اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• مَسيرة المائة يوم .. وهل من سبيل لدَحر الفساد؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د.هاشم عبود الموسوي  

 مقالات اخرى للكاتب

مَسيرة المائة يوم .. وهل من سبيل

لدَحر الفساد؟

لقد شبّه أحد علماء الأخلاق والإجتماع ، الفساد بنوع من الشجيرات والأعشاب الضارّة التي تنمو في التربة الصالحة فتوقف نمو النباتات . مظاهر الفساد المالي والإداري التي نلمسها ونتحدث عنها  في يومنا هذا كثيرة ومُتنوعة ، ومنها سرقة الماء العام ، وتهريب الأموال خارج الدولة ، وغش الدولة أثناء التعاقدات مع شركات دول أجنبية والتزوير والغش التجاري والصناعي والتهرب من الضرائب الكمركية والتواطؤ في المقاولات والعطاءات وقضايا التمويل وغيرها . وأكثرها شيوعاً هي ظاهرة تقديم وآستلام الرشاوي .

       ولهذه الظاهرة الأخيرة أسباباً ألخصها بالآتي ..

1-    عدم الشعور بالأمان الوظيفي ، لذا فإن كل صاحب منصب ( صغر أم كبر ) يرى أن عليه أن يستغل الفرصة بالإستحواذ على أكبر قدر من المنافع .. لشعوره بأن لا أحد سيهتم به بعد ترك هذا المنصب.

2-    تعيين الرجل المُناسب في المكان غيرالمُناسب .

3-    طغيان العلاقات الحزبية والعائلية في تسيير أمور الوظيفة .

4-    الفقر ، وعدم اغتناء الموظف بالراتب المُناسب ليسد به مصاريف معيشته وتعليم أبناءه وعلاجهم .

5-    عدم الإنتماء للوطن وذلك لتولد الشعور لدى الموظفين والمواطنين بأن الوطن لم يقدم منافع مُتبادلة بينه وبينهم .

6-    الثقافة الوظيفية السائدة في المُجتمع التي تبرر الفساد على أنه شطارة .

7-    عدم وجود قوانين ضابطة في العمل تحدد المسؤوليات والواجبات .

8-    الإحتلال الذي ولّد الفوضى السياسية ، مما زاد من حدّة الفساد والمؤسساتي .

9-    ضعف المبادئ ، وحتى الوازع الديني أصبح لا يؤثر بالمتدينين أنفسهم .

10- عدم وجود مساءلة ورقابة ، وعقوبات صارمة على من يرتكب الفساد .

ومن المُفارقات في واقعنا المؤلم بأنّ قراءة التاريخ تُفيدنا بأن ما إمتازت به حضارة وادي الرافدين عن بقية الحضارات يتمثل بتدوين القوانين التي ظهرت مع أول ظهور للكتابة كأقدم وسيلة للتدوين ، وبعد أن حلّت في أرضنا أقدم ثلاثة قوانين في العالم : (قانون اورنمو ، وقانون إشنونا ، وقانون لبت عشتار ) . وجاء قانون حمورابي المُتطور . والذي بات يُدّرَس في كل جامعات العالم حتى يومنا هذا . والذي يدل أيضاً بأن حمورابي حَرَص على تطبيق القوانين واهتمامه بها بصورة صحيحة لإقرار العدل والمُحاسبة بدقة لمن يُحاول إستغلال القانون لمآربه الخاصّة ، حتى ولو كان هذا من بين القضاة ممن يستلمون الرشوة ..

       لكن كل ذلك الذي نذكره ونتذكرهُ لم يعد سوى محض تاريخ ، بعدما أصبحنا مُتيقنين بأن الوازع الديني بحد ذاته لم يَعُد في يومنا هذا عائقاً لدى بعض المُتدينين على الحد من شهيتهم في تحليل الحرام بما يخص الفساد المالي .. والإستحواذ على أموال الدولة والمواطنين .

       ولعّل الظاهرة التي تفشّت خلال العقود الأخيرة في بلادنا ، هي خير دليل على ما ندعيه ، حين نلمس إستعداد رجال الأعمال النشطاء إقتصادياً للإنتقال من مواقع التجارة إلى مواقع السلطة والجاه الإداري والسياسي ،تحت ستار الإصلاح والإنفتاح وبممارسة المحسوبيات والتعسف بالنفوذ والسلطة .. وباتت الطعون والتظلمات بهذه الوضعية بلا رادع قانوني .

       كل هذه الظواهر أضعفت النسيج الإجتماعي ، وأبعدت القدرات ، وشجعت على هجرة الكفاءات .. وشوّهت مفهوم الدولة ، في ظل إنعدام أخلاقيات العمل وشيوع حالة ذهنية مرضية لدى المُواطنين تبرر الفساد وتجعله من الذرائع التي تبرر إستمراره . وإتساع المُمارسات على مستوى الحياة اليومية ، إذ نلا حظ أن الرشوة والعمولة أخذت تشكّل تدريجياً إحدى أهم مُقومات نظام الحوافز في المُعاملات الرسمية وغير الرسمية .

       فهل ستكفي مُهلة المئة يوم .. لشفاء المُجتمع من أمراضه المُستعصية ؟ اللهم إسمع دعوانا .. وعافي مَرضانا .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.