اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• المفاوضات كمصلحة.. لمن؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

المفاوضات كمصلحة.. لمن؟

 

 المفاوضات بشروطها القائمة تشكل مصلحة مزدوجة لكل من تل أبيب وواشنطن، ولا يطال الشعب الفلسطيني منها سوى الخسارة الصافية

تجاوز بنيامين نتنياهو المقايضة التي عرضتها واشنطن، والتي قالت بتمديد مدة «تجميد» الاستيطان مقابل إطلاق المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فطلب من الإدارة الأميركية اعترافا بضم الكتل الاستيطانية في الضفة إلى إسرائيل كثمن لبدء هذه المفاوضات!

وبهذا الطرح، يكون رئيس الحكومة الإسرائيلية قد دخل على قضية الحدود المطروحة على جدول أعمال المفاوضات غير المباشرة من زاوية حسم نتائجها بحسب الرؤية الإسرائيلية على اعتبار أنه أرفق مطلبه بحرية الاستيطان في مساحة هذه الكتل ومحيطها في أنحاء الضفة ومدينة القدس.

مقابل ذلك، لا يزال الفريق الفلسطيني المفاوض «يأمل» بحدوث تقدم على سكة المفاوضات على الرغم من أنه يعترف بأن نصف مدتها التي انقضت قد ضاعت عبثا من الزمن الفلسطيني الحرج، ولم يخرج إلى الآن بالاستخلاص السليم من التجربة (الدوامة)، وبقي مصرا على البقاء كطرف «تكميلي» في هذه المعادلة الخاسرة.

أبدت أوساط إسرائيلية مختلفة ارتياحها لنتائج زيارة بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، ورأت أن المياه قد عادت إلى مجاريها بين الحليفين الإستراتيجيين، وخاصة ما كاله أوباما من مديح لرئيس الوزراء الإسرائيلي عندما أشاد بقدرة الحكومة الإسرائيلية على «ضبط النفس في السنة الأخيرة»!؟ واعتبر سلوك الحكومة هذا يساعد على الوصول إلى المفاوضات المباشرة.

واعتبر الرئيس الأميركي المقايضة بين تمديد تجميد الاستيطان وبدء المفاوضات المباشرة طرحا منطقيا، وطالب باستغلال الفترة المتبقية حتى انتهاء فترة التجميد (26/9)، لبدء هذه المفاوضات والدخول في نقاش القضايا الأساسية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ولم ينسَ ـ كالعادة ـ الإفاضة بالحديث عن إجراءات بناء الثقة باعتبارها تحسن من أفق المفاوضات وتفتح على النتائج المرجوة.

من جانبه، كان نتنياهو واضحا عندما عرّف السلام الذي يلتزم به بأنه «السلام الآمن»، وهو لم يكتفِ هنا بالإشارة إلى مخاوفه الأمنية من قيام الدولة الفلسطينية، بل ربطها بالأمن الإقليمي، في إشارة واضحة إلى الملف النووي الإيراني حتى يهرب من استخلاصات أوباما الذي أشار إلى القدرة المفترضة للسلطة الفلسطينية على حفظ الأمن في الأراضي التي يمكن أن تسيطر عليها، وعدم تهديد الأمن الإسرائيلي.

على الجانب الفلسطيني، كنا قد تساءلنا في وقت سابق عما إذا كان الفريق المفاوض سيتمسك بحدوث تقدم في ملفي الأمن والحدود قبل الدخول في المفاوضات المباشرة، أم أنه سيدخل في المقايضة الأميركية المطروحة وفق اعتبارات سبق أن طرحناها، لكن اللافت أنه تقدم بثلاثة مطالب إلى نتنياهو (بالواسطة) على أن يوافق على أحدها على الأقل، وبالتالي فإن الدخول الفلسطيني إلى «المباشرة» سيصبح أمرا مفروغا منه، وللتذكير فإن هذه المطالب هي:

• استئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها أواخر عام 2008.

• الاعتراف بالمبدأ الإقليمي القاضي بإقامة الدولة الفلسطينية على أراض تكون مساحتها شبيهة بمساحة أراضي عام 1967 مع تبادل لأراض.

• تجميد الاستيطان بصورة تامة.

إن الملاحظة الأولى التي يمكن أن نبديها على هذا العرض «الاختياري» تكمن في الفصل غير المبرر بين مطلب التجميد الشامل والتام للاستيطان، وبين تحديد مرجعية المفاوضات واعتبار حدود 4 حزيران (يونيو) 67، كأساس لقيام الدولة الفلسطينية المنشودة، وهما المطلبان الذي أعلنهما بشكل متكامل الجانب الفلسطيني كمقدمة لازمة لدخول المفاوضات غير المباشرة، وهو تنازل سافر ليس له ما يبرره سوى الانحناء أمام الهجوم السياسي الإسرائيلي المتصاعد، والذي يزداد تصلبا مع كل خطوة أو اقتراح يأتي من واشنطن في موضوعة المفاوضات.

ولا نعرف بالضبط ماذا يقصد الفريق الفلسطيني المفاوض من مطلب استئناف المفاوضات من النقطة التي توقف عندها أواخر العام 2008، لأن الذي نعرفه عن وقائع تلك المفاوضات لا يشجع على الإصرار على اعتمادها كنقطة علامَّ تفيد الجانب الفلسطيني في مسار المفاوضات اللاحقة، وأشرنا مرارا إلى أن «العروض» الإسرائيلية التي قُدمت في تلك المرحلة حول حدود الدولة الفلسطينية لا تستجيب لأدنى الحقوق الوطنية، وخاصة أن إسرائيل أصرت دائما على أن تحتفظ بنسب تصل إلى 28% من مساحة الضفة الفلسطينية كمنطقة أمنية تحت سيطرتها، وإخراج القدس من النقاش، إلى جانب تكريس جدار الفصل العنصري كمحدد أساسي للحدود إلى جانب ضم الكتل الاستيطانية الكبرى والاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على الحدود الشرقية لهذه الدولة.

المواقف الإسرائيلية، ومطالب الفريق الفلسطيني، توضح إلى الآن على الأقل إمكانية فتح الباب للدخول في «بازار» مستجد ربما تسعى الإدارة الأميركية قريبا إلى إيجاد حل مقارب يسمح بالالتفاف على هذه المطالب بمساعدة أطراف أخرى أشارت لها بوضوح الإدارة الأميركية عندما قال الرئيس أوباما بأن إجراءات بناء الثقة التي طالب بها الجانب الإسرائيلي ستشكل  مؤشرات إلى دول المنطقة بأن ما يجري أفعال وليس كلاما فقط، وانتقل فورا إلى هدفه المباشر عندما أضاف أنه لا يمكن النجاح من دون دور أكبر لـ«الدول العربية لدعم السلام».

هذا القول يعيدنا إلى الأنباء التي تحدثت عن لقاء صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير مع أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى وسلمه رسالة من الرئيس عباس يطلب فيها عقد اجتماع للجنة مبادرة السلام العربية على مستوى وزراء الخارجية لإطلاع الوزراء على نتائج المفاوضات غير المباشرة مع الجانب الإسرائيلي.

ويهمنا أن نؤكد هنا أن الدور العربي مطلوب، ونفترضه داعما للجانب الفلسطيني في حال عقدت لجنة المتابعة اجتماعها ونظرت بموضوعية ومسؤولية إلى ما جرى منذ بدء المفاوضات غير المباشرة وبالتالي الخروج بقرار ينسجم مع هذه القراءة الموضوعية في حال تمت، وهذا يعني أن تتخذ اللجنة بمكوناتها قرارا يربط إجراء المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بالوقف التام والشامل للاستيطان وتحديد مرجعية المفاوضات وعدم الدخول على خط الاعتبارات الأميركية والضغوط الإسرائيلية وتكرار ما حدث في اجتماعيها السابقين، لأنه من الواضح لأي متابع للتطورات السياسية في المنطقة عامة وفي موضوعة المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية على نحو خاص، بأن المفاوضات بشروطها القائمة تشكل مصلحة مزدوجة لكل من تل أبيب وواشنطن، على الرغم من أن إدارة أوباما جهدت لتسويق مقولة أن لها مصلحة في نجاح المفاوضات وقيام الدولة الفلسطينية، وخير دليل على ذلك أن أوباما يشدد على أن تنعقد المفاوضات المباشرة قبل انتهاء شهر أيلول (سبتمبر) القادم، قبل أن يأتي شهر تشرين الثاني (نوفمبر) وهو موعد الانتخابات الأميركية النصفية، ليجعل من صورة المفاوضات بيانا انتخابيا لحزبه وإدارته، ليس حرصا على مصلحة الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.

من هذه الزاوية، نود القول بضرورة إجراء مراجعة فلسطينية سريعة وجادة، لمسار هذه المفاوضات، وربطها بكوارث مسلسل التفاوض المديد منذ بدء مسيرة أوسلو، واستخلاص القواعد والأسس المحددة لقبول خيار المفاوضات ربطا بالحقوق الوطنية الفلسطينية، وتأمينها بحضور قرارات الشرعية الدولية كأساس لأية مفاوضات تجري بعيدا عن أية وعود لفظية من هذه العاصمة أو تلك. وإلى جانب ذلك يضطرنا واقع المراوحة والدوران حول الذات في الوضع الفلسطيني أن نعيد التأكيد على بديهية المطالبة ببذل كل الجهود الوطنية من أجل استعادة الوحدة والقطع مع الانقسام فكرا وسياسة وممارسات.

دون ذلك سيبقى الباب مشرعا ليضع حقوق الشعب الفلسطيني في مهب التبديد. فهل نتدارك الأمر؟

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.