حسن الخفاجي

مساهمات اخرى للكاتب

لماذا لا نتعلم من القصعين ؟

قديما قالوا "العاقل من يتعلم ممن حوله " .لم يقتصر تعلم الشعوب المتحضرة على ما افرزه البشر من حضارة وعلم , بل امتدت تجارب البشر لتأخذ من الحيوان ما يفيد البشر . لقد تعلم البشر من بعض الحيوانات طرقها في الاستشعار والعيش ومقاومة الأمراض .لقد تعمقت علوم البشرية بالاعتماد على النباتات واستخلص الباحثون والعلماء الكثير من المواد النافعة والطبية من النباتات .القصعين نبات طبي ينمو وينتشر في اغلب بلدان العالم , يعرف في الأردن وسوريا ولبنان ب (المريمية)  , ويسمى في بعض البلدان العربية قويسه , لهذا النبات ميزة عظيمة .أتمنى أولا ان يمر مقالي ليصل كل ساسة العراق ومسؤولية , أتمنى ثانيا ان نستفيد من ميزة نبات القصعين في الدفاع عن جنسه وأرضة (عنده روح وطنية).يطلق نبات القصعين غاز عبارة عن مركب كيمياوي يسمى(التربين) , هذا الغاز كفيل بتعطيل نمو أي بذرة تعود لنبات آخر غير القصعين  تنمو قريبة منه !.لماذا قصة القصعين؟ .مشكلة العرب الأساسية واغلب شعوب الشرق مثلنا مشكلتنا الأساسية هي مشكلة فقدان روح الانتماء للوطن , اغلبنا لا ينتمي ويتواصل مع الحضارة الإنسانية ويواكبها ,ولا نتعلم من الغربيين الانتماء لأوطانهم وننتمي لأوطاننا قبل الانتماءات للمسميات الأخرى.تربى العربي منذ القدم على ان يكون ولاءه الأول لقبيلته ومنطقته ومذهبه ودينه , بعدها نادر ما يفكر في الولاء للوطن والتربة .يفكر غالبية العرب في الوطن بعد ان تضربهم رياح الغربة , حينها يصبح الوطن عزيزا !أما حينما نكون في الدخل فيكون بعضنا ابعد ما يكون عن الولاء , وخاصة اغلب من عملوا في السياسة , هم وطنيون أخيار حينما يكونون في المهاجر والغربة ,ومنتفعون أنانيون حينما يتربعون على كتف السلطة!.غير المسلمين  اتعظوا وتعلموا من رسالة للأمام علي (ع) , أوصى فيها مالك الاشتر قبل ان يكلفه إدارة مصر حيث يتكاثر الأقباط .الرسالة ترجمت وعلق  كوفي عنان نصا  منها على حائط في مبنى الأمم المتحدة (الناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق). لكن العرب والمسلمين لم ينتفعوا , ولم يتعلموا من هذه المبادئ والأفكار الإنسانية العظيمة شيئا !.قد يقول قائل: ان سبب عدم ولاء العربي وغير العربي , الذي عاش على هذه الأرض لوطنه سببه الطغيان , لان الحكام الطغاة استعبدوا شعوبهم وكرهوهم بأوطانهم , دليل هؤلاء على صواب رأيهم ان كل  الشعوب , التي خرجت ضد حكامها  مؤخرا خرجت تنادي بالحرية قبل ان تنادي بالانتماء للوطن .هذا الرأي قد يلاقي القبول عند البعض , لكن البعض الآخر وأنا منهم ارفضه , لان جل ما يريده الحاكم هو نزع روح الانتماء من نفوس أبناء الوطن , ليصبحوا كالرعايا الغرباء في وطن لايشعرون فيه بروح المواطنة .هذه الظاهرة ليست جديدة على من حكموا العرب , لقد حارب خلفاء المسلمين في دول الخلافة الثلاثة الأموية والعباسة والعثمانية اغلب أصحاب الفكر والمعارضين , وتغرب هؤلاء في بقاع الأرض ,امتدت روح عداء الحكام للمفكرين والأدباء ليومنا هذا , حين اتهم بالكفر والزندقة كل من عارضوا الحكام عبر فتاوى وعاظ السلاطين , وما نزع الجنسية العراقية عن الجواهري ومعه ثلة من المعارضين من قبل صدام إلا دليل على ما ذكرت .ان طغيان روح عدم الانتماء  والتشجيع عليها يعود بالنفع على الحكام المستبدين , الذين يروق لهم حكم ملايين من الناس لا انتماء لهم , ولا يروق لهم حكم الآلاف من المنتمين لأوطانهم , لأنهم سيكونون كالشوكة بعيون الحكام .ان تظاهر ورفض غير المنتمي ممن لا يبالون  بالانتماء لأوطانهم  ضد الحاكم ستكون الحجة  بيد الطغاة قوية , بإمكان الحاكم  ان يقول لهؤلاء.. ما الذي يهمكم من أمر هذا الوطن لتطالبوا بالحرية..  يصبح  حينها ابن الوطن كالغريب في بلده !.انتماء من يعيش في هذه الأرض لوطنه هو حجر الأساس , الذي يبنى عليه كل شيء, بعد ان ننتمي لأوطاننا جيدا وننمي عقيدة الانتماء -عند من فقدوها نسبيا - للوطن قبل أي انتماء آخر , عندما نهتم بوطننا ولا نتركه خلف ظهورنا , نكون قد وضعنا حجر الأساس لبناء وطن قوي يشمخ مع النخيل المنتصب .قد يكن من بيننا الجائع والمحتاج ومن لا يملك من ارض وطن يعيش فيه شبرا , كل هذا لا يبرر لنا ولغيرنا ان ندع مقولة سربها المستبدون في نفوسنا تقول: (ما لنا ولوطن لا نملك فيه شبرا) , أو قول آخر يقول: (وطن نجوع ونعرى فيه لا نشعر فيه بالمواطنة) , هذا جل ما يريده الطغاة .يعيش في أمريكا المئات من الأجناس البشرية المختلفة , بعض هؤلاء فقراء ينامون في الشوارع , بعضهم يبحثون في حاويات الأوساخ عن شيء يبيعونه ليشتروا بثمنه شيئا يأكلونه , ولاء هؤلاء الأول هو الولاء لأمريكا قبل الولاء لأي شيء آخر !!!.في العراق  أخذت قضية الانتماء بعدا مذهبا وطائفيا ومناطقيا واضحا , من خلال هذا البعد بتنا نسمع عن أقاليم طائفية , ومطالبات غير مشروعة بتعطيل أحكام القضاء والتجاوز على الدستور . بتنا نسمع عن مناطق (متنازع عليها) داخل الوطن الواحد ! , لو تعلم جل ساسة العراق وبالخصوص , الذين يفضلون الانتماء القومي والديني والطائفي والمناطقي .هل يعلم هؤلاء ان كانتونات مذهبية , أو قومية يفكرون في قيامها  في الوقت الحالي ستكون كالسمكة الصغيرة في محيط اسماك قرش نهمه ؟.لو تعلم المذهبيون والقوميون والطائفيون والمناطقيون  من القصعين روح الانتماء لتربة العراق , الذي  سيكون الضمانة التي ستحميهم من التهام  (هوامير) دول الجوار لهم .اقترح ان تتم زراعة القصعين  في كل حدائق دوائر الدولة , أوان يزرع في (سنادين) توضع في مقر مجلس النواب العراقي ومقرات الحكومة والأحزاب العراقية والكتل البرلمانية, وان  يلزم السياسي العراقي بأخذ أوراق القصعين , أو مجسمات منه على شكل تماثيل صغيرة أو ميداليات معه أينما سافر , علها تذكره بالعراق , كي لا يدع جذور الآخرين  تمتد لتتداخل مع جذور العراقيين , حينها يصبح من السهل على الغرباء ان يتدخلوا في قضايانا ويدمروا تجربتنا الفتية وتطلعنا نحو غد مشرق !.بعد ان تمكنا من فك شفرة تقدم اليابان عرفنا السبب  . ولاء الياباني العالم  والمتعلم والجاهل لليابان وللمؤسسة التي يعمل فيها, وهذا هو سر نجاحهم وتقدمهم .(هنا جذوري..هنا قلبي ..هنا وطني..فكيف أوضح ؟ هل في العشق إيضاح ؟) نزار قباني 28-7- 2011عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.