اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الوطن بين الموت والرعب والبطالة والإغتراب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

لطيف بولا

مساهمات اخرى للكاتب

الوطن بين الموت والرعب والبطالة  والإغتراب

 

 كم هو شعار الثوار رائعا ( الوطن او الموت ! ) . وكم مِن مناضل وضع حبل المشنقة على رقبته وهو يهتف : عاش الوطن ! . ولكم شقً صراخ المنا ضلين , عشاق الوطن , عنان السماء ينشدون للوطن وهم واقفون كالاشجار يواجهون وابلا من الرصاص بصدورهم يسترخصون حياتهم في سبيل حبهم لوطنهم . أنه الوطن موئل وشرف وعزة الانسان , بل حتى الحيوان يدافع عن بيته الذي هو بمثابة وطنه حتى الموت . جرب وان تمد يدك الى جحر الفأر ستراه يذود عنه باسنانه وقد يدفع ثمن ذلك حياته ! .وكم من مرة هرب ابناء شعبنا من وطنهم ,مجبرين , تاركين قراهم ومدنهم وحقولهم وبساتينهم وكرومهم واموالهم المنقولة وغير المنقولة  هربا من السيف والاوبئة والمجاعة , ولكن حب وطنهم كان يجبرهم الى العودة اليه متلهفين لارض اجدادهم  ليزرعوا الأمل بعد الموت بين قبور وأشلاء أحبتهم .

 وبدافع ذلك الحب اطلقت الشاعرة الالقوشية (كشًى ) صرختها في (ادنة ) في تركيا في نهاية القرن التاسع عشر بين مجموعة كبيرة من أهلنا تناهز مائة عائلة  تركوا ديارهم هربا  من الجوع والوباء والاضطهاد . هربوا بجلدهم وكانت قِبلتهم في تلك الايام (ادنة ) . ليكدحوا في مزارعها وحقولها  لقاء رغيف خبز يسدون فيه رمقهم . رغم كل ذلك كان الوطن هاجسهم والذكريات تلسع في قلبهم كالنار لا يخمد اوارها الا بدموعهم وترنيماتهم واشعارهم واغانيهم الحزينة والتي تصور معاناتهم  . وفي احدى الليالي وبعد عمل شاق في الحقول فاض الحنين الى الوطن ليغمر قلب الشاعرة ( كشي  ) المرهف ويجعلها تنطلق في غنائها الحزين  منشدة قصيدنها الرائعة قبل اكثر من مائة عام وها انا اكتب مطلعها  وفاء لذلك الحب وشاكرا تلك الدموع التي سطرت هذا الشعر  على السنة امهاتنا اللائي تناقلن هذه القصيدة والتي سمعتها من امي وانا طفل صغير طبعت كلماتها على قلبي لانقلها الى كل متلهف للوطن انكوى بلواعج الغربة واحترق بلوعة الحنين :

 ( خدًا شنّةاً  أةٍيلٍى ةَلجًا       وقطيعًالٍى اورخًا دمَرجًا )

(ايمًن  بددًعذخ  لالقوش          ويَةبٌْخ فؤيخاِْ قدّم  دَرجًا  )

( خذا   شاتا     ثيلـِه   تَـَـــلــكَا             وقــــطيعالــِه اورخا دمـَـــركَــــــــا )

ايمـَن بد دَارخ  لألـــــــــقوش   ؟!         ويـَـــــتــــــــوِخ بـــــصيخى قَم دَركَا   )

يختزل هذا البيت الشعري مشاعر ( كشٍى )  وحزن اهلنا في الغربة . ورغم ما اصابهم من دمار في الوطن الا ان حبه لازال طافحا في قلوبهم وهم يتعذبون بين مخالب الكدح والتعب والاذلال والغربة . وترجمة هذين البيتين هي :تقول في البيت الاول

(   في سنة من السنين هطلت الثلوج         وقطعت علينا طرق المروج )

شبهت وضعهم المأساوي بالشتاء القارس وتراكم الثلوج وهذه الاستعارة

 

نجتها من سياط الجلادين في حالة سماعهم لها . شبهت حكمهم الجائر وعهدم المظلم بذلك الشتاء وتلك الثلوج التي حرمت عليهم الربيع أي الحرية والسعادة فماتت  المروج  ذلك لان لم يعد هنالك ربيع ولا من يزرع الكل مات او هرب.وفي البيت الثاني تطلق الشاعرة كشى تنهيدتها على شكل سؤال وهو بمثابة شكوى لله لما هم عليه من شوق وضنك وتعب فتقول ( متى نعود اليك يا القوش ؟       لنجتمع بفرح امام الدار  )

انهم متعطشون للفرح الذي دفن في قراهم مع ماضيهم واحبتهم واجدادهم واعيادهم وكرومهم . فمن يخسر الوطن يخسر الحرية ومن يخسر الحرية يخسر الحياة . فكم مغترب من اهلنا اطلق هذه الحسرة القاتلة ,  كالتي اطلقتها الشاعرة كشي قبل اكثر من قرن ,وهو بعيد عن وطن الاجداد الذي أُجبر على هجرانه ؟؟

بالأمس القريب سمعتُ احدهم وهو يطنب في سرده للمنجزات .....! ولا أريد ان أعيد ما قاله . ولكن في مداخلة لي معه وأمام  الجمهور قلتُ له  : سيدي العزيز الحرية أساس الحياة الصحيحة وشرط من شروط الإبداع والتقدم  ولكن اذا أنعدم الأمان تختفي الحرية كما تتلاشى الظلال عند غروب الشمس . وهذا الشيء الأساسي , أي الامان , غير متوفر لأبناء شعبنا في كثير من المدن  إلا في اقليم كردستان العراق . وعليه ترى النزوح متوجه نحو الشمال أو الى خارج الوطن  ومنذ سنين طويلة واشتد بعد 2003 م . أما المنجزات والمشاريع التي تلهج في ذكرها ولمدة ساعة ان لم تكن وهمية فلا وجود لها في الأماكن التي تشهد البطالة والتسكع والأرهاب والنزوح والهجرة . وما البطالة التي تنتشر كالوباء المميت إلا نتيجة عدم وجود المشاريع وتوفير فرص العمل. هذا الوباء الذي ينخر في بنية المجتمع ليغدو أرضية صالحة لتفريخ الأرهاب ونمو الأفكار التي تشجع على القتل والسلب والنهب والتهجير على الهوية . ماذا يفعل الطالب الجامعي إذا كان كل يوم مهددا بالقتل وهو في طريقه الى الجامعة وبعد تخرجه لا يجد عملا ..؟! ويرى بأُم عينيه  من هو بلا شهادة ولا كفاءة ولا إخلاص يتربع على عرش الوظيفة ليس لخدمة الوطن بل ليسرق ويخرب . ما ذا يفعل المرء أذا كان مهددا بالخطف والقتل ليل نهار في البيت والجامعة والشارع والمعمل ودور العبادة ولا يعرف متى ومن اين ستاتيه الضربة؟! وبالتأكيد ليست الهجرة العلاج الشافي ولكن ( السخونة أحسن من الموت في هذه الحالة )وكما يقول المثل الشعبي . ليس من السهل أن يترك الأنسان الأرض التي ترعرع  عليها والبيت الذي تشا فيه والحياة التي تاقلم عليها وكرس كل عمره للتواصل معها إضافة الى كونه موطن اجداده .

 الموت في سبيل الوطن هو فرض ومسألة مقدسة إذا كان ذلك قضية  تؤدي الى تحقيق هدف سام وأمل يسعد فيه الشعب ويكسب الوطن حرية وعزة ورفعة . ولكن عندما يأتيك الموت من حيث لا تدري وانت في وطنك بل في دارك وعملك والقاتل مجهول ! والسارق مجهول ! والخاطف مجهول ! كالوباء الي تنتشر جراثيمة وتفتك بالناس دون ان يعرف مصدره ولا بلسمه  . ليس من السهل ان تقنع الناس ان

يستسلموا للموت من أجل اللا شيء ! . عندما تقف على حدود الوطن وبيدك السلاح عليك ان تدافع حتى الشهادة . لان العدو امامك وعلى كل مواطن غيور الذود عن وطنه . كذلك عندما يتسلط ظالم على رقاب الشعب سواء كان محتلا او دكتاتورا فاسدا يعادي مصالح الشعب على المواطن الصالح ان يناضل بكل الطرق لمحاربة الظلم والوقوف بجانب الحق . وهذا مافعله العشرات بل المئات من ابناء شعبنا  .

دافعوا عن الوطن وحاربوا الدكتاتورية بالتحاقهم بالثوار ودخولهم السجون والمعتقلات ,تحملوا العذاب والات التعذيب والفصل من العمل والفقر وواجهوا الموت بشجاعة . أجل تحملوا كل ذلك في سبيل الوطن لوجود  قضية والعدو مـُشَخـًص معروف . فسلكوا طريق الخلاص دون تردد رغم مخاطره . إلا ان المؤامرة اليوم غدت كالحبائل المتشابكة حول أعناق أبناء الشعب اختلطت الاوراق واخنلط الحابل بالنابل  واحترق الوطن في نار التعصب الأعمى والشوفينية والفرقة .ويخال للمرء ان استعمار الامس وصل الى غايته اليوم وترجم شعاره ( فرق تسد ) الى هذا الواقع ليحرق الوطن بشرور الطائفية وليقتل الروح الوطنية ويقضي على المشاعر الانسانية  وليزرع  محلها الانانية والهمجية التي لاتعترف بالوطن ولا بالمواطنة . ولتتحول الى اساليب ارهابية متعددة  الاشكال والاساليب في القتل والقرصنة والسلب والنهب والاغتصاب والتهجير على الهوية . فخسر الوطن من هم بأمس الحاجة اليهم مثل العالم والطبيب والمهنس والصحفي والشاعر والاديب والعامل والفلاح واستهدفوا المسيحيين  وبمخطط مدروس ومهيأ مسبقا وكأن الارهاب يريد ات يطفيء كل بصيص نور في هذا البلد ليسهل الاستحواذ عليه في الظلام  بعد ان يقضي على العلم والثقافة والشرائح الوطنية واالأصيلة المتحضرة والمتطورة اجتماعيا كالمسيحيين الذين كانوا ينبوعا للافكار الوطنية ومنهم كان رجالأ اسسوا الحركات الوطنية والقومية ودافعوا عن مبادئهم وتاريخهم  حتى الرمق الاخير . وكانوا قدوة لكل ابناء الرافدين ومثلا للصمود والوطنية والاخلاص الذي لا حدود له  .

ما هو الحل ؟؟؟؟

ــــــــــــــــــــ

لا يمكن علاج افكار شوفينية تعصبية مستفحلة دون إزالة اسبابها ومسببيها . وإذا كان الارهاب قد قدم من خارج الوطن لا بد وان وجد  له ارضا صالحة لانتشاره في العقول السوداء المشبعة بالحقد والضغينة الى كل ما هو انساني وعلمي ووطني . وكان النظام السابق قد شرع بتهيأتها بعد ان تاكد له ان زواله اصبح مؤكدا . وبعد سقوط النظام لم يعمل الحاكم الذي ورث صدام على إزالة الدمار الذي خلفه النظام السابق بل وفر الاجواء للعناصر الهدامة وعمل على اجهاض كل الجهود التي تنصب في اعادة اللحمة الوطنية وازالة مخلفات النظام السابق . استفحل الفساد والبطالة وعشش الارهاب ثم اشتد ساعده داخل الوطن وبدا بهجومه ولم تستطع القوى الوطنية ايقافه حتى هذه اللحظة رغم مرور ثمان سنوات .  ذلك لان الارهاب ترسخ

 

واستطاع ان يخترق كثير من الاجهزة ليوجه ضربات قاتلة الى مواطنين ابرياء وصار هم الاحزاب التي كان عليها حماية الشعب صار همها حماية انفسهم ومكتسباتهم السياسية والمادية واتقاء شر الارهاب  ليتركوا الشعب والوطن فريسة لكل من هب ودب .

 يبقى التوجه العلمي والحضاري والانساني والوطني للدولة والدستور والنظام والاحزاب الحاكمة هو الكفيل لبناء وطن للجميع خال من التعصب  والشوفينية . وطن ٌ  يتساوى فيه الجميع بالحقوق والواجبات . يجب غسل العقول الملوثة بالافكار الهدامة من أدران التخلف والتعصب والشوفينية والتي تعج بها وتشجعها امهات الكتب في المدارس والجامعات والمكتبات العامة , ويتغنى بها البعض من المنابر العالية والشاشات الساطعة يهيئون من خلالها النفوس الضعيفة للتعامل مع الاخرين بحقد وضغينة وتعال . حتى بات البعض يرى في جار له عدو يحلل قتله وسلب امواله واغتصاب عـِرضه  .لان في ذلك  ,كما صور له  , رضوان لله تعالى !!!!. الم يحن الوقت لتنظيف العقول من هذا الزؤان  وزرع محله ما هو وطني وانساني وعلمي وواقعي ؟!.. وهذا لا يتم في ليلة وضحاها .. وقد مرت ثمان سنوات ويكفينا ما اصابنا من دمار.. اذا كنا حقا نريد ان نوقف هذا الخراب لنبني من جديد وطنا وصل الهدم الى اساسه . اجل ذلك لا يتم بليلة وضحاها لان بناء النفوس  التي هدمتها معاول الاشرار يتطلب وقتا كبيرا وجهودا جبارة مع الحزم والنية الصادقة وفي ذلك صعوبة بالغة في الوقت الراهن لان المنافسة تناحرية !  وليست ديمقراطية مسالمة  لخدمة الشعب والوطن .

 بالنسبة لابناء شعبنا في قرى ومدن سهل نينوى الكثيرون منهم شملهم الاستقرار والامن والانتعاش الذي حصل في اقليم كردستان . بالاظافة الى الأمن هنالك عدد كبير من أبناء المنطقة يعملون ويدرسون في مدن الأقليم . إلا اننا لاننسى بان ثمة مصاعب ومعناة كثيرة في حياة الاخرين . نتيجة الظروف الصعبة والتهديدات المستمرة أدت الى انقطاع الكثير من الطلبة الجامعيين من الدراسة في الموصل بسبب الاوضاع الأمنية ...المشاريع معدومة كليا منذ سقوط نينوى عام 612  ق. م !!!  .. انا شخصيا قدمت عدة بحوث لانشاء مشاريع ومجالات عمل في المنطقة منها  1- انشاء جامعة في سهل نينوى  2- معمل للاسمنت   3- معمل للالبان   4- مشاريع ارواء من البحيرة المطلة على سهل نينوى ونهر بندوايا   5- حقول لتربية العجول والاسماك   6- معمل تعليب اللحوم ومعجون طماطة   7- معمل حجر  8- معمل للانسجة ... قدمت هذه البحوث ولم يستجب ولو لمشروع واحد حتى ابسطه مثل فرع لمصرف رافدين في القوش ينقذ اولئك الذين خدموا الدولة والشعب عشرات السنين ولما احيلوا على التقاعد كان عليهم ان يفترشوا الارض امام مصرف الرافدين في تلكيف صيفا شتاء يقطعون عشرات الكيلومترات  من القوش وتلسقف وبوزان وحطارة ودونغاض وسريجكا وقرى عديدة اخري ينتظرون في طابور ساعات ليحصلوا على راتبهم التقاعدي بمنغصات ومتعاب ومخاطر  لا حدود لها ...

 

أو انشاء مركز ثقافي ليجمع الموهوبين من الشباب ليطوروا  قابلياتهم لخدمة الوطن . فمن لم يُقتل بالمفخخات هنا فهو يعاني من اشياء لا تقل خطورة تمس صميم حياته ومستقبله الا وهي البطالة والملل والخوف من المستقبل المجهول ومتاعب اخرى مختلفة كالموت  والبطالة والتصحر والكل يزحف دون رادع ولا علاج ..والناس صابرة في يأس قاتل .

شعب يعيش على ارض اجداده تحتها كنوز من النفط والخامات الثمينة وفوقها كوثر من الانهار تجري, رغم كل ذلك فهو يعاني العطش والجوع والبطالة  وارضه ظمأى تشكو التصحر !!! ( كالعيس ظمان وعلى ظهره الماء محمول ) .

كيف تستطيع ان تقنع خريج جامعة او صاحب عائلة او أي شاب يفكر في مستقبله وهو عاطل يتسكع في الشوارع بلا امل ان لا يهاجر ؟؟. كيف  تستطيع ان تستدرج الجالسين في المقاهي ليل نهار وما اكثرهم , لنحثهم كي يصبحوا من رواد  المكتبات والمسارح والنشاطات الفنية والادبية والى الندوات الثقافية والنشاطات الاجتماعية  ؟, وقد يئسوا من الحياة وكرهوا الثقافة والمثقفين والسياسة والسياسيين لانهم كما يعتقدون هم الذين جلبوا لهم هذه البلاوي !! وعليه ترى مَن أجًلَ سفره اليوم ,او ينتظر أن يهاجر غدا قد جلس خلف طاولة وبيده دومينا  او  طاولي او ورق لعب او قدح خمر وليس الكتاب ولا القلم ولا الة موسيقية !!!!. ليس في المقاهي فحسب بل وفي اماكن يافطاتها تدل على انها بيوت للثقافة ! . يحز في نفسي  ان اقول هذا وان اكتب من صميم هذا الواقع المرير والذي سيكون له مردودا  قاتلا على مستقبل الانسان والوطن .  ويؤسفني ذلك ولكن سارسم  صورة حزينة تجسد هذا الواقع المتهريء  ولا أُحمٍل هؤلاء الضحايا المسؤولية بقدر ما أُحمٍل مسببها الاساسي الا وهو النظام الذي هو المسؤول على تربية الشعب بنشر العلم والثقافة والفنون وتوفير فرص العمل

 

 وإذا كانت الشعوب المتقدمة تفتخر بنتاجاتها الأدبية والعلمية، وبفنونها ومسارحها بصناعتها وزراعتها. فنحن نفتخر بالعدد الهائل لمقاهينا وهي رمز التخلف والكسل والتلوث. هذا ما قلته لمسؤول نادي ثقافي وأجتماعي. حينما دعاني للتردد إلى ناديهم الثقافي. حملت كتبي وأوراقي لأنزوي في مكان في ذلك النادي لكي أكمل قراءتي وكتابتي.

        اندهشت حينما لم ارَ مكاناً للقراءة ولا مكتبة ولا مصدر للكتابة قلت لصاحبي ساخراً الحمد لله بلدنا يشهد في عهد الحرية والديمقراطية نهضة عارمة وازدهاراً لا مثيل له في المقاهي!. فبالإضافة إلى المقاهي التقليدية.. ولكثرة المفكرين والفلاسفة والأدباء الذين أنهكهم الشعور بالمسؤولية تجاه شعبهم! وتعدد الأحزاب وتشابك طرق النضال واختلاط النظريات وإلغاء المهرجانات الأدبية والثقافية

والفنية خوفاً على صحة الشعب!! بسبب كل ذلك ولأسباب أخرى..

تحولت النوادي الأجتماعية والجمعيات الثقافية إلى مقاهي! لأن هذه تضحية سيذكرها التاريخ كظاهرة صحية تخدم الشعب والوطن والأُمة (أُس خمسة!) والإنسانية التعبانة! ولأنها أراحت العقول المشوشة من شرور المسرح! وبذاءات الفنون! وخرافات العلوم والآداب! وجنون الموسيقى! والتي ليس من وراءها راحة وفائدة شخصية وعامة كالطاولي والدومنة والورق والطاولة و… و…

        لذا نتمنى من الحكومة الجديدة والمنتخبة من قبل الشعب أن تولي اهتماما بليغاً بالمقاهي والشايخانات الأجتماعية والثقافية! أكثر من المدارس والمعامل والحقول والمسارح! لكي نقطع دابر التقدم والتطور في بلدنا العزيز! والذي بات الرجال فيه يتقزّزون من كلمة التطور! ودعاة الثقافة يُطالبون الدولة والجمعيات الخيرية في الخارج وداخل الوطن مزيداً من الدعم وبالدولار رجاءً لدعم هذه المقاهي الاجتماعية والثقافية! ونطالبكم وبنكران ذات كما عهدتمونا صادقين في نوايانا النابعة من ضجيج المقاهي والشايخانات الصاخبة نطالبكم بما يأتي

1-  جعل (بول) الدومينا والطاولي من الزجاج الملون لكي يتهشم تحت يد من يقرعه بقوة على الطاولة ويسبب إزعاجا لشعبنا الكريم! ويا حبذا لو عُبّيء هذا (البول) بمادة ((TNT)) شديدة الانفجار لكي يتعود اللاعبون على اللعب الراقي أو يتحمل النتائج سيما وقد تعود على.. بُم.. طاق.. بُم..!

2-  توزع أسطوانات أوكسجين لزوار هذه المقاهي الأجتماعية الثقافية! لحماية قصباتهم الهوائية من السرطان بسبب دخان السيكَاير المتلبد في جو المقاهي الثقافية والاجتماعية!.

3-  توزع كمامات الآذان لحماية العصب السمعي، لمن آذانه سليمة عند دخوله هذه الشايخانات الراقية، لأبعاد صوت طبطبات (البول) الذي ينقر كالغراب بالدماغ!.

4-     يمنع دخول من لا يقرأ ولا يكتب ((أي لا يلعب ولا يشرب)) وهذا شعار روادها.

5-     يُكتب على وجه الورق ((الدستا)) لكي لا ينسى اللاعب الوطني وطنه.

موطنـي موطنـي       بالمقاهي والتراخي

وبالنـرد والأوراقِ      بالأقداح والصيـاحِ

                        نفتديـك نفتديـك!

لا فنون لا مسارح      لا أداب لا موسيقى

لا علـوم لا ثقافة        بل تسكع ودومينـا

               في رُباك في رُباك

6-  ويكتب على ظهر ورق اللعب (دستا) ولكي يقرأها زميله الجالس قباله بأستمرار ولا يضيع من وقته الثمين أثناء اللعب لأن القراءة عنده أمر من الزرنيخ! لذا يكتب على ظهر الورقة :-

لا مكـان للكتـبِ بيـن أوراق اللعـبِ

غضب صاحبي وقال أنت لا تحب اللعب لا دومينا ولا طاولي ولا ورق ولا تدخن لماذا تعيش ماذا تحب أنت بالله عليك قلتُ أحب

1-     العمل المثمر لأنه سر الحياة

2-     الصدق لأنه صك الشجاعة

3-     الوفاء لأنه مرآة الفضيلة .

قال وما الذي تكرهه قلت

1-     قتل الوقت بالطاولي والدومينا والورق

2-     الغضب لأنه يلجم العقل

3-     الكذب لأنه يضع صاحبه دون مستوى الحيوان.

قال: وهل نحن مخيرين بان نعمل ما نحب ونستغني عن الذي لا نحبه

قلت: أجل لي الإرادة وكما ترى لا أفعل ما اكرهه وما أراه مضراً لي وللمجتمع فقط ليّ  ثلاثة أشياء ليس لي القدرة على فراقها

قال: ما هي؟! 

 

قلت:    1- الكتاب

2- القلم

3- الوتر.

وثلاثة أشياء لا أستغني عنها وأنا في الحياة

قال: ما هي؟!

قلت:   1- الحرية

2- الحب

3-الحلم

قال:  إذاً أنت لا تنفع لمجتمعنا

قلت: بل قلْ لمقهانا!

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.