اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• التيار الديمقراطي .... حراك وليس جبهة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوسف زرا

 مقالات اخرى للكاتب

التيار الديمقراطي .... حراك وليس جبهة

 

لو اطلعنا مليا على الوثيقة التاريخية التي صدرت عن المؤتمر التأسيسي للتيار الديمقراطي لمجموعة أحزاب وشخصيات وطنية وديمقراطية وذلك في 22/10/2011 والتي احتوت على ستة محاور مختلفة، ومنها السياسية والتشريعية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية ثم محور التعليم والثقافة والإعلام .

بهذه النظرة الاستعراضية السريعة، تبين لنا أهمية وقيمة المؤسسات الأساسية والدستورية لكل شعب، والتي لا يمكن إهمال جزء منها على حساب جزء آخر، لأنها مؤسسات مترابطة ومتداخلة تاريخيا، تمثل وحدة عضوية متفاعلة لمجموعة كيانات وركائز ضرورية للمجتمع المتحضر وفق قوانين وأنظمة متقدمة ذات علاقة موضعية لكل محور من محاوره المتضامنة والمتشابكة ولا يمكن الفصل بينهما أو الاستغناء عن بعضها أو أي جزء منها .

فمن هذه اللوحة الحية التي تمثل الهيكل الجامع والشامل لمقومات الحياة الضرورية والمستحقة لكل شعب والتي أقرتها الدساتير الحديثة ومنها الدستور العراقي ورغم بعض شوائبه، فهو يقر في مادته الأولى بأنه دولة جمهورية اتحادية واحدة مستقلة وذات سيادة كاملة. وان جميع مكوناته الاجتماعية متساوية في الحقوق والواجبات أمام القانون، ولا فرق بينها في التنوع القومي والديني والاثني، ولا في اللون والجنس.

وعلى هذا الأساس كان ظهور التيار الديمقراطي للقوى والشخصيات الوطنية والمستقلة، يعتبر مكونا تاريخيا لا بد منه، وكحراك فاعل في ميدان العمل السياسي والاجتماعي والثقافي وبرؤية شاملة للمحاور المذكورة أعلاه، ومتابعة تطبيقها بعيدا عن المساومة فيما بين الكتل القابضة والمسيطرة على زمام الحكم وصاحبة النفوذ الديني والقومي، والتي عملت وتعمل على تهميش لا بل إقصاء القوى الديمقراطية بأحزابها وشخصياتها الوطنية من المشاركة في صنع القرارات المصيرية وبناء دولة ديمقراطية فدرالية تعددية تساهم فيها جميع مكونات المجتمع وفقاً لمبدأ العدالة الاجتماعية وبدون تمييز بين الأكثرية أو الأقلية الاجتماعية، قومية كانت أو دينية، لأن ذلك يعتبر خرق للدستور العراقي واعتداءً صارخاً على حقوق الشعب.

فأن التيار الديمقراطي قام ليصحح المسار القانوني لأجهزة الدولة ومؤسساته الرئيسية التشريعية والتنفيذية والقضائية واستقلاليتها عن بعضها. وعدم فرض الوصاية غير القانونية على إحداها وذات طابع ديني أو مذهبي أو قومي يخل بميزان مهامها وواجباتها الدستورية، وبعلاقة الفرد بالمجتمع والوطن. وان انتشار الفساد الإداري والمالي واستفحال الإرهاب المنظم وفقدان الأمن الجماعي والفردي، والذي أوصل الشعب العراقي إلى حالة الاستنفار وعدم الثقة بهذه المؤسسات، مطالبا الجهات المعنية والتنفيذية منها بالدرجة الأولى احترام تاريخ هذا الشعب وقواه وأحزابه الوطنية والديمقراطية العتيدة وتضحياته الجسيمة منذ قيام الحكم الوطني الملكي في عام 1921. وما أصابه من الدمار الكبير طيلة العقود الأربعة الماضية من الحكم الدكتاتوري، وغياب  قيادات الأحزاب المذكورة عن الساحة السياسية، وثم سقوط النظام على يد قوات الاحتلال وفي فترة زمنية مختلة في 9/4/2003 وما أفرزته الأحداث خلال التسع سنوات الماضية من تفشي المحسوبية والمنسوبة والبطالة بين اكبر شريحة من الشباب على اختلاف أعمارهم وتخصصاتهم المهنية والدراسية، واحتدام الصراع على كراسي الحكم بين الكتلتين الكبيرتين، دولة القانون ذات الصفة المذهبية (الشيعية) والعراقية ذات الصفة القومية والمذهبية (السنية) والإصرار على إقصاء الأخر والتحكم بالسلطة التنفيذية بشكل منفرد، والانسياق السريع وتسارع الأحداث لقيام حكم فردي ودكتاتوري جديد وبدعم خارجي من بعض دول الجيران، ودون النظر إلى المصير المجهول من جراء هذا الصراع والانزلاق في هاوية، لا مصلحة لأحد من نتائجه إذا وصلت الحالة وتعنت الطرفين إلى قيام حرب أهلية بينهما.

لذا فان التيار الديمقراطي ولد كقوى متابعة وبمسؤولية عالية وضاغطة على جميع الأطراف المتصارعة حاليا ومستقبلاً، كي تعي على المصير المجهول ببقاء الحالة على ما هي ومن المستفيد؟ .

وان التيار الديمقراطي وحسب اعتقادنا ليس بمفهوم جبهة سياسية بين مجموعة أحزاب وطنية تحاول عبر احتجاجات ولعدة أيام ولغرض إسقاط حكومة وإقامة أخرى من صلب المخاض، كما كان قائما في العهد الملكي والجمهوري الثاني حينما كان الشعب العراقي وعبر وثبات وطنية تاريخية منذ عام 1948 مرورا بعام 1952 و1956، كيف تمكن من إسقاط عدة حكومات ثم كانت تنطفئ الجذوة الثورية لهذه الانتفاضات بسبب قيام النظام الملكي باستبدال واجهة الحكومة من أشخاص معلومة هوياتهم الرجعية بأخرى إما عسكرية قمعية أو بأشخاص حديثي الاستئزار. بمعنى إمكانيات القوى الوطنية وأحزابها التقدمية كانت تلجأ للالتئام في منهاج جبهوي ذات أهداف سياسية آنية ينتهي مفعولها بسقوط وزارة وقيام أخرى من نفس النمط لخدمة النظام الملكي وحاشيته وبقائه لا غير. حتى تكلل النصر التاريخي في 14/تموز/1958 وان كان على يد مجموعة من الضباط الأحرار للجيش العراقي ، ولكن كانت القوى الوطنية المهيء الرئيسي لنجاح تلك الحركة وتحويلها إلى ثورة حقيقية بإزالة النظام الملكي وقيام نظام جمهوري وبأفكار سياسية واجتماعية وطنية وديمقراطية وأسباب فشلها وسقوطها هو بتوجيه ضربة موجعة إلى أجنحتها التقدمية وبسبب التأمر عليها من عدة جهات داخلية وخارجية.

إلا أن التيار الديمقراطي الحالي وحسب أسباب ظهوره هو ليس جبهة اتحادية وطنية كالتي قامت في أواسط الخمسينيات كما ذكر أعلاه. ولا الجبهة المسماة القومية التقدمية والتي قامت في أواسط السبعينيات من القرن الماضي وأسباب فشلها أيضا انفراد التيار القومي الشوفيني في السلطة كما هو معلوم لمن عاشها وتابعها وفرض حالة من الاضطهاد لكوادر الحزب الشيوعي وتصفية قادته وقواعده الفاعلة. فان التيار الديمقراطي هو حراك متفاعل ليس في أهدافه إسقاط حكومة ما، أي تبديل غطاء قومي بأخر .

فأنه حراك مستديم وليس آني بأهدافه. فغرضه دعم كل تشريع وقانون تقدمي وإسناد نظام الحكم وتطويره. وهو حراك أيضا لنقد كل عمل لمؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية لا يخدم قيام دولة جمهورية ذات سيادة ونظام حكم ديمقراطي فدرالي تعددي يشارك فيه جميع مكونات المجتمع السياسية والاجتماعية والعلمية والثقافية، ويعمل متعاونا مع السلطة التنفيذية للقضاء على الفساد الإداري والمالي والبطالة المستشرية بين الشباب ويعمل على استدباب الأمن وتقديم كافة الخدمات الأساسية للمجتمع.

هذا هو التيار الديمقراطي .... حراك وليس جبهة

 

يوسف زرا

19 / 3 / 2012   

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.