اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• هل يسمح لنا الوضع الراهن بأن نجعل من النجف "مدينة الثقافة والعلم ولكل العصور"؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د.هاشم عبود الموسوي

مقالات اخرى للكاتب

هل يسمح لنا الوضع الراهن بأن نجعل من النجف

"مدينة الثقافة والعلم ولكل العصور"؟

 

(وجهة نظر معمارية)

 

المدينة التي تستحم قبابها ومآذنها تحت ضوء الشمس والتي انطلقت منها ومضات حضارية وثقافية مهمة في تاريخ البشرية، تستعد لأن   تكون عاصمة الثقافة الأسلامية  ؟ ،  ألم تكن كذلك في تواريخها البعيدة ؟؟ ولكن الثقافة أساساً لن تكون إلا بتوافر ركائزها ومستلزماتها وأدواتها بعيداً عن الشكليات والأنماط التي لا  تحمل معنى ولا تحقق أهدافاً يصبو إليها المجتمع في مختلف مناحي الحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها.

 

نعم.. نعم.. لدينا الطموح بأن يتوفرذلك للنجف كي تعود رائدة ثقافياً بدون تلميع مُزيّف، ووهم خادع، وتزيين بعيد عن الواقع والحقيقة.

 

لا يستطيع أحد أن يُنكر أن هذه المدينة كانت مدينة ترفد الثقافة العربية و الأسلامية بكل إبهاراتها وبكل جدارة واستحقاق، لأنها كانت ولا تزال زاخرة بالمثقفين، وهذا ركنٌ كبير ومهم لتأسيس ثقافة، حال توفر المكونات المهمة الأخرى التي نصل من خلالها إلى أن نؤسس (مدينة الثقافة).. و مثقفوا و مبدعوا هذه المدينة العريقة يُمنّون أنفسهم بتفعيل المشهد الثقافي في مدينتهم والذي لم تتحقق له الركائز والمقومات المطلوبة بعد.

 

لا شكّ أن الجميع يطمح في أن تكون النجف مدينة الثقافة ولكن كيف يتحقق ذلك؟ ونحن نرى أن بعض المكونات والركائز التي يجب أن تكون القوة الداعمة والفاعلة لذلك ما زالت تتعثّر في خطواتها، فمثلاً الروابط ذات العلاقة بالثقافة لا تزال متعثرة ، ولم تظهر لحد الأن خطة العمل والتي يجب أن تكون متعددة الجوانب تخص كل جوانب الثقافة. نحن عندما نتقدم  بتوجساتنا وتخوفنا  ومقترحاتنا ، كل ذلك فقط من أجل ألا تكون احتفاليتها  غيرلائقة بها.

 

لقد تعودنا ( و أرجو ألا تكون هذه المرة كذلك )

 

أن نرى بين الحين والآخر بعض محافل يحاولون تسميتها محافل ثقافية وهي في الحقيقة لا تخدم هدفاً ولا تحقق غايةً ولن نسمع من خلالها غير الإفراط والإغراق في الإطراء نعيش من خلالها نشوة مزيفة.. نحن بحاجة إلى إقامة محافل وحوارات ثقافية كبيرة  بهذه المناسبة بكل ما تعنيه الكلمة، تجمع ذلك الشتات من المثقفين بعاصمتهم الجديدة ، القديمة "النجف الأشرف".. وهذه كلها تحتاج إلى بُنى تحتية، ترتكز عليها للقيام بفعاليات  متنوعة من معارض ومسارح وقاعات اجتماعات، ومتاحف وأبنية تراثية يُعاد ترميمها..  لقد زرت مدينة فايمار الألمانية ، عندما رشحت لأن تكون عاصمة الثقافة الأوربية ، فوجدت فيها من الابهار التاريخي والتراثي والحداثي، وكأنها أصبحت كل المدينة متحفا فنيا رائعا  وكأنني لم أعرفها من قبل ، وهي التي مكثت فيها ردحا من الزمن اثناء دراستي فيها . وانني أسأل : هل يُمكن لمديرية التخطيط العمراني و لبلدية المحافظة أن تقوم  مثلا بطلاء واجهات كل الأبنية التي تقع على الشوارع العامة بألوان يختارها المعماريون العراقيون لتبدو زاهية ،  ولإخفاء  ونسيان اللون الرمادي الذي خلّفته سنين الحروب والدمار .. وعلى سبيل المثال

 

هذه الممارسة قامت بها ليبيا قبل سنتين ، في كل مدنها وعلى حساب الدولة

علما بأن المدن الليبية لم تدخلها أي حرب في العقود الستة الماضية .

 

(قبل الأنتفاضة الشعبية الأخيرة) . ... كما أتذكر بأن اللجان المتمسحة بأذيال الحكم المقبور ، كانت تجبر المواطنين في بعض المحافظات وبمناسبة عيد ميلاد القائد الدكتاتور (والذي حتى أمه لا تدري متى زنت به ومتى ولدته ) على طلاء وتلوين واجهات بيوتهم . وقد شاهدت  هذه الظاهرة في محافظة المثنى .. ولكن بعد ذلك لم يقم أي مالك أو ساكن بطلاء  أي واجهة منذ ذلك الحين  .. فهل نحن بحاجة الى دكتاتور ليجبرنا على تحسين المنظر البصري للمدينة .

 

وكلنا يعلم بأن المحافل لها أهداف يُرجى من ورائها نتائج و لها مردود ينعكس انعكاساً إيجابياً على ثقافة أفراد المجتمع وله أثره وتأثيره على تطور ونهضة الوطن من خلال الممارسات الإيجابية الواعية في شتى مناحي الحياة، فأي ثقافة لا يكون لها أثر في حياة الأفراد من خلال الممارسة والأداء والتعامل مع كل ما يُحيط بالمواطنين من وعيٍ وإدراك كامل، هي بالتالي لا تكون إلا فرقعات في الهواء.. نحن بحاجة إلى ترتيب بيتنا الثقافي بمختلف مكوناته وعناصره ومقوماته إذا أردنا أن نصل إلى ما نصبوا إليه.. ، لابد من وجود ثوابت للإمكانيات وأدوات التنفيذ ومعطيات مبرمجة ومخطط لها تخطيطاً علمياً منظماً ووجود المسؤول المثقف والمثقف المسؤول لنحقق الأهداف المرجوة لخلق دعائم ثقافية لها تأثيرها في بناء الإنسان الذي يلج معترك الحياة بكل وعي ويُدرك ما يدور حوله، ويكون قادراً على مواجهة التحديات المعاصرة بكل ثقافة واقتدار وثقة وإصرار.

 

سأحاول أن أطرح موضوعا حساسا بشكله العلمي والعملي وبشيء من التجرد. وبعيداُ عن العواطف ، الا وهو التشكيل الحضري - ومنظومة الشكل الذي يجب أن تظهر عليه المدينة بهذه المناسية التاريخية المهمة .

 

لابد وأن يكون قد فكر المسؤولون والمشرفون على هذه الأحتفالية العالمية الكبرى بمظهر المدينة وماهي الحلة التي يجب أن ترتديها .. وبالتأكيد قد تم تكليف لجنة استشارية عليا من مهندسين وفنانين كبار تناط بهم  مهمة التنسيق و التصميم الحضري المكمل لعرس المدينة .. ولكن ماهي أهم النقاط التي يجب أن تراعيها هذه اللجنة المنسقة لمظهر المدينة..أرجو أن يتسع صدر الأخوة في هذه اللجنة للأطلاع على مقترحاتي المتواضعة :

 

من أهم ما يجب مراعاته هو مجموع الآليات و الأجراءات التي تتخذها للأبقاء على توازن المدينة الطبيعي وفقا لمتطلبات الحدث الجديد ، و المتطلبات التي يمكن لأن تستجد بعد انتهاء الاحتفالية ، وما يترتب عليها من تحويرات في مركبات شخصية المدينة ، بما يحدد ويقلص من أثرها السلبي في الجوهر من خلال التحكم بالمدخلات الجديدة عن طريق النخبة المتخصصة من أصحاب القرار في ادارة المحافظة  بالمشاركة مع اللجنة الأستشارية العليا والذين يقومون بتحديد تلك المدخلات التي يسمح لها بالتأثير الأيجابي في المجتمع و بالتالي في المدينة و تحويرها ( ان لزم الأمر ) بما يتلائم مع المنظومة الشكلية و القيمية لمجتمعنا .

 

ان تحقيق صيغة التوازن تلك التي ينشدها  مفهوم الحفاظ من وجهة نظرنا ، يعتمد على اختيار آلية الحفاظ المناسبة لنمط التشكيل الحضري للمدينة التراثية التي نعرفها وفقا لعلاقة الشكل بالقيم المعنوية . فالحفاظ كآلية فكرية يوفر فرص للقيم المعنوية المتوارثة في توليد صياغات شكلية قد لا تلتزم بما هو متعارف عليه من التقاليد الشكلية كما هو الحال مع أعمال التجديد الحضري التي أجريت للمدينة المنورة ، وهو أمر بحد ذاته أعطى الفرصة للمعماري للقيام بالأبداع . الا أن التعامل مع المدينة المنورة  من خلال الحفاظ كآلية فكرية تضمن مرونة عالية في التعامل مع المفردات الشكلية ، دون النظر الى خصوصية  و نمط التشكيل الحضري للمدينة، مما أدى الى فقدان المعالم الشكلية للمرجع الأساس للمدينة الأسلامية و الذي يمتاز بندرته .كما أن الحفاظ كآلية تطبيقية تعمل على توثيق الشكل بدقة كما هو الحال في منطقة الكاظمية في بغداد ، حيث لم يسمح للمنطقة بتلبية متطلباتها الجديدة ، مما أسهم في التدهور السريع لنسيجها الحضري، فضلا عن كون جل الأهتمام فيها كان منصبا على أبنية مهمة محددة ، واهمال ما دونها.

 

لذى فاننا نرى أن على المخططين و المصممين أن يكون جل اهمامهم منصبا على توازن القوى ما بين الشكل و القيم المعنوية للموروث العمراني وهو الحل الأمثل لمثل هذه المشاكل و يضعون تصورهم حول آلية الحفاظ الملائمة كمتمم يضمن توازن وتكامل قوى الشكل و القيم المعنوبة للتشكيل الحضري الناتج الطلوب ، ولابد لهذه اللجنة الأستشارية من التعامل مع ثلاثة أنماط فكرية وتطبيقية عند تحديدها منظومة الشكل والقيم المعنوية  ، الا وهي :

 

1-   الحفاظ على المعالم الشكلية سواءا كان حفاظ تام كلاسيكي أو حفاظ جزئي

2-   الحفاظ على القيم المعنوية (حفاظ على دائمية الوظيفة

 

الحفاظ على السياق( تدعيم المعنى الكلي الشمولي لمجموعة من الوحدات المتعاقبة بغض النظر عن مدى التزام المفردات الشكلية الجديدة بالنسق الشكلي السابق ، أو المفردات الشكلية السابقة ، وبالتالي فهو يعطي مرونة عالية في التعامل و التفاعل مع المفردات الشكلية شريطة أن تشكل مع المفردات السابقة وحدة مفاهيمية واحدة ، كما هو الحال مع توسعة اللوفرفي باريس ، والمركز التاريخي لبرلين قرب بوابة براندنبورغ,, وغيرها من الأمثلة العالمية . فالحفاظ هنا يجب أن يحمل في طياته التغير الحذر، ولا يقتصر على محاولة محاربة التغير كما هو متعارف عليه عند النظر الى المصطلح . فالتغيير أمر محتوم ، ومحاربة التغيير طوباوية لا سبيل لوجودها على أرض الواقع . فاذا ما سلمنا بحتمية التغيير ، فأن آلية الحفاظ ستعمل على التوازن من خلال حفظ الجوهر ، ومحاولة تحديد وقصر التغيير قدر الأمكان على المظهر. والمسألة بذلك ليست في الحفاظ على المعالم الشكلية ، وانما الحفاظ على التوازن ، ولا يتعدى الحفاظ غلى المعالم الشكلية أن يكون احدى تلك الآليات التي يعمل من خلالها الحفاظ كحفاظ التوازن بين متطلبات الأبقاء على النوع ، وتلبية المتطلبات المتجددة والتي تزداد تعقيدا للمجتمع بكفاءة عالية .

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.