اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

سوريا بين المطرقة والسندان -//- يوسف زرا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

سوريا بين المطرقة والسندان

يوسف زرا

منذ قيام دولة إسرائيل ( ذات هيكلية دينية قومية ) في فلسطين عام 1948 وتحسس جميع حكام الدول العربية والقوى السياسية الكلاسيكية العاملة ميدانياً، بأن هناك مؤامرة دولية ومنذ عهد بلفور وزير خارجية بريطانيا عام 1917 .

فكانت المحصلة السياسية الأولية والقناعة التامة لحكام العرب، بان مخاضاً كبيرا ً وبعيد الأهداف سيتم على مراحل تدريجية وبشكل مبرمج في عموم منطقة الشرق الأوسط بصورة عامة والمنطقة العربية بصورة خاصة .

وأصبح أمام الجميع واقع معقد وصعب تحليله لان غالبيتهم كانوا يفتقرون إلى رؤية وافق سياسي بعيد، ولا خيار لأحد ٍ في رسم خطة سياسية قد تتقاطع مع مصالح إسرائيل في ارض فلسطين وطن الأجداد وقدسيته واحتلال العدو مدينة القدس، وأصبح الشعار العلني والمتفق عليه في جميع تلك الدول العربية والإسلامية إعلامياً، وكإستراتيجية آنية في تحركها محليا ً ودوليا ً وإقليميا ً هو تحرير فلسطين.

وكان الواقع مريرا ً بعد علمهم، إن نهاية حرب عام 1948 رغم كثافة القوى العسكرية العربية وتفوقها عدديا ً بشريا ً وحتى عدة. بأنه كان مقررا ً مسبقاً. وإن هناك الخط الأحمر الذي لا يسمح للجيوش العربية تجاوزه، وتوقف تقدم تلك الجيوش عنده، فولدت منطقة تحت شبه سيطرة العرب وبدون حدود مساحة معلومة وما سميت فيما بعد الضفة الغربية . ثم توالت الحروب بين إسرائيل والدول العربية المجاورة لها مباشرة ً وحتى الأقرب، ومنها العراق بصورة خاصة وصاحب الثقل والكفاءة العسكرية الأكثر من غيره. فأن نشوب الحرب في عام 1956 وما سمي بحرب السويس ( العدوان الثلاثي )وتمكن القوات المعتدية ( إسرائيل - بريطانيا – فرنسا ) من احتلال شبه جزيرة سيناء وبعض المدن الساحلية للبحر الأبيض المتوسط و البحر الأحمر لمدة قصيرة، بعد صدور إنذار الاتحاد السوفيتي الشهير بالتدخل بثقله السياسي والعسكري ما لم تسحب الدول المعتدية جيوشها من مصر وبدون قيدٍ أو شرط .

فتنفس الشعب المصري بصورة خاصة والعربي بصورة عامة، وأصبح في معنوية عالية نسبيا ً .

ثم لم يمضِ أكثر من عقد من السنين حتى تهيأت الظروف لإسرائيل وبإسناد مباشر من الغرب بصورة عامة والولايات المتحدة الأمريكية بصورة خاصة واندلعت الحرب الثالثة في عام 1967، وأصبحت كل فلسطين تقريباً بما فيها القدس وأجزاء أخرى من مصر في ( سيناء ) وهضبة الجولان في سوريا تحت الاحتلال الإسرائيلي .

وثم الحرب الرابعة في عام 1970 وانتكاسة أخرى للجيش المصري بشكل واضح وما ترتب على ذلك من تحميل المسؤولية إلى بعض من قادة الجيش المصري وفي مقدمتهم المشير عبد الحكيم عامر، وثم وفاة عبد الناصر المفاجئ واستلام السادات زمام السلطة من بعده مباشرة وشروعه بإعادة تركيب الجيش المصري وتهيئته لمعركة حاسمة في عام 1973، وما حققته فعلا ً في اختراق ( الخط الدفاعي الإستراتيجي العسكري – بارليف ) الذي انشاته إسرائيل في الضفة الشرقية لقناة السويس وثم صدور قرار مجلس الأمن المرقم 242 في 22/أكتوبر/1973 والقاضي بإيقاف العدوان وسحب إسرائيل جميع قواتها إلى مواقعها الأصلية.

فبدأت مرحلة التفاوض المباشر بين القيادتين العسكريتين الإسرائيلية والمصرية في موقع ( كيلو – 101 ) داخل الأراضي المصرية . ثم توالت اللقاءات خلف الكواليس وبإشراف الولايات المتحدة الأمريكية ودور رئيسها جيمي كارتر باللقاء التاريخي بين الرئيس المصري أنور السادات وقادة إسرائيل وما تمخض عنه من اتفاقية كمب ديفيد، وتعهد السادات بصنع سلام دائم بين مصر ( كبرى الدول العربية ) وبين إسرائيل وإعلانه صراحة بأن حرب أكتوبر عام 1973 ستكون آخر حرب مع إسرائيل، وفعلا ً كان ذلك وما تحقق على ارض الواقع خلال الأربعة عقود مضت منذ الحرب المذكورة وإلى هذا اليوم.

وكانت زيارة أنور السادات عام 1975 إلى القدس وتوقيع الاعتراف العلني لدولة إسرائيل وتبادل السفارات بين الدولتين ولا زالت قائمة إلى هذا التاريخ.

ومن هذه المقدمة والاستدراج التاريخي لأحداث مهمة في تاريخ المنطقة نرى، أن سوريا الحالية هي الوحيدة من بعد فلسطين حلت بها النكبة ولا زالت هضبة الجولان تحت الاحتلال الإسرائيلي وإن مصر استعادت جميع أراضيها التي كانت إسرائيل قد احتلتها عام 1967. وثم قيام نظام حكم ذات طابع قومي شبه متطرف وتشبثه إعلاميا ً بتحرير فلسطين كقضية مركزية لسياسة حزب البعث الحاكم فيها حاليا وسابقا في العراق بقيادة صدام حسين، ولم يحدث خلال العقود الأربعة من بعد 1973 أي احتكاك عسكري بين دولة إسرائيل وسوريا … ولكن إسرائيل تبقى قلقة من النظام القومي في سوريا ودعم روسيا وريثة الإتحاد السوفيتي لها عسكرياً واقتصادياً. فلا بد لهذه الدولة ومن يساندها من الغرب التحرك للتغيير السياسي والإداري في عموم المنطقة وفي مقدمتها سوريا. وهنا يبدأ مدخل ما يسمى بالربيع العربي وحصة سوريا ودعم المعارضة الداخلية من دول الخليج كوكيل عن أصدقاء إسرائيل ( دول الغرب وأمريكا ) في تمويل القوى الداخلية ( ذات التوجه غير المتجانس في نسيجها الاجتماعي والسياسي وحتى العقائدي) ( إسلامي – اتني – طائفي – مذهبي ) مع الدعم المباشر من هذا التشكيل من الخارج بشريا ً وماديا ً وجعل أرض سوريا في دوامة كبيرة من الحرب الداخلية - الخارجية الاستنزافية وإلى أمد طويل لتكون النهاية تحويلها إلى كانتونات عدوانية فيما بينها أيضا ومرتزقة اقتصاديا ً من الخارج ( الخليج – الغرب ) وان التركيز على مصير سوريا بحدودها ومساحتها ونظام حكمها الحالي، والذي أصبح النظام القومي العروبي الوحيد في الساحة السياسية العربية، وذو العلاقة التاريخية وبشكل وطيد مع إيران بعد سقوط نظام الشاه الملكي عام1979 وقيام حكم سياسي إسلامي شيعي.

وأصبح النظام الحاكم في سوريا الحليف المباشر لإيران والمساند الرئيسي للتيارين الدينيين المتشددين في لبنان متمثلا بحزب لله (شمال إسرائيل) وكذلك جماعة (حماس) في قطاع غزة (جنوب إسرائيل) وكلاهما رافعين راية المقاومة المسلحة الإسلامية ضد إسرائيل.

فان مصير هاتين المنطقتين المعاديتين لإسرائيل علنا، مرتبط بمصير سوريا ونظامها المتعاون المباشر مع إيران.

وان نظام الحكم في إيران هو الأخر وبحسابات الدول الغربية وإسرائيل يعتبر المحرك والممول والمساند الرئيسي لجميع التيارات الشيعية المتواجدة في المنطقة العربية بصورة خاصة ومنها (سوريا – عراق – بحرين – يمن – لبنان – قطاع غزة) وغيرها. فلا بد من خلط الأوراق على النظام في سوريا أولا، وجعل شعبها في دوامة ومخاض عنيف بفقدان توازنه بعد إدخاله في نفق مظلم ومصير مجهول. وجعل الحرب الداخلية – الأهلية – تطول حتى الاستنزاف الشامل في كل قدراته الاقتصادية والعسكرية والنفسية، ولاجئاً كشتات متنوعة في بلدان الدول العربية المجاورة والبعيدة. ومنهم قد يصل إلى دول المهجر – أوربا – أمريكا – استراليا. وتصبح إسرائيل ولمدة غير قصيرة مطمئنة من الأعداء التقليديين تاريخيا. وتبدأ تلعب لعبة أسد في محمية مغلقة الحدود جغرافيا. ومقطوعة عن العالم الخارجي نسبياً وان الشروع في الحرب كالدائر في سوريا لا ينتهي بهذه الصورة، فلا بد من انتقاله إلى كل من دول الجيران القريبة والبعيدة من إسرائيل وفي مقدمتها العراق بالدرجة الأولى والذي هو يغلي في داخله منذ سقوط نظام صدام حسين، والعاصفة بين فترة وأخرى تهب في سمائه وحتى تحين فرصة هبوب إعصار عليه، وكتله المتصارعة على كراسي الحكم والممثلة بالطائفية والمذهبية هي الأخرى مرشحة لنفس مصير سوريا. ويلي العراق الأردن ولبنان ومصر وغيرها.

حقاً إن كل من سوريا والعراق خاصة تاريخاً كانتا الصمام الأمان الوقتي داخلياً وللضرورة الخاصة المقتضية مصلحة أمريكا وحلفائها، والأحداث اليومية خير شاهد على ذلك. وكفى بالعقلاء الانتظار.

ــــــــــ

يوسف زرا

26-4-2013

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.