كـتـاب ألموقع
• احتفال خاص بالأول من أيار
جاسم الحلفي
احتفال خاص بالأول من أيار
بدأت علاقتي بالأول من أيار يوم قرأت أوراق "تحت أعواد المشانق" حيث وصف فوتشيك احتفاله بذلك اليوم داخل زنزانته الانفرادية، منتظرا تنفيذ حكم الإعدام، وسفره مع خياله الى ساحات احتفال العمال وراياتهم الحمراء في عواصم العالم المختلفة. ومنذ ذلك اليوم وانا حريص على الاحتفال بيوم العمال العالمي، مهما كان الظرف، وحتى ان كنت وحدي، متخذا من احتفال فوتشيك وحيدا في الزنزانة مثالا عظيما: هكذا تكون مع الآخرين! بل ولم انس الاحتفال بهذا اليوم المميز، حين كنت أجوب مع رفاقي الأنصار شعاب الجبال في كوردستان وهضاب سهل كويسنجق وإطراف ضواحي اربيل. كما احتفلت به مع حزب اليسار السويدي، وساهمت في أول احتفال في ساحة الفردوس ببغداد، غداة انهيار النظام المباد.
اليوم أتخيل صورة الاحتفال القادم بعيد أيار، الذي سيقام في غضون أيام، وانطلاق المسيرة العمالية في وسط بغداد، من دون ان يعيقها قرار يقضم حريتنا في إقامة احتفال تضامني مبهج، كما صار تقليدا نلتزمه كل عام، او ان نجابه بخطورة الوضع الأمني، كذريعة حاضرة لخنق هتافنا للعدالة والمساواة والحق في الضمان الاجتماعي.
الوضع اليوم ذو خصوصية تفرض نفسها على كل نشاط. فالأزمة الخانقة التي تمر بها البلاد، تنذر بمخاطر لا تحمد عقباها بالنسبة الى الوضع العام برمته. ومؤكد ان الطبقة العاملة، والفئات الفقيرة من المجتمع، ستكون الأكثر تضررا، من غلاء الأسعار، والتضخم، وانتشار البطالة، ومن حزام الفقر الذي يلاحق أكثر من 30 في المائة من الشعب العراقي، ومن ضعف الخدمات، وصعوبة الوضع المعيشي والظروف الحياتية القاسية، الى جانب انسداد آفاق حل هذه الأزمات، التي تنعكس قلقا وتوترا وخوفا من قادم الأيام.
كما ان التدخلات الخارجية، والتصريحات التي تصدر من عواصم الدول المجاورة، وتدخلاتها الفظة بالشأن الداخلي العراقي، والتي وجدت للأسف الشديد، في بعض الساسة المتنفذين "سفراء" لها، يمررون نهج فرض الإرادات الأجنبية على العراق، بما يمس سيادته، ويجرح كرامته الوطنية. فيما تتصاعد وتيرة التصريحات المتشنجة التي يطلقها الزعماء المتخاصمون على حصصهم، حيث لم تكن بين قضايا الصراع المختلف حولها، أمورا مثل تحسين البطاقة التموينية، أو بناء المدارس، أو تشغيل المصانع، أو إنهاء البطالة، أو تحسين الخدمات. فأصبح المواطن لا ينتظر من المتنفذين حلولا لمعاناته، وإنما يعتريه القلق والخوف مما يحمله قادم الأيام من مخاطر.
ما من ريب في ان سبب الأزمة لا يكمن في مسألة وضع قانون عمل ينصف العمال، او تأمين ضمان اجتماعي يحفظ كرامة المواطن. إنما يدور الخلاف حول حصص المتنفذين في الحكومة، وصراعهم على النفوذ. ومن اجل ذلك تتصاعد نبراتهم ضد بعضهم، ويزداد الوضع سوءا. لذلك لم يبق الحل بيد المتنفذين، وإنما هو بيد الشعب الذي لا بد ان يقول كلمته واضحة وقوية، وبالطرق الشرعية والسلمية، بوجه كل من يغتني بالفساد، ويتحصن بالسلطة، دون ان يكترث لمعاناة المواطنين وحاجاتهم.
المتواجون الان
390 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع