اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

ثرثرة في الحب (17)- أحْضُنِّي يا ظالم// د. سمير محمد أيوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد أيوب

 

 

عرض صفحة الكاتب

ثرثرة في الحب (17)- أحْضُنِّي يا ظالم

د. سمير محمد أيوب

الاردن

 

أتَّصلِت غاضبةً باكيةً. تَصيحُ دون عتبةٍ أو إستئذانٍ: أيها العاقُّ ألمُمْعِن في عُقوقِه، ألمُجازفُ كثيراً في معارجه؟ ألَمْ أزِدْكَ فوق حبِّ المحبين حُبّاً؟! ألَسْتَ حتى على البُعدِ، أقرب إليَّ من الأبهرِ في يسارِ الصدر؟! الكيفيةُ ألتي أراكَ فيها تَمرُّ في القلب وحده. تجلب لي الغيرة. ولا تجعلك رمادا. ولا تُخفيكَ بين الرُّكام أو الحُطام. بل يتثاقلُ بك سوءُ الفهم. ألفرحُ والحزنُ يتنافسان على إستنباتِ معالِمَك. لأراك مُذاباً في كلِّ شئ. مُحتَلاًّ لكلِّ شئ. فيزدحمُ بكَ خاطِري ولا تتلاشى فيه.

 

قلتُ: ما بِكِ يا نجمةَ إسْهيلْ؟

قالت دون أن تلتقط شيئا من أنفاسِها اللاهثة: قهوتُنا وأنا مفعمون بكَ كلَّ الوَقْت. ولكنَّك تُثيرُ قلقي. أرى الفوضى ألتي باتت تُهَيْمن على موانِئَك. تغزوها تغريداتٌ، أجمعُ قِطَعَها ألمُتناثرة. فتتقوضُ طُمأنينتي. وتتشظى سَكينتي. فأزدادُ خشيةً من أن يتأصل فيكَ التَّنَكُّر، وتنقلبَ علي. قلبيَ بارٌّ بك. فلا تتمادى في عقوقك. تلك المساحة بين ذراعيك، وطني الظليل يا ظالم. لِمَ زَرَعْتَهُ في غِيابي، مُستوطناتٍ ومُستعمراتٍ ومَحميات؟! حتى بات مأوى لكل عابراتِ السبيل، الباحثات عن الكَيْفَما كان فيك. ويحَكَ، أريدكَ كفلسطينٍ وطناً مُحرَّرا، بلا إحتلالٍ أو مُستعمرات.

 

تعالَ الآنَ إليَّ، راكضا فاتحا ذراعيك، واحضني. سيبقى حضنك يختطفني، من نفسي إلى نفسك. فأنا كما تعلم، ما زلتُ لا أحسن التَّنَكُّرَ لحنينِ قلبك، أو لأحلام قلبي.

 

قلتُ مكرِّرا : ما بِكِ يا أحلى ما في النساء من نِساء؟

 

قالَت: قهوتي اليوم تُعاندني، فيها مرارةٌ لم أعد أحتملها، وتأبى مُفارقتي. نَضَبَ السكر وأنا أُجالسها وحدي. والمعارج لحوافِّ فناجيلي وقيعانها، بدونك باتت مُغلقة.

 

يا غائباً رغمَ المسافات بيننا، ما أقرَبَك. تعالَ، إحتسي معي قهوة الصباح والمساء والكثيرِ مما بينَهما. فأنا أحب الساحرة معك. بدويَّةً كانت، أم عربية أو فرنسية. لنا معها حكايات عديدة. بعضها جميل وبعضها موجع. كانت تأخذنا إلى عوالم متكاملة، وتجوب بنا فضاءات كثيرة متجددة. لا تنتهي مع آخر قطرة في الفناجيل.

 

قلتُ : لِمَ تبكينَ إذن ؟

 

قالت: مثقلةٌ بالحزن المكتوم، وآهاتِ الحنين المؤلم. تعالَ ألِجُ دوائرَ حِضنك الآن. لأستكملَ بُكائي على صدرك. أحتاج لنسيانِ نفسي فيك. البكاء في موانِئك وأنا مغمضة العينين تِرياقٌ، لكل خليّة في جسدي وروحي. أنتعشُ بعد أن يتلاشى ضجيجُها ويَهدأ.

 

قلتُ : وإستبدادُ الجغرافيا وحتمياتها يا الونيسِ الأنيس؟

 

قالت، بفرحٍ مشوبٍ بقلقٍ مُستكين، تتهجى التمني: دَعْ عنكَ كلَّ تفاصيلِ الحياة وتُرَّهاتِها، وتعال. أَقْدِمْ وأمْسِكْ بالزمام. لا تكترِثْ بالرُّكام أو بالحطام. أريد أن أختلي في حضنك مع نفسي. فوراء حضنك عوالمٌ شاسعة. لا يُدْرِكُ المُطلق فيها، إلا أنا والصمت. فأيُّ عناقٍ صادقٍ ذاك، إن لم يكن فيه إصطكاكُ الضلوعِ، متبوعا بشهقةِ إتحاد الأرواح!!!

 

ولكن، ليس شرطا دائما، أن يكون للعناق ذراعان، ولسان وشفتان. فقط تعالَ بقلبٍ يُجيد الإحتواء، مُخضَّباً بالدمع، مُشبَعا بفرحِ المُتَّقينَ، المُوقنينَ يا رجل.

 

والباقي تفاصيل.

 

الاردن – 26/10/2018

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.