اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• جذور الأرهاب في أرض الرافدين

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

لطيف بولا

مساهمات اخرى للكاتب

·        جذور الأرهاب في أرض الرافدين

 

عشية سقوط نينوى 612 ق.م فتكت جوش المادية وحلفائها بنينوى وشعبها وقصورها ومعالمها ولم تُبقِ ِ على شيء  . وقد وردت تلك الفضائح بشكل جلي في سفر السقوط لنبي ناحوم الالقوشي في الكتاب المقدس . وكانت الجيوش المادية قد سبقت الجيوش الكلدانية في الدخول الى نينوى في شهر نيسان 612 ق.م , وكان فيضان نهر دجلة المدَمِر في تلك السنة قد حطم السدود ودمر ابواب المدينة مما سهل سقوط نينوى المحصنة عسكريا بيد العدو. ويذكر المؤرخون أن نبو بلاصر ملك الكلدانيين , والذي سبق وان عينه اشور بانيبال ملكا على بابل , عندما دخل نينوى بجيوشه وجد جيوش حلفائه الماديين قد اتوا على كل شيْ في نينوى واشعلوا النار في قصورها وتركوا جثث الاطفال  والنساء والشيوخ تملأ الشوارع والازقة .ولما رأى نبو بلاصر كل ذلك عاتب الكيسار ملك الماديين وعَبًر عن امتعاضه لسياسة البطش والارهاب والتي مارسها الماديون بحق نينوى وابنائها.. ولم تمضِ ِ إلا سبعون عاما ونيٍف أي في سنة 539 ق م .جاء قورش الاخميني ليكمل كل المخططات  في الاستحواذ على ارض الرافدين بكاملها . فاحتلوا بابل وانتزعوها من الكلدان ليبرهنوا على صحة امتعاض نبوبلاصر من سياسة الماديين الهمجية ..! إلا انه كان قد فات الأوان ودفع احفاد نبوبلاصر الثمن غاليا إذ أضاعوا الوطن والى الابد!!.(من حفر قبرا لاخيه وقع فيه ) .

ومن ذلك الحين اتخذت السياسة الارهابية طريقها في فرض السيطرة على ارض الرافدين ومصادرة المنجزات الحضارية التي تراكمت عبر الاف من السنين من الحكم الوطني ابتداءا من الحكم السومري والاكدي والاشوري والبابلي . بدأ الارهاب بتمزيق الهوية الوطنية , وهوى بفأسه على الجذور ورغم عمقها لكن مفعول قسوة الضربات بدأ يظهر تاثيره في كل مكان  .لان ارهاب الغزاة  لم ينقطع منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا . ولولا عمق ومتانة جذور شعبنا في ارضه لما بقي منها اثر إلا تلك الاطلال التي يوارها التراب . لقد دفع شعبنا ثمن عظمة بلاده من خصوبة التربة ووفرة المياه وحضارة ورقيه الاجتماعي إضافة الى كنوز حضارته وموقع وطنه الستراتيجي  .لكل هذه الاسباب وغيرها كان هدف الغزاة ومحط إقامتهم فيه و في كل العصور . إذ اصبحت بابل عاصمة الدولةالاخمينية  بعد سقوط الحكم الكلدي . واتخذ الساسانيون المدائن  شق بابل عاصمة لهم اثناء حكمهم للعراق بعد  .ولما غزا اسكندر المقدوني الشرق عاد ليتخذ من بابل عاصمة لامبراطوريته  339  ق م .وجاء المغول والقوا بثقلهم على بغداد عام 1258م بعد ان احرقوا الشرق بغزواتهم واتخذوا من بغداد عاصمة لهم . في حين ان الجيوش السومرية والبابلية والاكدية والاشورية كانت سياستهم الذود عن الوطن وحماية منجزاتهم الحضارية التي تأثر بها معظم العالم القديم والتي لازالت تاثيراتها قائمة في العالم المعاصر , فلم نسمع ولم نقرأ ان الاشوريين والبابليين او الاكديين او السومريين تركوا وطنهم مثلما فعل الغزاة واتخذوا لهم وطنا اخر دون وطنهم  وعاصمة اخرى خارج اارض الرافدين   . كيف يفعل ابناء الرافدين ذلك ومدنهم المقدسة كانت قِبلة الدنيا وجنة الهتم العظية. كيف يستبدلون اور وبابل واريدو وسومر ووركاء ونينوى وكالح واشور ودور شيروكين ونممرود واربائيلو وغيرها من مدننا بمدن اخرى لاترقى برقيها الى قرى بيث نهرين . ولهذا السبب كان وطننا بمدنه وحقوله وكرومه ومكتباته ومدارسه تثير شهوة الغزاة الرعاع والبدو . الم يكن من حق جيوش الحضارة الذود عن منجزاتها ...؟التاريخ يشهد لما حصل . بعد ان اجتاز الغزاة الحلقات الضعيفة من حدودنا اعتمادا على الثغرات التي حصلت بفعل الخيانة والفرقة والترهل في الحكم ,اجتاح الجراد  الغزاة واحرق كل شيْ . ومن ذلك الحين وحتى يومنا هذا لم ينشر السيف الا الرعب والارهاب والاغتصاب والسلب والنهب والتهجير ..اين مدننا وبلداتنا وقرانا ؟ لم يبقَ  لنا منها الا اسماءها المشوهة بعد ان سكنها الغزاة وصادروا كل شيء فيها وشوهوا او استبدلوا اسماءها وابادوا شعبها وهجر من استطاع ان يسلم على روحه ليعيش غريبا ذليلا مستعبدا مسكينا بلا هوية معترف بها سواء كان في الوطن او خارجه .

سالني مدرس تاريخ ..نعم مدرس تاريخ ! وفي اوائل السبعينات هذا السؤال : اساتذ عجبا تركتم اوربا واتيتم الى العراق ؟؟!!!! . قلت له من تقصد ؟ قال اقصد انتم المسيحيينّ ...تصوروا مدرس تارخ يعتقد اننا قدمنا من اوربا الى العراق !!! .قلت له موضحا : يا استاذ نحن اجدادك اذا كنت عراقيا صميميا اصيلا,الا اذا كان اجدادك قد القت بهم احدى عواصف الغزاة هنا !

نحن اسياد هذا التارخ الذي تدرسه للطلبة . نحن صنعنا بلاد الرافدين وامجادها التي تفتخرون بها بين الأُمم . نحن احفاد اشور وحمورابي وسرجون واورنمو واتوحيكال ,نحن الذين شيدوا بابل واور ونينوى وسبار ونمرود واربيل وحضر وحيرة . نحن هنا قبل المسحية بالاف من السنين

بل نحن وارض الرافدين خلقنا معا وجعلناها فردوسا .. وها انت ترى بام اعينك ماذا فعلوا بها ؟

وبالامس وبعد اربعين عاما من ذلك السؤال سالني ايضا احدهم لماذا يقتل فيكم الارهابيون ويجبرونكم على ترك الوطن ماذا يريدون منكم ؟.

قلت له : يا سيدي بعد ان اتخذ العباسيون بغداد عاصمة لهم في ارض الرافدين ولم يجعلوا عاصمتهم في بلادهم الاصلية لان ارض الرافدين كانت لازالت تسحر من يريد ان يبني مجدا له حتى لو كان على حساب حرية وخبز ابناء هذا البلد المبتلي والمغلوب على امره  , استطاع العباسيون كسب ود علماء ابناء الرافدين الذين وضعوا لهم اسس حضارتهم . لذا اصبحت بغداد تثير شهوة الغزاة كما كانت بابل واشور . غزاها هولاكو عام 1258 م وفتك بحضارتها بعد ان كان الفساد والترهل قد نخرا في بنية الخلافة العباسية والتي كانت سببا في اشتعال الثورات في كل مكان مثل ثورة علي صاحب الزنج في الجنوب والثورة البابكية في الشمال الشرقي .

وما ان استقر المغول في وطننا بدا السيف  يحصد بالمسيحسيين حصدا ابتداءا من محمود قازان ابن هولاكو عام 1298م والذي كان قد استسلم بعد فشله في معركته مع المصريين لاحتلال بيت المقدس ورفضت الكنيسة سياسته في البطش والقتل وشن الحروب التي لا نهاية لها والتي تعادي مباديء المسيحية  وتسبب المأساة للبشرية .الا ان صورة الارهاب الصحيح رسمها تيمورلنك الدموي الذي بدا بابادة المسيحيين ابتداءا من جنوب العراق ومرورا ببغداد وصعودا الى نينوى وكركوك واربيل وامد حتى توقف عند جبال هكارى حيث عجز عن اقتحامها . ومن يومها انقرضت المسيحية من وسط وجنوب العراق ولم يعودوا اليها الا في القرون الاخيرة . ثم توجه تيمورلنك الى شمال ايران وسمرقند وبخارى ليخلف وراءه الخراب والدمار حيث ما سار ليبيد ملايين من المسيحين وليهدم الاف القرى والمدن .ثم اعاد الكرة بعد سنتين حيث  اعلن الجهاد العام في كل الامبراطوية المغولية ليجهز جيشا جرارا توجه لتحطيم الصين وروسيا الا انه سقط من الفرس ومات ! . ومن بعده بدا من نجى من ذلك الارهاب وقد قضوا سنينا بين مغرات الجبال والوديان ,بدأوا بالعودة الى القرى الدمرة في شمال نينوى واربيل ونوهدرا وامد يلملمون جروحهم متشبثين بالحياة بين وحوش كاسرة تعيش على القتل وامتصاص دماء الفلاحين سكان البلاد الاصليين . مات تيمورلنك (تيمور الاعرج ) عام 1405 م  . وبعد مائة عام ونيف أي سنة 1508م  شن والي بغداد برياق المغولي حملة على الموصل ولكنه عجز عن دخولها لذلك اجتاح سهل نينوى وفتك بالقرى والمدن واحرق ودمر واباد وقتل كل ما وقع في طريقه من قرى ومدن وبشر .ثم عاد الى عرشه ومن حوله من يكبر ويهنئه بانتصاره في جهاده لانه يحارب بإسم الدين  وهو مغولي محتل البلد !!!.وفي عام 1732 م  جاء نادر شاه ( طهماسب ) واراد احتلال الموصل وبعد حصارثلاثة اشهر لم يتمكن منها صبً جام غضبه على قرى ومدن سهل نينوى . ولم يترك حجرا على حجر كل ذلك باسم الدين ! واتى بشعوب خارج حدود الوطن واسكنها في القرى التي قُتل  اهلها وهرب الباقون بجلدهم  ولم يبقَ منها اليوم الا اسماءها المشوهة واناس ليسوا باناسها الاصليين . وبعد طهماسب جاء ميرا كور  بجيش جرار عام 1842 م  ليشن حملة ابادة قدم  الالقوشيون وحدهم 400 ( اربعمائة ) شهيدا ,وقام بالسلب والنهب والاغتصاب وفي كل  القرى التي مر بها وهم يكبرون في الاديرة والكنائس بعد ان احرقوأ مخطوطاتها النفيسة لإبعاد البرد عن اجسادهم ولينهبوا ما فيها حتى الاواني التي تُستعمل في القداس والطقوس الكنسية لم تفلت من ايديهم ,قتلوا الرهبان الذين تركوا الدنيا واتخذوا صوامعا لهم في الجبال ليس لهم من سلاح الا تسبيحاتهم !! الا انهم ذبحوا باسم الدين ! لينال قاتلهم حضوة عند الله ويدخل الجنة وينال المكافئة على فعلته !!! .

الم تسمع يا صديقي ابتداءا من 1915 و1916 م  ما فعل الجيش التركي والارهابيون بالارمن وبالاشوريين ؟ بعد ان  قتل مليونا ونصف المليون ارمني ونصف مليون اشوري , في وقت لم يكن نفوس العراق يتجاوز هذا الرقم , سلب وطنهم كل قراهم ومدنهم وممتلكاتهم ..وفي عام 1933م شن الجيش العراقي حملة ابادة اخرى قتل الاف المسيحيين .  وفي مدينة سميل وحدها اباد خمسة الاف من النساء والاطفال والشيوخ وهدم وسلب ونهب عشرات القرى واغتصيوا العذارى وهم يكبرون ويشكرون الله على نصرهم !!! كل ذلك باسم الدين !.

وفي الستينات والسبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن العشرين  ,وفي عهد صدام بالذات  ,هدم الجيش العراقي ثلثمائة قرية مسيحية  مع الاف القرى الكردية ,وقتل وهجر اهلها بحجة دعم الثورة الكوردية . وتجلى ارهابهم في قرية صوريا اذ اباد ابناء القرية المذكورة بما فيهم القس !!. وما يجري اليوم يا سائلي هو امتداد وتقليد ما حصل عبر قرون عديدة

 

 .ولكن كان عليك ان تسال بعد ان عرفت الحقيقة : كيف بقي هذا الشعب الاصيل الخالد لحد هذا اليوم مسلوب الارادة والحرية والوطن متشبثا بوطنه رغم هذا الارهاب وهذه المذابح والبطش والرعب الذي يرتكب بحقه عبر الفين وستمائة عام !!!؟ ؟  كل ذلك يعود الى عمق جذوره وصلابة ارادته ووعيه لتاريخه وتقديسه لحضاراته وتربة اجداده حتى الرمق الاخير . والارهاب اليوم لا يقتصر على قتل الرهبان وفي مقدمتهم الشهيد المطران فرج رحو ,او تفجير الكنائس وهي تعج بالمصلين , وكان اخرها كنيسة سيدة النجاة ,او تفخيخ السيارات والبيوت وتفجيرها باهلها ,بل هنالك ما هو اخطر  , ألا وهي اساليب الدعاية الحديثة  بوسائلها المعاصرة والمؤامرات السياسية التي تعمل على زرع  الرعب والخوف والتهديد  والانقسام والفرقة بين من بقي  من ابناء شعبنا متشبثا بارض الوطن  ,وزرع الفتن بينهم وشراء الذمم لقاء المساومة بالهوية القومية , الى درجة جعلت الكثيرين يتنصلون عن قوميتهم . وثمة من انكر اسمه التاريخي .  وهذه الاساليب لا تقل في نتائجها خطورة عن القتل والتهجير . هذا هو الارهاب المتعدد الجوانب والاسلحة والاساليب والمصادر , لكن هدفه واحد وهو شعبنا ..

هل توقظ ضربات الارهاب المميتة والمتنوعة من تبقى من ابناء شعبنا ليقف بوعي  وهو  في ساحة المعركة المصيرية وحده مسالما ليس له من يسنده في هذا العالم الا وعيه وارادته ووحدته ؟؟؟؟ .


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.