اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• ملحمة غلغامش وتأثيراتها في آداب وأساطير العالم

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

د.هاشم عبود الموسوي

مقالات اخرى للكاتب

ملحمة غلغامش وتأثيراتها في آداب وأساطير العالم

 

المقال الذي نشره قبل فترة  الأستاذ د.عبد المطلب محمود ,حول صدور الترجمة الكاملة لرواية (غلغامش) والتي كتبها باللغة الألمانية , الكاتب الألماني  الشهير" توماس ميلكة" ,وبعدد خمسمائة وخمسون صفحة, أقول أثار لدي هذا الخبر الأندفاع مجددا للكتابة عن تأثيرات هذه الملحمة على أداب  وأساطير الشعوب الأخرى.وحين يذكر الدكتور عبد المطلب محمود بشأن هذه الرواية :

" أن مؤلفها أستطاع  أن يعيد الحياة الى  هذه الملحمة / الأسطورة وأبطالها من خلال ما أكده فيها من روح التاريخ و الأساطير و الملاحم والمغامرات البالغة التشويق من حيث السرد، راسما لبطلنا (غلغامش) صورا غاية في العناية بدءا من ظهوره الأول على مسرح الرواية بصفته صبيا يعمل مساعدا للبستاني (شوكاليتودا) في مدينة (كيش) ، الذي تبناه بعد أن التقطه طفلا صغيرا مجهولا" حط به طائر العاصفة الحالك كالليل امدوغود بين شجيرات المر ملفوفا بأقمشة ومربوطا داخل سلة صغيرة مجدولة من القصب "،ومرورا بتلقيه السيف السماوي للمشاركة في جيش ملك كيش (مباراغيزي) الذي كان يجري ترتيبات مهاجمة مدينة (أوروك) لفرض السيطرة عليها ،وتوليه عرش هذه المدينة لحساب هذا الملك وجعل (أوروك) تابعة لحكم مملكة كيش ، فلقائه بوالدته نين سون فأستقلاله عن كيش بعد بنائه سورها الشامخ ،ثم عقده صداقته المتينة بأنكيدو ،وأنتهاءا برحلته ألشهيرة الى جزيرة الخالدين بحثا عن أسرار الخلود ، بعد أن فجعه موت صديقه هذا.

" وأني أقول بهذا الصدد ،أذا كانت الملحمة لاتزال بمواقفها وحوادثها في أبناء العصور الحديثة بعد مضي أكثر من ستة ألاف عام على تدوينها ورغم تباين الاذواق والقيم ،فكم ياترى كان عظم تأثيرها في عقول العراقيين الاقدمين بوجه خاص وأبناء الحضارات المجاورة التي أزدهرت في أقاليم الشرق الادنى بوجه عام ! ولعل خير مايكشف لنا عن أثرها الكبير في عقول أبناء الحضارات القديمة المدى الواسع الذي أنتشرت فيه في العالم القديم . فبالنسبة الى سكان العراق الأقدمين لم يقتصر تداولها على سكان القسم الجنوبي و الأوسط من العراق ,وهو القسم ألذي عرف ببلاد (سومر وأكد) ,بل أنتشرت أيضا الى القسم الشمالي , الى بلاد (اشور ). فقد وجدت نسخ كثيرة لها في حواضر العراق القديم في أدوار أزدهار الحضارة ألبابلية في مايعرف بالعهد ألبابلي القديم (الألف الثاني ق .م).

أما بالنسبة الى أشور فالواقع أن أخر نشرة لها كاملة وصلت الينا وقد وجدت نصوصها في خزانة كتب الملك الأشوري (أشور بانيبال)ألشهيرة .وبالنسبة الى مراكز الحضارات القديمة سبق نوهنا بعثور الباحثين على نسخ كثيرة من أجزائها في أقاليم نائية مثل الأناضول, موطن الحضارة الحثية , وقد دونت بعض هذه النصوص باللغة البابلية القديمة , كما وجدت لها ترجمات الى اللغتين الحثية والحورية . في خمسينيات القرن الماضي تم أكتشاف مثير لنسخة من بعض فصولها في أحدى مدن فلسطين القديمة وهي مدينة (مجدو) (المشهورة في التوراة ).  ويرجع زمن هذا النص الى حدود القرن الرابع عشر ق .م وهذا واحد من الادلة الكثيرة على الصلة بين حوادث الملحمة وما جاء في المأثر العبرانية ولاسيما حادثة الطوفان ولعل أغرب ما وجده المنقبون بالستينيات من القرن المنصرم في الموضع الأثري المعروف بأسم (سلطان تبه) (في جنوبي تركية ,بالقرب من حران ) أجزاء من الملحمة ورسالة عجيبة يذكر عنها المؤرخ  العراقي د.طه باقر بأنها, زورها كاتب قديم (عاش في الألف الثاني ق .م) ,فقد جاءت تلك الرسالة على لسان البطل غلغامش معنونة ألى أحد ألملوك القدماء يطلب منه غلغامش أرسال أحجار كريمة ليصنع منها تعويذة لصاحبه (أنكيدو)." هذا عن الأنتشار الواسع بالطريق المباشر ,أي الأستنساخ و الترجمات المختلفة التي وجدت في مراكز الحضارات القديمة .ولكن هذه الملحمة العتيدة أثرت كذلك في أداب الامم القديمة وقصصها وملاحمها بطرق غير مباشرة ,أي عن طريق التأثر بحوادث الملحمة وقصصها ,وعلى رأسها حادثة الطوفان الشهيرة التي شغلت أبرز فصل في الملحمة ويستطيع القارئ أن يلمس بنفسه مدى الشبه العظيم بين روايات الطوفان لدى الأمم القديمة , و أطولها ماجاء في التوراة , وبين رواية الملحمة لهذا الحدث الذي أثر في عقول أبناء الحضارات القديمة فأقتبست أخباره ورواياته من أدب العراق القديم . والذي نعتقده بصدد هذا الطوفان أنه كان بألاصل حدثا تأريخيا واقعيا حدث في طيات الماضي البعيد , وربما يكون كما يدعي بعض العلماء أنه حدث مايشابه التسونامي في مياه الخليج العربي ,وكان من جسامة التأثير وفداحته أنه ترك أثرا بليغا في عقول الأجيال المختلفة فتناقلته بالروايات الشفوية وشوهت تفاصيله الواقعية .وبالنظر الى أوجه الشبه الكثيرة بين رواية الطوفان في ملحمة غلغامش وملحمة (أتراحاس) وبين رواية التوراة فأننا نعتقد ان كلتا الروايتين الى نفس الحادثة ,وأن هذه الحادثة وقعت في العراق القديم . ولا سيما القسم الجنوبي منه , أي السهل الرسوبي ,وأن زمنها يرجع على أغلب الأحتمالات الى أواخر مايسمى  في تأريخ حضارة وادي ألرافدين بمصطلح العصر الحجري المعدني (chalcolithic) .

أي قبل بداية الحضارة السومرية في أوائل العصر المسمى بعصر فجر السلالات (أواخر الألف الرابع ق.م ) ,ولعل مما له علاقة بهذا الطوفان آثار الترسبات  الغرينية  التي وجدت وهي تفصل  بين دوري ما سمى  (جمدة نصر)  وبين أوائل عصر فجر السلالات , في جملة مدن قديمة مثل (كيش) (تل الأحيمرالان) و الوركاء و.(شروباك) (فاره ألان) .

يجدر بنا أن نذكر بهذا الصدد أن المدينة الأخيرة كانت , كما جاء في الملحمة , موطن (نوح) الطوفان البابلي (أتو - نبشتم) , كما ذكرتفي أثبات الملوك السومريين من المدن الخمس التي حكمت فيها سلالات ماقبل الطوفان . أما سبب الطوفان فلا يعسر على المرء  أدراكه  في أرض مثل السهل الرسوبي من العراق الذي كان معرضآ  في جميع عهود التاريخ الى خطر الفيضانات. والبطل  غلغامش  الذي أنتقل أسمه الى معظم الاداب القديمة  وأن أعماله نسبت الى أبطال الأمم الأخرى مثل (هرقل) و (أخيل والأسكندر ذي القرنين والبطل (أوديسيوس ) في الأوديسة .وأذا كان ليس  من موضوع بحثنا أيراد المقارنات بين مثل هؤلاء الأبطال وغيرهم وبين غلغامش فأننا نكتفي بالتنويه بأوجه الشبه الكثيرة بين مثلا قصص (هرقل ) وبين الملحمة . فأذا رجعنا ألى هذه القصص وجدنا أكثر من موطن واحد لأوجه الشبه هذه بحيث ذهب أكثر من باحث واحد ألى أن اسس قصص  هرقل تستند بالدرجة الأولى الى أصول مستقاة من ملحمة غلغامش وصلت الى بلاد اليونان  عن طريق الفينيقين

, فكلا البطلين من أصل الهي , وكلاهما أتخذ صاحبا وصديقا حميما : (أنكيدو  بالنسبه  الى غلغامش و (يوليوس ) (lolaus) بالنسبة الى هرقل .

 وكان السبب في جلب  الكوارث الى كل منهما أمرأة الهة  :عشتار في حالة غلغامش و (دينيريا) ( deianeria) او الألهة (هيرا) بالنسبة  ألى هرقل ,

وكلاهما قتل الأسود وتغلب على الثيران السماوية المقدسة , ووجد هرقل العشب السحري للخلود كما فعل غلغامش ,وزار هرقل (جزيرة الموت) كما أبحر غلغامش  عبر بحر الموت .ومثل هرقل قتل جلجامش  الأسود الضارية وأكتسى بجلودها , الى غير ذلك من نقاط الشبه الكثيرة ويرى الباحث (روبرت كريفز) أن هوميروس أستقى الكثير من حوادث ملحمة غلغامش بالنسبة الى أحد أبطال الألياذة  ألشهير (أخيل ) (Achilles) .

حيث يضاهي صاحب أخيل ألمسمى (بتروكلوس )(patroclus) (أنكيدو ) صاحب غلغامش , وأم (أخيل ) الألهة (ثيتس ) (thetis) تضاهي الألهة  البابلية (ننسون ) , أم غلغامش .

ونشير في معرض هذه المقارنات العابرة الى أسطورة نشدان الأسكندر للخلود في نبع ماء كائن في بحر الظلمات , مما يضاهي ماجاء في الملحمة بحث غلغامش عن نبات الخلود

  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.