اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

أحزابُ حارِتْنا، إضاءة على المشهد في الأردن// د. سمير محمد أيوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد أيوب

 

عرض صفحة الكاتب

أحزابُ حارِتْنا، إضاءة على المشهد في الأردن

د. سمير محمد أيوب

 

في حاراتِ الوطن، بعضُ أحزابٍ أصيلة متجذرة، لم يسافر ناسُها في دهاليز الإفساد. ولم يُبحروا في معارج السلطة. صامدون يتحسسون بمسؤولية وطنية عالية عوالِمَ البُؤس الوطني والقومي.

 

ومع هذا، لم ينجحوا كثيرا في تسويق أنفسهم، لأسباب كثيرة. منها الذاتي، وأهمها عدمُ جِديَّةِ المعنيين الرسميين في التعامل معهم. ظنّاً من هؤلاء المعنيين، بأنَّ هذه الأحزاب، إمتدادا لدولٍ تُخاصمُ الأردن، او لأحزاب عربية كبرى، تخاصم الأردن هي الأخرى.

 

ولكن، بعد الإنفراج الديمقراطي، إمتلأ الوطن بهياكل أحزاب وأشباه. أُهبِطَ بعضها من ضباب المصالح. وبعضها بالمصاعد الجهوية رُفِعْ. وتمت ولآدة بعضها طبيعيا من رحم الوطن، وأخرى بالتوليد القيصري وفزعاته الفجة.

 

إستقطبت بعض هذه الهياكل أو أسْنِدَت، من أحضان مراكز القوى، بِنُخَبٍ تفتقر لأيٍّ مِنَ الإمتدادات الجماهيرية في الأرياف، أو البوادي أوالمخيمات. تسابقها المَصْلَحي في أرحام الدولة، أفشل بعضها. وبعضها إندثر، أو في طريقة إلى ذلك. بعض ناسها وإن لم يصلوا بعد، إلى الكراسي الرسمية للقوة، فإنهم لا يَقِلّون إفسادا في يوميات الوطن، عمَّنْ هَبروا شيئا من الوطن.

 

بعضهم منذ تسلَّق آلى شكلياتِ حزب، كان أشبه بورقة بيضاء وما زال. وبعضهم باقٍ قنبلةً صوتيةً أو دُخانية لا أكثر. وبعضهم أشبه بصراخِ مُناسبات فَجائعية. تُوَظِّفهم مرجعياتُهم في قاعات مقفلة، لإبعاد البؤساء عن فهم ما هم فيه من متاهات وأحجيات وفواجع ومآسي وكوارث. جلُّ هؤلاء وأولئك، منعزلون عن قلوب الناس وأفهامهم. متخصصون في شدِّ غضب الناس إنْ سَطَعَ، بعيدا عن غاياته الوطنية ، وتتويه مقاصده الإجتماعية.

 

يعيش أصحاب هذه الهياكل، في بذخ يومي مريح، من جيوب الوطن وأهله . مُلَوَّثين بوهمِ أهليتهم في أن يكونوا الحزب القائد الطليعي، ورأس الحربة في إنجاز التغيير الجمعي الشمولي. يتشعبطون كلَّ مأساة او ملهاة، وآخرها قتل اولادنا ظلما يرحمهم الله ، في ما بات يسمى بمأساة البحر الميت.

 

حال الأنا السياسية عندهم، حال الحكومات التي يناكفونها. فليس كافيا لإحداث التغييرالذي يلامس أحلام الناس، أن يكون جزءا من البرامج المكتوبة، بل ديدنُ عملٍ يومي، يتراكم بالإقتداء وبالإهتداء والمثل الحسن. لا بالتنكر لقيم التغيير ومقتضياته، ولا بالإبتعاد عن أسباب وروح العصر.

 

لن تتم حماية الوطن وأهله إلا بالمواطنة الحقة، وإشاعة الحرية والديمقراطية والمساواة بالقانون. وكل هذا لا يمكن له أن يتمَّ، بهياكل نخبوية أو شللية او جهوية او مصلحية، محدودة العدد والعدَّة، ينخرها التكاذب والإدعاء والإنتحال. ولا بالبقاء على نفس المسافة، من الناس المقهورة ومن قوى القهر وقوى الإفساد وقوى الشد العكسي. إرضاء طرفي المعادلة، او الجلوس على الأرصفة،  سذاجة حزبية إن لم تكن أبشع. تُبقي أصحابها متسكعين على حوافِّ الحياة السياسية والمطلبية لا أكثر وإن أقل.

 

بعض أصحاب تلك الهياكل الحزبية، يعرفون من أين تؤكل أكتاف الحكومة وفواجع الناس. لديهم مفاتيح كثيرة لتجميل الفساد. لتقاسمِ جِنانِ النعيم الفردي، والنأيِ الحزبي عن جحيم الإقصاء وبردِ الهَجْرِ والتهجير. يُمالِئون الملائكة، ويتملقون كبارَ الشياطين، ويختصمون صغارَ الأبالسة،

 

منظوماتِ الإفساد سَرَقَت ماضينا. وتَنهبُ حاضرنا. وتُطوِّقُ مُستَقبَلنا. وبعض أحزاب حارتنا، تشارك فعليا في ذلك، بالتواطئ أو بالصمت أو بالعجز. بالتأكيد لبعض الهياكل الحزبية، إرتطاماتها الخاصة، في كل حارة من حارات الوطن. يتسولون عبر معارك هزلية، وُعودا بمكسب فردي هنا، أو منصب هناك، أو نفوذ شَعبوي زائف هنالك. ولجمهورِ الناس صراعاتهم اليومية الجمعية، مع الفساد والمُفْسِدين. ولا علاقة لهذه بتلك.

 

الاردن – 27/10/2018

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.