اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• غزة في مرمى العدوان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

مقالات اخرى للكاتب

 غزة في مرمى العدوان

 

صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي من عدوانها على قطاع غزة وأهله، واستخدمت في عدوانها شتى أصناف الأسلحة بدعوى الرد على صواريخ فلسطينية أطلقت من داخل القطاع، على الرغم من اعترافها بأن هذه الصواريخ لم تحدث سوى إصابات هامشية مست اثنين من المستوطنين في أراضي 48، في الوقت الذي دكت فيه الأسلحة الإسرائيلية الثقيلة تجمعات سكنية فلسطينية مما أدى إلى وقوع مجزرة في مخيم الشجاعية ذهب ضحيتها العديد من الشهداء من بينهم أطفال.

وعلى الرغم من أن قوات الاحتلال لم ترفع عن القطاع وأهله سيف العدوان طيلة الفترة الماضية من خلال إستمرار الحصار والعمليات العسكرية، إلا أن هذه الجولة من الاعتداءات تأتي وفق جملة متكاملة من الدوافع الإسرائيلية على الصعيدين الداخلي والإقليمي.

فقد وضعت التطورات العاصفة في المنطقة وخاصة في مصر، تل أبيب في حالة من القلق والترقب دفعتها لإعادة حساباتها تجاه ملفات عدة. وأثبتت في طريقة تعاملها مع هذه التطورات أنها «دولة» تقوم وفق محددات أمنية بالدرجة الأساسية. ولذلك تجلت ردّات فعلها تجاه الأحداث الجارية في المنطقة داخل المؤسسة العسكرية ـ الأمنية. وكان بنيامين نتنياهو وائتلافه الحكومي في مقدمة الذين سوقوا لخطاب التخويف من التغيرات الحاصلة من خلال الحديث عن أسلحة ومقاتلين تدفقوا إلى قطاع غزة.

وكلما جرت استعصاءات في السياسة الإسرائيلية على الصعيدين الداخلي والخارجي، يتم إعلاء صوت التحذير من «خطر وجودي» يتهدد الدولة العبرية إن كان على المستوى الإقليمي (إيران) ومن ثم التغيرات في مصر وتداعياتها المتوقعة إسرائيليا، أو من الأراضي الفلسطينية المحتلة في كل من الضفة وقطاع غزة، على حد سواء. حيث تصاعدت الاغتيالات والاعتقالات في الضفة والقدس، وتم تشديد الحصار على غزة كما حصل في معبر أبو سالم وغيره، ومن خلال الاعتداءات العسكرية المباشرة من حين لآخر.

* ويخدم التصعيد العسكري حكومة نتنياهو التي تعاني حالة من عدم التوازن الائتلافي وخاصة بعد خروج نواب حزب العمل إثر انفصال باراك عنهم، وتعثر محاولاته في ضم نواب «الاتحاد الوطني» للائتلاف مما يجعل تداعيات أية أزمة داخلية طارئة بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على حكومة نتنياهو وتؤدي إلى انهيارها، في ظل حالة الترقب لدى «كاديما» المعارض الرئيسي للائتلاف القائم وإلى جانبه حزب العمل المتضرر من ألاعيب نتنياهو.

*ويأتي التصعيد الأخير على قطاع غزة وأهله وفتح ملف صواريخ المقاومة وأسلحتها مجددا ليوحد الصوت الصهيوني على ضفتي الإئتلاف والمعارضة في الهتاف ضد القطاع وإنهاء الحالة القائمة فيه من خلال «التصفية المسلحة»، مستثمرين انشداد أنظار العالم نحو ما يجري في المنطقة من تطورات عاصفة. وهذا يؤكد أن أطراف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ومعارضيها من خارج الإئتلاف الحكومي متحدون حول الملفات الرئيسية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية . وهذا برز تجاه موضوعة الاستيطان في الضفة وخاصة في القدس وفصل هذه المدينة عن الدولة الفلسطينية في حال قيامها، كما اتحدوا في الملف الأمني بخصوص التسوية السياسية. أما تجاه قطاع غزة فإن الجميع اتفقوا منذ سنوات على أنه «كيان معاد» يجب إنهاؤه.

*كما يأتي التصعيد العدواني على القطاع في مقدمة خطاب أمني موجه للحالة الفلسطينية بكاملها في الضفة والقطاع في ظل المواقف الفلسطينية الأخيرة التي ما زالت ترفض من موقع الإجماع الوطني أية محاولة للعودة إلى دوامة المفاوضات بشروطها القائمة ، وفتحت على خيارات أخرى بدأتها باللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لإدانة الاستيطان ، وتسعى للتوجه نحو الجمعية العامة ومختلف المؤسسات القانونية الدولية لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وتجريم إسرائيل بسبب اعتداءاتها وانتهاكاتها المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.

فقد استطاع بنيامين نتنياهو خلال العام الماضي، وعندما فتح ملف المفاوضات، أن يفرض شروطه تجاه موضوع الاستيطان ونجح في تمرير خدعة التجميد الجزئي ليضع المفاوض الفلسطيني في زاوية ضيقة، عندما توجه إليه الضغط الأميركي بمساعدة «المتابعة العربية» ووافق على الدخول في المفاوضات بمحطتيها، التقريبية والمباشرة.

وفي سياق هذه المناورات، عزز بنيامين نتنياهو مصادر قوته وقطع الطريق على محاولات فرط ائتلافه الحكومي ، وأغلق إلى حين بوابة الحديث عن إحداث تغيير جدي في تركيبة الائتلاف بإدخال «كاديما» من بوابة ملف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني.

لكن إقفال باب المفاوضات من الجهة الفلسطينية أعاد نتنياهو والائتلاف مجددا إلى دائرة الأزمات الداخلية الإسرائيلية وبدأت الأصوات المعارضة لسياساته الاقتصادية والاجتماعية ترتفع.

من هذه الزاوية، يرى نتنياهو أن التوتر الأمني في مناطق السلطة كما في قطاع غزة سيفتح بوابة الضغط على الحالة الفلسطينية ويلفت انتباه العالم المشدود إلى مناطق أخرى من أجل التدخل لإعادة سكة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، تحت عنوان منع تدهور الأوضاع وحصول انهيار أمني في الأراضي الفلسطينية، وهي مسألة تخيف الجار العربي على الضفة الشرقية من نهر الأردن وينضم بالتالي إلى مساعي إعادة سكة المفاوضات إلى مسارها القديم. وإن كانت تل أبيب في هذه اللحظة تفتقد الدور المباشر الذي كانت تمارسه القاهرة قبل حدوث التغيرات الأخيرة في النظام المصري.

*وكانت تل أبيب وجدت في حالة الانقسام الفلسطيني مناخا مناسبا لتسويق مواقفها على الأصعدة المختلفة بدءا من عدم وجود شريك فلسطيني يستطيع أن يتحمل مسؤولية تنفيذ أي اتفاق مع إسرائيل بشأن مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة على اعتبار أن المفاوض الفلسطيني لا «يمون» على قطاع غزة ومن فيها، مرورا باشتراط قيام السلطة في رام الله بإنهاء الوضع في القطاع كمقدمة طرحها أولمرت قبيل مفاوضات «أنابوليس».

وعندما يتصاعد الحديث السياسي والشعبي الفلسطيني عن ضرورة إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية على إيقاع ما يجري من تغيير وإصلاح في المنطقة، فإن تل أبيب لاتجد في مواجهة هذا المستجد المقلق سوى إعادة الأمور إلى المربع الأمني بإشعال المواجهة العسكرية مع القطاع واستفزاز المقاومة فيه للرد على عدوانها من أجل تسويغ عدوان أوسع تحت عنوان مواجهة الخطر الذي يهدد إسرائيل وسكانها بفعل الصواريخ الفلسطينية وخاصة أنها روجت لأخبار وصول صواريخ متطورة بعيدة المدى إلى قطاع غزة.

وترى تل أبيب كحكومة ومعارضة صهيونية أن المناخ الذي ولدته عملية «يتسهار» في الضفة ضد المستوطنين، أرضيه صالحة لتمرير خطابها التصعيدي ضد الحالة الفلسطينية في كل من القطاع والضفة.

في مواجهة ذلك تجد الحالة الفلسطينية نفسها بكافة مكوناتها أمام استحقاقات المواجهة على أصعدة مختلفة. وهذا يعيدنا إلى الدعوة المتكررة لقيام جبهة مقاومة فلسطينية متحدة تثمر الإمكانات النضالية للأذرع المسلحة وتوحد جهودها ربطا بتحقيق الأهداف السياسية على طريق إنجاز الحقوق الوطنية في العودة والاستقلال.

وفي سياق المواجهة أيضا، ينبغي أن تتواصل الجهود وتتطور من أجل إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة على أساس البرنامج السياسي الموحد. وهذا يعني أيضا إغلاق باب المفاوضات العبثية إغلاقا نهائيا ومواصلة التحرك نحو مؤسسات المجتمع الدولي. وهذا كله يدفعنا للتأكيد مجددا على ضرورة تنفيذ القرارات والتوجهات التي توصل إليها المجلس المركزي في اجتماعه الأخير في رام الله.. بدون ذلك لن نتمكن من مواجهة العدوانية الإسرائيلية بكافة تجلياتها.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.