اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (371)- ذكريات مبكرة / جزء 2

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (371)

 

ذكريات مبكرة / جزء 2

على كل حال، من مدوناتي وتوثيقاتي واوراقي المبكرة، التي ضاع بعضها خلال حدثين مرَّا في حياتي واللذين مرَّ ذكرهما في امكنة سابقة، حيث كنت ادون ذلك في دفتر صغير وأثير الى نفسي، فقد كنتُ وأنا في سن مبكرة أكتب فيه ما يدور من أحداث تبدو مهمة في حياتي نسبة الى أعمارنا الصغيرة زمنذاك، بل هي فعلاً أصبحت اليوم مهمة في منظور المذكــَّرات أو الذكريات التاريخية، ليس كاليوميات التي اكتبها اليوم، وانما كتابة الاحداث المهمة فقط التي تصادف وقوعها في الحياة بين الحين والاخر..! سواء على مستوى المجموع لاحداث تحدث لاهلي او اصدقاء مقربين، أو على صعيد الفرد لاحداث تحدث لي او لواحد من أهلي أو اقربائي أوأصدقائي..! وعليه كان الحافز وأسباب كتابة مثل هذه الامور الحياتية وإدراك أهميتها التاريخية وأنا في سن مبكرة جداً..! هو أخي محمد واثق كما قلت في الحلقة الاولى السابقة، وأعتقد ذلك جازماً، فالفضل كل الفضل له، فهو قدوتي وتعلــَّمتُ منه الكثير من شؤون الحياة رغم أنه لا يكبرني بأكثر من أربع سنوات..! فاخي محمد واثق شخصية واعية بالفطرة والدراسة، وهو الاديب الفذ الذي يمتلك اسلوباً تعبيرياً في الكتابة يفوق التصورات، ولكن المشكلة هي أنه كان لا يرغب بنشر أي نتاج له سواء مقالة أو رواية أوغير ذلك..!

 

      على كل حال، اتذكر وانا في مقتبل عمري أشياء كثيرة احتفظتْ بها ذاكرتي، ثم ساعدتني فطنتي وتجربتي وتأثري بشقيقي الغالي محمد واثق الى كتابة وتدوين ما كنتُ أراه مهما من وجهة نظري نسبة الى حداثة عمري. ولا اريد هنا ان اعدد واتوغل في كثير من امور الذكريات وجمالياتها، ولكنني ساستعرض بعضها ثم أعرج الى واحدة من مبادراتي الفتية والشبابية الباقية في مدوناتي وذكرياتي وذاكرتي لاجعلها مادة هذه الحلقات.

       مهما يكن من امر، فقد نشأتُ في ظل والديـْن حزينيـْن كبيريـْن في العمر نسبة لي، أثقل الدهر عليهما من الأحزان والآلام ما يكفي لترك آثاراً عظيمة في نفوسنا جميعاً. سبق ان تطرقتُ الى إليها في كتابي الموسوم (حكايات ذاكرة صورية) في جزئه الاول. وتولى أخواتي واخوتي تربيتي المباشرة والاعتناء بي، فأنا صغيرهم وانا المدلل عندهم والمحبوب فوق العادة..! فوالدي يكبرني بأربعةٍ وخمسين عاماً، وهو من مواليد 1898. ووالدتي أقل من ذلك بعشر سنوات تقريباً.

عندما بلغ عمري عشر سنوات تقريباً، كان أخي قد أخذ على عاتقه تعليمي السباحة، وكنت لا أذهب الى الشاطئ بدونه أبداً. رغم أنني كنت شديد الرغبة بالتواجد في النهر وممارسة السباحة، بل أرغب أن أقضي ساعات اليوم كله في السباحة بالنهر، حالي كحال الاحداث في مثل عمري..! خاصة وان بيوتنا قريبة من النهر، بل تقع على ضفة نهر دجلة الخالد مباشرة..!

 

       نبقى في ذكريات الطفولة وحداثة العمر، حيث لم أزل كما قلت أشعر بالأسى من ضياع بعض ممتلكاتي المعنوية والتاريخية والتوثيقية المدونة في دفتر صغير، فقد كنتُ أكتب في هذا الدفتر أشياء كثيرة، منها عندما تعلـَّمت السباحة، وإطمئنان أخي على معرفتي لذلك، بحيث بدأتُ أذهب مع أبناء المحلـَّة بدون اخي محمد واثق، وبعدئذ بدأتُ أصطحب أبناء شقيقتي الى النهر مع أخي محمد واثق أو بدونه، حتى تعلـَّموا السباحة أيضاً..!

 

       بعد أن قوي عودي في هذه الفترة من حداثة سني، وأنا أمارس السباحة مع زملائي أغلب أوقات النهار. الأمر الذي إنطوى على إمتلاكي اللياقة البدنية العالية والنـَفـَس الطويل في السباحة (المطاولة). وقد كنت مع البعض من زملائي، غالباً ما نعبر يومياً الى الضفة الثانية من النهر – جهة مدينة الكاظمية من النهر-  ذهاباً وإياباً..! علماً أن عـُرْض النهر في منطقتنا، وهي المنطقة القريبة من جسر الائمة، كبيرة نسبياً الى عـُرْض النهر في أمكنة اخرى..! حيث تصل الى أكثر من أربعمائة متر..! فضلاً عن قاع الارض العميق وسط النهر في هذه المنطقة العريضة، حيث يجري ماء النهر بسرعة قوية من الصعب مجاراتها بطبيعة عـرض النهر وعمق الارض والمياه العالية..! وكنا كزملاء نتسابق فيما بيننا في العبور الى ضفة مدينة الكاظمية في تقليص المسافة التي يأخذنا فيها الماء الجاري معه عدة أمتار في جانب تيار الماء الجاري عند وصولنا الى الضفة الثانية، فمنهم من يصل الى الضفة وقد أخذه الماء مسافة تقدر بمئاة الامتار..! وبعضهم أقل من ذلك، كلٌ حسب إمكانيته ولياقته البدنية ونـَفـَسَهُ الطويل (المطاولة). وبصراحة كنتُ أكثرهم تحديـَّـاً وإصراراً على أن لا يأخذني الماء بعيداً، حتى وصل الأمر الى ذروته، بحيث إستطعت أن أعبر الى الضفة الثانية دون أن يأخذني الماء حتى متراً واحداً..! تأمل عزيزي القارئ الكريم. أي أنني أصل بصورة مستقيمة تماماً الى الجهة المقابلة. وأتذكر مرَّة أن بعض الاصدقاء كان لا يصدق ذلك، فذهبنا مجموعة من الاصدقاء الى الجهة المقابلة بواسطة الزورق لنلعب كرة القدم هناك في ساحة نادي الكاظمية الرياضي الواقع على ضفة النهر مباشرة. وعندما إنتهينا من اللعب، هَـمَّ الجميع الى الزورق للمغادرة والعودة الى ضفتنا في مدينتنا الاعظمية، فامتنعتُ أنا من الصعود الى الزورق، وفضلتُ السباحة رغم أنني متعب نسبياً من جراء لعب كرة القدم معهم، كي أثبت لبعض الاصدقاء ممن كان لا يصدق أنني أعبر بصورة مستقيمة ولا يأخذني الماء في وسط النهر رغم قوة جريانه، وهكذا كانت المفاجئة بالنسبة لهم، فقد انحدروا بزورقهم واخذهم جريان الماء الى مسافة بعيدة تصل الى اكثر من مئتي متر ليصلوا الى ضفة النهر في مدينتنا الاعظمية، في حين وصلتُ أنا دون أي إنحدار يذكر..! وسط دهشة واعجاب الاصدقاء بهذه الامكانية من المطاولة في السباحة..! وهذا يعني كم يتطلب مني لياقة ونـَـفـَساً طويلاً وعميقاً كي أستطيع السباحة المستمرة دون توقف وأنا واضعاً جسمي بصورة جانبية دائمية في سباحتي خلال العبور..! أي أنني أقاوم إنحدار الماء باستمرار طيلة السباحة دون توقف طبعاً. وهو ما كان يعرف بيننا بـ (الكصاصة) أي السباحة وقص الماء الجاري للنهر بصورة عكسية أو شبه ذلك بوضع الجسم عند السباحة بصورة جانبية..! ولم أشاهد أي من الزملاء يفعل ذلك غير أثنين فقط، هما قريبي الخطاط الشهير مقداد شاكر الشيخلي(هامش1) وجارنا المرحوم هاشم. حيث كانا عندما يعبران، يأخذهما الماء بعيداً وهما على وشك الوصول الى الشاطئ، ولكنهما لا يتوقفان ويستمران بالسباحة، إذ يصبحا في وضع معاكس تماماً لمجرى الماء وهما على مقربة من ضفة النهر حيث يكون جريان الماء في مثل هذه المنطقة القريبة من الضفاف أقل سرعة وأسهل مما لو كانت السباحة عكس الماء وسط النهر. وهذا يعني أن لهما لياقة بدنية فائقة. أما العبور من جهة الى الجهة الاخرى دون إنحدار يذكر والوصول بصورة مستقيمة بين الجهتين، فهذا أمر أعتقد أن فيه لياقة بدنية عالية وقوة بدنية وشجاعة وتحدي وإصرار في الانـــجاز استطعت لوحدي ان اقوم به..! 

 

1 - هوامش1: ان الاستاذ مقداد شاكر رشيد الشيخلي، هو احد اقربائي وعشنا في طفولتنا وفتوَّتنا في بيت واحد، حيث يكبرني اربع سنوات، وكان خطاطا ورساما ماهرا، تعلمت منه قواعد الخط العربي، وختمت على يديه كراسة الخطاط العظيم هاشم محمد القيسي البغدادي، التي تعتبر افضل كراسة عربية للخط العربي ظهرت حتى الان، وانا لم ابلغ سن الرشد بعد..!!

 

اضغط على الرابط

حسين الاعظمي حفلة الكويت جزء 3

https://www.youtube.com/watch?v=_GlpkUtYecE

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.