اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• دور البورجوازية الصغرى في إشاعة الفكر الطائفي في المجتمع المغربي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد الحنفي

 

 دور البورجوازية الصغرى في إشاعة الفكر الطائفي  في المجتمع المغربي

 

1) إننا عندما نتكلم عن البورجوازية الصغرى لا نتكلم عن طبقة عادية، إنها طبقة حربائية لا تستقر على حال ، و لا تترك الحال لحاله في نفس الوقت ، و لا تعمل على أن تترك الأمور تسير بشكل طبيعي . و لا تسمح بحدوث تطور إيجابي في الواقع الاقتصادي ، و الاجتماعي ، و الثقافي ، و المدني ، و السياسي . لأن كل ذلك يتناقض  مع حربائيتها من جهة ، و لأن تلك الحربائية لا تحدث إلا في شروط تنتفي فيها الموضوعية ، و تحضر الذاتية . و لذلك فهي تعمل على إشاعة الفكر الطائفي في المجتمع المغربي . فهي ثارة تعمل على إشاعة النعرة القبائلية ، و أخرى النعرة الأمازيغية،  و ثارة تعمل على استحضار الجهوية في ممارستها السياسية ، و أخرى تبث في المجتمع الفكر الظلامي المنبثق عن أدلجة الدين، أنى كان هذا الدين ، و خاصة ، إذا تعلق الأمر بأدلجة الدين الإسلامي . لتكون بذلك سنية ، أو شيعية ، أو خوارجية ، أو عدالية ، أو عدلية و احسانية، و تعمل على إنشاء أحزاب أمازيغية ، أو دينية ، أو مذهبية ، حتى تعمل بذلك على شرعنة  الطائفية التي تعمل على تجسيدها في ممارستها السياسية ، و الاقتصادية ، و الاجتماعية ، و الثقافية ، و المدنية ، و السياسية .

 

2) و يتمظهر سعي البورجوازية الصغرى في إشاعة الفكر الطائفي في المجتمع ، باعتماد البعض رفع شعار دسترة الامازيغية . ذلك أن المغاربة و منذ القدم لم يفكروا أبدا في كون البعض منهم ينتمي إلى الامازيغ ، أو ينتمي إلى العرب ، أو أي عرق آخر، بل إنهم لم يستحضروا إلا كونهم ينتمون إلى الشعب المغربي ، الذي هو الملاذ لكل إنسان مغربي . و إذا كان هناك حيف يلحق المجتمع المغربي الكادح . فهو الحيف الطبقي الذي يتساوى في المعاناة منه الكادحون ، و الأمازيغ الكادحون على السواء . و النعرة الامازيغية التي يدعو إليها هؤلاء البورجوازيون الصغار، و المتمثلة في الدعوة إلى دسترة الامازيغية ، و إلى تأسيس حزب أمازيغي ، لا يمكن أن تكون إلا خدمة كبرى تقدم إلى التحالف البورجوازي الإقطاعي الحاكم ، و إلى الإمبريالية العالمية . كما لا يمكن أن تكون إلا وسيلة لشرعنة سلب الحريات الفردية ، و العامة ، التي تمت شرعنتها حتى الآن ، حتى يتم في نفس الوقت إعادة الاعتبار للاستبداد بمضامينه الاقتصادية ، و الاجتماعية ، و الثقافية ، و المدنية ، و السياسية .

 

و بالدعوة إلى شرعنة الطائفية على أساس الدعوة إلى دسترة الامازيغية ، و المطالبة بتأسيس الحزب الأمازيغي تكون البورجوازية الصغرى قد ارتكبت جريمة في حق الإنسانية ، و في حق الشعب المغربي . لأن سعيها ذاك سيشرعن صراعا آخر غير الصراع الطبقي الحقيقي ، و سيجد المجتمع المغربي نفسه منقسما إلى طوائف تتصارع فيما بينها لتحرق الأخضر و اليابس . و ستنهار كل القيم التي تأسست عليها وحدة الشعب المغربي .

 

3) كما يتمظهر سعي البورجوازية الصغرى ، ذاك ، في السعي إلى إشاعة أشكال أدلجة الدين الإسلامي ، لأن البورجوازية الصغرى ، و بسبب فقدانها لأيديولوجية واضحة تعتمدها في بناء تنظيماتها الحزبية ، فإننا نجد أنها تلجأ إلى  أدلجة الدين الإسلامي بصفة خاصة عن طريق اللجوء إلى تأويل النصوص المختلفة ، التي تعمل على إعطاء فرصة التأويل حتى تصير بذلك في خدمة المصالح الطبقية للبورجوازية ، التي تعمل على تضليل جماهير المسلمين ، و خاصة منهم ، أولئك الذين لا يملكون القدرة على تلاعب البورجوازية الصغرى بالنصوص الدينية التي تتحول إلى تعبير إيديولوجي متنوع تنوع المشارب المصلحية للبورجوازية الصغرى ، و تنوع ادعاءاتها التي تدفع إلى تجييش المسلمين وراءها سعيا إلى تحقيق تطلعاتها الطبقية ، أو سعيا إلى الوصول إلى السلطة من أجل فرض الاستبداد بالمجتمع، و التمكن من رقاب المسلمين .

 

و نظرا لتعدد التأويلات الإيديولوجية ، فإن الطبقة البورجوازية الصغرى تسعى إلى تشكيل تنظيمات متعددة ، تعدد التأويلات المؤدلجة للدين الإسلامي ، مما يؤدي إلى تشكيل الطوائف المؤدلجة للدين الإسلامي ، كالطوائف الشيعية ، و الطوائف السنية ، التي تسمي كل طائفة منها نفسها على أنها هي حزب "الله" و ما سواها حزب "الشيطان". و تلك الطوائف القائمة على أساس أدلجة الدين الإسلامي . تدخل في صراع مع كل من لم ينسق وراءها ، و مع بعضها البعض ، لتعطي للصراع وجها آخر ، و تحرف الأمور السياسية ، و تصرف أنظار الكادحين عن الصراع الطبقي الحقيقي . و هو ما يمكن اعتباره خدمة عظيمة تقدمها شرائح البورجوازية الصغرى المؤدلجة للدين الإسلامي  إلى التحالف البورجوازي الإقطاعي ، و إلى سائر المستفيدين من الاستغلال الطبقي ، الذين يضاعفون استغلال الكادحين حتى لا يعملوا على المطالبة بحقوقهم الاقتصادية ، و الاجتماعية ، و الثقافية ، و المدنية ، و السياسية . و من أجل أن ينشدو إخلاصهم في ما يدعو إليه مؤدلجو الدين الإسلامي الذين يفتقدون القدرة على الوضوح الإيديولوجي ، فيعملون على تأويل النصوص الدينية بما يخدم مصالحهم الطبقية.

 

4) و البورجوازية الصغرى لا تقف عند حدود أدلجة الامازيغية أو أدلجة الدين الإسلامي ، بل تتجاوزها إلى إثارة النعرات القبلية أو الجهوية الضيقة ، و من ذلك نجد إثارة النعرة الصحراوية ، و النعرة السوسية ، و النعرة الرحمانية ، أو النعرة الريفية . و هكذا مما يهدد أمن المغرب و سلامته على المستوى المتوسط و البعيد . و في هذا الإطار ، تأتي قضية الصحراء المغربية التي أبت على نفسها إلا أن تكون  موضوع التطرف اليساري المغربي ، الذي يبني استراتيجيته على  دعم ما صار يعرف بحق تقرير مصير "الشعب الصحراوي" ، و تأتي الدعوة إلى قيام صراع بين شمال المغرب و جنوبه ، و بين شرقه و غربه ، و كان المغرب لا يشكل  وحدة متكاملة و منسجمة ، لينسى المغاربة بسيادة النعرات الجهوية ، ما تمارسه الطبقة الحاكمة في سياستها الاقتصادية ، و الاجتماعية ، و الثقافية ، و المدنية ، و السياسية ، التي تقتضي قيام هذه الطبقة بتقسيم المغرب إلى مغرب نافع ، و مغرب غير نافع، بدل التعامل معه على أنه بلد واحد يجب الاهتمام بجميع جهاته ، على أساس المساواة فيما بينها ، و على أساس قيام تنمية حقيقية شاملة ، و في جميع الجهات ، و على جميع المستويات ، و في جميع مناحي الحياة .

 

5) و البورجوازية الصغرى عندما تثير النعرات الطائفية، فلأنها تسعى إلى استقطاب طوائف معينة حولها من أجل جعلها مطية لتحقيق تطلعاتها الطبقية . و عندما تسعى إلى إثارة النزعات الامازيغية ، فلكي تجعل الأمازيغيين ، على اختلاف لهجاتهم ، يسعون إلى تحقيق وجودهم على المستوى اللغوي ن و السياسي ، حتى يصيروا وسيلة لتقوية التنظيم البورجوازي الصغير ، حتى يمارس الضغط على الطبقة الحاكمة من اجل جعلها تحقق التطلعات البورجوازية الصغرى . و عندما تلجأ إلى أدلجة الدين الإسلامي ، فإنها تسعى إلى استثمار الأمية التي لازالت سائدة في المجتمع المغربي ، و من أجل أن تقوى على ممارسة الابتزاز على المجتمع ككل ، و على الطبقة الحاكة ، حتى تتمكن  من تحقيق تطلعاتها الطبقية عن طريق الوصول ، باسم الدين الإسلامي ، إلى المؤسسات "المنتخبة" ، أو عن طريق الوصول إلى امتلاك أجهزة الدولة ، و العمل على بناء ما يسميه مؤدلجو الدين الإسلامي من البورجوازية الصغرى ب"الدولة الإسلامية" . و هي عندما تثير النعرات الجهوية ، فلأنها تسعى إلى تقديم خدمات محسوبة إلي جهات خارجية ، مقابل ما تستفيده من تلك الجهات ، و على حساب وحدة الشعب المغربي ، لتكون بذلك البورجوازية الصغرى وراء كل الكوارث التي يعرفها الشعب المغربي ، و لكن هذا لا يعني خلو هذه الطبقة من أناس يسعون إلى تحقيق طموحات الشعب المغربي الكادح .

 

محمد الحنفي

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.