اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• سؤال خارج السياق

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

مقالات اخرى للكاتب

سؤال خارج السياق

 

ماذا بعد 26/1/2012؟. من البديهي القول إن من يطرح هذا السؤال ينظر إلى هذا الموعد على أنه يشكل محطة فارقة، مؤهلة لأن تجيء بما يمكن أن يقلب المشهد السياسي القائم، أو على الأقل، يغير فيه تغييراً مؤثرا.

لكن الذي سيحصل في الموعد المذكور أن اللجنة الرباعية ستعقد اجتماعها ليس إلا. والحديث الذي يتم تداوله عن مفصلية هذا الاجتماع ليس سوى امتداد لذهنية الرهان على دور ما لهذه اللجنة تخرج فيه عن عباءة الموقف الأميركي.. وهو رهان أثبت فشله في جميع المحطات السابقة وكلفنا ولا يزال وقتا ثمينا استغله الاحتلال في توسعة الاستيطان ونهب الأرض وتدمير منازل الفلسطينيين..

المؤسف في هذا السؤال وخلفية طرحه، أنه يأتي للتغطية على الأسئلة الوطنية الملحة التي يجب أن يستمر طرحها حتى تجد إجاباتها الصحيحة.. من نمط «ماذا بعد توقيع اتفاق المصالحة؟».. و«ماذا بعد فشل المفاوضات؟» و«ماذا بعد تقديم طلب عضوية فلسطين إلى الأمم المتحدة ومن ثم نجاحها في عضوية اليونسكو؟».

مثل هذه الأسئلة، وعلى الرغم من أنها لا تحتاج معجزة لصياغتها وطرحها، إلا أن التصدي لها ومحاولة تقديم إجاباتها الصحيحة يتطلب استعدادا متكامل العناصر للخوض فيها حتى آخر إشارة استفهام تنتصب في طريق مواجهة استحقاقاتها.

فبعد توقيع اتفاق المصالحة الفلسطيني كان يفترض أن تشرع الحالة الفلسطينية بكافة مكوناتها في الإجابة على سؤال استعادة الوحدة الوطنية. لكن المشكلة التي واجهتنا أن توقيع الاتفاق فجر حزمة كبيرة من الأسئلة الفرعية التي لا تنتمي مضمونا إلى مهام إنهاء الانقسام. وخلقت ميادين تجاذب وصراع بين حركتي فتح وحماس أعادتنا نسبيا إلى مرحلة ما قبل التوصل لهذا الاتفاق. ومع ذلك، وجدنا في تهدئة التوتر بين الحركتين مؤخرا عاملا إيجابيا يسهل التوصل إلى هدف إنهاء حالة الانقسام، مع أن تلطيف الأجواء بينهما لا يكفي وحده لحل المشكلة، ومن ثم جاء تأجيل القضايا الشائكة التي لا تكلّف فتح والسلطة فواتير سياسية ليست مستعدة لدفعها، ولا تدخل حركة حماس في بازار تقاسم، من الممكن أن ترى أنها قد تدفع فيه من حصة تستحقها. لذلك تم الاتفاق بينهما على جدول أعمال يتيح من جهة خلق انطباع فلسطيني عام بأن تنفيذ الاتفاق يسير وإن بخطى بطيئة، ويتيح من جهة أخرى مراعاة اعتبارات كل من الحركتين. وهذا وإن كان «تكتيكا» سياسيا مدروسا من قبل كل منهما، إلا أنه في قاموس العمل الوطني لا يخدم المشروع التحرري ولا يعزز من إمكانية إنجازه، وإنما هي حالة من المراوحة «المتفق» حولها تقدم للحالة الفلسطينية كبديل مريح عن حالة التجاذب والصراع التي كانت سائدة.

وفي سؤال آخر يتعلق بفشل المفاوضات وانسداد أفقها، بدأت المشكلة مع تحليل سبب فشل هذه المفاوضات، وكان هذا برأينا نتيجة الدخول فيها بدون أسس تكفل الوصول إلى حل متوازن وشامل يؤدي إلى تحقيق الأهداف الوطنية في هذه المرحلة من نضال الشعب الفلسطيني. وإلى جانب ذلك، تم اعتماد منهج التفاوض كأسلوب وحيد في التعامل مع الاحتلال وفق فرضية الحل القادم على بساط الوعود والضمانات اللفظية، وهذا مكن حكومات الاحتلال المتعاقبة من أن تنفذ بحرية مشاريعها التوسعية.

وعندما رفض المفاوض الفلسطيني (أخيرا) دخول المفاوضات بدون توقف الاستيطان وزاد عليها بأن طالب بتحديد مرجعيتها، لم يقطع في أدائه السياسي مع المرحلة السابقة، ودخل المفاوضات التقريبية التي لم تنفذ عمليا، ومن ثم خضع للضغوط العربية والغربية وخاض المفاوضات المباشرة ليجد نفسه مجددا أمام حائط الشروط الإسرائيلية المسدود.

وإذا كنا نقدر فعلا حجم الضغوط الهائلة التي مورست على المفاوض الفلسطيني لحمله على دخول المفاوضات، إلا أن الوقائع أثبتت له، قبل غيره، أن الانحناء لها لم يؤد إلى تخفيف منسوبها بل ازدادت وطأتها وترافق ذلك مع تراجع أوباما عن موقفه بشأن الاستيطان. ووجدت مختلف الأطراف ذات الصلة بالمفاوض الفلسطيني جهة صالحة لاستقبال الضغوط والتفاعل معها.

وعندما بدا للوهلة الأولى بأن الجرة قد انكسرت فعلا مع التجربة الماضية، وانطلق المسعى الفلسطيني باتجاه الأمم المتحدة. توقف الجهد السياسي والديبلوماسي الفلسطيني عند حدود الفشل في مجلس الأمن ومحاولة الاتكاء على الإنجاز المتمثل بعضوية دولة فلسطين في اليونسكو. وليس خافيا أن هذا التوقف جاء استجابة وتفاعلا مع الضغوط الأميركية وغيرها.

إذن، «لا نحرك ساكنا حتى يأتي موعد 26/1/2012، وتجتمع الرباعية الدولية وتدلي بدلوها وتعرض استخلاصاتها عما حدث خلال فترة الثلاثة أشهر السابقة».

هذا ما يجري تداوله في أوساط سياسية فلسطينية. مع العلم أن هذه الأوساط، قبل غيرها، تعرف تماما ما حصل خلال هذه الفترة وبأن الجانب الإسرائيلي على حالة في صلفه وتشدده. لكنها تعرف أيضا بأن اللجنة الرباعية لن تقدم على اتخاذ موقف يمس تل أبيب وبأن ما قالته سابقا عن إعلان تحميل المسؤولية على الجانب الذي يعطل إمكانية إنجاز الشروط اللازمة لعودة المفاوضات، سبقتها في قوله الإدارة الأميركية على لسان المبعوث السابق جورج ميتشل، ولم تفعل واشنطن شيئا حيال التعنت الإسرائيلي الذي مس مواقفها المعلنة ولم يوفرها. والذي حصل أن الجانب الأميركي حمّل المفاوض الفلسطيني مسؤولية فشل المفاوضات المباشرة التي وقعت في شهر أيلول / سبتمبر من العام الماضي.

لقد تقدمت قوى وفصائل وشخصيات وطنية بإجابات عدة حول الطريق التي ينبغي أن يسلكها الجانب الفلسطيني، وركزت على ضرورة استمرار الجهد والتحرك السياسي في الأمم المتحدة وعدم رفع مشروع القرار السياسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومتابعته على أجندة العمل الوطني الفلسطيني.

وفي مواجهة إيفال حكومة نتنياهو وتغوّلها في الاستيطان وهدم المنازل، يفترض أن يتم اتخاذ خطوات منهجية تفتح على فك الارتباط السياسي والاقتصادي والإداري والأمني مع إسرائيل وسلطاتها الإحتلالية.

خطوات تفرضها الضرورة الوطنية التي تتطلب عدم الوقوف بحالة السكون والانتظار فيما عجلة الاستيطان تدوس المستقبل الوطني للأراضي الفلسطينية المحتلة.. لكن ذلك يحتاج إلى إرادة سياسية أولا وقبل كل شيء.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.