اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• عن التيار الثالث.. الفلسطيني

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

مقالات اخرى للكاتب

عن التيار الثالث.. الفلسطيني

الحرية: كلما نصبت صناديق الاقتراع في ساحات الانتخابات العربية واستطاعت القوى اليسارية والديمقراطية أن تثبت حضورها، يلتفت المتابع إلى الحالة الفلسطينية محملا بالأسئلة حول مستقبل القوى اليسارية والديمقراطية الفلسطينية ومدى قدرتها على تسجيل نتيجة تعادل إلى حد ما نتائج شقيقاتها المتقدمة. ففي كثير من التجارب العربية حيث وقع التغيير شكلت القوى اليسارية والديمقراطية العربية أحد أضلاع المثلث الرئيسي في المشهد السياسي والحزبي الذي أفرزته تلك الانتخابات.

ولعل ما وقع مؤخرا في المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية يعتبر نموذجا للقدرات الكامنة لدى تيار اليسار في مختلف فصائله، واستطاع أن يشكل رقما صعبا أمام سطوة تيارين مؤثرين في الحياة السياسية المصرية، هما تيار السلطة «السابقة» وجماعة الإخوان المسلمين بكل ما توافر لهما من وسائل الدعم.

فيما نتذكر جميعا نتائج القوى اليسارية والديمقراطية الفلسطينية في كل من انتخابات رئاسة السلطة (2005)، وانتخابات «التشريعي» (2006)، وكم تناقضت مع منسوب القوى الكامنة لديها ولم تنعكس على النتائج لأسباب ذاتية وموضوعية.

والقوى والفصائل اليسارية والديمقراطية الفلسطينية في معظمها مؤسس للعمل الوطني الفلسطيني وساهمت في إطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة ومن بين فصائلها من تصدى مبكرا لتصويب مسار النضال باتجاه أقصر الطرق نحو تحقيق الأهداف الوطنية، وتعميق المضمون الديمقراطي لمهام حركة التحرر الوطني وتسليحها بالآليات التنظيمية التي تؤكد الشراكة الوطنية في تحمل مشاق الثورة وقيادتها.

وكانت في طليعة فصائل العمل الوطني في خوض الكفاح المسلح وقدمت قوافل الشهداء في عمليات نوعية ضد العدو ومؤسساته وفي مواجهات مباشرة تصدت فيها لاعتداءاته المتكررة على امتداد مسار العمل الوطني وفي الصفوف الأولى دفاعا عن الشعب والثورة.

وإذا كانت هذه القوى والفصائل قد عاشت في فترات سابقة تباينات فيما بينها على الصعيد السياسي، وخاصة ما يتصل بالبرنامج الوطني، إلا أن هذه التباينات قد تلاشت في الفترة الأخيرة واتفقت جميعها على العناوين الرئيسية لهذا البرنامج كما غيرها من القوى والفصائل الأخرى، وقد أقفل الباب عمليا على ملفات الخلاف حول الأهداف المرحلية، والنهائية للنضال الوطني الفلسطيني، وهذا الأمر هو ما يبرر التساؤلات عن الأسباب الجوهرية في عدم نهوض التيار اليساري الديمقراطي الفلسطيني كعامل توازن لحالة الاستقطاب الثنائي التي تفاقمت في السنوات الأخيرة، وأدت إلى انفجار صراع دموي بين القطبين وإدخال الحالة الفلسطينية في حالة من الشلل نتيجة الانقسام الحاصل.

ولقد شهدت مراحل سابقة محاولات قامت بها قوى وفصائل يسارية في مسعى لإيجاد إطار ائتلافي فيما بينها، ينسق مواقفها ويوحد قواها ويجعلها تتقدم باتجاه الوصول إلى صيغ أرقى من وحدة الجهود. لكن هذه المحاولات لم تؤت أكلها لأسباب ذاتية محضة.

وربما في خانة العوامل الذاتية، أن تغرق هذه القوى والفصائل في البحث في نقطة البداية وعما إذا كانت انطلاقة الجهود التوحيدية تبدأ بطرفين أو ثلاثة وربما أكثر، وفي الخوض في ذلك يحتكم إلى قواميس تعريف الهوية مجددا، وعمن يحق له أن يكون جزءا من هذا الائتلاف الذي يراد التقدم فيه نحو صيغ أرقى وأكثر انسجاما. يضاف إلى ذلك، صيغ الائتلاف وأرضيته السياسية والبرنامجية ومقدار استقلالية كل طرف في الانفراد بموقفه الخاص عند محطات وطنية أو نقابية معينة خلال المرحلة الانتقالية ما بين التنسيق.. والتوحيد.

كل ما يمكن أن يطرح من تدقيق حول طبيعة ائتلاف القوى والفصائل اليسارية والديمقراطية بمكوناتها السياسية والاجتماعية بما فيها منظمات من المجتمع المدني، كله صائب وضروري لأهمية الهدف المرجو. لكن المشكلة أن المدى الزمني الذي يأخذه هذا التدقيق لا ينسجم مع التطورات المتسارعة التي تشهدها الحالة الفلسطينية سياسيا واقتصاديا. ولا يلحظ في سياق هذا التدقيق سوى بعض النشاطات المشتركة التي لا تتمكن من إخفاء التباين المعلن الذي يظهر جليا في مواقف هذه القوى والفصائل على الصعيدين السياسي والجماهيري والنقابي مما يطرح تساؤلات عن مدى جدية الجهود التوحيدية التي أعلن عن بدء إطلاقها، وهو ما يشجع كلا من فتح وحماس لأن تشكل كل منها «قطبا أسود» يجذب إلى مواقفه بعضا من هذه القوى والفصائل مما يخلق بلبلة وتشككا في حقيقة الخريطة السياسية والحزبية التي تتشكل منها الحالة الفلسطينية.

وعلى اعتبار أن الهدف الأساسي لإيجاد إطار يساري ديمقراطي منظم وموحد يرتبط أساسا بضرورة تصويب مسار العمل الوطني بشقيه السياسي والاقتصادي ـ الاجتماعي، فإن عناوين هذا التصويب يجب أن تكون في مقدمة ما يجب توحيده في أساس قيام هذا الائتلاف، بدءا من المهمة العاجلة إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة على أسس ديمقراطية تضمن الشراكة السياسية بين أطراف العمل الوطني دون استئثار أو إقصاء، واعتماد مبدأ تداول السلطة عبر تكريس دورية الانتخابات. وطالما يجري الحديث عن المضمون الديمقراطي لتصويب العمل الوطني فإن المنطق يقول بأن تكون الانتخابات في جميع محطاتها وفق التمثيل النسبي الكامل.

ومن المهم أن يكون العنوان السياسي واضحا بين أطراف هذا الائتلاف ومتفق حوله وخاصة فيما يتصل بإنهاض المقاومة الشعبية ضد الاحتلال بتعبيراته المختلفة بديلا عن الرهان على مفاوضات لا تكون وظيفتها البحث في تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

ومن الضروري أيضا أن تكون العدالة الاجتماعية وإنصاف المرأة وتشجيع الشباب عناوين أساسية في عقد الائتلاف، والأمر متصل تماما بالاتفاق على تكريس سيادة القانون والفصل بين السلطات في إطار مجتمع ديمقراطي ونظام حكم برلماني تعددي.

وربما لا ينتهي الحديث إذا أردنا الخوض بتفاصيل مقومات نجاح قيام الائتلاف الديمقراطي اليساري، لكن المهم إذا أراد أن يكون هذا الائتلاف عامل توازن في النظام السياسي الفلسطيني القائم عليه أن يكون مفتوحا أمام القوى الاجتماعية والشخصيات والفعاليات الوطنية التي تلتقي في مصالحها مع أهداف هذا الائتلاف. وهذا يعني أن يقدم برنامجا يتسع لجهود هذه القوى وإمكاناتها ومصالحها، ولا ينغلق في شروط عضويته ضمن صيغ وشروط ربما لا تنطبق على كثير من كوادر بعض القوى والفصائل المرشحة لهذا الائتلاف، فكيف بالانفتاح على قوى وشخصيات وفعاليات وطنية معنية بالنهوض بأهداف هذا الائتلاف؟

وإذا كان الائتلاف الذي نتطلع جميعا إلى قيامه ونهوض دوره يقف في مبادئه الأساسية ضد الاستئثار السائد في الحالة الفلسطينية اليوم.. فالأولى بمكوناته المؤسسة أن تبتعد عن كل ما يمكن أن يوحي بذلك في نصوصه.. وآليات تشكيله.. قواما.. وهيئات قيادية.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.