الغرابة بحيث لا يمكن تخيله إلا بضغط قوة هائلة من الخارج، ولا توجد عندنا سوى قوة هائلة هي أميركا.

ولو لاحظنا علاقات السيد الصدر منذ تلك الفترة وحتى اليوم، لوجدنا ان علاقاته الأقوى هي دائما مع الجهات الأكثر قربا للأمريكان والأكثر فساداً. صحيح ان الغالبية الساحقة متهمة بالفساد والجميع يتقرب بدرجة او أخرى من اميركا، لكن الجهات الأقرب إلى الصدر هي تلك الأقرب إلى اميركا من غيرها: الاكراد، السنة الموالون لأميركا دون غيرهم، وزير الدفاع المدان بالفساد، وغيرهم.

 

المؤشر الثاني هو تفضيل توجيه التظاهرات نحو اهداف غامضة لا يمكن تحديد أي هدف محدد فيها ولا قياس أي تقدم فيها. وبدلا من ذلك كان يفترض ان توجه التظاهرات كما في البلدان الأخرى نحو أهداف محددة، العراق بأشد الحاجة اليها، مثل طرد القوات الأمريكية من البلاد وطرد القوات التركية من البلاد وطرد البيشمركة من المناطق التي احتلتها والقرى التي دمرتها ووقف تدخل السفارتين الأمريكية والإيرانية في الشأن العراقي والتظاهر احتجاجاً على ضرب الجيش الأمريكي للحشد والجيش العراقي "بالخطأ" وافهام العالم أننا نرى ان الجيش الأمريكي يتواجد في العراق لخدمة داعش وليس العكس ويلقي لها بالمؤونة وليس العكس. لو فعل السيد الصدر ذلك لفهم الشعب الأمريكي ان جيشه يساء استخدامه ولضغط لسحبه.

المؤشر الثالث انه، ورغم كل الضجة الإعلامية ضد الفساد فأن الصدر نفسه كان من خرب الاعتصام البرلماني ضد الفاسدين وأمر المتظاهرين ان لا يسيئوا إلى السفارة الأمريكية ولا حتى باللفظ، وجعل من فريق نوابه مسخرة للناس حين سحبهم كالأطفال مستجيبا لموقف السفارتين الأمريكية والإيرانية التي يدعي الوقوف بوجههما، تاركا جماهيره في حيرة من امرها، لا تدري متى تحتج وتعتصم ومتى يرى السيد مقتدى ذلك شغباً، تماما كما حدث لاحقاً في اعتصامات طلاب الجامعات! وأخيرا وفي أحرج الأوقات يتحدث السيد مقتدى عن رسالة تهديد بقتله والتي لا ندري ما الفائدة من إعلانها سوى اثارة الفوضى وتعريض الشارع العراقي لخطر الانفجار لأي فتيل، ولا يعلم الا الله باي اتجاه سيكون ذلك الانفجار، لكنه بالتأكيد لن يكون إلا في صالح أعداء العراق.

 

والمؤشر الرابع والأخير هو بيانه العجيب الذي صدر قبل أيام وفي عز تداعيات مجابهة القصف الأمريكي الوحشي لسوريا دعماً لداعش، يدعو فيه الصدر الرئيس السوري للتخلي عن السلطة! وربما لا يدرك الصدر انه يشابه في موقفه ذاك، اشد أعوان إسرائيل تطرفاً، ويقف في خندقهم! فحتى الغرب ينقسم على نفسه خجلا من الضغط الإسرائيلي الأمريكي بتغيير رئيس دولة أخرى عنوة، وعلى أسس من الأكاذيب المفضوحة. فلم يجرؤ أن يقف مع هذا المشروع الاحتلالي المذل إلا اشد أعوان اميركا وإسرائيل تطرفا وانصياعا لضغطهما.

صحيح ان البيان بدأ بمقدمة طويلة جداً وإيجابية، لكنه انتهى بالمفاجأة المؤسفة والتي تحول كل البيان إلى ورقة ضغط إضافية لخدمة الأجندة الإسرائيلية الداعية لإزالة العقبة الأساسية امامها، وهو الأسد!

تلك المقدمة التي يقول الصدر فيها أن "أميركا غالباً ما تكون راعية للإرهاب" (في الحقيقة هي دائما كذلك) ويدينها بقصف أطفال الموصل وهو لا يستبعد أن يكون القصف "إذناً بتمدد داعش" ورغم ذلك المعنى الخطير، فإنه لم يمنع الصدر أن يخصص زبدة الخطاب متماشيةً مع ذلك الإرهاب وتحقيقاً لأمنية داعش وفتح الطريق امام تمددها لتعود قوية إلى العراق، بإزالة العائق الأساسي امامها في سوريا. فكيف نفهم تلك المقدمة المحذرة من الخطر والمتناغمة مع عواطف التيار الصدري الوطنية، وتلك النتيجة المعاكسة لها تماماً؟

 

يقول الصدر "الا يكفي سوريا ان تكالبت عليها الأيادي اجمع من الداخل والخارج لكي يأتي دور أميركا السلبي أيضا".. وهذا خطاب غريب، يبدل كلمة "إجرامي" بتخفيفها بشدة إلى "سلبي" فقط! والجملة كلها توحي بأن التدخل الأمريكي في سوريا "يأتي" متأخراً، وأنه ليس جزء من تلك "الأيادي" المتكالبة، بل اننا نعلم جميعا انها اليد الأساسية والأولى المنفذة للأجندة الإسرائيلية في سوريا، وهي المحركة لكل الأيادي الشريرة في هذه المأساة. والمقدمة مليئة بتلك التخفيفات من الدور الإجرامي القيادي لأميركا مثل عبارة أن "تدخلها لن يكون مجديا" وكأنها تحاول الخير لكنها تخطئ الطريقة فتكون غير مجدية!

ثم بعد كل هذا تأتي دعوة الصدر العجيبة للأسد بتقديم استقالته والتنحي عن الحكم "حبا بسوريا الحبيبة"! والذي يثير مليون سؤال، أولها، كيف يسمح السيد الصدر لنفسه بمشاركة الغرب الموقف الإجرامي في التدخل وتحديد من يجب ان يحكم سوريا ومن لا يجب؟ ولإيضاح الأمر، لو فرضنا ان السيد الخامنئي طلب من العبادي ان يستقيل ويتنحى عن الحكم، أما كان السيد مقتدى الصدر سينظم تظاهرة مليونية لتحتج وتدين هذا "التدخل السافر في شؤون العراق"؟ ألم يهتف الصدريون ضد إيران لتدخلات اقل وضوحا وصراحة من مثل هذا التدخل؟ فكيف يسمح السيد الصدر لنفسه بالإتيان بموقف يدينه للآخرين؟

ومن هي "الجهات الشعبية النافذة" التي "تستطيع الوقوف ضد الإرهاب" في سوريا اليوم في رأي السيد الصدر؟ لا توجد اية قوى تستحق الذكر في سوريا اليوم سوى داعش وجبهة النصرة، والباقي من المعارضة عبارة عن تجمعات هزيلة تتحلق وتتملق لإسرائيل كل يوم استجداءاً لدعمها ورقصا على ضرباتها المجرمة، فعلى من يعتمد السيد الصدر، ومن الذي في باله لتسلم سوريا له؟ وإلى أي مصير يريد السيد مقتدى تسليم سوريا، ولمصلحة من؟ وهل يدرك السيد الصدر مدى الانهيار المعنوي للشعب السوري لو ان حكومته سقطت اليوم تحت هذا الضغط، واستغلت داعش الأمر لإعلان انتصارها وهرب الناس من المدن وانهار الجيش والمؤسسات في سوريا؟ هل يمكن لشخص يريد الخير لسوريا ان يخاطر مجرد مخاطرة بمثل هذا الاحتمال، أم أنها دعوة مربكة لا يمكن تفسيرها بالخير؟

الم يحسب السيد الصدر مثلا، ان مجرد تصريح مثل هذا يعد شرخاً في الجبهة المحسوبة للأسد بوجه داعش، وأن نشر الخبر يمكن ان يستفاد منه للإيحاء بأن انتصار داعش على الأسد وشيك، أملا في ان يدفع بأجزاء أخرى مترددة في تلك الجبهة، لاتخاذ مواقف مشابهة والتسبب في انهيارها بيد داعش؟

لقد كسب السيد الصدر بتصريحه هذا لقب " أول زعيم شيعي عراقي يدعو الأسد للتنحي" كما سارعت رويتر لتقديم هذا الخبر(1)، وهو يوحي بأن زعماء آخرون في الطريق ذاته. كذلك نشرت وكالات أخرى اخباراً عن " تلقي زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر عروضا من وسطاء لتقريب المواقف مع البيت الأبيض، مشيرة إلى أن عددا من قادة التيار بدأوا بعقد لقاءات مع السفارة الأميركية في بغداد."!(2)

إننا نعلم علم اليقين أن تلك الأخبار مزورة، ولن يصدقها من يعرف خباثة الإعلام وتوجه الصدريين العام، لكن ماذا عن الذين لا يعرفون؟ ماذا عن الشعب السوري القلق الذي راى الدمار يحيط به من كل جانب؟ من الذي يتيح لهذا الاعلام الإسرائيلي ان يروج مثل هذه الأخبار وينشر اليأس في جبهة مقاومة داعش، سوى هذا التصريح المؤسف للسيد الصدر؟

هناك الكثير من الأسئلة التي لا نجد لها أجوبة مطمئنة لنا في مواقف السيد مقتدى الصدر منذ 2009 وحتى اليوم. فمنذ ذلك الحين يقذف السيد الصدر ضد الخندق الأمريكي بمئات والاف القنابل ويقذف بضعة رصاصات معه.. المشكلة هي ان رصاصات الصدر حقيقية فعالة وموجهة، أما قنابله ضد اميركا فقد كانت قنابل صوتية فقط، ربما تقتضيها ضرورة موقعه... ونحن وإياكم في انتظار ما ستكشفه القادمات من الأيام، ونتمنى ان تكشف الأيام اسرارها لكم ولنا، قبل فوات الأوان!

 

 * يجب ان ننتبه أن اعمال المقاومة الصدرية استمرت لأكثر من سنة بعد 2009 لكن المواقف السياسية كانت في الاتجاه الأمريكي، وربما تفسير ذلك ان هناك شرخ بين السيد الصدر وبين قيادات العمليات العسكرية في التيار الصدري، ويؤكد هذا الانقسام الكبير الذي حصل فيه.

(1) مقتدى الصدر أصبح أول زعيم شيعي عراقي يدعو الأسد للتنحي

http://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN17B0C3

(2) صحيفة سعودية تكشف عن محاولات تلقاها الصدر لتقريب المواقف مع امريكا

goo.gl/FaWfaE

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.