اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الدين والثقافة .. و المفارقة الغريبة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د.هاشم عبود الموسوى

 مقالات اخرى للكاتب

الدين والثقافة .. و المفارقة الغريبة

 

واجهت نفسى منذ فترة شبابى بسؤال عن المفارقة ، التي لم اجد لليوم جوابا شافيا عليها : كيف ان الاحزاب العلمانية  و اليسارية فى الوطن العربى ، (وهى المتهمة بعدم اهتمامها بالامور الدينية ) قامت على توحيد الاديان وضمت فى صفوفها  اعضاء ومناصرين من دون تمييز على اساس العرق او الجنس او اللون او المذهب ، وأكدت برامجها على ضرورة دخول المجتمع فى علاقات تعاونية وتفاعلية بين البشر من أجل مستقبل الانسانية الأفضل . فى حين أن الاحزاب الدينية رغم طرحها ذات الاهداف التى تؤدى الى خير الناس الا ان بعضا منها فرق بين الاديان ، و لم يحاول ان يقرب بين معتنقى  الاديان المختلفة من بعضهم البعض ، ولم تحاول أن  تعمق فى وعيهم الأنتمائي و ثقتهم بانفسهم من اجل خدمة مجتمعاتهم . بل العكس من ذلك فقد شجعت بعض هذه الأحزاب على الجهل و الاستبداد ولم تستعمل حتى الموعظة الحسنة التى أوصى بها الله .. وحتى انها ساعدت على زرع الخوف والجهل ، والعدوان . مما جعلت مجتماعاتنا .. عبيدا للتقاليد القديمة ، وأبعدتها عن التغير ، ونشرت ثقافة الممنوع والمحرم الموروثة من عهود بالية بحيث وضعت حتى أمام المنتمين لها حواجزا ضد التقدم و الابداع  الفكري و الثقافي ؟؟؟

 

لم تع بعض هذه الاحزاب الدينية بأن الثقافة المنفتحة هى الضامن الرئيسى الوحيد لتحضر الامم ، والمظهر الاكمل للرقى والازدهار ، والعامل الديناميكى الوحيد الذى يستطيع تحرير الانسان ، وانقاذه من حالة الرتابه والجمود والكسل ، فهى اذا لاتختلف فى مفاهيمها ومنطلقاتها ودلالاتها عن الدين فى رسالته الجوهرية ، اذ يدعوان كلاهما الى التربية و التهديب و الاخلاق والى اعادة بناء الفرد والمجتمع الحضاري الصحيح.

 

من الضروري في تناول علاقة الدين بالثقافة المعاصرة أن ننظر الى الدين – أولا- كظاهرة انسانية عامة فبل الشروع في تناوله و اعتباره واحدا من أهم ظواهر خصوصيتنا الثقافية، بل قد يكون من أهمها على الأطلاق ، وان علينا أن نتعامل مع هذه الظاهرة الأنسانية الفريدة بأقل قدر ممكن من الحساسيات، كي نستطيع التفرقة بين جوانبها العامة و تلك الخاصة بنا تحديدا ..ولقد ترسخ بشكل خاطئ في أذهان الكثيرين لدينا ، أن ثمة تناقضا جوهريا ، بين روحانية الدين و الثقافة المعاصرة . لقد صار لزاما على رجال الدين لدينا التخلص من عقدة الخوف من ثقافة و عصر المعلومات أو الأنفوفوبيا . وأن يدلوا بدلوهم في ثقافة العصر وتقتياته في مجالات الدين المختلفة والا ستظل علاقة الدين بجميع عناصر منظومة الثقافة من فكر ولغة ، وتربية ، و ابداع ، واعلام، وتراث ، أبعد ما تكون عن الحسم . ولا أمل لخطابنا الديني الراهن في مواكبة ثقافة العصر الراهن، دون أن يستظهر شبكة العلاقات الكثيفة التي تربط الدين مع هذه العناصر على مستوى الحد الأدنى الذي يسمح  له بتناول الأسئلة الجديدة و القضايا المستجدة .

 

والفكر العلماني ، هو الآخر ما زال يسود موقفه تجاه الدين التشويش والأضطراب وما زال متشبثا بأفكاره التي لا يمل اجترارها ، بخصوص علاقة الدين بالمجتمع والمضطرب اساسا حاليا وغير المستقر ، دون اعتداده بالقضايا المستجدة التي يطرحها المتغير الثقافي .

 

لقد جاهدت الاديان منذ مجيئها جهادا حقيقا لتأسيس الحضارات التى تبلورت من خلال العلاقة الحقيقة بين الثقافه والدين . وعملت بجد واخلاص فى صنع الثقافات الكبرى . التى رفدت الحضارات البشرية بالمعارف و العلوم والقيم والاخلاق . ولاغرابة من ان تتشابه الاديان فيما بينها ، وخاصة فى جوهر رسالتها التى تكمن فى حث البشر على التقارب والعمل والبناء والاستزادة من العلم والمعرفة والتحكم فى القيم والاخلاق وكانت الثقافه فى تلك الحقب هى لسان الدين وفكره الحى .

 

ومن الطبيعى وجود التوتر والخلل فى كثير من المجتمعات البشرية بين الثقافات المعاصرة والدين ،لان الصراع القائم بينهما هو أمر واقع لايمكن نكرانه ...لكننا نجد هذا الصراع فى مجتمعاتنا الشرقية يبلغ أشده : وخاصة بين الثقافة من جهة ، وسيادة الدين على معظم المرافق الحياتية واحتكاره لها من جهة اخرى ، هذا بالاضافة الى الصراع بين الثقافة الحديثة والثقافة التقليدية القديمة .

 

فلابد اذا من السعى الحقيقى والصحيح لفهم الدين و الثقافه فهما صحيحا والاقرار بوجود الصراع بينهما ، ادا لايمكن حل الاشتباك من دون تشخيص السبب.

 

وانى ارى ان العلاج الأمثل فى هذه الحالة ،هو القبول بتجديد التوجهات الدينية والثقافية معا وجعلهما مناسبين لمراكبة واقع العصر وظروفه وتغيير واقع الحياة ومتطلباتها .

 

مع خلق الأجواء الحرة والديمقراطية لكليهما .وانشاء السبل التى تهتم بالشأن الثقافى والدينى معا فى مهامها بحرية و ديمقراطية .

 

ومن دون تعسف حكومي او ارهاب دينى ، لان وجود الحرية الحقيقية . ضرورة حتمية تؤثر على وجود الثقافة الحقيقية ، وعلى صيانة مقدساتها بصورة حقيقية

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.