اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الأديب والمربي والصحفي.... شاؤول حداد

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

نبيل عبد الأمير الربيعي

مقالات اخرى للكاتب

الأديب والمربي والصحفي.... شاؤول حداد

 

  (( إننا  الغرباء .. يا أيها الوطن .. لنا تأريخ يطردنا .. ولنا مدن تنفينا.. لنا لغة لم تعد بلاغتها تكفي لتضميد حاضرنا الذي يحتضر.. إلى أين نمضي ؟ مالنا غير أجسادنا.. فيها نقيم وفيها نهاجر.. مالنا غير أجسادنا .. ولكن أجسادنا أصبحت أجنبية إلى أين تمضي إذن؟ لبغداد!! ولكن بغداد لم تعد وطناً بل أصبحت ساحة للرماية.))

 

 

     يعتبر المربي شاؤول حداد من الأسماء التي اهتمت بالأدب والقصة القصيرة ومجال الصحافة والتعليم , ومن اليهود الذين ظلوا متعلقين بوطنهم العراق ولم يتركوه إلا نتيجة الاضطهاد وبعض المواقف التي تعرضوا لها عام 1941 بعملية الفرهود مما اضطروا للهجرة عام1951 .

     ولد عام 1910 ودرس في المدارس اليهودية ومنها (الأليانس) ثم أصبح معلم في مدرسة مسعودة شمطوب الابتدائية لمادة الرياضة البدنية حيث كان من أوائل من أدخلوا الألعاب الأوروبية إلى المدارس اليهودية , ككرة الطائرة والقدم والملاكمة والجمباز , التي حلت محل الرياضة التقليدية المعروفة ( بالزورخانة) والتي كانت شائعة عند عامة الناس.

      كان مدير لمدرسة مسعودة شمطوب الابتدائية في محلة باب الشرقي في بغداد , حيث أضاف  اللغة الفرنسية إضافة إلى درس اللغة العربية التي كان يدرس فيها , ليتسنى لطلبتها  ممن يرغبون الإلتحاق بمدرسة (الأليانس) بسبب تدريس المواد العلمية والأدبية باللغة الفرنسية.

            عام 1928 تولى نشرة و تحرير جريدة البرهان الأدبية الإسبوعية التي كان يحررها الأستاذ  سلمان كوهين,وقد دعى من خلال مقالاته في الصحف  واللقاءات الاجتماعية إلى مناشدة الشباب العراقي  بشجب الاستعمار البريطاني  والدعوة إلى استقلال العراق  سياسياً واقتصادياً ليقف على قدمه أسوه بالدول الأخرى , ولهُ دور في دعم مجلة الحاصد  لصديقهُ الشاعر أنور شاؤول بالعديد من المقالات , يدعوا من خلالها بنصائح الوطنيين العراقيين في الإصلاح والوحدة والإستقلال.

     لقد واصل عملهُ التعليمي والثقافي  من خلال المجالات المذكورة أعلاه لبناء صرح العراق الحديث , ومن مبادراته أعلن  عن جائزة مالية  تمنح لكل أديب يكتب قصة تؤكد على جانب النهضة  الأدبية والعلمية الحديثة , مهيباً بالشباب بمحاربة الجمود الديني والعقائدي في العراق , الذي أدى إلى التخلف  الحضاري والثقافي , ولكن بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948 , والمضايقات والاضطهاد بحق الطائفة اليهودية في العراق, مما سبب هروب الآلاف من الشباب اليهودي من العراق , هرباً من الاعتقالات والتعذيب والإختطاف ,حتى إعلان الحكومة العراقية الملكية عن تسقيط الجنسية العراقية  للراغبين من اليهود ,وهو مشروع  بريطاني عراقي إسرائيلي ,للضغط على اليهود العراقيين للهجرة إلى إسرائيل,وبدعم من النازية الألمانية ,فوضع الأديب والتربوي شاؤول حداد مدرستهِ وكنيس المدرسة تحت تصرف وزارة الداخلية  العراقية وهاجر اسوتاً مع اليهود إلى إسرائيل عام1951 .

والظلم من شيم النفوس  ...... فإن تجد ذاعفةِ فلعله لا يظلم

               

     إن وداع الطائفة اليهودية لمواطن الصبا والشباب  وشوقهم إلى دجلة التي لعبوا على ضفافها  صغاراً, كانوا يتوقون ويشتاقون إلى أرض المولد , ويوقنون إنهم وإن اقتلعوا  من أرض العراق  جبراً فإن جذورهم لا يمكن قلعها أبداً, رحلوا وهم لا يزالون عراقيين من خلال عاداتهم وتقاليدهم ولغتهم ولهجتهم البغدادية للبعض والجنوبية للبعض الآخر.

     يعتبر يهود العراق في العهود السابقة  جزءاً من المكون الاجتماعي العراقي , جنباً إلى جنب  الطوائف العراقية المتجانسة الأخرى فقد أغنت الحياة العراقية  بمختلف المجالات , إذ كان أول وزير للمالية العراقية عام1921  يهودياً هو(حسقيل ساسون) ,ومن أعضاء مجلس الأعيان في العهد الملكي العراقي مناحيم صالح دانيال وابنهُ عزرا دانيال,وفي مجال الاقتصاد مير بصري الذي ألف العديد من الكتب في هذا المجال, ومن الأدباء والصحفيين أنور شاؤول وشالوم درويس وسليم البصون  وسمير النقاش ويعقوب مصري , ومن أغنياء العالم  العراقي البليونير نعيم دنكور  المقيم في لندن ,ومن أثرياء العراق الذي صودرت ممتلكاتهم  عزرا زليخا وحالياً من أصحاب المليارات في لوس أنجيلوس  وهوستن ,إضافة إلى صاحب (بنك زليخا) في بغداد خضوري زليخا من مواليد بغداد الذي تخلى عن المصرف بعد اجباره على ذلك ,ويعقوب وهارون معلم الذي صودر معمل طابوق الديوانية العائد لهم من قبل محافظ ومدير شرطة الديوانية المعاون شمسي.

   وفي مجال الموسيقى  العراقية كانت هنالك أسماء لامعه  أمثال الملحن صالح الكويتي وأخيه داود الكويتي  وسلمان الكمنجاتي وعازف السنطور حوكي تبو  وعازف الايقاع يهودا شماش  وقاريء المقام سليم شبث  وفلفل كرجي وعازف الناي البير الياس , اضافة للفنانة الراحلة سليمة مراد   , هؤلاء عندما هجًروا إلى  إسرائيل سكنوا  الخيام والصرائف  ثم بيوت الحجر وصخور جبال يهودا , ولكن اصرارهم على السكن قرب المدن  فقد أدى إلى حصولهم على العمل في مجالات المحاسبة  والادارة وفتح المتاجر والمطاعم والمقاهي , وأطلقوا أسمائهم البغدادية لاعادة تراثهم  وشوقهم  لموسيقاهم وغنائهم العراقي.

     من انجازات من هجروا من العراق إلى إسرائيل  ومنهم من كان يعمل في مجال التعليم كالشخصية التربوية شاؤول حداد  فقد عملوا على إنشاء صندوق تشجيع التعليم باللغة العربية في إسرائيل لدعم الطلبة من يهود العراق , حيث تولاهم المحامي مردخاي بيبي حسب مذكرات البروفسور سامي مورية , إضافة لجمعيات  يهود كردستان  ويهود المدن العراقية  المختلفة , إذ تم تأسيس المكتبات والمجلات والمتاحف  للحفاظ  على تراثهم  من الفلكلور والغناء العراقي.

     بعد عمر ناهز المائة عام  وفي الثالث من سبتمر عام2010 ودع الحياة الأديب والتربوي والصحفي شاؤول حداد كبير المعمرين من كتاب العراق , في موكب حافل من أصدقاء الأديب وابنته الشاعرة اسنات ابراهامي  ورابطة الجامعيين اليهود النازحين من العراق,هذا المربي الذي عمل في مجال التعليم في العراق وإسرائيل , فقد فتح المدارس الابتدائية في إسرائيل بعد تهجيره , لتعلم وإتقان اللغة العبرية التي كان يجيدها أثناء دراسته في مدرسة الأليانس ,فبادر إلى تأسيس مدرسة مؤقته من خيام لم تستطع  الصمود أمام الرياح والأمطار ,ليواصل عملهُ التطوعي فيها , فجهزها بالكتب  والمقاعد الدراسية(الرحلات) وواصل وضيفته التعليمية  إلى أن أحيل على التقاعد  عام 1973 .

   بعد التقاعد  بدأ كتابة القصص القصيرة منها( وردة الحب) باللغة العبرية  , التي تشمل ذكريات الأديب في العراق  والعلاقات الاجتماعية  بين العرب واليهود  ومآسي زواج القاصرات من كبار السن وعلاقات الحب, دأب لاصدار روايتهُ القصيرة (الفلك الدوار) بالرغم من بلوغه سن المائة عام.

   قد يعجز الإنسان عن الحديث عندما تقع عيناه على موضوع الظلم الذي انتشر في جميع مجالات الحياة في العراق ولكن ما وقع من ظلم على الطائفة اليهودية والتبعية الإيرانية المقيمة في العراق والكرد الفيلًيه من التهجير الذي أصابهم ,بعد مصادرة أموالهم وحقوقهم,فتبقى في ذاكرتنا من آلام ومعاناة وفقدان حلمهم وأمانيهم في بلد الصبا والشباب ,ثم يصبح في ليلة وضحاها لك وطن آخر لا توجد لك فيه جذور تتمسك بها و لا تأريخ لك فيه يجعلك حريص على حبه والشعور بالانتماء إليه وتجبر على أن تنسى وطنك الأم وتبقى أسير لذكريات لا ترحم.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.