اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الشعب يريد .. ولكن

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

مقالات اخرى للكاتب

    الشعب يريد .. ولكن

 

بالتأكيد، يريد الشعب الفلسطيني إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، فهي المدخل الأساس لإعادة الاعتبار لحقوقه الوطنية وحمايتها من التبديد. ويدرك أنه الخاسر الحقيقي من استمرار حالة الانقسام، وخاصة عندما يرى «المنقسمين»  وقد وضعوا حقوقه ومصالحة .. ومعاناته وصموده.. في ديباجة خطاباتهم وتصريحاتهم الإعلامية وهم يسعون  لتبرئة ذمتهم مما يجري من كوارث في الحالة الفلسطينية.

وتعرض النسيج الاجتماعي الفلسطيني إلى أذى بالغ، ونشأت مساحات واسعة من التوتر في العلاقات الداخلية ضمن مختلف أوساط الشعب الفلسطيني على إيقاع تداعيات الانقسام، التي وصلت في إحدى ذراها المأساوية إلى حد الاقتتال الدموي، بعد أن كسر مبدأ تحريم سفك دم الفلسطيني على يد أخيه.

ووجهت السياسات الانقسامية ضربة كبيرة إلى البرنامج الوطني الذي تجاوز في مرحلة مبكرة موضوعة الوحدة وسلط الجهود نحو إنجاز الحقوق، مما أعاد العمل الوطني الفلسطيني مجددا إلى مربع البحث عن الوحدة التنظيمية والبرنامجية.

ثمة محطات شعر فيها الشعب الفلسطيني بالأمل في تعزيز الوحدة الداخلية، وإتحاد الجهود الوطنية في مقارعة الاحتلال وصيانة الحقوق. وربما شكل «إعلان القاهرة» (17/3/2005) الذي صدر عن جلسات الحوار بين القوى والفصائل الفلسطينية هناك  مؤشرا مهما عزز هذا الشعور. لكن من المؤسف أن التفاؤل قد تبدد مع نشوب التوترات الميدانية بين حركتي فتح وحماس وخاصة في قطاع غزة بعيد خروج قوات الاحتلال من داخل أراضي القطاع في تموز/ يوليو ـ 2005.

لهذا السبب، استقبل الشعب الفلسطيني بترحاب وتقدير الوثيقة الوحدوية التي صاغها ووقعها ممثلو فصائل المقاومة في سجون الاحتلال (وثيقة الأسرى) وأصبحت تعرف لاحقا بـ «وثيقة الوفاق الوطني» بعدما وقعها ممثلو مكونات الحالة الفلسطينية من غير استثناء في حزيران / يونيو ـ 2006.

ورأى الفلسطينيون في هذه الوثيقة مايشعرهم بأن مظاهر الانقسام التي بدأت بالتبلور على الأرض سوف تتلاشى، وبأن مكونات الحالة الفلسطينية التي أجمعت على الوثيقة ستلتزم تنفيذها بما يعزز الوحدة الوطنية التي ينبغي أن تضم الجميع تحت سقف سياسي وبرنامجي موحد.

منذ ذلك الوقت، جرت مياه (دماء) غزيرة في مسار التطورات الفلسطينية ـ فقد أنفجر اللغم السياسي والبرنامجي الذي استقر عليه «اتفاق مكة» (8/2/2007)، وجاء وفق أسس انقلبت تماما على «وثيقة الوفاق الوطني». ولم يؤد انفجار اللغم إلى الإطاحة بحكومة الوفاق الوطني التي تولدت عنه فقط، بل عبر الانقسام من خلال ذلك إلى أكثر مراحله خطورة عندما اشتعل الاقتتال الدموي في شوارع غزة. ومع سيطرة حركة حماس عسكريا على القطاع بات الحديث عن حكومتين و «كيانين» في كل من رام الله وغزة خطابا مألوفا تتناقله وسائل الإعلام كلما تناولت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان العام 1967.

 كما أصبح هذا المشهد النافر بمثابة «بطاقة تعريف» جديدة للحالة الفلسطينية تتعامل معها الأوساط الإقليمية والدولية. ووجدت إسرائيل في ذلك تبريرا لخطابها القائل بأن لا شريك فلسطينيا في أية تسوية سياسية، وصنفت قطاع غزة «كيانا عدوا» وعبرت عن ذلك عمليا بالعدوان الوحشي عليه أواخر العام 2008 وأوائل العام 2009. ومع هذا، لم يفقد الشعب الفلسطيني أمله في أن يتم تغيير هذا الواقع، وربما كان لا يزال يراهن على قدرة القوى والفصائل الفلسطينية (إذا اجتمعت) على تجاوز واقع الانقسام والعودة إلى درب الوحدة الوطنية.

ومجددا عقت الآمال على جلسات الحوار الشامل في القاهرة التي عقدت بدءا من شباط/ فبراير ـ 2009 . إلا أن تهميش الحوار الشامل واللجوء إلى الحوار الثنائي بين حركتي فتح وحماس قد أغلق الأفق أمام نجاح الحوار ووضع نتائجه في زاوية الخلاف بينهما حول حصة كل منهما في أجهزة السلطة ومؤسساتها.

من الطبيعي، أنه أمام هذه التجربة «الفاشلة» في مسار الحوار الفلسطيني الداخلي الذي قلص إلى ثنائي بين الحركتين، أن ترتفع الأصوات عاليا من قبل الشارع الفلسطيني للمطالبة بإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة وخاصة أن فترة الانقسام الحادة شهدت أبشع الاعتداء الإسرائيلية بجميع أشكالها من خلال العدوان العسكري الوحشي ومعه استمرار نهب الأرض وهدم المنازل وتوسيع الاستيطان وحملات التهويد. وهذا ما يطرح تساؤلات عدة حول خلفية السياسات المؤسسة للانقسام و أسباب استمراره رغم كل الممارسات الإسرائيلية العدوانية والمناشدات الشعبية لإنهائه.

*المشكلة أنه عندما يأخذ الانقسام السياسي شكلا «مؤسساتيا» فإنه يخلق مع استمراره بنى وهياكل تحت عنوان «ملئ فراغ مستجد»، وهذا يؤدي بدوره إلى نشوء شرائح وفئات «تتفاعل» مع واقع الانقسام وتستفيد منه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا . وكلما طال الوقت بالانقسام، فإن هذه المصالح تتسع وعدد المستفيدين يزداد ـ وإن كانوا قلة على المستوى الوطني. وربما يكون هؤلاء من أكثر الناس نشاطا في تسعير  تجليات الانقسام ووضع العثرات في طريق استعادة الوحدة الوطنية،  ولا ينحصر وجودهم في جبهة واحدة من جبهات الانقسام القائم، دون أن ننفي وجود حريصين من طرفي الخلاف الأساسيين على إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة.

* المشكلة أو (العقبة) الفلسطينية الأخرى في طريق استعادة الوحدة تتعلق بغياب الدور الفاعل للقوى الديمقراطية واليسارية الفلسطينية التي لم تنجح إلى الآن في تشكيل تيار ثالث يعيد التوازن إلى المشهد السياسي ـ التنظيمي الفلسطيني ويخرجه من حالة الاستقطاب الثنائي الحاد. وبالتالي تبقى جهود استعادة الوحدة رهينة نتائج الحوار الثنائي بين حركتي فتح وحماس. لذلك، يمكن القول إن تفعيل تحرك الشارع الفلسطيني بهذا الاتجاه يحقق اختراقا مهما على طريق موازنة المشهد الفلسطيني القائم، ومن الطبيعي أن تكون القوى اليسارية والديمقراطية في مقدمة هذه التحركات.

*وفيما يسعى الشارع الفلسطيني إلى أخذ زمام المبادرة باتجاه الضغط باتجاه إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة يصطدم بعقبات كثيرة في مقدمها منعه من قبل الحكومتين في غزة ورام الله أو تقييد حركته على الأقل تحت اعتبارات واهية. مع إن إطلاق حركة الشارع الفلسطيني بهذا الاتجاه يضع الحالة الفلسطينية بكل مكوناتها واتجاهاتها أمام أفق مفتوح للخروج من حالتي الحصار في غزة، والتضييق و«الأسر» السياسي في الضفة، ويضع حركة الشارع بالاتجاه الصحيح لأن جهود استعادة الوحدة تهدف بالأساس إلى إعادة الاعتبار للعمل الوطني الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.. وإذا استمر المنع على هذا المنوال فإن الشكوك تتجه حول حقيقة السياسات والشعارات المرفوعة هنا.. وهناك.

من الطبيعي أن يتأثر الشارع الفلسطيني بما جرى ويجري في الشوارع العربية الملتهبة من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وعبرت عن ذلك من خلال وحدة الشعب في الالتحام تحت سقف هذه المطالب. والشعب الفلسطيني ينتفض ويثور منذ نحو مئة عام.. ويحق له التقدم على طريق استعادة حقوقه.. رغم أية عقبات من الاحتلال .. أو سواه.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.