اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• خطاب مرشح امام الناخبين

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 د. هاشم عبود الموسوي

 خطاب مرشح امام الناخبين

 

 (الى الذين يؤرقهم الشوق الى العدل والى الذين يؤرقهم الخوف من العدل) بهذه الكلمات من كتاب (المعذبون في الارض) للاديب عميد الادب العربي د. طه حسين أبدأ مقالتي، واهديها الى جميع العراقين.

 

هناك ظاهرة تتكررفي اشكال متعدة عند البشر واحيانا عند الكائنات الحية الاخرى، تسمى (ظاهرة الموت عند الوصول)... ومن اجل شرح هذه الظاهرة بشكلها المبسط،نأخذ مثالا عليها من ملاعب كرة القدم..حيث يصادف ان نشاهد أحد اللاعبين الجيدين يراوغ،ويمر بجهود بارعة بين عدة لاعبين من الفريق الخصم، وعندما يكون امام المرمى، يكون قد فقد قوته وقدرته على التركيز اثناء التهديف. ويكون بذالك قد اضاع جهدة وجهد فريقة، وكأنه قد مات عند الوصول... وهذه الظاهرة قد نجدها عند بعض الحشرات والديدان التى بجب عليها ان تموت بعد اداء دورها فى التخصيب، او الانضاج.. وتتكرر هذه الظاهرة بصورة اخرى لدى كثير من الاحزاب والحركات السياسية المعاصرة فى العراق.. حيث تصب هذه الكيانات جل جهودها للوصول الى سدة الحكم، وكأنها ستخلق المعجزات،ولكنها عند الوصول ترى نفسها غارقة في مشاكل كثيرة، لم تكن قد فكرت فيها من قبل. كمسألة ضبط النفس والابتعاد عن التلاعب بالمال العام الذي اصبح مغريا وصار بشكل مفاجئ طوع ايديها... كما انها تتفاجأ احيانا بان ليس لديها برنامجا متكاملا يخص اقتصاد وسياسة الدولة وعلاقاتها الدولية، كما لم تكن لديها دراسات عن المجتمع وعن تاريخه وحضاراته.. وامورا اخرى تخص ادارة الدولة وممارسة السلطات فيها.. مما يجعل هذه الاحزاب والتكتلات الواعدة للناس بمستقبل افضل،لتصبح فريسة لحلول اختزالية، واحيانا غير اخلاقية.

 

والسؤال الذى يبقى عصيى على الاجابة هو، لماذا تخفق هذه القوى السياسة فى تسويغ برامجها عند وصولها الى سدة الحكم؟ وما الذي يحدث لها عندما تتحول من صف المعارضة الى صف السلطة ؟..وهي التى ملآت الدنيا عويلآ عن الحرية وحقوق الانسان وتوزيع الثروة على المواطنين، حيث انها كانت قد رسمت صورة وردية للمجتمع حال تسلمها الادارة وشؤون الدولة.

 

والسؤال الاكثر اهمية من كل الاسئة هو، كيف يستطيع المواطن بمدركاتة  المتواضعة ان يتبين صدق البرامج التي تطرحها هذة الكيانات من كذبها؟

 

وبالتاكيد فأن الفترة السوداء،طويلة الامد، التي مرت على العراق،لم تدع الشعب قادرا على اكتشاف رجالاتة الحقيقين، فهم إما ان يكونوا قد قتلوا،او غابوا مجبرين عن الوطن لفترات طويلة، واصبحوا بعيدين عن ناسهم واهلهم.. يضاف الى ذلك الخوف الدائم لدى الناس من متابعة أخبار الشخصيات المناضلة والطليعية.كل ذلك يصعب المسالة وبجعل ابناء الشعب غير مقتدرين على معرفة من هو الاصلح فى تمثيلهم.. لقد أسقط النظام السابق كل اصالة وكبرياء لدى اكثر الشرفاء من خلال اسكات اصواتهم او زجهم في منعطفات ومواقف لا تليق بهذة الشخصيات النظيفة.

 

لقد جرب ابناء الشعب المجموعة التي امامه، والتي فشلت بتقديره لها، في ادارة دفة الحكم.. وقد يجرب انتخاب غيرها في هذه المرة،ولكن دون اية ضمانات او وثوق من النتائج، التي قد تكون مثل سابقتها..ويحضرنى بهذا الصدد هذا  المشهد الكريكاتيري التالي:

 

 وقف أحد المرشحين على منصة الخطابة، أمام حشدٍ جماهيري كبير، وكان قد تأنق في ملابسه وتصفيف شعره، حاملاً باليُسرى النص الذي يُريد أن يقرأه، وباليمنى المسبحة، التي تصوّر أنها تزيده رونقاً ووقاراً.. وبعد البسملة وعبارات الترحيب بالحاضرين أراد أن يبدأ بقراءة مشروعه الانتخابي، والذي بالتأكيد كان قد كتبه وأعدّه له أحد الأدباء الفقراء، ممن يصيغون ويدبجون لأكثر من ناخب الكلمات السحرية، والتي يرتجي منها أن تُلامس عواطف الحاضرين، وفجأة قاطعه أحد الواقفين بالصفوف الأمامية، قائلاً له: ماذا تُريد أن تعدنا به، وماذا تُريد أن تقول، لقد جربناك لمدة 4 سنوات، وعرفناك بأنك لا تعرف أي شيء غير مصلحتك الشخصية، ولم نلمس منك أي اهتمام بشؤوننا.. فأرجوك أن تدع المايكروفون والمنصة لمرشّح آخر، ليتلوا علينا برنامجه الذي قد يكون جديداً علينا.. وهنا علا الصياح والصفير من كل الحاضرين، داعين هذا المرشّح إلى النزول من المنصة. لكنّه ظلّ متسمراً رافعاً نظره إلى السماء.. منتظراً أن يخفت الصخب والضوضاء التي هدر بها الناخبون، وما أن أحسّ بأنّ الأصوات قد قلّ صخبها. فبدأ بصوتٍ محتبس يتلو جمله قائلاً:

 

"أيها الأخوات والأخوة.. أنا لا أريد أن أطرح عليكم برنامج عمل من أن أجل أن تصوّتوا له أو ضده.. كل ما في الأمر، أنا أريد أن أُعدّد لكم ما قُمتُ بعمله بالسنوات الأربع الماضية".. عمّ الهدوء نسبياً، وطلب أحد الحاضرين ممن يمتلك صوتأً أجشّ قائلاً: اتركوه رجاءً ليتكلّم ويُبرّر.. ولنرى ماذا يُريد..

 

عدّل المرشّح من وقفته، وشعر نسبياً بالأمان.. ليقول: "أنا مثلكم، كُنتُ جائعاً، وفي فقرٍ مدقع.. ففي السنة الأولى بعد انتخابي للبرلمان، عدّلتُ من أوضاعي المالية، واشتريتُ أرضاً، وفي السنة الثانية بنيتُ عليها بيتاً، وفي الثالثة قُمتُ بتأثيث البيت واشتريتُ سيارة خاصة بي، وفي الرابعة قُمتُ بإكمال ديني، فتزوّجتُ والحمد لله. واليوم حيث أقف بين أيديكم، أُعاهدكم بأنّي قد تفرّغتُ للعمل من أجل خدمتكم.. وأنصحكم بألا تنتخبوا آخراً غيري، فسوف يحتاج إلى نفس أدوار الاستحالة هذه التي مررتُ بها، ولكم الخيار أيها الأخوة... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"!!!

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.