اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• القول الفصل .. للشعب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

مقالات اخرى للكاتب

    القول الفصل .. للشعب

 

بؤرة الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني إذا اتقدت على نحو واسع ودخل على خطها أصحاب الحقوق المهددة بالتصفية، فإن الاستقرار الذي ينشده المجتمع الدولي في منطقتنا لن يتحقق

أدارت «الرباعية الدولية» ظهرها للشعب الفلسطيني وحقوقه, واصطفت خلف إدارة أوباما التي تلقي اليوم بكامل ثقلها من أجل قوننة الحراك الشعبي العربي العارم ضمن معادلات تقِّزم التغيير الذي تنشده الشعوب في إطار تعديلات لا تلحق الضرر بالمصالح الأميركية.

 ولم تجد «الرباعية» ـ للأسف ـ ما تقلد به واشنطن سوى سياسة الانقلاب على مواقفها السابقة. وقد عبرت اللجنة عن ذلك في بيانها الذي صدر مؤخراً وتجنبت فيه مطالبة إسرائيل وقف الاستيطان، وزادت بأن تحدثت عن «وجوب» استئناف المفاوضات ، وقالت إن أي تأخير إضافي «سيضر باحتمالات السلام في المنطقة».

ومن حقنا أن نفهم هذا القول بأنه يأتي في خانة التحذير ـ إذا لم نقل التهديد ـ للحالة الفلسطينية عامة وللمفاوض الفلسطيني بشكل خاص. ونعتقد بأنه من المفترض أن تكون قد توافرت لدى «الرباعية» قناعة بأن استئناف المفاوضات بدون توافر عناصر نجاحها هو الذي يلحق الضرر الحقيقي بفرص إقامة سلام شامل ومتوازن.. وليس العكس.

وعلى الرغم من ملاحظاتنا على بيانات الرباعية المتعاقبة, إلا أن مقارنة بيانها الأخير مع ذلك الذي صدر في 19/3/2010 تؤكد وقوع الانقلاب في مواقفها وخاصة ما يتصل بالدعوة الصريحة إلى «تجميد كل النشاط الاستيطاني, بما في ذلك النمو الطبيعي, وتفكيك البؤر الاستيطانية التي أقيمت منذ آذار/ مارس 2001, والامتناع عن هدم المنازل وعمليات الإخلاء في القدس الشرقية».

ولم تكتف «الرباعية» بما حققته من تراجع في المواقف والانقلاب عليها, بل انضمت في اجتماعها الأخير (5/2) إلى ركب المناورة الإسرائيلية التي أطلقها بنيامين نتنياهو عشية اجتماع اللجنة مستعيدا نظريته في «السلام الاقتصادي» بديلا عن التسوية السياسية المتوازنة والشاملة للصراع. وقد أطلق مشروعه هذا فور تشكيله الحكومة الإسرائيلية في العام 2009, وتتلخص خطته في اعتماد سبيل التنمية الاقتصادية في مناطق بالضفة الفلسطينية باعتبارها تجمعات سكنية ولا تتصل هذه الخطة بكل ما له علاقة ببناء بنية اقتصادية لدولة فلسطينية مستقلة شكلت عنوان المبادرات السياسية التي طرحت على لسان أركان المجتمع الدولي.

ويعيد نتنياهو إنتاج خطته تلك في إطار رزمة التقديمات التي تعود إطلاقها كلما اصطدمت جهود التسوية السياسية بالمطالب الفلسطينية بخصوص الاستيطان ومرجعية المفاوضات. وتأتي هذه التقديمات تحت عنوان «خطوات إعادة بناء الثقة» والتي جميعها وردت في إطار خطة خارطة الطريق في خانة الالتزامات المفروض تطبيقها من قبل الجانب الإسرائيلي بعد أن نفذ الجانب الفلسطيني المفاوض ما طلب منه من التزامات.. وأكثر..

«ويتكرم» نتنياهو في تقديماته الجديدة على الأجهزة الأمنية الفلسطينية بتوسعة مسؤولياتها إلى سبع قرى إضافية وهي لا تمتلك المسؤولية الأمنية الفعلية حتى على مقراتها حيث هي الآن.

ويلفت الانتباه في ما «يقدمه» نتنياهو بما يتعلق بقطاع غزة ويهدف إلى «جعل غزة مستقلة عن البنى التحتية الإسرائيلية من خلال المساعدة في تطوير محطات الكهرباء والماء ومعالجة المياه..» وهي مفارقة ربما لا توجد في حالات أخرى حيث سلطات الاحتلال تسعى لتعزيز الاستقلال الاقتصادي للمناطق المحتلة خارج إطار حسم موضوعة الاستقلال السياسي الذي يشكل المدخل الوحيد لتنمية أية مناطق تقع تحت الاحتلال.

كما أن النص على فرعين لخطته التنموية في كل من الضفة وقطاع غزة إنما تأتي في سياق اللعب على وتر الانقسام الفلسطيني الحاصل واستثماره، وبحيث  يلعب الاحتلال دور «الحكومة» الفعلية التي تمسك بملف التنمية الاقتصادية هنا وهناك، وهذا بحد ذاته تعميق للإلحاق والتبعية الاقتصادية وتأبيد له، وخاصة بأنه يهدف إلى تحديد الخطوط الرئيسية التي ترسم مستقبل النشاط الاقتصادي ومناحيه في كل من الضفة والقطاع.

وإذا كان بنيامين نتنياهو يسابق الريح كسبا للوقت سعيا وراء حسم مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة ربطا بالرؤية الإسرائيلية التوسعية، فما الذي يدفع لجنة بمستوى «الرباعية الدولية» بالدخول على خط هذه الخديعة المكشوفة؟.

وعلى الرغم من أن الالتفات إلى مناطق تفجرت الأحداث فيها على نحو يتجاوز تأثيرها الوضع الإقليمي والدولي كما هو الحال فيما يجري في مصر يعتبر مسألة منطقية، إلا أن تهميش القضية الفلسطينية على هذا النحو من قبل أركان المجتمع الدولي سيؤدي بالضرورة إلى انفجار البركان الذي اعتقد كثيرون بأن فترة خموله ستطول ربطا بالتناقضات التي يغرق فيها الوضع الفلسطيني. وهذا برأينا اعتقاد خادع لأنه يتجاهل أن المعادلة التي أدت إلى انفجارات المنطقة على امتداد عقود كثيرة لا تزال تفعل فعلها في الواقع القائم الذي يتفاقم فيه التناقض الحاد بين الشعب الفلسطيني وطموحاته الوطنية من جهة وبين الاحتلال الإسرائيلي وسياساته التوسعية والعدوانية المتواصلة من جهة أخرى.

ووفق هذه المعادلة يضعف دور أية سياسات تسعى لمواصلة الرهان على الدور الأميركي والدولي وخاصة أن هذا الدور عمد في محطات كثيرة إلى تجاهل وجود أصحاب هذا الرهان ولم يقم لرأيهم ومناشداتهم أي وزن. وتدل التجارب اليومية الناهضة في الشوارع العربية أن مراكز القوى في العالم لا تلتفت جديا إلا إلى الأحداث والوقائع التي يمكن أن تشكل تأثيرا مباشرا على مصالحهم.

ومع تقديرنا ومعرفتنا بأهمية ومركزية المكان الذي تجري فيه الأحداث الكبرى ومدى انعكاسها على الوضعين الإقليمي والدولي، إلا أن العالم كله يدرك أن بؤرة الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني إذا اتقدت على نحو واسع ودخل على خطها أصحاب الحقوق المهددة بالتصفية، فإن الاستقرار الذي ينشده المجتمع الدولي في منطقتنا لن يتحقق طالما أن الفتيل الأساسي الذي ألهب على امتداد عقود عدة الشوارع العربية لم ينطفئ تماما بعد.

وفي معادلة الصراع القابل للانفجار مع تزايد الاحتقان في الشارع الفلسطيني «المحتل» واللاجئ، سيكون الشعب الفلسطيني في مقدمة المواجهة. وفي هذه المرة، لا نعتقد بأنه سيلقى أذنا تصغي لمعسول الوعود.. إن كانت صادرة عن الوسيط الأميركي أو جاءت من داخل الحالة الفلسطينية تحت أية عناوين أو مسميات.

قدمت السياسات التفاوضية السابقة كل ما عندها.. ورفع المجتمع الدولي شعارات خادعة كثيرة.. وإذا استمرت الأمور على ما هي عليه.. فإننا نعتقد بأن الشعب الفلسطيني سيستعيد معجمه الخاص ليعيد الاعتبار إلى صوته.. وطموحاته وخطابه الذي سيكون الكلمة الفصل .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.