اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

إعلام المصالح وإعلام المصالحة// عادل نعمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

إعلام المصالح وإعلام المصالحة

عادل نعمان

مصر

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

لست منحازاً للإعلام المناهض أو الإعلام المساند، ولست مطمئناً للإعلام الذى يغالى ويبالغ فى الخطأ قدر عداوته، ولست راضياً عن الإعلام الذى يختزل، ويختصر الخطأ قدر محبته، ولست واثقاً فى إعلام يوجز ويقلص الصواب قدر كرهه، ولست مناصراً لإعلام يسرف، ويفيض فى الصواب قدر ولائه، ولا معترضاً على إعلام يفضح الفساد فى حينه مهما كانت العواقب والتداعيات، فلا يؤجل فضحها طارئ، ولا يسترها ساتر، ولا تغلق عنها الأبواب، وتخرج فى أوانها، ولا تشغلنا عنها عواقب الأمور وتداعياتها، والمواءمات السياسة العالمية وتبعاتها، ومحاربة الإرهاب فى الداخل والخارج ومعاناتها، وهو حالنا وحال العالم من حولنا لم ينقطع عنا ولم ينقطع عنهم، ولم نسمعهم يوماً يؤجلون كشف فساد أو محاربة فاسد، على العكس، فمحاربة الفساد فى أوقات المحن تشد عزيمة الشعب، وتستنهض هممه، وتقوى ثقة الشعب فى نفسه وفى قياداته. البحث عن الحقيقة هى شاغلنا الرئيسى، سواء من إعلام معاون ومساند ونصير، أو من إعلام مخالف ومعاكس ومعارض.

 

فليس اللوم الدائم للإعلام المواجه أو الرافض منصفاً، إذا ما كان كاشفاً للجانب الآخر من الحقيقة مهما كانت مرة، وكذلك ليس التدليل الدائم للإعلام الداعم والراضى مصيباً، إذا ما خرج عن الصواب وزيف الحقيقة، ووالى لدرجة النفاق وشجع وهلل دون مردود، وأعان دون رؤية حقيقية عادلة، وفى هذا للأسف الكثير.

 

فليس الإفراط فى مليارات المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ، وتهويل الأرقام علانية أمام المشاهدين إلا تزييفاً لواقع وتضليلاً عن الحقيقة، وحين يتساءل الإعلام المشاكس عن مليارات المؤتمر الاقتصادى، باحثاً عن أسباب عزوف المستثمرين وطرق العلاج، يتهم بالتشويه والتحريف والتضليل، فى ذات الوقت يوصف من ضلل وأسرف بالوطنية والنزاهة. وحين كان الإعلام المخالف صادقاً مع نفسه وألقى الضوء على رى الخضر والفاكهة بمياه الصرف الصحى، نقلاً حقيقياً لواقع مر نعيشه ونراه، يجب أن نعترف به ونصححه مهما كانت عواقبه وتداعياته، أغمضت الدولة عينيها عن جريمة ترتكب تحت سمعها وبصرها، سواء فى حق التصدير أو فى حق المواطن، ولم تتحرك لتصحيح وضع كارثى يدمر صحة المواطنين، وكأن الأمر لا يعنيها، واكتفت بلوم وتأنيب واتهام الإعلام المشاكس والرافض الذى كشف الحقيقة، ولم يزيفها ولم يسترها.

 

وليس توجيه الإعلام المخالف السؤال عن مقتل خمسة مواطنين عزل من السلاح، والمتهمين بقتل الإيطالى ريجينى سوى بحث عن الحقيقة، وحين يطالبون بالتحقيق العادل فإن كانت أياديهم نظيفة منها وجبت تبرئتهم، ورد الاعتبار لهم أمام أهلهم وأولادهم وشعبهم، وتعويض أهلهم عن ظلم وجفاء يعانون منه، وإن كانت غير ذلك نعلن عن الجريمة التى ارتكبوها واستحقوا عقابها، يتهم الإعلام المعاكس بالوقوف فى خندق الأعداء وتشويه صورتنا أمام العالم.

 

ولم يكن الإعلام المؤيد والمساند والداعم صادقاً مع نفسه حين هلل وكبر للحكومات المتعاقبة، حين بددت أرصدتها من الاحتياطى النقدى للحفاظ على سعر الجنيه فى مواجهة العملات الحرة، وتدفقت مليارات الأرصدة إلى جيوب رجال الأعمال والوسطاء، هو نفسه الذى يهلل ويكبر الآن مؤيداً ومسانداً وداعماً للحكومة وقرارها الرشيد بتعويم الجنيه حفاظاً على الاحتياطى النقدى، داعماً ومسانداً قرارها فى زيادة أسعار المحروقات، وتنفيذ قانون القيمة المضافة والضريبة العقارية، وزيادة فواتير الكهرباء والمياه والغاز ورفع الدعم لسد العجز فى ميزان المدفوعات، واعداً البؤساء فى محروستنا بالرخاء المقبل غداً، ويراها وكأنه يراها عين اليقين.

 

ومن عجائب دولتنا حين تكيل بمكيالين بينهما، حين يناهض الإعلام الرافض لفكرة تسليم تيران وصنافير، يتهم بالتواطؤ ويهان وينتقص من قدره ويحتقر ويتهم بشق الصف والتآمر على البلاد وتغلق فى وجهه الأبواب، ويمدح ويزكى ويمجد ويعلى من قدر الإعلام الذى طالب برد الجزيرتين إلى السعودية دون بينة من الطرفين، فرفعنا طرفاً وأسقطنا الآخر، الأعجب يُحبس من الشباب من رفض تسليم الأرض، ويترك «الشرفاء» يعبثون فيها، وكان للدولة اليد الطولى فى الموقفين.

 

وأتعجب كيف أن الإعلام المؤيد والمساند والإعلام المناهض والمواجه ألقيا الضوء معاً على فساد القمح، ومليارات الجنيهات التى نُهبت وسُرقت من أموال البسطاء والفقراء إلى جيوب الحيتان من أصحاب الصوامع والمسئولين فى الدولة، ولماذا سكت الإعلام المؤيد سكوتاً تاماً عن إثارة الأمر، ولم يعد تساؤله قائماً ولم يعد يهمه نتائج التحقيق، ولا يعنيه أموال الفقراء المنهوبة ولم يعد باحثاً عن عودتها إلى خزائنها.

 

وحين يتساءل الإعلام المناهض، وهذا حقه، عن ترتيب الأولويات فى ظل ظروف اقتصادية خانقة، وشعب يعانى من الفقر، وسياسة تعليم فاشلة، وهى سبب نكبتنا، ويعلم المؤيد والمعارض أن التقدم والتنمية يبدآن ببناء الإنسان ويسبق فى أولوياته المشروعات العملاقة التى تؤتى أكلها بعد عشرات السنين، يتهم بوقوفه ضد إرادة الشعب وطموحاته ويشكك فى حسن نواياه، وهو فى هذا أحرص على الشعب وعلى مستقبله.

 

ثم ماذا يدور فى أروقة الإعلام؟ شراء قنوات وصحف وبيع أخريات، وإنشاء مواقع ودمج أخريات، وأموال تسافر هنا وهناك، ويمنع من الظهور من يمنع، ويعود بوجه جديد من يعود، وكراسى تتحرك ومواقف تشترى وتتغير، حتى يركب الجميع فى قطار واحد يسير فى اتجاه واحد، وإلى مصير واحد وقرار واحد. هذا هو إعلامنا المقبل المتصالح وصاحب المصالح.

 

 

"الوطن" المصرية

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.