اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

وفاة الانسان والشاعر الكبير مصطفى المهاجر..// جمعة عبدالله

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

وفاة الانسان والشاعر الكبير مصطفى المهاجر..

سيد الحزن والكبرياء

جمعة عبدالله

 

رحل عنا دون مقدمات الصوفي الكبير, الذي أذاب قلبه وروحه الطاهرة, في حب العراق والتعلق به. هذا الشامح كنخلة الله في العراق, وهو يتجرع علقم المر من الغربة والاغتراب. ان يحمل قضية العراق, اينما رحل وحط خيمته يصرخ مدوياً  بأسم العراق, فالعراق متغلغل في اعماق روحه الطاهرة, يتنفس من رئة الوطن, بكل عفة ونزاهة وقدسية, وبشغاف الانسانية العذبة في شفافيتها وقيمها السمحاء, في التسامح  والاخاء والتعايش. لقد كان صادقاً مع نفسه مع الله تعالى. رافضاً ملذات الكرسي والمنصب, فقد باعها بالعفة والنزاهة, ليظل انساناً مكافحاً, صانع وفاعل الخير, للعراق وبأسم العراق, في طرد الظلام والظلاميين, الجاثمين على صدر العراق. كما يلجم الفساد والفاسدين بسبع حجرات سوداء, وكانت سيرة  حياته, مجلجلة في عطاءه الشعري الكبير. كما قال عنه الناقد الكبير ( عبدالرضا علي) في مقدمة مجموعته الشعرية (بعد فوات الاوان) . ان (مصطفى المهاجر, او (صباح الانصاري) شاعر القمم العالية الرصينة بامتياز, وهذه المجموعة المرسومة ب (بعد فوات الآوان) تثبت للمتلقي الكريم, أن هذا الشاعر وريث عمود الجواهري, الجديد باقتدار) . وكان لي الشرف والفخر, إن كتبت مقالة نقدية حول هذه المجموعة الشعرية (بعد فوات الاوان) . انه موغل في حياته في الحزن والالم, عن وطن لايغيب عنه الظلام, ويحلم في الوطن المشتهى والمرتجى. ان يضع حداً لخفافيش الليل, التي تجلب الخراب للوطن, كان يحلم في الوطن المستحيل, الساطع في النور, ونبض الحياة, فكان شامخاً في عطاءه الانساني والشعري, صوتاً كالسيف البتار, ضد الظلم والطغاة والحرمان والمعاناة, فقد اصبح الباطل والزيف السيد آلآمر لمصير العراق بخفافيشه التي تعبث بالوطن. فكان بحاراً في سفينة العراق, في كل دروبها ومتعرجاتها, في المآسي والاحزان.

 

موغلٌ في الغربةِ... حدَّ اليتم

حالماً بأنهارٍ لا تجف..

ووطنٍ لا يغيب..

وحكّامٍ لا يدمنونَ القمعَ و إدارةِ السجون...

وكلماتٍ لا تمارسُ العهرَ تكسباً و ارتزاقا...

وشعراءَ لا يطبعونِ شفاههم على نعالِ السلطان...!!!

حالماً بأمهاتٍ لا يمتنَ من القهرِ

انتظاراً لأبنائهنَّ الغائبين..!!

وأطفالٍ لا تشيخُ نبضاتُ طفولتهم حتى الخمسين..!!

وشبّانٍ لا يدفعونَ زهراتِ أعمارهم

ثمناً لشهواتٍ مجنونة..!!

حالماً بوطنٍ مستحيل..!!

 

هذا الشامخ بالزهد, هو كتلة وطنية ملتهبة في نارها, في سبيل العراق, وكرس عطاء  شعره, لاكبر مهمة, انسانية وكفاحية م لتعمق الانتماء الى الوطن العراق,  ويشعل نفسه ليكون قنديلاً ينير درب العراق الى شاطئ الامان والسلامة, فليس له درب في الحياة آخر, سوى درب العراق, ليزيل عنه الاذى والمصيبة والمأساة, ليخرج العراق من دروب الالم والمعاناة.

 

كلُّ الدروبِ إلى المأساة أعرفها

وليسَ دربٌ الى سعدٍ يناديني

أبحرتُ في لجج الآهاتِ متشحاً

بالهم والفقدِ يجري في شراييني

ناديتُ من سكنوا قلبي فأرعبني

أن النداءَ نشازٌ في التلاحيين

 

والى امه الحبيبة, وهو يودعها الوداع الاخير, الى طريق المنفى والهجرة عن الوطن, الراقد في ثنايا ضلوعه, ولم يودعها الى القبر, مما جعل يغص في حنجرة الالم والتوجع الحزين, وهو يشتاق اليها بحنان طافح الى مراتع الطفولة ويتقمص دور الطفولة في اسئلته, التي تحمل الشوق والاشتياق لفراق الام, وهو في ارض الغربة والاغتراب

 

وجه الحبيبة

 

(الى أمي التي ودعتني

الى المنفى

ولم أودعها الى

القبر)

 

اشتاقُ ..

أن أنظرَ الآنَ

في وجه أمي

أحدثها عن همومي

وأسألها ...:

ما الذي كنتُ أفعلهُ

حينما كنتُ طفلاً ..؟!

وهل كنتُ

أبكي كثيراً

كما أفعلُ الآن..؟!

إني أعاني

من الوجد ..

والشوقِ

والغربةِ القاتله ْ

وأبكي كثيراً

لأني تخلّفت

عن تلكم القافله ْ

***

حنانيكِ

لا تتركيني وحيداً

فما عادَ في الأرضِ

متسعٌ يحتويني

وحتى الذين أحُبهمُ

أنكروني ..!!

فمن ذا يُريني

وجهَ الحبيبةِ

أ ُمي

فداءٌ له العمرُ

أيامُهُ القاحلةْ

***

أشتاق ..

أن أغفوَ الآن

في حجرِ أ ُمي

وأصحو على صوتها

وهي توقظني للصلاةِ

تقولُ ..

بكلِ المودةِ .. والحب:

عَجِّلْ

فقد حانَ وقتُ الشروقِ

وأبقى أماطلُ ...

تبقى تنادي

فمن ذا يُخبّرها الآن

أني أ ُصلي مع الصبحِ

نافلة ً

كي أراها

وأغفو على حجرها

مرةً ثانيهْ

أ ُقبلُ أقدامها ..

رأسها ..

يَدها الحانيهْ

وأسألها ..

الصفحَ

والعفوَ

والبسمةَ الراضيهْ

***

أشتاقُ

أن أَكلَ الآنَ

مِن قدرِ أمي

مزيداً من الحبِ ..

تعصرهُ في الطعامْ

فيغدو كمائدةِ الروحِ

عيسى ..

عليه السلامْ

 

حياته كانت رحلة كفاح. وهو يناطح عواصف الزمن المر, الذي ينزف دماً وقيحاً, في العراق الذي فقد درب العقل والصواب والبصيرة, طريق الانحرف المعبد بالالغام والضياع, اصبح ضيعة يلعب به الفساد والفاسدين, بضمائر ميتة, مما جعلوا العراق يعيش في شيخوخة الخريف. والزمن الارعن والاغبر, يوغل في الجراح النازفة, بلا هوادة وتريث, فقد كانت حياته صفحة بيضاء من الانسانية والكفاح الرجولي, وقد كتبت صحيفة المثقف الغراء. في مرثية التعزية (بعد مرض عضال, لم يمهله طويلاً. ذهب الى ربه, يشكو جفاء رفاق دربه... مات نقياً لم يتلوث بالفساد والسرقات).

 

 رغم رحيلك ايها الانسان الكبير, فأن جسدك الطاهر, قد رحل عنا بفاجعة الحزن والالم, لكن روحك الطاهرة النقية, الزاهة بحديقة الازهار, من الطيبة والانسانية, لم ترحل عنا, فتظل شامخة في نبراسها الفكري والشعري بيننا, تظل متوهجة في قلوبنا بكل شموخ وعطاء. وما احوجنا اليك في هذه الايام الكالحة.

 

فبوركت يا أبا مصطفى الحبيب في حياتك, وبوركت وانت في جنة الله ورضوانه.

نسأل الله تعالى ان يتغمد روحك الطاهرة, في رحمته الواسعة, واسكنك فسيح جناته.

خسارة فادحة, ولكن هذه عادة الكبار, في فراقهم ورحيلهم عنا دون وداع

وإنا لله وإنا اليه راجعون

 

جمعة عبدالله

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.