اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (187)- الاعظمي في اثينا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 يوميات حسين الاعظمي (187)

 

الاعظمي في اثينا

          في حلقتنا هذه وموسوعتنا– موسوعة ملتقى الاعظمي– اتحدث فيها مرة اخرى عن افتتاح الخط المباشر بين بغداد ومدريد، وفي حلقة 265 الماضية كان حديثنا عن منهاج الايام الاربعة او الخمسة في اسبانيا، والان اركز الحديث عن رحلة العودة الى ارض الوطن التي كادت ان لا تتحقق..! ففي وقت ومكان لم يكن في الحسبان على الاطلاق، تم إلتقاط هذه الصور الاعتيادية الموجودة مع هذه الحلقة. هكذا قدِّر لنا أن نعيش زمناً اطول في طريق العودة الى ارض الوطن من مدريد الى بغداد، يوم الاول من مايس 1977، وذلك لنزول طائرتنا العراقية التي دشنت قبل اربعة ايام افتتاح اول رحلة مباشرة رسمية من بغداد الى مدريد، لتهبط في مطار أثينا الدولي بعد المعجزة الإلهية في نجاتها ونحن قادمون من مطار مدريد مرورا بمطار روما لبعض الوقت..! إن هذه الحادثة سبق أن كتبتها في الجزء الاول من احد كتبي المخطوطة بصورة مفصلة، تصلح أن يكتب لها سيناريو وتكون رواية أو فلماً سينمائياً..! للتفاصيل المثيرة التي حدثت خلالها، وطبيعي لا مجال لذكر هذه التفاصيل في هذا الحيــِّز الضيق من حلقتنا. وسأختصر الحادثة جداً..

           ذكرتُ في الحلقة المرقمة 265، عن يوم 27/4/1977 ورحلتنا الى مدريد، أقلعت بنا طائرة الخطوط الجوية العراقية– البوينك-  متوجهة الى مدريد، في أول طائرة عراقية تصل مباشرة الى مدريد، وذلك لإفتتاح الخط المباشر بين بغداد ومدريد لأول مرة، وقد كان عدد الوفد الخاص جداً الموجود في الطائرة قد ناهز التسعين شخصاً، جلـّهم من كوادر الدولة، مسؤولين وحزبيين وما شابه ذلك..! بالاضافة الى فرقة التراث الموسيقي العراقي التابعة الى دائرة الفنون الموسيقية في وزارة الثقافة والاعلام. التي أضيف اليها بعض الاعضاء الفنانين من خارج الفرقة، وهم  المطربة سيتا هاكوبيان وعازف القانون حسن الشكرجي من دائرة الاذاعة والتلفزيون، والمطربة المرحومة لطيفة احمد (هامش1) وهي من الطلبة المستمعات في معهد الدراسات النغمية العراقي، أما بالنسبة الى المرحوم المطرب رياض احمد فقد كان منسَّباً بصورة رسمية لفرقة التراث الموسيقي العراقي من دائرته الاذاعة والتلفزيون لمدة سنة واحدة، وأنا وباقي الموسيقيين الآخرين من أعضاء فرقة التراث الاصليين..! ويذكر ايضا، ان السيد طارق عزيز وزير الثقافة والاعلام زمنذاك كان قد وصل الى مدريد بعد يومين من وصولنا ونزل معنا في فندق بلازا .......؟

 

         أقيمت الحفلة المنتظرة بمناسبة إفتتاح الخط الجوي المباشر، في نفس الفندق الذي نقيم به، وأتذكر من إسمهِ، بلازا .... ؟ وهو فندق كبير وفخم  جدا، ساهمتْ فرقتنا التراثية بحفل إفتتاحه هو الآخر قبل عام تقريباً، ويقع في وسط العاصمة مدريد بشارع خوزيه انطونيو، وهو أشهر شارع في مدريد، وقد كان سفيرنا في تلك الفترة هو السيد صلاح عمر العلي (هامش2) . وحفلة الافتتاح أقمناها يوم 29-4 في اكبر صالات الفندق نفسه. وكانت في غاية النجاح والفرحة التي كانت تعم الوجوه..

 

        على كل حال، لم يدر بخلدنا، ونحن نغادر مدريد يوم 1-5 . عائدين الى بلدنا العزيز، الى قـَدَرٍ كاد أن يودي بحياة اكثر من مئة شخص تقريباً بمعية طاقم الطائرة التي كان يقودها أحسن طيار عراقي ذلك الوقت، هو الكابتن فؤاد كربيت، ولكن لله شأن آخر، فقد تمـَّت نجاتنا من خلال العناية الالهية وبإعجوبة بالغة، بعون من الله وحفظه ورعايته وشطارة طيارنا البطل فؤاد كربيت..! بعد ان أقلعنا من مطار مدريد مرورا لبعض الوقت بمطار روما، ثم متوجهين الى ارض الوطن الغالي والى مطار بغداد الدولي. شاء القدر ان يجبرنا هذه المرة على الهبوط الاضطراري في مطار اثينا باليونان..! وكان هبوطنا في أثينا معجزة إلهية بكل ما يمكن ان تنطق هذه الكلمة من معانى المعجزة..! فقد كنا قاب قوسين أو أدنى من انفجار الطائرة في الجو قبل هبوطها الاعجوبة في مطار اثينا..!! وعليك أن تتأمل عزيزي القارئ الكريم، ما أصابنا من ذهول ونحن في الجو نقترب من أرض مطار اثينا نشاهد سيارات الاطفاء قريبة من مدرج الطيران والهبوط، وهي متأهبة لإحتمال حدوث أي شيء..! الامر الذي أصابنا فيه يأساً أكيداً وشعوراً مخيفاً بقرب لحظات الموت..! أما الوقت العصيب الذي مرَّ ونحن بين الموت والحياة، وما دار من مآسي داخل الطائرة ونحن فوق مياه البحر الابيض المتوسط، خاصة وفي الوفد عدد من النساء، فذاك أمر يحتاج الى كلام كثير وكثير جدا..!

       نحمد الله العلي القدير على نجاتنا، وعندما هبطت الطائرة في مطار أثينا، خرج علينا طيارنا الرائع فؤاد كربيت، وقال للجميع وهو يحمد الله على نجاتنا، بأن الطائرة لو بقيت خمسة دقائق أخرى في الجو لكان مصيرها الانفجار الاكيد..!!

        وفي صالة الانتظار في مطار أثينا، فوجئنا بكل أعضاء السفارة العراقية وجمهور غفير من العراقيين في إستقبالنا ونحن وهم غير مصدقين ما حدث، وغير مصدقين نجاتنا الالهية..! وبعد ذلك قضينا ليلة من ليالي العمر التي لا يمكن أن تنسى حتى الصباح، في سهرة أقامتها السفارة لنا بمناسبة نجاتنا مع جمع من العراقيين، بل لم ننم بالنسبة لنا حتى وصلنا الى بيوتنا في بغداد مساء اليوم التالي  2/5/1977 ..! بعد أن تم تصليح عطل الطائرة من قبل خبراء عراقيين قدموا من بغداد بطائرة خاصة الى أثينا لأجل ذلك..! ولم يسمح لاي جهة اخرى ان تمد يدها الى طائرتنا لتصليحها..! وقبل إقلاعنا من مطار أثينا في نهار اليوم التالي الثاني من مايس، كان طيارنا فؤاد كربيت قد أقلع بدون أعضاء الوفد للتأكد من صيانتها (تراي trai) . وبقي ساعة تقريبا يتجول في الجو حتى عاد الى المطار، ليسمح لنا بالصعود الى الطائرة وليعود بنا سالمين الى بغداد الحبيبة والحمد لله على كل شيء..

 

          والصور المرفقة بهذه الحلقة من موسوعتنا، تُـظِهر بعض أعضاء فرقة التراث الموسيقي العراقي في ضحى يوم 2-5 الثاني من مايس يتجولون قرب البحر والمدينة، وقرب أحد مسارح السيرك في إنتظار إبلاغنا بالـــــذهاب الى المطار والعودة الى أرض الوطن. مع الصور الاخرى..

 

ولله في خلقه شؤون

 

اضغط على الرابط / حسين الاعظمي حفلة الكويت 5

https://www.youtube.com/watch?v=3oNlk5xVs-k

 

هوامش

1 – هامش1 : لطيفة احمد: هي احدى طلبة معهد الدراسات النغمية العراقي المستمعات ولم تكن طالبة رسمية، عاشت حياة مضطربة وقلقة ادت الى مقتلها من قبل ابنها عام 1978 ..!

2 – هامش2 : صلاح عمر العلي: ولد في 17 يوليو 1938، كان عضوا في مجلس قيادة الثورة العراقية ووزير الثقافة والإعلام العراقي من 1968 إلى 1970 ثم سفيرا في السويد  من 1973 الى 1976 ، وسفيرا في إسبانيا من 1976 الى 1978 وفي الأمم المتحدة من 1978 إلى1981.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.