اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• محاولة في فهم لغة الحيوان ومناجاته- الجزء الرابع - النحل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د.هاشم عبود الموسوي

مقالات اخرى للكاتب

 محاولة في فهم لغة الحيوان ومناجاته

 الجزء الرابع

 النحل

 

لقد عشت في بداية الستينات من القرن الماضي لبضع سنوات بمدينة فايمار الألمانية فس مقاطعة التورينغين..تلك المينة التي بالرغم من صغر مساحتها و وقلة عدد سكانها ، الا أنها لعبت في ماضي الشعب الألماني أدوارا  ثقافية و سياسية مهمة..ففيها تأسست جمهورية فايمار الشهيرة .. وعاش فيها الشاعران الكبيران  غوته و شيللر و أقام بها الموسيقار الشهير شوبان.. وفيها تأسست أحدث مدرسة معمارية في بداية القرن الماضي ، والتي غيرت في مفاهيم الهندسة المعمارية، لتخرجها من الكلاسيكية الى الحداثة التي تناغمت مع التطور الصناعي المتصاعد آنذاك و استخدام المواد والتقنيات الحديثة  ، تلك هي مدرسة الباوهاوس الشهيرة  ...

في هذه المدينة تكونت لي صداقات كثيرة مع شرائح مختلفة من سكانها ، ومن ضمن هؤلاء كان لي أحد الأصدقاء ممن يسكن في قرية قريبة من المدينة تسمى "أبولدا" ، وكان مولعا بتربية النحل

 ، ويمتلك

مزرعة  كبيرة تحتوي على عدة مناحل ... وعندما كان يدعوني في نهايات الأسابيع  لأقضي يومين من الأستجمام  و تذوق المأكولات الشهية التي كانت تقدمها لي عائلته ، اضافة الى التجوال في المزرعة بين الأشجار المثمرة والمزهرة  و خلايا النحل المنتشرة هنا وهناك ،

وكان يشدني حديثه وشروحاته لي عن عادات النحل وطبيعة حياتها ..

وكنت أدون كثيرا مما يذكره و أقوم بالتقاط الصورللنحلات الجميلات ثم أقوم بتكبيرها و أرشفتها .. ولكن السنين الطويلة التي مرت علي بكل تداعياتها، لم تبق لي سوى بعضا من تلك المعلومات العالقة بالذهن عن النحل ، اضافة الى ما استطعت أن أدونه عن هذه الحشرات الدؤوبة على الحركة و النظام و انتاج العسل ، من بعض اطلاعاتي على ماتيسر لي من كتب و مجلات علمية متخصصة ...

وها أنا أدون هذه المعلومات المتواضعة التي تخص لغة الاتصال لدى  النحل

 

النحل مخلوقات مشغولة جداً وليس لديها وقت لتحديد النسل وفي نفس الوقت ذاته هناك العديد من صغار النحل.

نحل العسل لديه نظام من الاتصالات الذي يسمح للباحث عن الطعام بالرجوع الى الخلية لأخبار بقية النحل عن موقع وجود الطعام ويعمل هذا بواسطة القيام برقصة على جدار الخلية لتكشف لهم الموقع وصنف الطعام.

سلوك الرقص يمكن أن يتخذ أحد النماذج التالية: الدائرية أو المنجلية أو هزة الذنب.

العامل الذي يحدد نوع الرقصة هو المسافة بين مصدر الطعام والخلية، فالرقصة الدائرية تشير الى قرب الموقع من الخلية عندما يكون على بعد عشرين قدماً أو اكثر بقليل.

أما الرقصة المنجلية فتشير الى الموقع بمسافة متوسطة من الخلية أي حوالي من عشرين الى ستين قدماً بينما رقصة هزة الذنب تشير الى المسافة التي تتجاوز الستين قدماً.

وفي كل الرقصات تحط النحلة على جدار الخلية وترقص على الاقدام وفق النموذج المناسب فمثلاً في الرقصة الدائرية ترسم النحلة دائرة.

        وقد تُفشي بعض الدلالات على بعض المدلولات بواسطة الرقصة الدائرية ، فبالإضافة إلى تقدير المسافة فقد يكون هنالك دلالة على مصدر الطعام . وهذا يتضح من خلال تكرار النموذج الذي تنجزه النحلة برقصاتها الحيوية ، وفي كل أنواع النماذج.

      ولكي تنجز النحلة الرقصة المنجلية عليها أن ترسم شكلاً منجلياً أي شكل ثمانية على الجدار.

      الزاوية الناتجة من إتجاه النهاية المفتوحة لرقصة المنجل مع العمود هي نفس زاوية مصدر الطعام من الشمس على هذا النحو تكشف الرقصة المنجلية المعلومات التالية :

      المسافة التقريبية والإتجاه والصنف إنظر الشكل ( 1-1)

 

شكل ( 1-1 ) الرقصة المنجلية في هذه الحالة يكون مصدر الطعام من 20 إلى 60 قدماً من الخلية

 

أما رقصة هزة الذنب فإنها توحي إلى جميع المعلومات فعدد تكرارها في الدقيقة ترمز إلى شيء معين فكلما كان تكرارها أبطا زادت المسافة ، إنظر الشكل ( 1 – 2 ) .

 

شكل ( 1-2) رقصة هزة الذنب

 

عدد الرقصات التي تقوم بها النحلة تنجز الشكل التالي (1-1-1-2 ) الذي يُشير إلى المسافة من مصدر الطعام .

        فرقصة النحل تعبّر عن نظام فعّال في الإتصالات فيما بينها وأيضاً قادرة على إيصال أنواع مُختلفة من الرسائل وفي هذه الحالة نقول أن رقصها مُتغير بشكل دائم مثل لغة البشر وبعكس لغة البشر ، فأن نظام الإتصال للنحل يعتمد على موضوع أو فكرة واحدة فهي ثابتة ولا تتغير .

مثال:

        أجبر بعض الخبراء نحلة للذهاب إلى الطعام وعند رجوعها للخلية فقد أظهرت المسافة التي قطعتها أبعد مما كان عليه الطعام بخمس وعشرين مرة ، لأنه لم يكن للنحلة أي نظام إتصال ليرشدها . فغياب الإبداع يجعل رقص النحلة نوعاً ما يختلف عن لغة البشر كما هو الحال بالنسبة لبعض نداءات الطيور وأغانيها فهي فطرية تماماً وسلوكها الجيني ثابت .

ولقد أكد بعض الأخصائيين أن النحل يتصل برسائل دقيقة أكثر من الأصوات ، وبعض أجزاء اللغة يمكن تعلمها فالنحلة العاملة التي تخرج لأول مرة تعود إلى الخلية وترقص الرقصة المُلائمة لنفس جنسها. وفي لغة البشر نجد العلاقة بين شكل الكلمة ومعناها عشوائي . فماذا عن رقص النحل ؟ وما هي أشكال الإشارة ؟ ولأي معاني تستجيب ؟ فهل العلاقة عشوائية أو لاعشوائية ؟ وعندما تعتبر رقصة الذنب إحدى الأشكال اللغوية هي تلك التي تعبر  عن المرح لوجود صنف محبب  من الطعام فالعلاقة واضحة أنها عشوائية ، لأنها لا يمكن أن تمنح الحيوية وفي الحقيقة كنا حذرين كي لا نقول بأن المزيد من النشاط يشير إلى جودة عالية أو قليلة لمصدر الغذاء ولأن العلاقة عشوائية فلا يوجد طريقة مبدئية للأخبار فالسؤال عن المسافة يزداد تعقيداً فكلما كان معدل التكرار أقل كلما كانت المسافة أكثر وبشكل مبدئي تبدو أن هذه العلاقة عشوائية ، ولكن دعنا نستعمل بعض الفيزياء لتكرير هذه العلاقة :

          فكلما إزدادت المدّة لإنهاء النموذج الأساسي دل ذلك على أن النحلة ستقطع أو ستطير مسافة أطول ، فنحن نرى أن هذه الإشارة إلى حد ما غير عشوائية وكذلك الحال بالنسبة لتحديد الوجهة ويجب أن تتركز على أية حال على حقيقة أن هناك العديد من الأنظمة للإتصالات والتي تحتوي على إشارات عشوائية مرتبطة بالمعاني التي تمثلها فالعشوائية ليست كافية لجعل نظام كهذا يشابه لغة البشر فقد ذكر ديكارت منذ ثلاثمائة سنة مضت بأن أنظمة الإتصال للحيوانات تختلفُ نوعاً وكيفاً عن اللغة التي يستعملها الإنسان .

*( إنها لحقيقة واضحة بأنه لا يوجد غبي واحد بين الأغبياء أنفسهم الذين ليس بإمكانهم ترتيب كلمات مُختلفة مع بعضها لكي يكوّنوا منها جملة يعبروا بها عن أفكارهم ، ومن ناحية أخرى لايمكن لأي حيوان آخر مهما كان كاملاً أن يفعل نفس الشيء وتحت أي ظرف .)

     ويذهب ديكارت إلى القول بأن أحد الإختلافات الهامّة بين الإنسان والحيوان لا تبدو في إستعمال الإنسان للغة إستجابةً لعواطفه الداخلية والخارجية مثل أصوات وإيماءات الحيوانات . فهو يحذر من سوء إستعمال الإنسان للغّة مع بعض الحركات الطبيعية التي تخالف العاطفة أو الميول والتي تكون ظاهرة وجليّة لدى الحيوانات.

     فكل الدراسات لأنظمة الإتصالات بين الحيوانات تزودنا بدليل على تمييز ديكارت بين الرسائل الحيوانية الثابتة المُتعلقة بالحوافز وبين القدرة الإبداعية اللغوية التي يمتلكها الحيوان الإنسان .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.