اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• سفر في تكوين رواية حديث الأكف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعديه العبود

 

 

سفر في تكوين رواية حديث الأكف

 

14/07/2010

 

لم يسبق تعرفي على الرواية قبل قراءتها .كان العنوان غريبا ,و بدت للوهلة الأولى تتحدث عن أيام عادية لشاب بدوي المتمثلة بشخصية بدر.  فقد تعلم  بالمدينة واكتسب معارفه منها ومن علاقته بالمثقفين مثل المعلم أبو سلام واستمر يغذي هذه المعرفة بالمطالعة المستمرة لكل ما هو جديد ..بالرغم من  التحاقه بالبادية ليتدرب تدريب الرجولة من حيث التعايش مع الطبيعة والاطلاع على مورثهم .

 

الرواية من ثلاث فصول .الفصل الأول يتحدث عن ألباديه وتعلمه للصيد وركوب الخيل ,وقد كان مترفعا عن إقامة علاقات مع فتيات الحي . بالرغم من نظرات الإعجاب التي يقابلنه بها فقد كفاه شقيقه(عابر) شر ذلك حيث كانت له علاقة لم يحظ بها أنهى الفصل الأول بتلاحق أحداث مؤلمة حيث حل القضاء بوالده ,ووفاة شقيقه (عابر)اثر خروجه وراء والد حبيبته (نهار )الذي هاجر عن القرية ( الفريج) وتوقع أن يفوز بحبيبته   بعد طول انتظار, إلا إن القدر كان اسبق للوصول إليه , فقد سقط من على ظهر جوداه لينتهي نهاية مؤلمة .وكذلك وفاة شقيقته ,وزادت هذه المحن هجرة أهل القرية (الفريج )إلى مكان أخر لتيقنهم بأن البلاء قد حل بالقرية ,وهذا ما دعاه إلى بيع كل ما موجود وحتى مهرته الاصيله وكلبه الوفي. في  هذا الفصل أراد الكاتب أن يسلط الضوء على القيم العربية, من حيث الكرم (المتمثل بسخاء والد بدر )والنخوة وحماية الدخيل وتقديم أنفسهم للدفاع عنه وحمايته (المتمثلة ب راهي وحبيبته ) ,والوفاء المتمثل بحب عابر ونهار. وقد تعايش بطل القصة وتأثر بهذه الصفات النبيلة مما صقل شخصيته وأعطاها منظور ناضج وقوي تتركز فيه ارقي  مواصفات البادية والمدينة . انتقل إلى ألمدينه في خطوة جديدة للبدء,إلا إن رواسب اعتزازه في نفسه تجعله مترفعا عن أداء إعمالا تحط من قيمته وهو ابن الشيخ موزان .لذا فكر في السفر إلى ناحية ثانية لعله يجد عملا في احد المضايف يتناسب واعتداده بنفسه ,دون إن يعلن عن أصله ,محافظا على صورة الشيخ موزان لدى قبائل المنطقة .

 

يبدأ الفصل الثاني التوجه إلى الريف  للبحث عن العمل المطلوب, حيث يجد النخيل والحنطة والعنبر والهور ,هذه البيئة التي غيرت منه وربما هي السبب في تحوله إلى عاشق ,وسببت الرهافة من طبعه .

 

في هذا الفصل يبدأ العمل في مضيف الشيخ محمد وكان من ضمن أعماله أن يجلب الطعام إلى المضيف, من خلال الإعلان عنه, فيتم استلامه عبر السياج الخارجي للدار. وهنا يتعرف  على شمس ابنة الشيخ . لقد كانت اسما على مسمى . فقد رأى كفيها فقط عندما ناولته صينية الطعام وضربت على كفه ,كان ذلك بداية لقصة حب لم تتجاوز الأكف ,عبرا من خلالها على مشاعرهما وأخبارهما , وتحدثت الأكف بلغة ابلغ من أي حديث .فقد كان حوارهما وإخبارهما تتناقل من خلال هذه اللحظات التي يختلسها بطل القصة من خلال لحظات  استلام الطعام .

 

بين الكاتب  انه مهما كانت الرقابة والضغوط شديدة لا تمنع من اللقاء ,في زمن يعد من المحرمات ويحاسب مرتكبها بالجلد والموت كما حصل لسهيل ابن المرأة التي كانت تنقل أخبارهم والتي كان  يشعر بقربها بالأمان كإحساسه بلقاء أمه .

 

الفصل الثالث يتحدث عن علاقات العمل بين المالك والأجراء ,وخاصة العمل  الذي يعرض في مواسم الحصاد أو ما يسمى ب النيسان . نسبة إلى حصاد الحنطة في شهر نيسان ثم شملت هذه التسمية حتى أيام حصاد الشلب ,وجني التمور أو ما يسمى بالطواش

 

تعمد الكاتب أن يسمى الأشياء بمسمياتها حرصا منه على الحفاظ على هذه المفردات كموروث شعبي ,وتعريف القارئ  بها . وثق التقاليد والعادات وعلاقات العمل بصورة قربها إلى المتلقي ,خاصة إذا ما عرفنا أن الكاتب رسام مبدع فقد زاوج بين الرسم والرواية ..نراه يسلط الضوء على معانات  العاملات اللائي يعملن  بجني التمور. فقد كان من المتعارف أن تأخذ العاملات التمر المتساقط على الأرض ,إلا إن المراقبين كانوا  يحرمون  العاملات من حتى الكمية البسيطة التي جمعتها  وتحتفظ بها في كيس قي رقبتها  متأملة أن تجلبه طعاما لأطفالها .

 

مع هذه الحياة القاسية والظروف الصعبة إلا إنها لم تمنع العاملين إقامة علاقات عاطفية فيما بينهم  فقد كانت هذه الأيام موسم لقاء بين الشباب والقادمات .

 

تعمد الكاتب أن يستخدم الابوذيات والدار مي وهي صيغة تعبريه عن معانات المتعبين والمحرومين, وبإمكان المستمع معرفة سبب تلك المعانات .كما حصل لفتنة ابنة الغراف, التي كانت حكايتها مع حامد ابن القرية ,وعند عودتها  من النيسان مرضت مرضا شديدا لم ينفع معه أي طب,. وعندما سمع والدها ترنيمتها التي تقول فيها (كلبي أنجسم نصين وي فلك طره        نص ساكن الغراف ونص بالمجرة )عندها أدرك سبب ألمها ,وهذا ما  دعاه للسفر إلى القرية لدعوة حامد بالزواج منها .

 

علاقة فتنه وأبيها تختلف عن علاقة شمس بأبيها والسبب هو اقتصادي  .فوالد شمس شيخ وهو مالك لرأس المال والعمل والأرض, أما فتنة فقد كانت هي المصدر الاقتصادي لعائلتها ,وهي من تهاجر إلى هذه الأماكن لجلب المؤنة للأسرة ,لذا نجد ان السبب الاقتصادي  له  الأثر الكبير في خلق  المعانات إلى شمس.و ينسحب ذلك حتى على النسب .ولهذا عندما يعلم والد شمس أن بدر ابن الشيخ موزان ,كان ذلك متأخرا فقد كان ذلك بعد موته كمدا في يوم زفافها وانتحارها عندما سمعت بخبره .وكرد فعل يوصي بوضعهم في قارب واحد وإرسالهم إلى الناصرية حيث عائلة بدر كصورة رمزية لإعلان زفافهم  ومن ثم دفنهم متقاربين حيث  مثواهم الأخير.

 

أراد الكاتب أن يبين سطوة الملاكين حتى على المثقفين ,نجد أن معلم القرية أستاذ جميل كان يلتزم الصمت عند عدم قناعته من حديث الشيخ, بالرغم من رأيه فيه بأنه يقول بأنه كيس ودبلوماسي .وقد يكون هو مصدر الإشعاع الثقافي في القرية ,فقد كان يمتلك مكتبة تحتوي على العديد من الكتب التي بإمكان القارئ الاستعانة بها .ربما مهد هو والمثقفين من أمثاله للقيام بثورة تموز حيث نلاحظ إن أحداث الرواية (من خلال السلوكيات وعلاقات العمل) تدور في النصف الأول من القرن الماضي .

 

تنتهي الرواية بوقوف نهار أمام قبر بدر لتؤكد له أنها ما زالت على وفائها وعهدها لعابر حيث لم تتزوج بالرغم من بلوغها الخمسين من العمر. أكد الكاتب على الوفاء وهي  السمة الرئيسة في الرواية.

 

 القارئ يجد الكثير من الابوذيات والدا رميات وهي الصفة التي تجدها في كتابات المؤلف ,فهو بطبيعته فنان مرهف وشاعر شعبي عكس ذلك في كتاباته  وجعلها تعكس طبيعة وتراث الجنوب .

 

سعديه العبود

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.