اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

من المحاصصة الطائفية إلى المحاصصة العشائرية -//- يوسف زرا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

اقرأ ايضا للكاتب

من المحاصصة الطائفية إلى المحاصصة العشائرية

يوسف زرا

تأكد من خلال مسيرة الكثير من الشعوب، انه في حالة تخلف القوى الاجتماعية ذات الوعي السياسي والثقافي النوعي عن قيادة المجتمع في عملية التغيير والتقدم في كافة مفردات الحياة اليومية المهمة والضرورية، فلابد أن تدور عجلة حركة المجتمع في اتجاه آخر بغية سد الفراغ وتولي المسؤولية التاريخية البديلة عن القوى السياسية المذكورة أعلاه، ويكون انطلاقاً من موقع الضعف والوهان الذي أصاب تلك القوى، والحجة القاطعة للفئة الجديدة عدم استوفاء وتحقيق التغيير الضروري في البنية التحتية الاجتماعية المسحوقة، والتي تمثل في كل مكان وزمان أكثر من ثلاثة أرباع المجتمع وهي حجة دامغة لا شك فيها.

وهنا يجب عدم التهرب من قول الحقيقة وما ينطبق على واقع الشعب العراقي المأساوي الذي يعيشه من جراء التخبط الحاصل في العملية السياسية منذ عقد مضى.

فأن أية عودة بخطوة ولو واحدة إلى الوراء في المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والصحي وغيرها، سيكون بمثابة الانتحار لمفهوم حركة المجتمع وفقدان جميع المكاسب والحقوق الأساسية لجميع المكونات الاجتماعية عبر قياداتها التي تمثلت في تحمل المسؤولية الوطنية خلال هذه الفترة غير المنضبطة لزعماء الكتل السياسية المتصارعة فيما بينها .

وإن ما آل أليه الشعب العراقي منذ سقوط النظام السابق في 9/4/2003 ومن جراء التصادم الحاد بين أهداف تلك الزعامات والتي انصبت أهدافها في جني الأرباح المادية والتنافس على كراسي الحكم السيادية وغير السيادية، والمتاجرة بالمبادئ السياسية ذات الصبغة المذهبية والقومية، واستغلال الفرصة المناسبة للزعامات المذكورة لتكريس التوجه الطائفي والمذهبي والقومي .. وما أفرزته ظاهرة التطرف لبعض أجنحتها وأدى إلى تعميق الخلاف وزيادة التباعد فيما بينها. عدى عدم إعطائها أهمية الوضع الأمني المنفلت والطابع الإرهابي اليومي, غير التدهور الاقتصادي من جراء استفحال وطغيان ظاهرة الفساد المالي والإداري وبشكل مكشوف, لاختفاء الرادع الأخلاقي والاجتماعي, وتلاشي سلطة القانون.

ولم يعد بمقدور أية كتلة سياسية من المتحكمة بالأجهزة الرئيسية لمكونات الدولة، التشريعية والتنفيذية والقانونية بوقف تفكك تماسك نسيجها الاجتماعي والسياسي والوطني، إلى جانب استثمارها العشوائي للمفهوم الديمقراطي السياسي لصالحها الذاتي ككتل بأهداف سياسية وحزبية ضيقة ولمنفعة غالبية الشخصيات الرئيسية، وفي طليعتها الوزراء والنواب ووكلاء الوزارات والمدراء العامون وغيرهم وبرواتب خيالية.

وإذا كانت الشريحة العشائرية قد تمكنت من صد عجلة التطور الحياة وإزاحتها من المجتمع العراقي المدني والريفي بهذه النسبة أو بتلك، وخسر الشعب العراقي ما تبقى من المكاسب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فإنها كانت ولازالت متربصة بالوضع العام، وتعمل كخلايا سياسية نائمة ضمن البنية التحتية الاجتماعية العريضة.

وفعلا هذا ما خلفته المحاصصة الطائفية، والتي سهلت لقوى الردة من الرجعية الداخلية وبإسناد مكشوف من الخارج، وديمومة الصراع المستميت والقاتل على كراسي الحكم وكأنها طوق النجاة لهم رغم علم الجميع.

إن هذه السياسة أدت إلى الفوضى العامة في جميع مرافق الحياة، وجعلت الشعب العراقي بكل فصائله الاجتماعية والسياسية وحتى الدينية، يفقد القدرة على معالجة الوضع الصعب، وحتى إلى إيصال نداء العقل إلى كل الكتل والزعامات المعنية والمسؤولة عن ذلك. وعن المصير المجهول من جراء المحاصصة الطائفية المقيتة.

فها هو الميدان السياسي والاجتماعي في عموم الوطن قد نهض نسبيا بعقلية قبلية عشائرية وبشكل شبه متماسك وخاصة في محافظات المنطقة الغربية والوسطى، وسببه الخلل الذي حصل في التوازن بين المكونات الاجتماعية والسياسية لكل الشعب العراقي. والتي كانت ظاهريا صاحبت النفوذ الأوسع خلال أكثر من جيلين على ارض الواقع وخاصة بعد ثورة 14 تموز 1958. وما طرأ من التغيير في القوانين التي كانت سائدة في العهد الملكي لصالح كبار الإقطاعيين، ولازالت وبقيت إلى هذا اليوم تحاول أن تثب وثبة الأسد على كل المكاسب الشرعية التي حققتها الثورة المذكورة، ومنها قانون الإصلاح الزراعي رقم 30 / 1959 وقانون النفط رقم 80 / 1960 وغيرها والخروج من المعاهدة المركزية (حلف بغداد) ومن منطقة الإسترليني المالية.

فما بالكم أيها السادة في السلطة وخارجها. إذا حلت قوى الردة المنظمة والتي قد تستغل الخيمة العشائرية بدلا من المحاصصة الطائفية. فماذا سيكون مصير كل القوى السياسية الوطنية والاجتماعية وانتم في مقدمتها؟.

فالعشائرية قادمة وطلائعها مطروحة في حملة الانتخابات الحالية لغالبية مجالس المحافظات. وهي مقتنعة بأنه لا مجال بوضع حد للفوضى الطليقة ما لم تتولى هذه الطبقة المبادرة لإزاحة كل ما يعترضها، وقيادة المجتمع حسب منهجها ورؤيتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولا بديل لغيره أنيا ومستقبلا.

علما إن الاستعمار البريطاني بعد احتلال العراق في عام 1914، كان قد طرح مسودة قانون للنظام العشائري عام 1918 والذي ظل نافذا مفعوله لغاية ثورة 14 تموز 1958 ثم الغي. والغاية منه كان لدعم النظام الملكي بتكريس النفوذ الاجتماعي القبلي حصرا باسم قانون العشائر. وحسب رؤية حكام الاستعمار البريطاني حينه، وأصبح ذلك القانون مدعوما رسميا بدستور الدولة العراقية الصادر عام 1925 ووفق المادة 114 منه.

فما بالكم أيها السادة ونحن نمر في الذكرى العاشرة لاحتلال العراق؟…..

ـــــــــــــــــــ              يوسف زرا

9/4/ 2013

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.