اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• قوانين الكراهية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

مقالات اخرى للكاتب

 قوانين الكراهية

 

يواجه الفلسطينيون في أراضي الـ48 حزمة كبيرة من القوانين العنصرية التي يندفع الكنيست الإسرائيلي في إصدارها في سياق تنفيذ سياسات التضييق عليهم وممارسة أبشع أشكال التمييز العنصري بحقهم.

ولقد شهد الفلسطينيون صدور مجموعة قوانين عنصرية، صدرت على امتداد عام، قبل أن يضيف الكنيست مؤخرا ثلاثة قوانين في ظل مؤشرات تدل على ارتفاع منسوب العنصرية في المجتمع الإسرائيلي إلى درجات لم يصلها من قبل مع استمرار التحريض ضد الفلسطينيين على خلفية العملية التي وقعت في القدس المحتلة، وفي ظل انشداد أنظار الرأي العام الدولي والإقليمي نحو التطورات العاصفة التي تشهدها المنطقة والتفات دولها نحو أوضاعها الداخلية.

كما يأتي صدور هذه القوانين بالترافق مع التهديدات الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية في حال لجأت إلى إجراءات «أحادية الجانب» وتهديد قطاع غزة بشن عدوان واسع تحت دعوى الرد على إطلاق الصواريخ.

وخلال دورتين من اجتماعات الكنيست الإسرائيلي تم إصدار قوانين متلاحقة كان أولها «قانون الأراضي» الذي يسمح للحكومة الإسرائيلية ببيع أراض جرى مصادرتها بذريعة خدمة الصالح العام. والقانون الآخر هو قانون «المزارع الخاصة» ويقضي بتوزيع الأراضي المصادرة في النقب على العائلات اليهودية وقانون الاستفتاء الشعبي على أي انسحاب من أراض واقعة تحت «السيادة الإسرائيلية» والهدف من ذلك ابقاء القدس الشرقية وهضبة الجولان السورية تحت الاحتلال. أما القانون الرابع فيسمح بتمديد اعتقال الأسير الفلسطيني من دون حضوره للمحكمة ولمدة ستة أيام. ويحجب القانون الخامس الراتب التقاعدي عن عضو كنيست توجه إليه تهم تمس بالدولة. ويضاف لهذه القوانين استمرار تمديد القانون الذي يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية ويهدد بتمزيق الآلاف من هذه العائلات عندما يكون أحد الوالدين من الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان العام 1967.

يضاف إلى ذلك، مشاريع قرارات أقرت بالقراءة التمهيدية من بينها قانون يفرض عقوبة السجن لمدة عام على كل من يدعو إلى عدم الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. وقانون آخر يمنح أفضلية العمل في سلك خدمات «الدولة» لمن خدم في الجيش.

وهناك قرارات انتقامية من الفلسطينيين ومن بينها إقامة لجنة تحقيق ضد الجمعيات الحقوقية وملاحقتها كعقاب على دورها في كشف جرائم الاحتلال. واتخذ الكنيست أيضا قرارا بتشكيل لجنة تحقيق للدعاوي التي ترفع في حال تم بيع أراض للفلسطينيين. وتم اتخاذ قرار بسحب بعض الامتيازات من النائب في الكنيست حنين زعبي بسبب مشاركتها في «أسطول الحرية».

قائمة القوانين العنصرية لم تغلق بعد، فقد أقر الكنيست مؤخرا (28/3) ثلاثة قوانين أبرزها «قانون النكبة» الذي اقترحه أليكس ميلر، عضو الكنيست عن الحزب اليميني المتطرف «إسرائيل بيتنا» ومن خلال هذا القانون يستطيع وزير المالية الإسرائيلي تقليص الدعم المالي أو وقفه عن كل مؤسسة تقوم بإحياء ذكرى النكبة الفلسطينية بذريعة أن ذلك يمس أمن إسرائيل و«مبادئها» كما يعاقب هذا القانون كل من يقوم بهذه الأنشطة في ذكرى النكبة بدافع غرامة قدرها ثلاثة أضعاف تكلفة هذه الأنشطة.

أما القانون الثاني فيعرف بقانون «لجان القبول» وينص على منع الفلسطينيين من السكن في تجمعات يهودية يقل عدد سكانها عن 500 شخص، وقد لفت مراقبون إلى أن هذا يعني بالتطبيق العملي أن الفلسطينيين ممنوعون من السكن في 70% من فلسطين المحتلة عام 1948، فيما يأتي مشروع القانون الثالث الذي أقر بالقراءة الأولى ليلزم أصحاب البيوت التي تقرر المحكمة هدمها بدفع تكاليف الجرافات التي تهدمها وثمن طعام أفراد الشرطة الإسرائيلية الذي يحضرون لتنفيذ الحكم (!).

القوانين الثلاثة الأخيرة جاءت في الوقت الذي تحيي فيه الجماهير الفلسطينية الذكرى الخامسة والثلاثين ليوم الأرض، بما يشكل رسالة تحاول إقصاءهم عن الأرض التي يعلن الفلسطينيون تمسكهم بحقوقهم فيها على أبواب إحياء ذكرى النكبة في 15 أيار / مايو القادم.

ومن الطبيعي أن يحدث إصدار هذه القوانين حالة من الاحتقان والغضب في أوساط الفلسطينيين وجاءت ردات فعلهم العملية بعكس ما سعت إليه الأحزاب الصهيونية التي تقف وراء إصدارها، وقد دفعهم ذلك إلى المشاركة بشكل أوسع في فعاليات إحياء يوم الأرض.

وبقدر ما تعني هذه القرارات من استمرار لسياسات التمييز العنصري ضد الفلسطينيين وتصاعدها، فإنها تعكس من جانب آخر، كيفية تعامل تل أبيب مع التطورات العاصفة التي تشهدها المنطقة، وكان واضحا أن ارتدادات هذه التطورات صبت في السياق العسكري والأمني بحيث تعيد الدولة العبرية فحص أدواتها وتزيد من نظرة الحذر والترقب لكل ما هو حولها وخاصة في كل من الضفة وغزة، وهذا ربما يفسر تشديد اللهجة تجاه الحالة الفلسطينية وخاصة مع استمرار  رفض العودة إلى المفاوضات بشروطها القائمة. كما وجهت تل أبيب رسالة إلى رام الله تحذر من أي خطوات باتجاه المصالحة الداخلية، واعتبرت أن نجاح المصالحة بديل تختاره السلطة عن الشراكة في العملية السياسية حول مستقبل الأراضي الفلسطينية.

وفي تطورات سابقة، وتحديدا إبان الانتفاضة عام 2000، عاملت السلطات الإسرائيلية المتظاهرين الفلسطينيين في أراضي الـ48 بالطريقة ذاتها التي تتعامل فيها مع المنتفضين في الضفة وغزة فقامت بإطلاق الرصاص الحي وقتلت 13 منهم، ومنعت بعد ذلك استمرار التحقيق في هذه الجريمة.

وفي العام 2006 إبان العدوان على لبنان، نظرت الأحزاب الصهيونية والحكومة على حد سواء إلى فلسطينيي الـ48 نظرة عدائية ووصفهم عدد واسع من قيادات الأحزاب الصهيونية بـ «الطابور الخامس».

وفي أواخر العام 2008، وأوائل العام 2009 شنت إسرائيل عدوانا مدمرا على قطاع غزة وأهله، في الوقت الذي شددت فيه سيف الملاحظة الأمنية على الفلسطينيين في أراضي الـ48، وهددت النواب العرب الذين نددوا بالعدوان من على منبر الكنيست واتهمتهم بالخيانة، وعلت أصوات صهيونية مختلفة تطالب بشطب عضويتهم ومحاكمتهم.

ومن الواضح أن هذه المحطات شكلت لدى القيادة الصهيونية حافزا إضافيا للتحريض على الفلسطينيين وقد استخدمت الأحزاب الصهيونية هذا الخطاب كأساس لبرامجها الانتخابية واستطاعت مع هذا التحريض والمد اليميني الذي تلاه أن تشكل الأغلبية في الكنيست في انتخابات العام 2009 ومن ثم تكليف بنيامين نتنياهو بتشكيل الحكومة التي تشرف منذ ذلك الوقت على تمرير أشد القوانين عنصرية بحق الفلسطينيين في دورات عمل الكنيست.

وفي مواجهة هذا كله، ينشط الفلسطينيون وقواهم السياسية والاجتماعية في الدفاع عن حقوقهم وفي التصدي لسياسات التمييز التي وصلت إلى حد الاعتداء المباشر عليهم في أكثر من قرية ومدينة ومن بينها يافا وحيفا التي تعرضت الأحياء الفلسطينية فيها إلى هجمات منظمة من  قبل المتطرفين الصهاينة.

وفي مواجهة هذا أيضا، يواصل الفلسطينيون إحياء مناسباتهم الوطنية غير آبهين للقيود الأمنية والقوانين العنصرية. وفيما أحيوا الذكرى الخامسة والثلاثين ليوم الأرض، يستعدون لإحياء ذكرى النكبة متحدين ما سمي بـ «قانون النكبة» الذي تسعى تل أبيب من خلاله إلى مسح الذاكرة الوطنية للشعب الفلسطيني.. وهذا محال.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.