اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (210)- مائدة نزهت: جزء 3

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 يوميات حسين الاعظمي (210)

 

مائدة نزهت / جزء 3

اعزائي نكمل الموضوع في جزئه الثالث

     لطالما استمتعت بذكريات فنيه عشتها مع السيدة مائده نزهت وقد ضمّـتْـنا فرقة التراث الموسيقي العراقي التي اسسها الموسيقار الراحل منير بشير مطلع السبعينات . يلُفُّنا يوم وظيفي دائم طيلة اكثر من اربعة عشرة سنة ، لا نحس بثقل في دقائقة ولا غضاضة من لحظاته ، فقد كنا اعضاء الفرقة جميعاً متآلفين محبين لبعضنا ، واذكر ان علاقتي بالسيدة مائدة كانت قوية جداً ، وربما اقوى من علاقة زملائي الفنانين بها من اعضاء الفرقة ، وكانت تأنس لمجالستي خاصة ونحن نتحدث عن شؤون المقام العراقي . فانت مع انسانة بمعنى الكلمة ، تنبئك ابتداءً بنبلها وسمو مرتبتها واخلاقها الجمة .  تبادلت الإخاء معها فأثمر عن تعلُّـمها لمجموعة من المقامات العراقية قاربت العشرة مقامات . اجادت بتفوق في تلقفها واستيعابها كاي مطرب مقامي وعى منذ نعومة اظافره على سماع وتعلم هذا الفن . لم اعان في تعليمها . فمنذ الوهله الاولى تتلقى الاصول التقليدية لغناء المقامات العراقية لتتفاعل في مكنوناتها العميقة ، وقد باشرتْ في تسجيلها في الاذاعة والتلفزيون كما غنتها في المهرجانات الدولية من خلال مشاركاتنا الكثيرة مع  الفرقة خارج العراق .

       واجدني عندما اذكر حقائق ، استشعر راحة كبيرة ، فمن هذه الحقائق تنجلي واخرى مغبونة منسية ..! ومن الحقائق ان هذه المغنية الكبيرة غنت المقامات باصولها التاريخية دون الخروج عن ذلك احتراماً لهذه التقاليد الغنائية ، ولما كان الخروج عن القوالب لاي فن تراثي محفوف بالمخاطر ، فهو سلاح ذو حدين ، فقد استنكره غالبية المقاميين بحجة المحافظة على الاصول التقليدية ..! وهو رأي تميل اليه الكثرة ، مع ان البعض حاول التملص من هذه الشرنقة العتيقة . اما الاضافة فهي تناظر الخروج عن التقاليد بل هي من نتائجه . ولما كانت مطربتنا قديمة عهد بالغناء ، فقد اتاح لها عمرها الفني ان تصول و تجول لتخرج وتضيف جماليات ادائية ابداعية غاية في الفن والاتقان ..! وعليه فهي اول مغنية مقامية غنت المقامات باصولها التقليدية ، اي انها ادت الشكل المقامي (Form) وعبرت عنه بمضامين غنائية مقامية عراقية بغدادية . ولو اضطررنا الى الاستشهاد فمن السهولة العودة الى مقاماتها ، و ليكن مقام الحويزاوي . هذا المقام الذي سبق ان غناه الكثير من المغنين المقاميين بصورة تقليدية ، ولكن القلة فقط لم تستكن للروتين التقليدي ، وكان التقليد المهيب في الغناء المقامي ، يمنع ان يؤدى مقاماً معيناً الا وقد انطلق من التقليد التام ..! واول واهم مراكز التقليد هي ان تكون القصيدة المغناة ذاتها التي سبق ان غناها احد المغنين المشاهير وفي نفس المقام المعين ..! فمقام الحويزاوي الذي غناه المغني التاريخي محمد القبانجي ، وبما لهذا المغني الكبير من سطوة هائلة على الجماهير ، فقد كان مقامه الحويزاوي له سطوة اخرى على مسامع واذواق المغنين والجماهير منذ ان سجله اذاعياً عام 1956 واعاد غنائه عام 1964 في مؤتمر ومهرجان الموسيقى العربية الثاني الذي انعقد في بغداد ، وهذه المرة سجل تلفزيونياً بحيث لم يجرأ اي من المغنين الاخرين ان يغنوا مقام الحويزاوي بعد هذا التاريخ الا بنفس القصيدة و نفس الاداء الذي اداه استاذنا محمد القبانجي ..! والقصيدة مأخوذة من كتاب الف ليلة وليلة . ففي هذا المقام كمقاماته الاخرى كان القبانجي كطائر تاريخي من العصور القديمة ، يبسط جناحيه الهائلين صوب المشرق والمغرب ، والكل تحت خيمته ..! فمن يجرؤ على مجرد طرح رأي ولو كان بسيطاً.. !!

      غنى القبانجي مقام الحويزاوي ، فغزى القلوب والافكار وألهب المشاعر في قصيدة لو كان قائلها حي يرزق لقدم الولاء والشكر والعرفان لهذا الفنان لانه خلدها بالفعل ، اذ نفض غبار الزمن عنها واظهر بريقها الوهاج . ويقول مطلع القصيدة ..

 

لما اناخوا قبيل الصــبح عيسهـم     فحمــلوها و سارت بالهوى الابل

 

      اتى بعد الفنان المبدع القبانجي في مقامه هذا وبالقصيدة التي اعتبرها المؤرخون من القصائد الواحدة ، مغنون مقاميون كثيرون ، غنوا هذا المقام (الحويزاوي) وبذات القصيدة وبنفس المسارات اللحنية بما فيهم المغنون الكبار ، فتساقطوا في هذا المقام كأوراق الخريف رغم جودتهم وعلوَّ كعبهم ، ما خلا اثنين من المغنين الذين لم تضعهم الجماهير المقامية ضمن قائمة مغني المقام العراقي ..!! وهو امر ليس عادلاً . لان الجماهير تنظر إليهما على انهما مغنيان للاغنية الحديثة ، فكان اولهما فنان القرن العشرين ناظم الغزالي الذي تجاوز التقاليد فابدع في الغناء الحديث والغناء المقامي بصورة فنية لم يسبق لها مثيل ، فكان اول مطرب عراقي استطاع بفنه ان ينشر المقام العراقي والاغنية القديمة (البسته) الى كل ارجاء الوطن العربي وخارجه ، دون الاعتماد على عكازات من تعابير ادائية غنائية تعود لبيئات اخرى غير عراقية ..! ولم يأت بعده الا واستند على تعابير من هنا وهناك ليصل بفنه الى الخارج . فمن شعر البهاء زهير غنى ناظم الغزال مقام الحويزاوي ، وهو اول حويزاوي يخرج عن التقاليد التي اعتاد بها المغنون ان يؤدوا مقام الحويـزاوي ، نفس حويزاوي القبانجي نصاً شعرياً ولحناً دون زيادة او نقصان ..! ولكن الغزالي قد فعلها وغنى هذا المقام بقصيدة اخرى ومسارات لحنية بتعابير مغايرة لما جاء في مضامين تعابير القبانجي ، وبهذا يكون الغزالي في هذا المقام قد انجز ابداعاً اخر في سلسلة ابداعاته الكثيرة بمطلع قصيدة البهاء زهير :

      وقائلة لما اردت وداعهــــا            حبيبي أحقاً انت بالبين فاجعــي

اكمل لكم اعزائي بقية الموضوع في الحلقة القادمة ان شاء الله .

 

فالذكرُ للانسانِ عمرٌ ثانِ

 

اضغط على الرابط / مائدة نزهت / مقام اللامي / في شباط 5/2/1977 .

https://www.youtube.com/watch?v=BQJxnuUuNow

 

مائدة نزهت ، انا العراق 1960 . الحان علاء كامل

https://www.youtube.com/watch?v=-dLL563Ytuk

 

مائدة نزهت / ليالي من مقام الكرد والانتهاء باللامي واغنية يا نبعة الريحان ، في شباط 5/2/1977 .

https://www.youtube.com/watch?v=YG2P6GJ1m-o

 

مائدة نزهت ، مقام الحكيمي ، في شباط 5/2/1977 .

https://www.youtube.com/watch?v=Auh_KqBymts

 

مائدة نزهت ، مقام الشرقي رست

https://www.youtube.com/watch?v=N_UzsHpV4Mg

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.