اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

بصمة (داعش) بين صيدليتين!// علي فهد ياسين

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

بصمة (داعش) بين صيدليتين!

علي فهد ياسين

 

تتصاعد المواجهة بين القوات الأمنية العراقية والتنظيمات الارهابية التي تقودها ( داعش ) في المناطق التي تنشط فيها منذ الاعلان عن تأسيسها كأحد مخرجات الصراع في سوريا , وقد تحولت في الاسابيع الماضية الى حرب مفتوحة يتطلب حسمها تحديد لايحتمل اللبس والتأويل لمواقف الأطراف السياسية العراقية التي سبقتها أطراف دولية عديدة بمافيها الأمم المتحدة وتبعتها الجامعة العربية في موقف متأخر لايتناسب مع أهدافها المعلنة , ليشكل ذلك أحد سمات المشهد السياسي العراقي المرتبك منذ سقوط النظام الدكتاتوري , والذي فرزته المحاصصة الطائفية الخادمة لمصالح السياسيين على حساب مصالح الشعب .

لقد أعلنت ( داعش ) عن أهدافها بوضوح لم يتوفر في مناهج وسلوكيات بعض أطراف السلطة في العراق ,حتى بدا واضحاً للمراقب الخارجي مثلما هو للشعب العراقي , أن سلوكيات وأصطفافات بعض الأطراف اقرب الى داعش من أعدائها , في الوقت الذي تحتم فيه المواجهة تعبئة كل الجهود لاسقاط المشروع الظلامي المدمر الذي تعتمده ( داعش ) لتحويل العراق وسوريا الى صحارى خالية من الحياة الأنسانية التي يستحقها البشر .

لكن الأخطر من ذلك هو الاعتقاد بأن مناطق المواجهات الحالية هي جغرافية وجود ( داعش ) فقط , وأن منهجها هو المنهج العسكري فقط , وأن فلسفتها خاصة بمكون معين فقط , لأن التسليم بذلك يعني أن القضاء علىيها عسكرياً سيكون مفتاح الاستقرار والبناء وتحقيق العيش الكريم للمواطنين , متناسين أن الاداء السياسي للنخب طوال العقد الماضي هو الذي وفر اهم اسباب ظهور هذا التنظيم التكفيري وجميع التنظيمات التي سبقته والتنظيمات القادمة على شاكلته , فقد سعت القيادات ومازالت لتغليب مصالحها فقط , وغابت المناهج العلمية في التخطيط لتحل بدلا عنها الفوضى التي وفرت البيئة المناسبة لجميع أنواع الفساد الذي تحمل تبعاته ومازال الفقراء والمحرومين الذين يشكلون السواد الاعظم من العراقيين الغير منتمين لاحزاب السلطة , في اعادة لمنهج النظام السابق الذي فرض على العراقيين جميعا الانتماء الى حزبه , قبل أن يصنفهم الى فريقين هما جسد النظام المتنعم بخيراته واجساد الشعب المتحملة وزر جرائمه .

الفساد الذي نتكلم عنه هو الاخطبوط الجاثم على جميع مفاصل حياة العراقيين , والحديث عن نماذج الدلالة عليه لاتحتاج الى اجتهاد , اذ يستطيع كل مواطن ان يأتيك بعشرات الامثلة التي عاشها هو شخصياً فضلا عن اضعافها ممايسمعه من الاخرين , وتستطيع ان تختار المكان والمجال الذي تحدده لتتلقى قصص الفساد المعشعشه فيه ونوعية الاساليب المبتكرة في تنفيذه , حتى تخال أن هناك مراكز للبحوث والدراسات لتطويره بدلا من القضاء عليه !.

لنأخذ مثلاً واحداً ممايعانيه العراقيون من الفساد في الجانب الصحي , ولنترك فضيحة البسكويت وقبلها العشرات من الفضائح التي ركنت ملفاتها على رفوف التوافق السياسي , ونترك معها واقع الخدمات الصحية المزري وتجارة العلاج في الخارج وصفقات الادوية الفاسدة وبطالة الكوادر الطبية والتعقيدات الادارية التي تواجه عودة الكفاءات الطبية من مغترباتها وغير ذلك الكثير , ولنلتقط حالة واحدة فقط تواجه المرضى التي تتصاعد اعدادهم بنسب مرعبة نتيجة التلوث البيئي وضعف الرقابة على الاغذية المستوردة ونوعية الادوية المستوردة من شركات لاترقى الى الرصانة المطلوبة , هذه الحالة التي نلتقطها هي اسعار الادوية في الصيدليات , حيث تركت الجهات المعنية ذلك للضمائر وهي العارفة بأننا في زمن عزت فيه صحوتها رغم قناعتنا بان هناك من يستحق الاحترام والتقدير لتمسكه بها .

من غير المعقول ان يكون سعر وصفة الدكتور مختلف من صيدلية الى اخرى لحد الضعف , ويستطيع اي مواطن ان يتاكد من ذلك عند شرائه نفس الوصفة من صيدليتين في شارع واحد حتى لو كانت مناشئ الادوية واحدة , واذا جرب المواطن وعاد للصيدلية التي دفع لها السعر المضاعف معترضا على ذلك فان الاجراء سيكون اعتذار صاحب الصيدلية بعد توبيخه الشخص الي قام بهذا الفعل والذي ربما يكون ليس له علاقة بالعمل الصيدلاني دراسياً , وهو مجرد بائع بضاعة كانت هذه المرة أدوية !.

على ذلك نستطيع تفسير الاعداد المتزايدة من الصيدليات في كل مدينة عراقية وكأن ذلك غير خاضع للضوابط الخاصة بالمساحة والشروط الصحية والمسافة الفاصلة بين صيدليتين , اذ ليس معقولاً ان تكون المدينة التي كانت فيها عشرة صيدليات قبل عشرة اعوام تفتح فيها مائة صيدلية حتى لو تضاعف عدد سكانها في هذه المدة الزمنية القصيرة .

أن موضوع التلاعب في اسعار الادوية حسب امزجة البعض سواءا بنوعيتها او باسعارها يمثل خطراً على حياة العراقيين مثلما هو خطر الارهاب الذي تمثلة ( داعش ) , لابل قد يكون اكثر خطورة لان معالجته لم تدخل الى الان في اجندة السلطات رغم انه يمس المواطنين جميعا , وكل اذى يتحمله المواطن يجب ان يصنف القائمون به ضمن خانة الارهاب , فالقتل ليس فقط بالسلاح الناري انما باساليب متعددة يمثل الاستهتار باسعار الادوية واحدا من اخطرها , لذلك يمثل تدخل السلطات لتسعير الادوية ومراقبة الالتزام باسعارها واحدا من واجباتها وأحد المجالات المهمة في مواجهة الارهاب وتخفيف معاناة الفقراء .

 

علي فهد ياسين

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.