اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• رصيف صدام ورصيف الديمقراطية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسن الخفاجي

مقالات اخرى للكاتب

  رصيف صدام ورصيف الديمقراطية

 

كان جارنا  شهاب البلداوي يملك أكثر من خمسين حصانا . كانت أحكامه المسبقة في تقييم الجيران نادرا ما تخطأ . استغرب جميع  الجيران دقة تشخيصاته وإحكامه على الناس , كان يعلل ذلك قائلا: (اليفتهم بالخيل يفتهم بالاوادم )!.

تشخيص الفساد في العراق لايحتاج إلى خبرة جارنا شهاب , ولا إلى تقارير منظمات دولية , ولا إلى وثائق ومستندات عن أموال وعقارات ل س أو ص امتلكها بعد ان كان حافيا  , ولا إلى صور مناسبات أعراس  لمسؤول أو ابن مسؤول , أو صور ومستندات لقصور وعمارات وأراضي ومصانع وبواخر ويخوت كأملاك شخصية !!.

 إذا كنت تعيش في العراق أو مررت لزيارته , يكفيك ان تنظر إلى الأرصفة لتعرف حجم الفساد , تنظر إلى الأرصفة لتجد الفرق بين أرصفة صدام وأرصفة الديمقراطية. أرصفة صدام مازالت صامدة والأرصفة , التي أنشئت في زمن الديمقراطية اغلبها منهار , أو سقطت أجزاء منها .

هل الأرصفة وحدها أو غيرها من الشواهد كافية لتعرف الفرق بين نظامين ؟.

علينا قبل إطلاق أحكامنا جزافا , ان نفرق بين نظام حكم فاسد , وبين نظام حكم سليم فيه أشخاص فاسدون .

النظام السائر نحو الديمقراطية في العراق ألان نظام حكم سليم , وان أنتج لنا أرصفة منهارة , وتجاوزات مالية , وحياة صعبه . نظام صدام نظام فاسد وان أنتج أرصفة قوية.

تجارب الأمم التي سبقتنا تثبت ذلك.

بعد أعوام من الإطاحة بنظام شاوشسكو في رومانيا , عجز الذين استلموا الحكم  من بعده ان يجروا عمليات صيانة للمباني التي بنيت في زمنه , وعجزوا حتى عن طلاء بعض المباني , التي أصبح منظرها بائسا , لكن هذا لم يمنع التداول السلمي للسلطة , التي أنجبت ساسة وحكومات منحت الرومانيين الحرية والديمقراطية واقتصاد السوق.

بعد فترة من الفوضى السياسية وصعود طبقة طفيلية لساسة خدعوا الجمهور, الذي  كان يمر بمرحلة نقاهة , بعد مرض لازمه لعقود- نظام حكم شاوشيسكو- , أنهك قواه وافقده القدرة  السليمة على الاختيار الصائب . خدع الرومانيون بسهولة مثلما خدعنا , وانتخب بعضنا ساسة تبين أن اغلبهم –لايهشون ولا ينشون- جاءوا للحصول على المكاسب !.

بعد ان أصبح لدى الناخب في رومانيا الوعي الكافي للتشخيص , أصبح من الصعب عودة  طبقة اللصوص وأصحاب المصالح إلى سدة الحكم مجددا .

الفرق بين نظام العفالقة الفاسد , والنظام الحالي فرق واضح وكبير, هو فرق بين طرقيتين للحكم , لايجوز المقارنة بينهما . تسلم البعث السلطة وفي الميزانية فائض أكثر من سبعين مليار , وغادروا السلطة والعراق مدين بأكثر من 500 مليار.

جاء صدام للسلطة , وهو لا يملك ثمن إيجار دار مستأجرة - هو قال ذلك في إحدى خطبه - خرج من السلطة وتقاسم هو وأولاده وعائلته ما تبقى في العراق من سيولة نقدية .

هل عرف العراقيون أين ذهبت عوائد النفط التي تسلموها منذ العام 68 لغاية 2003؟.

في العراق الحالي أشخاص فاسدون , بعضهم  جاء  محملا بالفساد من نظام البعث عندما كانوا موظفين صغارا , واستلموا مناصب عالية بعد إطاحة النظام السابق. الفوضى تضرب مفاصل كبيرة من الدولة , هذه الفترة هي فترة صعود الطبقات الطفيلية , التي أشاعت قيمها الفاسدة , مع كل ذلك يعرف اغلبنا ميزانية العراق , ونعرف واردات النفط وأوجه صرفها , على الرغم من المآخذ الكثيرة والكبيرة على طرق الصرف , لوجود حرامية وفساد في اغلب مفاصل الدولة .

اللصوص يتساقطون , حينما يشتد الضغط الشعبي , وينتشر الوعي والنضج السياسي,  الذي يمكن الناخب العراقي من اختيار صفوة الساسة, الذين يمثلوه في البرلمان القادم.

 إذا عدنا للأرصفة , والمناقصات , والمزايدات , والعطاءات , والنثريات , والميزانيات, والرواتب والامتيازات الضخمة  للبرلمانيين والساسة , ورواتب شبكات الحماية التي تسرق , ورواتب الجنود والشرطة الذين لا وجود شخصيا لهم إلا في السجلات . كل هذه الأمور التي ينفذ اللصوص من خلالها  يمكننا ضبطها من خلال: الاستمرار بمتابعة اللصوص والمشتبه فيهم , وبالضغط على الحكومة والبرلمان , ليعرفوا ان الشعب أحسن رقيب , وأكثر صرامة - مع اللصوص والفاسدين- من أعلى هيئة رقابية أو قضائية .

حتى لا تتكرر مأساة: الأرصفة , والمباني , والمدارس , والقاعات الرياضية , التي بنيت أو رممت بعد التغيير , وسقط قسم منها , والقسم الآخر آيل للسقوط .حتى لا تمر خديعة أجهزة كشف المتفجرات , وغيرها من الصفقات المشبوهة , نحتاج فقط لاستمرار زخم الضغط الشعبي بالطرق الحضارية والسلمية , من خلال النقد , وعقد الندوات , والكتابة, والمتابعة , والتظاهرات .

بعدما تأكد لجمهور واسع من العراقيين خطأ اختيارهم , عليهم ان  لا يدعوا من يندس بينهم ليخيرهم بين: جنة الطغاة القدامى , وجحيم الديمقراطيين الجدد ,  ولا يرفعوا شعارات الندم , وعض الأصابع وصبغها بلون الدم بدل اللون البنفسجي أمام عدسات الكامرات  , لان في لون الدم عودة لماضي نريد تجاوزه , وإشارة لمستقبل لا نريد حدوثه , وان ندمنا ماذا ينفع الندم ؟.

 اغلب الشعب العراقي  خرج مكملا في امتحانات الدور الأول للديمقراطية , علينا الاستعداد للدور الثاني , مع الاستمرار والمواظبة على شد أحزمة الهمة والضغط , وعدم التراخي , ربما سنفلح في الضغط باتجاه إجراء انتخابات مبكرة , تأتي بمن نختارهم  بعد تعديل قانون الانتخاب , لا بديل لدينا غير الاستمرار بالضغط الشعبي وإدامته .

الفساد وباء ينتشر بين من لا يملكون مناعة أخلاقية

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

9-3-2011

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.